باتت ظاهرة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة منتشرة بشكل غير مسبوق في مختلف أنحاء العالم، وأصبحت هذه الشركات تقدم خدماتها المتطورة للحكومات بشكل أوسع مقابل أرباح مالية، وتولوا بالفعل ممارسة عدة أنشطة نيابة عن الدول والجيوش النظامية، بدءًا من القيام بمهام تدريبية صغيرة وحتى نشر وحدات قتالية تضم عدة مئات من الجنود المدربين والمسلحين ببعض أفضل الأسلحة، بما في ذلك الدبابات والمروحيات الهجومية.

الكاتبة مارثا جارسيا تلقي الضوء على هذه القضية وتداعياتها، في تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد"، مطالبة بوضع ضوابط تحكم انتشار وعمل تلك الشركات، لا سيما بعد بدء استعانتها بالمرتزقة على نطاق واسع، وتورطها في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في عدة مناطق، خاصة في أفريقيا.

اقرأ أيضاً

البرهان يحذر من انتشار الحرب لمدن وولايات السودان: حميدتي يستخدم مرتزقة أجانب

خصخصة الحرب

وتقول الكاتبة إنه في معظم فترات القرن العشرين، لم تكن "خصخصة الحرب" خيارًا قابلاً للتطبيق، وكان كل استخدام القوة العسكرية تقريبًا مقتصرًا على وكالات الدولة، إلا أن الحرب الباردة غيرت كل شيء.

وبحلول نهاية عام 1991، امتلأت السوق بالمتخصصين العسكريين والأسلحة، ومع اندلاع العديد من الحروب الصغيرة والصراعات الأهلية المسلحة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أفريقيا، اكتسبت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة قوة وشعبية.

واليوم، توجد أكثر من 150 شركة عسكرية خاصة وتقدم خدماتها في حوالي 50 دولة.

حجم الصناعة يتطور بسرعة، تقول الكاتبة، فبحلول عام 2020، تم بيع خدمات بقيمة 223 مليار دولار؛ وهو مبلغ من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030.

يبدو أن العديد من السياسيين والمسؤولين الحكوميين يدعمون دقة وفعالية الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة والمواقف التي يجب الاعتراف بها حتى يكون ذلك صحيحًا.

فبعض هذه الشركات ليست غريبة على انتهاك القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان، طالما أنها تلبي احتياجات عملائها حتى يتمكنوا من الحصول على أموالهم.

اقرأ أيضاً

على غرار فاجنر.. رئيس الشيشان يخطط لتأسيس شركة مرتزقة

المرتزقة

وبالمثل، هناك تحقيق آخر مثير للقلق وهو الاستخدام المعروف للمرتزقة من قبل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة كجنود وموظفين استراتيجيين.

وتتجاوز قيمة السوق الدولية للمرتزقة والمقاولين العسكريين الخاصين 100 مليار دولار.

وفي الوقت الحاضر، تُسمى مجموعات المرتزقة بالجيوش الخاصة، وهم يمتلكون نفس مجموعة المهارات التي تمتلكها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة؛ والفرق الرئيسي هو من يوافقون على العمل لديه، ولكن حتى في هذه الحالة لا يوجد خط واضح.

اقرأ أيضاً

إعلام روسي: مرتزقة أمريكيون وصلوا لدعم أوكرانيا بمعارك خاركيف

أمريكا والصين وروسيا

وبعد تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها،  نشرت الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد واستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة، لكن دولا مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، رفضت وصف أنشطة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بأنها مرتزقة، وامتنعت عن تأييد الاتفاقية والتصديق عليها.

ونتيجة لذلك، لا يزال توظيف الشركات العسكرية والأمنية الخاصة حتى يومنا هذا يخلق وضعاً حيث يمكن للدول المشاركة في أنشطة حربية غير قانونية، مع إسناد المسؤولية عن مثل هذه الأعمال إلى صناعة الأمن الخاص المتنامية، تقول الكاتبة.

علاوة على ذلك، تفرض الشركات العسكرية والأمنية الخاصة تحديًا كبيرًا للقانون الدولي والعلاقات الدولية. تراهن معظم الدبلوماسية الدولية على قانون يحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، لكنه تقليديا يكون موجها للدول فقط.

وتؤكد الكاتبة أنه لا يوجد حتى الآن تنظيم مناسب للشركات العسكرية والأمنية الخاصة باعتبارها جهات فاعلة في جميع أنحاء العالم وقطاعها بأكمله.

ويقود هذا الاتجاه السائد أربع دول تشكل مجتمعة ما يقرب من 70% من السوق: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وجنوب أفريقيا.

