في الثعالب والدجاج.. الأوليغارشية والقوة العالمية في مجلس الأمن.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
ما زالت صورة كولن باول يتحدث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق في 2003 تقبّح وجه الإدارة الأمريكية، وحتى لا يحتكر الإدارة "الجمهورية" المشهد، نرى اليوم صورة بلينكن وبايدن (الديمقراطيان!!) يتحدثان عن رؤوس أربعين طفلا مقطوعة، في فوتوشوب تمت فبركته بإتقان من منظمة "زاكا" وشركائها، لتبقى هذه الصورة تقبح وجه الإدارة الأمريكية بعد عشرين عاما.
من وجهة نظري الشخصية، ومن وجهة نظر التحليل النفسي أيضا، ليست هذه الصور المفبركة هي التي حددت موقف الإدارة الأمريكية من الحرب على غزة، ولا أظن هذا الفيلم يرتقي حتى إلى مستوى دغدغة مشاعر مسؤولين لا مشاعر عندهم أساسا، في بلد اعتبرت إداراته المتعاقبة منذ بداية القرن، أن الحرب جزء أساسي من استراتيجية البقاء على رأس نظام عالمي سقطت أسنانه وشاب شعره وفقد أهم أركان المناعة الذاتية، التي نصبته سيدا للعالم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي ومنظومة حلف وارسو.
وهو يرى في إسرائيل، ولو كان على رأسها نتنياهو وبن غفير، آخر القواعد الاستيطانية الاستعمارية في شرقي المتوسط، وكما قال أكثر من مسؤول صهيوني أمريكي: "عندما تخلينا عن نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا تحّول هذا البلد إلى قيادة مواجهة نفوذنا في القارة الإفريقية كلها"... قالها صهيوني فرنسي أيضا بطريقة أخرى ووقاحة مشابهة: "ما تسمونه نزع الاستعمار أعاد الأقدام السوداء لفرنسا ومعهم ملايين من المهاجرين المغاربة وجعلنا نستجدي السعودية وقطر بل حتى أذربيجان النفط والغاز، فرنسا حتى عام 1960 كانت دولة منتجة للنفط"...
إنه الحنين المفتقد لإدارة التوحش الذي يغذي التيارات الشعبوية على اختلافها، ويضع الناخب الأمريكي بعد أقل من عام من جديد، أمام الاختيار بين الكوليرا والطاعون، أي الغياب الكامل للأفق..
أرسلنا الطبعة العربية لكتاب المفكر والحقوقي الأمريكي جيمس بول إلى المطبعة قبل ثلاثة أيام من المشهد الدرامي لجلسة مجلس الأمن في الثامن من كانون أول / ديسمبر 2023، وتابعت مباشرة نقاشات المجلس الذي التئم لقيام السيد الأمين العام غوتيرس، لأول مرة منذ توليه منصبه، بمواجهة مفتوحة مع السياسة الأمريكية، باستعمال مادة تسمح له بتقدير خطورة المذابح اليومية بحق الفلسطينيين باعتبارها تشكل خطورة على السلم والأمن العالميين.
لم تستطع الثلاثية المعروفة باسم P3 (أي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا) أن تبقى على تماسكها، فرنسا أيدت القرار، بريطانيا امتنعت عن التصويت، أما نائب المندوبة الأمريكية فرفع سلاح الفيتو في وجه شبه إجماع عالمي. بعد هذا القرار، ووصول مئتي طائرة دعم بالمؤن العسكرية وأسطول مقابل شاطئ غزة ومليارات الدولارات العاجلة وخبراء يشاركون غرفة الحرب الإسرائيلية القرار، هل من المجحف أو التجني الحديث عن "الحرب الإسرائيلية ـ الأمريكية على قطاع غزة"؟
كان جيمس يول قد رأى ذلك منذ الحرب اليوغسلافية، ثم في 2003 حين حرر كتابا تُرجم إلى عدة لغات بما فيها العربية: "الحرب والاحتلال في العراق"، ورصده عبر أهم كتاب نقدي لمجلس الأمن في كتاب: "في الثعالب والدجاج: الأوليغارشية والقوة العالمية في مجلس الأمن" الذي صدر في 2017.
