خصخصة الحرب.. شركات الأمن الخاصة والمرتزقة تغير توزيع القوة العسكرية حول العالم
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
باتت ظاهرة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة منتشرة بشكل غير مسبوق في مختلف أنحاء العالم، وأصبحت هذه الشركات تقدم خدماتها المتطورة للحكومات بشكل أوسع مقابل أرباح مالية، وتولوا بالفعل ممارسة عدة أنشطة نيابة عن الدول والجيوش النظامية، بدءًا من القيام بمهام تدريبية صغيرة وحتى نشر وحدات قتالية تضم عدة مئات من الجنود المدربين والمسلحين ببعض أفضل الأسلحة، بما في ذلك الدبابات والمروحيات الهجومية.
الكاتبة مارثا جارسيا تلقي الضوء على هذه القضية وتداعياتها، في تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد"، مطالبة بوضع ضوابط تحكم انتشار وعمل تلك الشركات، لا سيما بعد بدء استعانتها بالمرتزقة على نطاق واسع، وتورطها في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في عدة مناطق، خاصة في أفريقيا.
اقرأ أيضاً
البرهان يحذر من انتشار الحرب لمدن وولايات السودان: حميدتي يستخدم مرتزقة أجانب
خصخصة الحربوتقول الكاتبة إنه في معظم فترات القرن العشرين، لم تكن "خصخصة الحرب" خيارًا قابلاً للتطبيق، وكان كل استخدام القوة العسكرية تقريبًا مقتصرًا على وكالات الدولة، إلا أن الحرب الباردة غيرت كل شيء.
وبحلول نهاية عام 1991، امتلأت السوق بالمتخصصين العسكريين والأسلحة، ومع اندلاع العديد من الحروب الصغيرة والصراعات الأهلية المسلحة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أفريقيا، اكتسبت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة قوة وشعبية.
واليوم، توجد أكثر من 150 شركة عسكرية خاصة وتقدم خدماتها في حوالي 50 دولة.
حجم الصناعة يتطور بسرعة، تقول الكاتبة، فبحلول عام 2020، تم بيع خدمات بقيمة 223 مليار دولار؛ وهو مبلغ من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030.
يبدو أن العديد من السياسيين والمسؤولين الحكوميين يدعمون دقة وفعالية الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة والمواقف التي يجب الاعتراف بها حتى يكون ذلك صحيحًا.
فبعض هذه الشركات ليست غريبة على انتهاك القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان، طالما أنها تلبي احتياجات عملائها حتى يتمكنوا من الحصول على أموالهم.
اقرأ أيضاً
على غرار فاجنر.. رئيس الشيشان يخطط لتأسيس شركة مرتزقة
المرتزقةوبالمثل، هناك تحقيق آخر مثير للقلق وهو الاستخدام المعروف للمرتزقة من قبل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة كجنود وموظفين استراتيجيين.
وتتجاوز قيمة السوق الدولية للمرتزقة والمقاولين العسكريين الخاصين 100 مليار دولار.
وفي الوقت الحاضر، تُسمى مجموعات المرتزقة بالجيوش الخاصة، وهم يمتلكون نفس مجموعة المهارات التي تمتلكها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة؛ والفرق الرئيسي هو من يوافقون على العمل لديه، ولكن حتى في هذه الحالة لا يوجد خط واضح.
اقرأ أيضاً
إعلام روسي: مرتزقة أمريكيون وصلوا لدعم أوكرانيا بمعارك خاركيف
أمريكا والصين وروسياوبعد تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها، نشرت الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد واستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة، لكن دولا مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، رفضت وصف أنشطة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بأنها مرتزقة، وامتنعت عن تأييد الاتفاقية والتصديق عليها.
ونتيجة لذلك، لا يزال توظيف الشركات العسكرية والأمنية الخاصة حتى يومنا هذا يخلق وضعاً حيث يمكن للدول المشاركة في أنشطة حربية غير قانونية، مع إسناد المسؤولية عن مثل هذه الأعمال إلى صناعة الأمن الخاص المتنامية، تقول الكاتبة.
علاوة على ذلك، تفرض الشركات العسكرية والأمنية الخاصة تحديًا كبيرًا للقانون الدولي والعلاقات الدولية. تراهن معظم الدبلوماسية الدولية على قانون يحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، لكنه تقليديا يكون موجها للدول فقط.