اقرأ أيضاً

تقرير أممي يتهم مرتزقة فاجنر بالإفراط في استخدام المفخخات بليبيا

القوة العسكرية بعيدا عن الدولة

وترى الكاتبة أن  الاستخدام المكثف من قبل الحكومات بدافع عوامل مثل فعالية التكلفة والمرونة والقدرة على الاستفادة من الخبرات المتخصصة والتكنولوجيا المتقدمة، من شأنه أن يغير توزيع القوة العسكرية، ويبعدها عن الأطر التقليدية التي تتمحور حول الدولة، وبالتالي يثير المخاوف بشأن المساءلة والالتزام بالمعايير الدولية.

ويضيف الاعتماد المتزايد على الكيانات الخاصة تعقيدات إلى عمليات صنع القرار، مما قد يؤدي إلى مواءمة مصالح الدولة مع مصالح الشركات.

وقد سمح التوسع السريع والتطبيع في استخدام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة للعديد من الجهات الفاعلة السيئة باستغلالها، لأنها لا تتاجر في الأسلحة فحسب، بل تتاجر أيضًا بالمعرفة. فهي توفر كبش فداء للحكومات والجهات الفاعلة غير الحكومية لتجاوز القوانين المحلية والدولية للحصول على أموالها وأرباحها الشخصية.

المصدر | مارثا جارسيا / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المرتزقة شركات الأمن الخاصة الجيوش القوة العسکریة اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

افتتاحية.. ثورات لا تراها العين المجردة

في عام 2019، أعلنت جوجل أنها حققت «التفوق الكمومي»، عندما تمكن حاسوبها «سيكامور» من حل معادلة معقدة في 200 ثانية فقط، بينما كان أقوى حاسوب تقليدي سيحتاج إلى 10,000 سنة لإنجازها! هذا الإعلان أثار ذعرا في الأوساط الأمنية، لأن هذه القوة الحسابية قد تتمكن يومًا من كسر أقوى أنظمة التشفير المستخدمة لحماية بيانات البنوك والمؤسسات الحكومية.

ولفهم الحوسبة الكمومية، تخيّل تجربة شرودنجر الشهيرة: قطة في صندوق، مع احتمال 50% أن تكون حية و50% أن تكون ميتة. في العالم الذي نعيشه، القطة إما حية أو ميتة، لكن في العالم الكمومي يمكن أن تكون في الحالتين معًا! هذا ما يُعرف بـ«التراكب الكمومي»، وهو السبب وراء القوة الخارقة للحواسيب الكمومية، حيث يمكنها معالجة آلاف الاحتمالات في وقت واحد. وإن لم تجد هذا المثال كافيًا، فلعل الصفحات القادمة تقدم لك شرحًا وافيًا حول ما يعنيه ذلك وأكثر.

ولأن التكنولوجيا لا تتوقف عند حد معين، يطرح العدد الثاني والعشرون من ملحق جريدة $ العلمي كذلك دخول يد التقنية الذكية في فهم أمزجتنا والتنبؤ بالحالات العاطفية وحتى التأثير عليها!، كما نناقش كيف أصبحت البيانات الضخمة أداة جديدة للمزارعين، حيث يمكنهم الآن تحديد مواسم الحصاد وفقًا للخوارزميات الذكية، مما يعزز الإنتاجية ويقلل من المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، إضافة إلى إمكانية تغيير بنية النباتات جينيًا لجعلها أكثر صمودًا أمام المتغيرات المناخية القاسية. تقرأون كذلك ملفًا خاصًا بدور النجوم في حياة العمانيين وكيف اتكأوا عليها لتتخطى أمجادهم البحار والقارات. كما نعرّج على عدد من الموضوعات الصحية والعلمية المنوعة الأخرى. قراءة ماتعة.

مقالات مشابهة

  • تغير ألوان البحيرات في العالم.. اضطراب كبير بالنظام البيئي
  • النفط: ارتفاع أعداد المركبات التي تعمل بوقود الغاز ‏
  • ترامب وبوتين وشي جين بينغ.. خطة جديدة لإعادة تقسيم العالم
  • افتتاحية.. ثورات لا تراها العين المجردة
  • إسرائيل وخيار القوة
  • «تيته» تبحث مع السفير الفرنسي التحديات «السياسية والاقتصادية والأمنية»
  • أونروا: لجوء إسرائيل إلى القوة العسكرية يزيد معاناة الشعب الفلسطيني
  • النائب العام يقف على حجم الانتهاكات التي ارتكبتها القوات المتمردة خلال فترة سيطرتها على مقر منطقة قري العسكرية
  • الإحصاء: تعاون مع شركات محلية وعالمية متخصصة بمجالات الأمن السيبراني والاتصالات
  • تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)