تأخرت الترجمة العربية للكتاب بسبب جائحة كورونا وآثارها. ثم ذكّرتنا الحرب في أوكرانيا بأهمية الكتاب التي لا تتناقص، كدراسة للصراع العالمي من أجل الهيمنة والثمن الباهظ الذي يدفعه الناس العاديون.
حددنا تاريخ إصدار هذه الطبعة في 12 أكتوبر 2023. وبعد السابع من أكتوبر، قررنا تأجيل الطباعة من جديد. حيث كثفت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة من جديد، بتفاصيل غنية، الضعف البنيوي لمجلس الأمن وكشفت حجم الافتراءات التي تحمي سمعته عادة. وكما كانت الحال في حرب العراق والعديد من الصراعات الأخرى، كان المجلس مجرد دراما مسرحية تافهة، أمام جريمة إبادة جماعية موصوفة الأركان، سجيناً من قِبَل أقوى أعضائه، عاجزا عن إدانة همجية نظام الأبارتايد الإسرائيلي، أو تأمين الحد الأدنى مما يسميه ميثاق الأمم المتحدة "صون السلام والأمن الدوليين".
خص الكاتب الكبير الطبعة العربية بمقدمة جديدة "ما وراء الثعالب والدجاج" مطولة ومزيدة كتبها خصيصا لقراء العربية.
عند صدور كتاب جيمس أ. بول "في الثعالب والدجاج: الأوليغارشية والقوة العالمية في مجلس الأمن"، طلبتُ منه المشاركة في ندوة نظمها المعهد وحضر إلى جنيف للحديث عنه.
قلت في الندوة يومها، "مجلس الأمن يحمل صفات السلطة التوتاليتارية (الشمولية) بكل تفاصيل تعريف الفيلسوفة حنه أرندت للكلمة". فاعترض سفير دولة دائمة العضوية على ما قلت، فاستشهدت بجملة من الكتاب يقول فيها جيمس بول: "يُنتج المجلس القانون الدولي، ويطبقه، ويحكم على من يتهمه بخرق القانون الدولي. إنه هيئة تشريعية وتنفيذية وقضائية معاً ـ مزيج خطير."، فتدخل بالقول: "وهل تريده أن يتقاسم حل مشكلات مصيرية مع ممثلي دول صغيرة غير قادرة على دفع أجرة مقر بعثتها في نيويورك"! فقلت له: لا تحتاج إجابتك إلى أي تعليق".
جاءت "الحرب على الإرهاب" لتطعن الحركة الحقوقية العالمية خنجرا في الصدر، توقف الحديث عن إصلاح الأمم المتحدة، وألغيت عمليا عشرية المنظمة الدولية "لإعلاء ثقافة اللا عنف والسلام لصالح أطفال العالم (2001-2011)"، وتوقفت الجهود الغنية لتطوير مفهوم "الأمن الإنساني"، وجرت عولمة حالة الطوارئ في "انتصار" للحرب والأمن القومي على الحقوق والعدالة والسلام، انتصار أشد من الهزائم عارا.كنت شخصيا مع جيمس بول في العقد الأخير من القرن الماضي في صلب تحرك مدني دولي لإصلاح الأمم المتحدة. وأذكر أنه في مناسبة الذكرى الخمسين لولادة الأمم المتحدة، كنت يومئذ نائبا لرئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وكان جيمس بول مديرا لأول مكتب للفدرالية وراء الأطلسي، طلبتُ أن يتضمن بيان الفدرالية حديثا واضحا حول العطب وهيمنة مجلس الأمن وضرورة الإصلاح بداية من إلغاء ما يسمى بحق النقض "الفيتو".
وقف المدير التنفيذي، وهو غير منتخب، وليس له حق التصويت، بشدة ضد اقتراحي، في حين انضم لي غير الفرنسيين في القيادة. فنظر المدير التنفيذي إلى رئيس الفدرالية "الفرنسي" وقال له: سيخلق لنا هذه الموضوع مشكلة كبيرة، لا تسألني بعدها لماذا أوقف الاتحاد الأوربي مساعداته لنا؟ كان الموقف الفرنسي الرسمي ضد أي إصلاح يمس مجلس الأمن. ففرنسا وبريطانيا مجتمعتين لا تمثلان أكثر من 2% من سكان كوكبنا، ولهما 40% من القرار في مجلس الأمن.
