"حل الدولتين" مقترح متداول منذ عقود، يجري الحديث عنه كمسار سياسي يمكن من خلاله إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، عبر إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب الدولة الإسرائيلية القائمة، وهو يلقى دعما من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والصين وروسيا والدول العربية، وهيئات عالمية.

ومن اللافت تجدد الحديث عنه أثناء الهدنة الأخيرة في الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة، في إطار البحث عن تسوية سياسية للصراع، والتوصل إلى حل دائم، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، في الضفة الغربية وقطاع غزة، بإزاء الدولة الإسرائيلية الموجودة.



ووفقا للرئيس الأمريكي، بايدن فإن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان الأمن الطويل الأمد للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ومن أجل التأكد من أن الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، يعيشون على قدم المساواة من الحرية والكرامة، فإننا لن نتخلى عن العمل لتحقيق هذا الهدف" كما نشر على حسابه في منصة "إكس" قبل أيام.

وكانت حركة حماس أعلنت في وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي أصدرتها عام 1917، قبولها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران 1967، مع عدم اعترافها بإسرائيل، ورفضها لأي بديل عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا، من نهرها إلى بحرها.

وذكر إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في إحدى كلماته الأخيرة قبل التوصل إلى هدنة لتبادل الأسرى والمحتجزين، أن الحركة "قدمت تصورا شاملا يبدأ بوقف العدوان وفتح المعابر، ومرورا بصفقة لتبادل الأسرى، وانتهاء بفتح مسار سياسي لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس، وحق تقرير المصير".

وبعد مسيرة السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والتي بنيت بالأساس على إمكانية تطبيق حل الدولتين، والذي كان يقابل في كل مرة بالتعنت الإسرائيلي، بسبب امتعاض اليمين الديني في إسرائيل من حل الدولتين، وسياسات توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وفي ظل المعارك الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ماذا تبقى من مقترح حل الدولتين؟ وهل يمكن الانطلاق منه لفتح مسار سياسي جديد؟ 

في هذا الإطار لفت الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور منصور أبو كريم إلى أن "حل الدولتين هو الأساس الذي بُنيت عليه عملية السلام، والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ البداية، وهو ما أقرته الولايات المتحدة الأمريكية فيما يُعرف بخارطة الطريق، وهو الحل القابل للتطبيق رغم الصعوبات التي تعتري هذا الطريق".


                         منصور أبو كريم، باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية.

وأضاف: "حل الدولتين هي الفكرة التي أجمع العالم عليها بوصفها الحل المناسب لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديدا، بإيجاد دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، عبر المفاوضات، ونتيجة لعملية السلام التي بدأت منذ مؤتمر مدريد عام 1991، والتي كان من المرجح أن تكون نهايتها قيام دولة فلسطينية على حدود الـ 67".

وواصل أبو كريم حديثه لـ"عربي21" بالقول "لكن في المقابل فإن هذا الحل يواجه العديد من التحديات، منها صعود اليمين الديني إلى سدة الحكم في إسرائيل، وتراجع مسار التسوية، وحدوث الانقسام الفلسطيني الذي ساهم في تشتت الحالة الفلسطينية، وأدّى إلى وجود كيانين منفصلين، كيان في الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية، وكيان في قطاع غزة تحت سلطة حماس".

وطبقا للباحث الفلسطيني أبو كريم فقد ساهم "ما سبق ذكره، إضافة لانزياح المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين الديني المتطرف، الذي يعمل على تقويض مسار التسوية، والذي يرى في قيام دولة فلسطينية خطرا أيديولوجيا وحضاريا وسياسيا على دولة إسرائيل الكبرى، وبالتالي واجه حدل الدولتين تحديات عديدة، وصعوبات جمّة، وتراجع بشدة في الفترة الماضية بسبب سياسة الاستيطان، وتقاعس المجتمع الدولي عن فرض ضغوط حقيقية على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات".

