لا تزال العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" ملتبسة إلى حدّ بعيد، منذ أن وصلت حدّ "القطيعة" على خلفية تبنّي الحزب ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، قبل أن تشهد تحسّنًا نسبيًا بعيد عملية "طوفان الأقصى" التي كسرت "الجليد" من خلال اتصال هاتفي جمع الوزير السابق جبران باسيل مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، من خلال ما وُصِف بـ"الخط الآمن".


 
لكنّ هذه العلاقة "المتلبسة" عادت إلى سابق عهدها من "الالتباس" في الأسابيع الأخيرة، مع فتح "معركة" التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، ولا سيما بعدما التزم "حزب الله" الصمت في مقاربتها، من دون أن يعلن موقفه الحاسم، ولو اعتُبِر "مفصليًا" في تحديد "بوصلة" الاستحقاق الداهم، ليظهر "الوطني الحر" بنتيجة ذلك، وكأنّه يغرّد وحيدًا "عكس التيار"، غير واثقٍ من احتمال وقوف "حليفه السابق" إلى جانبه أو في مواجهته.
 
وإذا كانت التسريبات في الساعات الأخيرة "تناقضت" بين معسكر يجزم أنّ "الحزب" أعلن موافقته الضمنية على التمديد لقائد الجيش، بمعزل عن موقف "التيار"، ومعسكر آخر يعتبر أنّه لن يذهب إلى أيّ موقف "يستفزّ" باسيل، وسيراعي خواطره حتى الرمق الأخير، فإنّ الثابت يبقى أنّ "عين" باسيل ستبقى منصبّة على موقف "حزب الله" النهائي، وسط تساؤلات عن "الوسائل" التي قد يعتمدها في سبيل "إقناع" الحزب بمساندته!
 
انقسام جمهور "التيار"
 
لعلّ أكثر ما يلفت انتباه المتابعين والمراقبين يكمن في "حيرة" الجمهور "العوني"، أو ربما "ارتباكه" في التعامل مع "حزب الله"، إذ يُرصَد ما يمكن وصفه بـ"الانقسام الفاقع" في صفوف أنصار "التيار الوطني الحر" والمحسوبين عليه في النظرة إلى الحزب، لا تتجلى في الموقف من أدائه الداخلي فحسب، ولكنّها تصل أيضًا إلى الدور الذي يلعبه في العمليات الجارية في جنوب لبنان، الذي يعدّه الحزب "جبهة إسناد" للشعب الفلسطيني المُحاصَر في غزة.
 
فبعيدًا عن الخطاب الرسمي الذي تتبنّاه القيادة "العونيّة"، يبدو واضحًا لمن يتابع منصّات التواصل الاجتماعي خصوصًا، انقسام جمهور "التيار الوطني الحر" إلى فريقين "شبه متناقضين"، الأول يذهب بعيدًا في مناصرة "حزب الله" وتأييده كلّ ما يقوم به، مزايدًا بذلك حتى على بعض جمهور "الحزب" نفسه، في مقابل فريق آخر لا يتردّد البعض في وصفه بـ"الحاقد" على "الحزب"، والذي لا يتردّد في انتقاده بقساوة، بل بطريقة "جارحة" في بعض الأحيان.
 
ويتجلّى الانقسام نفسه في تكهّنات الجمهور "العونيّ" حول موقف "حزب الله" من الاستحقاقات الداخلية، وآخرها ملف التمديد لقائد الجيش، إذ ثمّة فريق يبدو "واثقًا" بأنّ الحزب لن "يغدر"، وفق التوصيف "العوني"، بالرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل، وسيقف إلى جانبهما في هذه المعركة، رغم كلّ ما يُحكى، في مقابل فريق آخر يستبق "الحسم"، ليعلن أنّ ما بعد موافقة "حزب الله" على التمديد لعون، سيعني "القطيعة الكاملة" بين الجانبين.
 