نظر إليّ رئيس الفدرالية قائلا: يمكنك أن تكتب ما تشاء حول إصلاح مجلس الأمن والأمم المتحدة لكن باسمك الشخصي. فضحكت وبقيت في الاجتماع صامتا دون أية مشاركة حتى في الفقرات الأخرى للبيان.
جاءت "الحرب على الإرهاب" لتطعن الحركة الحقوقية العالمية خنجرا في الصدر، توقف الحديث عن إصلاح الأمم المتحدة، وألغيت عمليا عشرية المنظمة الدولية "لإعلاء ثقافة اللا عنف والسلام لصالح أطفال العالم (2001-2011)"، وتوقفت الجهود الغنية لتطوير مفهوم "الأمن الإنساني"، وجرت عولمة حالة الطوارئ في "انتصار" للحرب والأمن القومي على الحقوق والعدالة والسلام، انتصار أشد من الهزائم عارا.
كان الحصار على الحركة كبيرا ووسائل الضغط والإكراه ثقيلة، إلا أنه لم يتمكن من "ديناصورات" المقاومة المدنية على الصعيد العالمي، ومن هؤلاء وفي مقدمتهم الأمريكي جيمس أ. بول الذي حرص على إتمام ما بدأ، من تفكيك لسلطات مجلس الأمن التعسفية، ودكتاتوريته المعلنة على رؤوس الأشهاد، أو كما كان يقول الفقيد، سيرجيو ديميلو، الدكتاتورية الوحيدة التي تدافع عنها الديمقراطيات الغربية باعتبارهم لها "دكتاتورية الضرورة".
على منهج "ما قل ودل" وفي قرابة المئة وخمسين صفحة، يستعرض جيمس أكثر من 75 عاما من تاريخ مجلس الأمن. ومن أقدر منه على ذلك، وقد استقر أكثر من عشر سنوات في شقة مقابلة لمقر الأمم المتحدة، باحثا ومناضلا وصوتا لأكثر من 32 منظمة دولية (منها اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان)، في أهم المعارك الحقوقية في الثلاثين عاما الأخيرة. ورغم الحصار الإعلامي الغربي، تُرجمت أهم تقاريره وكتبه للغات عديدة. تحدث عن "سوريا بدون قناع"، عن النتائج الكارثية للعقوبات، عن "الحرب والاحتلال في العراق"، وحرصنا على نقل أعماله إلى العربية.
في هذا الكتاب، الصادر عن المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان ومنشورات زمكان، يكشف جيمس بول خفايا الغرفة السوداء لمجلس الأمن، بمعلومات موثقة يصعب الرد عليها من محامي المجلس. يعدد بشكل موثق إخفاقاته الكبيرة وأثرها على السلم والأمن الدوليين. ويبرز في الوقت نفسه، أهمية وجود هيئة دولية تعاونية لبناء العدالة والسلام والأمن على الصعيد العالمي.
لأهمية هذا العمل، وفي وضع دولي جعل من الصعب على الضحايا شراء قوتهم اليومي، فكيف بهم في شراء كتاب، قرر المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان تزويد كل من يطلب نسخة إلكترونية مجانية وقررت منشورات زمكان المسؤولة عن الطباعة الورقية بيع الكتاب بتكاليف الطباعة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب مجلس الأمن كتاب امريكا مجلس الأمن كتاب عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فی مجلس الأمن أکثر من
إقرأ أيضاً:
الصراع حول إعادة تعريف ما يمثله الإسلام في عالم القرن 21.. قراءة في كتاب
لقد بدأت المعركة على الإسلام مع نزول الوحي. وتنوعت صورها والمشاركين فيها عبر العصور المختلفة، وتعددت أهدافها ووسائلها؛ لكنها اتخذت في هذا القرن والقرن الماضي صورا جديدة تغلفها مسميات جديدة للإسلام. وفي هذا الإطار نقدم عرضا لكتاب د. جيمس دوروسي "المعركة على روح الإسلام: تعريف العقيدة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين"، والذي صدر عن دار باليغراف ماكميلان بلندن في يوليو 2024.