وعن موقف حركة "حماس" من حل الدولتين أوضح أبو كريم أن حركة حماس منذ أن دخلت النظام السياسي الفلسطيني، بعد مشاركتها في الانتخابات التشريعية عام 2006، اقتربت كثيرا من خيار ما يُعرف بالتسوية، عبر ما طرحته في وثيقة المبادئ والسياسات العامة عام 2017، وقالت على لسان كثير من قادتها في الداخل والخارج بأنها لا تمانع من قيام دولة فلسطينية، كحل مرحلي، في ظل اختلال موازين القوى".

وأردف: "وهذه المقاربة من حركة حماس تتوافق مع الإجماع الفلسطيني، وفصائل منظمة التحرير في قرارات المجلس الوطني عام 1988 بإعلانه عن دولة فلسطينية على حدود الـ67، مع تشديد الحركة على عدم تفريطها وتنازلها عن باقي الأراضي الفلسطينية، وعدم اعترافها بشرعية الكيان الصهيوني، وأنها تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود الـ67 كمسار مرحلي".

من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي الأردني، عاطف الجولاني أن "الحديث عن المسار السياسي سيعود إلى الواجهة من جديد بعد أن تضع الحرب أوزارها، وسيكون سؤال ما بعد الحرب في ظل فشل جيش الاحتلال في إنهاء المقاومة: كيف يمكن التعامل مع مصدر الخطر، الذي لم تتمكن إسرائيل من القضاء عليه بعد عدوانها على غزة؟".


                                         عاطف الجولاني، كاتب ومحلل سياسي.

وأضاف: "حل الدولتين هو محل اتفاق الدول العربية، ومقبول نظريا من الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك من الاتحاد الأوروبي وكثير من الدول الأخرى، وحركة حماس تقبل به، كحل مرحلي، مع عدم تنازلها عن فلسطين التاريخية، وعدم اعترافها بشرعية الكيان الصهيوني".

وتابع: "لكن الكيان الصهيوني هو الطرف المتعنت في قبول ذلك، لا سيما في ظل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي، الأكثر تطرفا، واحتمالية تغيير المشهد الإسرائيلي الداخلي واردة، على وقع نتائج الحرب وما ستسفر عنها، مع الأخذ بالاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية ـ إن أرادت ـ تمتلك إمكانية إعادة رسم المشهد السياسي داخل إسرائيل، إضافة إلى أن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل باتت تستشعر خطرا وجوديا يتهدد إسرائيل ولا بد لها من الضغط باتجاه تعزيز مسار حل الدولتين".

وردا على سؤال "عربي21" بشأن موقف حماس من قبولها بإقامة دولة فلسطينية على حدود الـ67، وعاصمتها القدس، والتوفيق بين قبولها بذلك وعدم اعترافها بالكيان الصهيوني، وعدم التنازل عن باقي الأراضي الفلسطينية، أوضح الجولاني أن حماس حينما أعلنت عن قبولها بقيام دولة فلسطينية على حدود الـ67، إنما قبلت بذلك كحل مرحلي، بوصفه مكتسبا مرحليا، مع تمسكها من حيث المبدأ بتحرير كامل الأراضي الفلسطينية، وعدم اعترافها بالكيان الصهيوني".

بدوره رأى السفير الفلسطيني الأسبق، مفوض الشؤون الدولية لمؤتمر فلسطيني الخارج، الدكتور ربحي حلوم أن "أي إقرار بحل الدولتين هو تنازل عن ملكية فلسطين، وإقرار بملكية الاحتلال لها، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا".


    ربحي حلوم.. السفير الفلسطيني الأسبق، مفوض الشؤون الدولية لمؤتمر فلسطيني الخارج

وأضاف في تصريحاته لـ"عربي21": "إسرائيل دولة احتلال، ولا يحق لأي أحد أن يتنازل لها عن أي شبر من أراضي فلسطين التاريخية، ففلسطين التاريخية من نهرها إلى بحرها هي لنا، وأي تنازل عن جزء من أراضيها هو تنازل وتفريط".