رسائل خلف "التمايز"
 
يحلو للبعض اعتبار هذا الانقسام "اجتهادات شخصية" للمحسوبين على "التيار"، بدليل تكرار "ثابتة" أنّ مواقف بعض الناشطين "العونيّين" لا تمثّل الموقف الرسمي لـ"الوطني الحر"، وهو ما يحتمل الكثير من الصواب، لكن ما قد يكون أكثر واقعيّة، هو أنّه يعكس في جانبٍ منه رغبة من جانب قيادة "التيار"، بإيصال أكثر من رسالة إلى "حزب الله"، على طريقة استمالته لمساندته في الموقف من التمديد، وفق منطق "الترغيب والترهيب".
 
فعلى مستوى "الترغيب"، يأتي موقف الجناح المؤيد للحزب داخل "التيار"، ليتناغم مع بعض ما تسرّبه بعض الأوساط السياسية عن "تنازلات" لا يُستبعَد أن يقدّمها باسيل للحزب في سبيل سحب اسم قائد الجيش من "البازار السياسي"، قد تصل لحدّ "المرونة" بالحدّ الأدنى إزاء ترشيح فرنجية لاحقًا، وهو ما يفسّره اعتبار باسيل أنّ قائد الجيش يشكّل "خصمًا شخصيًا" له، وأنّ انتخابه رئيسًا قد يجعله منافسًا له على "الزعامة" في الشارع المسيحي.
 
وإلى جانب "الترغيب"، ثمّة من يتحدّث عن أسلوب آخر يتّبعه "التيار" في إيصال الرسائل إلى "حزب الله"، يعتمد على "الترهيب"، من خلال تلويح محسوبين عليه بأنّ موافقة الحزب على التمديد لقائد الجيش، من دون مراعاة لموقف "التيار"، لن يشكّل مجرّد "ضربة" للتفاهم المبرم بين الجانبين، كما حصل في مرّات سابقة، بل سيجعله "في خبر كان"، بل إنّ هناك من يقول إنّ باسيل قد ينزع عندها "الغطاء" الذي يمنحه للحزب، حتى في المواضيع الاستراتيجية.
 
في الخطاب الرسمي، يقول المحسوبون على "التيار الوطني الحر" إنّ موقفه من التمديد لقائد الجيش "مبدئي"، ويدعو الآخرين إلى إقرار التمديد من دون انتظار "التيار" إن كانوا قادرين على ذلك. يشدّدون على أنّ "حزب الله" كغيره من القوى السياسية، يستطيع أن يقرّر المسار الذي ينسجم مع قناعاته. لكن خلف هذا الخطاب، خطاب آخر يتردّد في الكواليس، يثبت أن عين باسيل ليس على موقف الحزب فحسب، بل على ما بعده، وهنا بيت القصيد!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التمدید لقائد الجیش التیار الوطنی الحر حزب الله

إقرأ أيضاً:

المؤتمر الوطني يرتب السياسة الداخلية والخارجية بعد تعيين دفع الله، وصديق

 

المؤتمر الوطني يرتب السياسة الداخلية والخارجية بعد تعيين دفع الله، وصديق
صلاح شعيب