وللكاتب مجموعة من الدراسات والمقالات حول هذا الموضوع منشورة بمركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية، والذي عرفه بأنه متخصص في خطوط الصدع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العالم الإسلامي، وهو تعريف يفسر لنا سر اهتمام المركز والصحافة الإسرائيلية والمراكز البحثية الغربية بما يكتبه، وخطورة ما تضمنه الكتاب الذي نقدم عرضا له في هذا المقال.
أهمية الكتاب
يأتي الكتاب في وقت تُرسم فيه الخرائط الإقليمية والدولية، وتتنافس القوى الدولية والإقليمية على السيطرة والهيمنة، وتتبارى الأنظمة المستبدة على تقديم الولاءات والتنازلات ومبررات البقاء في الحكم عبر محاولة السيطرة على القوة الناعمة لهذا الدين وتطويعها لمصالحهم، يقول مؤلف الكتاب:
ـ "المعركة على روح الإسلام" هي صراع لإعادة تعريف ما يمثله الإسلام في عالم القرن الحادي والعشرين. وهي أكبر بكثير من مجرد مواجهة وقمع الإسلام السياسي. إنها معركة طويلة الأمد منذ عقود من أجل القوة الدينية الناعمة، تتنافس فيها دول من الشرق الأوسط وآسيا على: الاعتراف بها كزعيمة للعالم الإسلامي، وأن تكون محركات لتفسير "معتدل" ومتسامح وتعددي للإسلام.
إن جهود السعودية والإمارات لتعريف "الإسلام المعتدل" على أنه أكثر ليبرالية اجتماعيا مع خضوعه لحاكم استبدادي، هي محاولة: لضمان بقاء النظام، وتعزيز تطلعاته لقيادة العالم الإسلامي، ودرء التحديات المتجذرة في فروع متنوعة من التيارات الدينية المحافظة المتطرفة.ـ يستخدم المتنافسون الدين لكسب التأييد والتعاطف في أروقة السلطة في الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك بين المجتمعات اليهودية والمسيحية المؤثرة.
ـ إن جهود السعودية والإمارات لتعريف "الإسلام المعتدل" على أنه أكثر ليبرالية اجتماعيا مع خضوعه لحاكم استبدادي، هي محاولة: لضمان بقاء النظام، وتعزيز تطلعاته لقيادة العالم الإسلامي، ودرء التحديات المتجذرة في فروع متنوعة من التيارات الدينية المحافظة المتطرفة.
ـ تكتسب المعركة أهمية إضافية في الشرق الأوسط، حيث يحاول الخصوم تخفيف حدة التوترات الإقليمية من خلال إدارة نزاعاتهم وصراعاتهم؛ بدلا من حلها. ويركز الخصوم على التنافس على القوة الناعمة؛ بدلا من مواجهة القوة الصلبة التي غالبا ما تشمل وكلاء بالمنطقة كأطراف فاعلة.
عرض موجز للكتاب
عندما ألغى أتاتورك الخلافة العثمانية، قال عبد الله بن الحسين مؤسس الأردن: "لقد انتحر الأتراك. فقد كانت الخلافة أعظم القوى السياسية لديهم. أود أن أشكر مصطفى كمال، فالخلافة عربية، كان النبي عربيا، والقرآن باللغة العربية، ويجب أن يكون الخليفة عربيا من قريش. وقد عادت الآن إلى الجزيرة العربية". لكن ذلك لم يحدث، إذ لم يُظهر القادة العرب اهتمامًا بعودتها، وركزت الحركات السياسية الإسلامية المبكرة على إحياء خلافة طموحة كهدف بعيد المدى بدلاً من كونها هدفًا فوريًا.
وبعد مرور قرن، لم تعد الخلافة هي محور الصراع الإسلامي العالمي. بدلاً من ذلك، تتورط القوى الإسلامية في الشرق الأوسط وآسيا في صراع ديني متعمق "على روح الإسلام"، للسيطرة على قوته الناعمة، وتوظيفه لتحقيق النفوذ والهيمنة الجيوسياسية. والمتنافسون في هذا الصراع متعددون، منهم: تركيا والسعودية والإمارات وقطر وإندونيسيا والمغرب، دون فائز واضح؛ لكن مسار المعركة يدور حول:
ـ تعريف الإسلام وشكل الإيمان في القرن الحادي والعشرين.
