كل النساء في لبنان تقريبا تعرضن للتحرش الجنسي .. تقرير منظمة أممية يثير الجدل
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
كتب موقع "الحرة": صدم منشور لمنظمة اليونيسف حول التحرش الجنسي، اللبنانيين، حيث أشارت من خلاله إلى أن "كل النساء في لبنان تقريبا تعرضن للتحرش الجنسي في حياتهن".
ولفتت المنظمة الأممية عبر صفحتها على "فيسبوك" إلى أن هذا النوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي أصبح أمرا عاديا في المجتمع، في الأماكن العامة وعبر الإنترنت، في الأسواق والمواصلات، داعية الجميع إلى مكافحته من خلال رفع الصوت، طلب المساعدة والتنديد.
ما أوردته المنظمة الأممية يعكس الكثير من الحقيقة، كما تقول مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص، شارحة "النساء معرضات في أي مرحلة من مراحل حياتهن للتحرش الجنسي أيا يكن مستواهن الاقتصادي، العلمي، الأكاديمي، المهني والثقافي، حيث يقف خلف ذلك منظومة فكرية تشجع العنف المبني على النوع الاجتماعي وتتسامح معه، ملقية دائماً باللوم على المرأة ومبررة للرجل ما يرتكبه بحقها".
وفي ظل غياب التوعية الجنسية، قد تتعرض كما تقول قصقص "صغيرات للتحرش من دون أن يعلمن حقيقة ما يحصل لهن، رغم إدراكهن أنه أمر غير طبيعي ومزعج، يترافق ذلك مع شعور بالذنب يتضاعف حين يكبرن ويكتشفن أن انتهاكاً كان يمارس بحقهن".
ميرفت، إحدى اللبنانيات اللواتي تعرضن للتحرش، كان ذلك قبل حوالي العشر سنوات، حين قررت ممارسة رياضة المشي صباحا في شوارع بيروت بهدف إنقاص وزنها، لكن بدلا من ذلك أصيبت بصدمة نفسية بعدما لاحقها شاب خلع ملابسه وبدأ القيام بحركات جنسية والتلفظ بكلمات نابية، منتهزا فرصة خلو الشارع من المارة".
وتقول لموقع "الحرة" "رغم مرور كل تلك السنوات لكن إلى حد الآن لا يمكنني نسيان أو تخطي ما حصل، نعم تمكّنت من الهروب من المتحرش حينها، لكنني لازلت أسيرة مشاهد ما ارتكبه".
عاشت ميرفت أياما صعبة بعد الحادثة، خوف مما حصل وألم لعدم قدرتها على البوح لعائلتها كي لا تلقي اللوم عليها وتقول "لم أتجرأ حتى على إخبار صديقاتي وكذلك الخروج من المنزل وحدي، كنت أشعر تارة بالظلم وتارة أخرى كنت أجلد نفسي لعجزي عن مواجهة جميع من حولي، طاردتني الكوابيس وأصبت بالاكتئاب إلى أن قررت بعد حوالي السنة كسر حاجز ضعفي واطلاع والدتي".
خلط مفاهيم
على نقيض ما ذكرته اليونيسف، تؤكد القوى الأمنية أن لبنان من البلدان الأكثر أمانا فيما يتعلق بجريمة التحرش، عن ذلك يشرح مصدر في قوى الأمن الداخلي لموقع "الحرة"، "المقصود بذلك أن وضع لبنان أفضل مقارنة مع العديد من الدول العربية والأجنبية، من دون أن ننفي حصول هذا النوع من الجرائم بالمطلق، لاسيما جريمة الابتزاز الالكتروني، التي ننبه منها كثيرا، حيث ندعو إلى اتباع سبل الوقاية ومنها عدم نشر أو إرسال صور خاصّة أو مقاطع فيديو شخصية عبر تطبيقات الإنترنت وتجنَّب محادثة الغرباء أو لقاءهم، وتعزيز إعدادات الأمان والخصوصية على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي".