بينما لم يمر أكثر من يوم على تصريحه بأن قيادة الجيش لا علاقة لها بالحركة الإسلامية، أصدر البرهان قرارين بتعيين اثنين من منسوبي الحركة الإسلامية في الخدمة المدنية. أحدهما صار رئيساً لمجلس الوزراء المؤقت، والثاني كلف بان يكون وزيرا للخارجية.
وتزامن هذان القراران بتسريبات لم تنفها بورتسودان حتى الآن فحواها ان البرهان عقد اجتماعاً مع قادة الحركة الإسلامية في مقر ما. وخلص الاجتماع إلى عدد من القرارات المتعلقة بالحرب، وكذا شؤون أخرى تهم المتحالفين هناك.
والحقيقة أننا لا نحتاج إلى هذه التسريبات فقط لنتبين علاقة التنسيق بين قيادة الجيش والإسلاميين، خصوصاً بعد الفترة التي تلت انقلاب البرهان – حميدتي في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.
فالبرهان اعتمد على حاضنته الكيزانية الجديدة في كل مرفق حكومي منذ ذلك التاريخ. فقد أعاد كل الذين فصلتهم لجنة إزالة التمكين في مرافق الدولة، ونقض كل قراراتها، وأعاد المنصب، والمال، والنفوذ، للذين تورطوا في سرقة المال العام، وغيرها من أشكال الفساد التي برع فيها الكيزان.
ولا يحتاج أي مراقب للأوضاع في السودان بعد سطوة البرهان على مقاليد الحكم أن يكتشف أنه – ومن خلفه الكيزان – استداروا بمكر على ما ترتب على ثورة ديسمبر من إجراءات إصلاحية.
والمتابع لمواقف غالب الإسلاميين بعد الانقلاب والحرب يلحظ الدفاع الحميم عن قرارات البرهان ضد الثورة، وكذلك التعاون الوثيق بينهم والجيش، وتوحد مواقفهم السياسية، والإعلامية، والحربية، مع موقف البرهان.
لا ننسى لدفع الله الحاج الذي تقلد منصب رئيس الوزراء دوره البالغ للدفاع عن الدعم السريع في المنظمة الدولية حينما كان ممثلاً للسودان رغم الانتهاكات الموثقة. أما عمر الصديق الذي أصبح وزيراً للخارجيّة فقد خدم الدبلوماسية مدافعاً عن نظام البشير لمدى تجاوز ثلاثة عقود. وكما نعلم أن استمرارهما في أداء الدور الدبلوماسي طوال زمن الإنقاذ كفيل بولائهما للمؤتمر الوطني.
إذن فكذب البرهان بأنه لا علاقة لمشيئته العسكرية والسياسية بالحركة الإسلامية محاولة اعتباطية لإخفاء المعلوم بالضرورة. فلا حاضنة للبرهان في هذه الحرب ترسم له المسار، وتدافع عنه الآن، خلاف كوادر المؤتمر الوطني.
البرهان فاقد للأهلية العسكرية، والسياسية، ولذلك يعتمد المكر، والخداع، والبهتان، وسائلَ للحفاظ على السلطة لا غير. وبهذا النهج قاد البلاد إلى هذا الوضع الذي لا يحسد عليه، ومع ذلك ما يزال كثيرون يصدقون أن جيشه سيقود البلد إلى بر الأمان خلال إدارته للحرب. ولو عذرنا دعم الإسلاميين له الآن، فلا عذر لمثقفين لم يكشفوا خداعه، ومكر الحركة الإسلامية على حد سواء.
بالتعيين الجديد لدفع الله، وصديق، يكون المؤتمر الوطني قد حقق اختراقاً كبيراً في عودته الظاهرة لاستعادة سلطة بورتسودان. ووفقاً لهذا الإجراء سترتب الأوضاع الداخلية والخارجية وفقاً لإملاءات قادة الحزب المنحل على المسؤولين الجدد.

الوسومالتمكين دفع الحاح رئيس الوزراء كذب البرهان وزير الخارجية

مقالات مشابهة

  • يهتز كل شيء من حولنا، إلا ثقتنا بالله
  • المؤتمر الوطني يرتب السياسة الداخلية والخارجية بعد تعيين دفع الله، وصديق
  • أمر حاسم.. ماذا يريد حزب الله من رئيس الجمهورية؟
  • عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»
  • أعضاء «الوطني»: نرفض زج الإمارات في صراعات تخدم أجندات فوضوية
  • باسيل استقبل الصادق: تأكيد الحفاظ على الميثاقية وتمثيل كافة شرائح المجتمع البيروتي
  • تقرير أمريكي: حزب الله أداة استراتيجية لطهران على حساب سيادة لبنان
  • الرئيس اللبناني: الجيش يقوم بمهامه كاملة في الجنوب
  • التيار الوطني الحر يتحرّك للملمة كوادره
  • حزب الله غير راض عن الحكومة: على المعنيين ردع إسرائيل