ـ الطاعة المطلقة للحكام، وتحويل المؤسسات الدينية إلى أدوات للدولة.
ـ جوهر العلاقة بين الدولة والدين، والدور الذي يجب أن تلعبه الدولة في تطبيق الأخلاق الدينية.
ـ مكانة الدين في التعليم والقضاء والسياسة.
ونظرا لأنه صراع على القوة الناعمة للدين، فقد أصبحت الحدود بين الدولة والدين أكثر غموضًا من أي وقت مضى خاصةً في البلدان الأكثر استبدادًا. وقد صمم المستبدون الاعتدال الديني للحفاظ على سيطرتهم مع تلبية متطلبات التنويع الاقتصادي، وتطلعات الشباب إلى تجربة دينية أقل تقييدا وطقوسا، مع الحفاظ.
السعودية اللاعب الرئيسي منذ الستينيات
بدأت "المعركة على روح الإسلام" على يد السعوديين خلال الستينيات، إذ وضعوا الأساس الأكثر تركيزًا وتمويلًا لحملة الدبلوماسية العامة الإسلامية لتعزيز الإسلام المحافظ. وقد اعتبرت القوى الغربية آنذاك هذه الجهود جزءًا من جهودها العالمية لاحتواء الشيوعية.
قامت السعودية بهذه العملية من أعلى إلى أسفل كمبادرة ممولة من الحكومة إلى حد كبير. ونجحت، بمرور الوقت، في الحصول على دعم شعبي واسع النطاق. وذهب الجزء الأكبر من الأموال السعودية إلى مؤسسات دينية وثقافية محافظة للغاية وغير عنيفة في بلدان متعددة. وكان بعض المتلقين للسخاء السعودي سياسيين؛ والبعض الآخر لم يكونوا كذلك. وقد امتد الجهد الديني السعودي، بعد الثورة الإيرانية عام 1979، لمواجهة المد الشيعي الإيراني، عبر الاستعانة الانتقائية بوكلاء في مختلف دول الشرق الأوسط، ومولت المملكة بشكل مباشر الجماعات المسلحة ردًا على ظروف محددة: أفغانستان ضد السوفييت في الثمانينات، وباكستان لدعم الجماعات المعادية للشيعة والمناهضة لإيران، والعراق الذي شهد تمردًا مناهضًا للشيعة، وإيران في محاولات لإثارة الاضطرابات العرقية. وتم نقل الأموال يدويًا، أو عبر رجال الأعمال والصرافين والبنوك المختارة، أو عبر أسماء تجعل من الصعب تعقب المتبرعين.
محمد بن سلمان ونهج جديد
مع صعود محمد بن سلمان، تبنت المملكة نهجًا جديدًا. قلل الأمير محمد بشكل كبير من دور الشخصيات والمؤسسات الدينية المحافظة للغاية، وخفض التمويل العالمي للنشاط الوهابي، وعزز حقوق المرأة، وبنى قطاع ترفيه على النمط الغربي، في سعى لتصوير المملكة وتقديم إسلامها كمتسامح طموح منفتح يهدف إلى فتح أبوابها. وعلى سبيل المثال، كانت "رابطة العالم الإسلامي" سابقا وسيلة للترويج عالميا ل"لإسلام المحافظ"؛ لكنها الآن تبني علاقات أقوى مع الجماعات اليهودية والمسيحية الإنجيلية، وحولها بن سلمان إلى منبر لنشر رؤيته حول "الإسلام المعتدل". وفي الوقت نفسه، تراجعت تبرعات المملكة الموجهة دينيًا، ويتم تنقية الكتب المدرسية، وهناك تغيير في لغة هذه الكتب فيما يتعلق بالصراع مع إسرائيل.