وتؤكد الكاتبة أنه لا يوجد حتى الآن تنظيم مناسب للشركات العسكرية والأمنية الخاصة باعتبارها جهات فاعلة في جميع أنحاء العالم وقطاعها بأكمله.
ويقود هذا الاتجاه السائد أربع دول تشكل مجتمعة ما يقرب من 70% من السوق: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وجنوب أفريقيا.
اقرأ أيضاً
تقرير أممي يتهم مرتزقة فاجنر بالإفراط في استخدام المفخخات بليبيا
القوة العسكرية بعيدا عن الدولةوترى الكاتبة أن الاستخدام المكثف من قبل الحكومات بدافع عوامل مثل فعالية التكلفة والمرونة والقدرة على الاستفادة من الخبرات المتخصصة والتكنولوجيا المتقدمة، من شأنه أن يغير توزيع القوة العسكرية، ويبعدها عن الأطر التقليدية التي تتمحور حول الدولة، وبالتالي يثير المخاوف بشأن المساءلة والالتزام بالمعايير الدولية.
ويضيف الاعتماد المتزايد على الكيانات الخاصة تعقيدات إلى عمليات صنع القرار، مما قد يؤدي إلى مواءمة مصالح الدولة مع مصالح الشركات.
وقد سمح التوسع السريع والتطبيع في استخدام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة للعديد من الجهات الفاعلة السيئة باستغلالها، لأنها لا تتاجر في الأسلحة فحسب، بل تتاجر أيضًا بالمعرفة. فهي توفر كبش فداء للحكومات والجهات الفاعلة غير الحكومية لتجاوز القوانين المحلية والدولية للحصول على أموالها وأرباحها الشخصية.
المصدر | مارثا جارسيا / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: المرتزقة شركات الأمن الخاصة الجيوش القوة العسکریة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
شركات صينية أغلقت.. كيف أثرت الحرب التجارية على الصناعات الصغيرة؟
تسببت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية في إغلاق العديد من الشركات الصغيرة في الصين، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المحلي وأدى إلى تراكم البضائع في المستودعات.
وفي تقرير لشبكة الـ"بي بي سي" كشف أنه في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت العديد من الشركات الصينية الصغيرة عن توقفها عن العمل بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي وصلت إلى 145 بالمئة على الواردات الصينية.
وأثرت الرسوم بشكل مباشر على الشركات التي تعتمد على التصدير إلى السوق الأمريكية، مما أدى إلى تراكم البضائع في المستودعات وتوقف خطوط الإنتاج.
وقال مالك شركة "سوربو تكنولوجي" ليونيل شو، المتخصصة في تصنيع طارد البعوض، إن منتجاته كانت تُباع في متاجر وول مارت الأمريكية، ولكن بعد فرض الرسوم الجمركية، أصبحت هذه المنتجات مكدسة في المستودعات دون أمل في تصديرها، مضيفا "هذا صعب جداً"، مشيرًا إلى أن حوالي نصف منتجات شركته كانت تُصدر إلى الولايات المتحدة.
وفي معرض كانتون التجاري في قوانغتشو، أعرب العديد من أصحاب الشركات عن قلقهم من تأثير الرسوم الجمركية على أعمالهم، وقالت، ممثلة شركة "غوانغدونغ للتجارة" المتخصصة في تصنيع آلات صنع المثلجات، إمي: "لقد أوقفنا الإنتاج بالفعل، جميع المنتجات موجودة في المستودعات".
وتأثير هذه الرسوم لم يقتصر على الشركات الصغيرة فقط، بل شمل أيضًا عمال المصانع الذين يعانون من تقليص ساعات العمل وانخفاض الأجور. أحد عمال مصانع الأحذية في مقاطعة غوانغدونغ قال: "كنت أتقاضى ما بين 300 إلى 400 يوان يومياً، واليوم أشعر أنني محظوظ لو حصلت على 100 يوان يومياً".
من ناحية أخرى، تحاول بعض الشركات الصينية البحث عن أسواق بديلة لتعويض خسائرها، مثل أوروبا، روسيا، والشرق الأوسط. كما تسعى الحكومة الصينية إلى تعزيز الاستهلاك المحلي من خلال خطط تحفيزية، بما في ذلك دعم الدخل وتقديم حوافز لشراء المنتجات المحلية.
في المقابل، يشعر المستهلك الأمريكي بآثار هذه الرسوم من خلال ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الصين، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر الأمريكية. وقد حذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه الحرب التجارية قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.