كما تؤكد المحامية في منظمة "كفى"، فاطمة الحاج، أنه لا توجد إحصاءات لعدد ضحايا التحرش الجنسي في لبنان، مشددة على أن "عددا كبيرا من النساء لا يعلمن الفرق بين التحرش والاعتداء الجنسي بغض النظر عن مستواهن الثقافي".
وتشرح "التحرش يكون إما لفظيا أو إلكترونيا أي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كالابتزاز العاطفي والرسائل المتضمنة ألفاظا نابية، أما في حالة لمس الضحية بقصد الإثارة نكون عندها أمام اعتداء جنسي".
ثلاث سنوات وميادة تعتقد أن ما تعرضت له على يد زوج صديقتها تحرش وليس اعتداء، وتقول "بغض النظر عن تلك المفاهيم، تبقى الحقيقة ثابتة، وهي انتهاز من كنت اعتبره بمثابة أخ لي فرصة أطباقي وزوجته أعيننا للنوم خلال قيادته للسيارة أثناء عودتنا من السهرة، فقام بتلمس رجلي صعودا، حينها استيقظت مرعوبة، كذبت نفسي، ولأتأكد، عاودت إطباق عيني وإذ به يكرر فعلته، ارتعبت وما كان مني إلا أن تظاهرت أني أتحدثت مع والدتي عبر الهاتف لكي يتوقف عن جريمته".
أطلعت ميادة صديقتها عما فعله زوجها فطلبت منها التكتم عن الأمر، وتقول "صدمت بردة فعلها أكثر من الفعل الذي أقدم عليه زوجها"، مشددة "في ذلك اليوم شعرت بأن غلاف حمايتي تمزّق، انعدمت ثقتي بجميع من حولي، عانيت من الاكتئاب لاسيما وأني لا أملك إثبات كي يصدقني الناس ويحميني القانون".
تلقت الشابة الثلاثينية العلاج عند اخصائية نفسية، ساعدها ذلك في اجتياز مسافة طويلة في طريق شفائها، إلا أنه كما تقول "مجرد أن تجرأت على البوح أمام محيطي شعرت بأني أسقط عن كاهلي ألم الكون".
آثار عميقة
يسبب التحرش الجنسي كما تؤكد قصقص "صدمة للجهاز النفسي، ويخلف آثارا نفسية عميقه في ضحاياه، منها ضعف الثقة بالنفس ولوم الذات وتدني القيمة الذاتية وتشوه صورة الجسد.
ومن الضحايا من يعانين كما تقول "من اضطراب ما بعد الصدمة وهو الأكثر شيوعا في حالات العنف الجنسي، ومن عوارضه صعوبة التركيز والنوم، الأفكار السلبية والكوابيس، القلق والاكتئاب والانفعال".
وتضيف "تختلف طرق تعامل ضحايا التحرش مع ما تعرضن له، منهن من يفصحن عما واجهن في حين تفضل بعضهن التكتم عنه كي لا يسترجعن تفاصيل الحدث المؤلم الذي مررن بها، رغم أن الحقيقة لا يفارق ذاكرتهن، أو لأنهن لا يشعرن بدعم محيطهن والمجتمع أو يخشين عدم تصديقهن إضافة إلى مشاعر لوم الذات التي تختلجهن".
أما علاج ضحايا التحرش الجنسي فيتطلب بحسب قصقص "تقديم الدعم والمتابعة النفسية والاجتماعية الفردية والجماعية لهن من قبل اختصاصيين، لتجريدهن من مشاعر الذنب وتمكينهن من إعادة ترميم صورتهن الجسدية ورفع منسوب تقديرهن لأنفسهن".
وتشدد "لا شك أن الوقاية خير من قنطار علاج، من هنا لا بد من رفع التوعية حول قضايا العنف الجنسي، وهذا ما يحصل في هذه المرحلة كوننا في حملة الـ 16 يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي الدولية التي تبدأ في 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر".