وبينما تطبق المملكة قوانين صارمة بشأن التبرعات الخيرية للخارج، فإن تمويل المقاتلين الذين يخدمون أهدافها الجيوسياسية يظل غامضًا. وقد ذكر متشددون باكستانيون تدفق أموال كبيرة إلى المدارس الدينية المحافظة على الحدود الباكستانية مع إيران وأفغانستان. وذكروا أن هذه الأموال كانت تُوجه عبر مواطنين سعوديين من أصول بلوشية، وغالبًا ما تُنقل في حقائب، في وقت كان صانعو السياسة الأمريكيون يقترحون فيه زعزعة استقرار النظام الإيراني عن طريق دعم الحركات الانفصالية العرقية.
الدور الإيراني بعد ثورة 1979
كانت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بمثابة الشرارة التي أطلقت مرحلة جديدة من التنافس السعودي الإيراني الذي اجتاح تدريجيا الشرق الأوسط ومناطق آخرى، مع الاختلاف بينهما في مفاهيم القوة الدينية الناعمة. كان التركيز الأساسي للسعودية عقائديا؛ بينما ركزت إيران الثورية على الحصول على القوة الصلبة، ومحاولة تصدير الثورة، ثم اتجهت إيران إلى رعاية وتجنيد الجماعات الشيعية بالمنطقة كخط دفاع أول بالنسبة لها. وفي جنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا، ركزت إيران على القضايا الدينية والاجتماعية.
المعركة تصبح أكثر تعقيدا
بعد التنافس السعودي الإيراني على القوة الدينية الناعمة و"المعركة على روح الإسلام"، دخل معهما لاعبون جدد: الإمارات وتركيا وقطر وإندونيسيا، مما أدى إلى زيادة الخطوط الفاصلة بين القوة الناعمة الدينية والثقافية والقومية البحتة، والصراع داخل المجتمعات الإسلامية على القيم والحريات والحقوق والأنظمة السياسية المفضلة، والجمع بين القوتين الناعمة الدينية والقوة الصلبة، واستخدام الوكلاء:
ـ الحرب التي تقودها السعودية والإمارات لمواجهة إيران في اليمن.
ـ الدعم الإماراتي والمصري والتركي للأطراف المتصارعة في ليبيا والسودان.
ـ التورط التركي والخليجي في سوريا.
هذه التدخلات تكشف عن الانتهازية التي يتبناها معظم اللاعبين. فالإمارات داعية الاعتدال، لا تزال تدعم قوات خليفة حفتر في ليبيا التي تضم صفوفها عددا كبيرا من المقاتلين السلفيين.
اللاعبون والتعامل مع الإسلام السياسي والربيع العربي
كان انبعاث "الإسلام السياسي" نتيجة لثورات الربيع العربي سببا في تغذية أسوأ مخاوف قوى المنطقة سواء في الخليج أو العسكر في مصر. وخلقت الاضطرابات فرصة لتحرك مضاد قادته الإمارات، فأطلقت مشروعا لتسويق "مشروع الإسلام المعتدل المتسامح" الذي يحترم التنوع والحوار بين الأديان. وفي الوقت نفسه، رضخ بن زايد للسلفيين الذين سعوا إلى فرض الشريعة الإسلامية الصارمة على معقل حفتر في شرق ليبيا، بما يتناقض مع وجهة نظره القاتمة حول التيارات والتفسيرات الإسلامية المحافظة. وهي وجهة نظر عبر عنها يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن عندما قال: "خاضت أبوظبي 200 عام!! من الحروب مع السعودية بسبب الوهابية".
الإسلام المسيس
لعب بن زايد دورا رئيسيا في تشكيل سياسات بن سلمان ضد الوهابية والانحياز إلى ما يطلق عليه "الإسلام المسيس"، أو "الاتجاه الثالث في الإسلام السياسي"، وهو اتجاه مرتبط ارتباطا وثيقا بسلطة الدولة وخاضع لها. وقد آتت جهوده ثمارها في الترويج لهذا النوع من الإسلام، والترويج الدعائي للإمارات عبر جماعات الضغط الغربية على أنها مجتمع تعددي مستنير متسامح دينيا. كما قدمت نفسها كدولة علمانية على الرغم من أن دستورها يتطلب أن يكون التشريع متوافقا مع الشريعة الإسلامية. وسجلت واحدة من أهم نجاحاتها مع الزيارة البابوية الأولى لها وتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر، والتي صاغها قاض مصري. وسعى بن زايد إلى نشر أفكاره عبر إنشاء منظمات دينية خاصة به، وإطلاق برامج تدريب للأئمة غير الإماراتيين، وتشجيع تبني الأزهر للغة معتدلة لمكافحة التطرف والتعصب. وقد حققت الإمارات نجاحات أولية بتدريب الآلاف من رجال الدين الأفغان، وعرضت تقديم خدمات مماثلة للأئمة الهنود.