وأنهى كلامه بالتأكيد على رفضه لحل الدولتين كخطوة مرحلة، مشددا على أنه "لا ينبغي الخضوع لظروف الاحتلال القائمة بكل غطرسته وقوته، وينبغي التعامل مع إسرائيل كدولة احتلال مغتصبة، وليس من حقها إقامة دولة على أراضي فلسطين، ولا بد من مواصلة النضال لاستعادة جميع الأراضي الفلسطينية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير فلسطينية العدوان الاحتلال احتلال فلسطين عدوان حلول تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة بإقامة دولة فلسطینیة دولة فلسطینیة مستقلة الأراضی الفلسطینیة وعاصمتها القدس حل الدولتین هو حرکة حماس أبو کریم

إقرأ أيضاً:

مركز الدراسات الإستراتيجية: إيران تُزايد على العرب في دعم القضية الفلسطينية

قال اللواء محمد عبدالمقصود، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، إن الضربة الإيرانية لتل أبيب بالأمس كانت محاولة لحفظ ماء الوجه من قبل طهران، وتقديم نفسها كداعم لمحور المقاومة، مشيرًا إلى أن الجانب الإيراني يُزايد على الجانب العربي في دعم القضية الفلسطينية. 
وتابع "عبد المقصود"، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "المشهد"، المذاع على القناة العاشرة المصرية"ten"، مساء الأربعاء، أن دولة الاحتلال تعتمد على قوات الاحتياط في الحرب ، واستمرار الحرب أكثر من 3 شهور يستنزف الموارد الاقتصادية، ولكن بفضل الدعم الغير مسبوق الذي قُدم من الولايات المتحدة لدولة الاحتلال سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا جعل دولة الاحتلال قادرة على استمرار الحرب منذ ما يقرب من عام. 

ايران و قطر توقعان 6 وثائق للتعاون الثنائي إبراهيم عيسى يحسم جدل تشيعه ويصرح: السنة والشيعة اختراع


وأضاف أن إيران لم تتحرك ضد دولة الاحتلال إلا بعد استهداف زعيم حركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله،  خاصة وأن هذه الاغتيالات تؤدي إلى تغيير قواعد الاشتباك مع دولة الاحتلال، وبالتالي لجأ الجانب الإيراني لتنفيذ عملية محسوبة ومحدودة ضد تل أبيب. 

فيما قالت الدكتور هدى عبدالرؤوف، مدير وحدة الدراسات الإيرانية للمركز المصري للفكر والدراسات، إن عملية طوفان الأقصى تُعتبر نقطة تحول في المنطقة، خاصة فيما يخص إيران أو محور المقاومة أو المليشيات التابعة للدولة الإيرانية. 
وتابعت، أن إيران تستغل القضية الفلسطينية، لأنها تدعم فكرة أن طهران لا تُؤيد فقط قضايا الشيعة فقط، ولكنها تدعم حركات سنية. 
وأضافت أن إيران برأت نفسها من عملية طوفان الأقصى في البداية، وخطاب الأمين العام لحزب الله بعد هذه العملية تحدث على أن هذه العملية كانت بتخطيط فلسطيني، وألقى عبء ما حدث في غزة على الدول العربية. 

مقالات مشابهة

  • بلينكن: التطبيع لن يتقدم دون إنهاء الحرب في غزة وإقامة دولة فلسطينية
  • السوداني يستذكر الرئيس الأسبق الراحل جلال طالباني: نهج نستلهم منه المسار بالعمل السياسي
  • ‏أمير قطر: لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة دون إقامة دولة فلسطينية
  • مركز الدراسات الإستراتيجية: إيران تُزايد على العرب في دعم القضية الفلسطينية
  • افتتاح مهرجان ظفار الدولي للمسرح بمشاركة 350 فنانًا من 50 دولة
  • وزير الخارجية: لن نقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون دولة فلسطينية
  • المكتب السياسي لأنصار الله: العملية الإيرانية تعكس دعم المقاومة الفلسطينية
  • لفرض حل الدولتين..الدنمارك تؤيد تدخلاً عسكرياً دولياً في الشرق الأوسط
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: دعم السعودية للقضية الفلسطينية سياسيا ودبلوماسيا مستمر منذ عقود
  • تعرف على شرط إسرائيل لوقف إطلاق النار في لبنان