ولهذه المناسبة أطلقت منظومة الأمم المتحدة في لبنان بالشراكة مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، حملة محلية من موضوع الحملة الدولي التي تحمل عنوان "اتحدوا! استثمروا لمنع العنف ضد النساء والفتيات"، واستخدم وسمَي #NoExcuse و #وقفة_لوقف_العنف، حيث تهدف إلى لفت الانتباه إلى احتياجات النساء والفتيات بكل تنوّعهن.
وقالت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، يوانا فرونتسكا "إن العنف القائم على النوع الاجتماعي لا يُشكّل انتهاكاً لحقوق الإنسان فحسب، بل إنه يُلحق الضرر أيضاً بالمجتمع ككل.. بينما يواجه لبنان أزمات متعددة، كان آخرها خطر النزاع، يحقّ للنساء والفتيات الشعور بالأمان والحماية. وينبغي أيضًا تمكين المرأة لاستخدام إمكاناتها الكاملة ولعب أدوار قيادية تسهم في رفاهة بلادها والسلام والأمن والتنمية المستدامة".
زرّ المواجهة
لتمكين فتيات ونساء لبنان من مكافحة العنف الجنسي، توّزع جمعية "أحلى فوضى"، "زرّ وقائي" عبارة عن جهاز انذار يمكن تفعيله بالضغط عليه، فيصدر صوتا بقوة حوالي 125 ديسيبل يخيف المهاجم ويدفعه للهرب.
وتشرح رئيسة الجمعية، إيمان نصر الدين عساف، "الزر من انتاج جاين سونغ، والدة الموظفة في السفارة البريطانية ريبيكا دايكس التي اغتصبت وقتلت خنقا في بيروت عام 2017، هدفه الحماية من العنف الجنسي، ونحن نتعاون معها في تحقيق مشروعها".
أسست سونغ جمعية "زرّ بيكي" وهي تعمل على تطوير جهاز الإنذار، بحسب نصر الدين، لافتة إلى أنه "وزعنا إلى حد الآن نحو ألف قطعة منه، وهناك تجاوب كبير من الفتيات والنساء".
وكان مجلس النواب اللبناني صادق على عام 2020 على قانون "تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه"، إلا أن هذا القانون ينطوي بحسب الحاج "على ثغرات عدة، منها تعريفه الفضفاض لهذا الجرم، لاسيما فيما يتعلق بالسلوك المتكرر، حيث يترك للقاضي حق التقدير فيما إن كان سلوك ما يدخل ضمن إطار التحرش من عدمه، وبالتالي قد تدفعه ذكوريته إلى عدم اعتبار لفظ ناب بأنه تحرش، وذلك بدلا من إعطاء هذا الحق للضحية التي يقع على عاتقها عبء إثبات الجرم رغم صعوبة الأمر".
وتعرّف المادة الأولى من القانون التحرش الجنسي بأنه "أي سلوك سيء متكرر خارج عن المألوف، غير مرغوب فيه من الضحية، ذي مدلول جنسي يشكّل انتهاكا للجسد أو للخصوصية أو للمشاعر يقع على الضحية في أي مكان وجدت، عبر أقوال، أو أفعال، أو إشارات، أو إيحاءات، أو تلميحات جنسية أو إباحية وبأي وسيلة تمّ التحرش بما في ذلك الوسائل الإلكترونية".
يعتبَر أيضا تحرشا جنسيا "كلّ فعل أو مسعى، ولو كان غير متكرر، يستخدم أي نوع من الضغط النفسي، أو المعنوي أو المادي أو العنصري يهدف فعلياً للحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية يستفيد منها الفاعل أو الغير".
يفتقد القانون كذلك بحسب الحاج إلى آلية حماية للضحية من المتحرش، "لكل ذلك تعمل جمعية كفى على صياغة قانون شامل لمناهضة للعنف ضد المرأة في كافة المجالات، يشمل آليات حماية لضحايا التحرش والاعتداء والاغتصاب".
كما سبق أن انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القانون، معتبرة أنه لا يستوفي المعايير الدولية، لاسيما لجهة عدم مصادقته على "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرّش" وتطبيقها، مشددة على أنه يكتفي بتناول التحرّش الجنسي كجريمة، دون ذكر التدابير الوقائية، إصلاحات قانون العمل، وسبل الانتصاف المدني، في الوقت الذي كان عليه موجب تبني مقاربة شاملة".
رغم جهود المجتمع المدني والحملات الاعلانية التوعوية وتحويل بعض قضايا التحرش إلى قضايا رأي عام، لا يزال الحديث عن التحرش كما تقول الحاج "تابو، لاسيما في البلدات النائية، حيث تمارس الضغوطات على الضحية حتى من أقرب الناس إليها في حال تجرأت على الافصاح عما تعرضت له، ما يحول دون تمكنها من تقديم شكوى بحق المتحرش". (الحرة)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على النوع الاجتماعی التحرش الجنسی العنف الجنسی فی لبنان کما تقول إلى أن
إقرأ أيضاً:
المغرب يشارك في دراسة الاتفاقية الإفريقية للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات
اختُتمت أشغال الدورة العاشرة العادية للجنة الفنية المتخصصة المعنية بالعدل والشؤون القانونية، التي انعقدت في الفترة من 14 إلى 22 ديسمبر 2024 في زنجبار، بجمهورية تنزانيا المتحدة، بمشاركة وفد مغربي. وترأست الوفد ريما لبلايلي، مديرة التعاون الدولي والتواصل بوزارة العدل، نيابة عن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وضمت خبراء قانونيين من وزارة العدل و وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، و أيضا بمواكبة من البعثة الدائمة لدى الاتحاد الإفريقي.
عمل الوفد المغربي بشكل مكثف إلى جانب الوفود الأخرى على مراجعة ودراسة مجموعة من النصوص القانونية الهامة. ومن بين أبرز هذه النصوص مشروع « الاتفاقية الأفريقية للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات »، التي حظيت بدعم كامل من المملكة المغربية، تأكيداً لالتزامها الدائم بالمساواة بين الجنسين وتعزيز حقوق النساء والفتيات في القارة الإفريقية. وقد ركزت النقاشات على تحسين الإطار القانوني للاتفاقية، وضمان أن تكون أداة فعالة لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، مع تقديم حماية شاملة للنساء والفتيات، خصوصاً في ظروف النزاعات وما بعدها.
وفي هذا السياق، جددت المملكة المغربية التزامها الراسخ بدعم قضايا المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، باعتبارها ركناً أساسياً لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في القارة الإفريقية.
وفي ختام الدورة، تم رفع التقرير المتعلق بأعمال اللجنة إلى الاجتماع الوزاري لوزراء العدل في الاتحاد الإفريقي، حيث تمت المصادقة عليه. ويشمل التقرير توصيات هامة، من بينها التأكيد على اعتماد الاتفاقية بصيغتها النهائية، وضمان توافقها مع الإطار القانوني للاتحاد الإفريقي. كما دُعيت الإدارات المعنية إلى تقديم نسخة محدثة من مشروع الاتفاقية لمكتب الشؤون القانونية لاعتمادها رسمياً.
وقد حظيت جهود الوفد المغربي بتقدير واسع من الوفود المشاركة، مما يعكس الدور الريادي للمغرب في دعم المبادرات الإفريقية المشتركة، لا سيما تلك المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان والمساواة.
وتعتبر المصادقة على هذا التقرير من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون القانوني الإقليمي وحماية حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء والفتيات وتمكينهن في مختلف المجالات.
كلمات دلالية الاتفاقية الإفريقية للقضاء على العنف على النساء المغرب