الإٍسلام الإماراتي والثورة المضادة
النسخة الإماراتية من الإسلام "الإسلام المسيس" عززت الثورة المضادة لمواجهة الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين وفروع أخرى من الإسلام السياسي. وساعد بن زايد في تدبير انقلاب عسكري بمصر في 2013 أطاح بالرئيس الذي فاز في الانتخابات الحرة والنزيهة الأولى والوحيدة في مصر. وفي 2017، هندست الدبلوماسية الإماراتية السعودية البحرينية المصرية المقاطعة الاقتصادية والسياسية المُنهِكة لقطر التي تُتهم بأنها ركيزة من ركائز الإسلام السياسي.
أدوات التغلل الإماراتي
كان التأثير العالمي المتنامي للإمارات واضحا في قائمة الأشخاص الذين شاركوا في مؤتمر غروزني عاصمة الشيشان 2016 ، الذي حرم الوهابية. كان من بين المشاركين: شيخ الأزهر، ومفتي مصر شوقي علام، وصوفي السلطة علي جمعة المؤيد القوي للرئيس السيسي، وأسامة الأزهري مستشاره للشؤون الدينية، ومفتي سوريا عبد الفتاح بزم المقرب من بشار، والحبيب علي الجفري رئيس "مؤسسة طابة الإسلامية" التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، ومفتي الهند الشيخ أبو بكر أحمد؛ ونظيره الأردني عبد الكريم الخصاونة.
النسخة الإماراتية من الإسلام "الإسلام المسيس" عززت الثورة المضادة لمواجهة الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين وفروع أخرى من الإسلام السياسي. وساعد بن زايد في تدبير انقلاب عسكري بمصر في 2013 أطاح بالرئيس الذي فاز في الانتخابات الحرة والنزيهة الأولى والوحيدة في مصر. وفي 2017، هندست الدبلوماسية الإماراتية السعودية البحرينية المصرية المقاطعة الاقتصادية والسياسية المُنهِكة لقطر التي تُتهم بأنها ركيزة من ركائز الإسلام السياسي.وتمول الإمارات أيضا "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية"، الذي أُنشئ ليواجه اتحاد علماء المسلمين الموجود بالدوحة. ويتبني المنتدى مفهوم مكيافيلي للدين كأداة قوية في يد الأمير. وبدأ أفراد الأسرة الحاكمة في مغازلة عبد الله بن بيه نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين في أوائل 2013 الذي قبل دعوة الإمارات في نفس الشهر الذي أطاح بمرسي. ويرأس بن بيه مجلس الفتوى، ويتحدث نيابة عن حكومة الإمارات.
تأتي مغازلة الإمارات للشخصيات الدينية المؤثرة في العالم الإسلامي من إدراك بن زايد أنه بحاجة إلى القوة الدينية الناعمة لتبرير استخدام الإمارات للقوة الصلبة في بلدان مثل اليمن وليبيا. وسوف يقرر النفوذ المالي والسياسي للإمارات درجة نجاحها في حملة نشر الفكر السياسي الإسلامي المضاد للثورة. يقول يحيى بيرت، وهو باحث بريطاني مسلم من رجال الدين المدعومين من الإمارات: "ثمن الرعاية الإماراتية للعلماء مرتفع للغاية. إذ أن أي انتقاد لانتهاكات حقوق الإنسان فيها يبدو مستحيلا".
هذا لتغليف الأنيق لحملة العلاقات العامة يمنح الإمارات ميزة تنافسية مع السعودية المكبلة بصورتها كدولة متشددة محافظة تحاول التخلص من السجل المتضخم المشوه بشدة لحقوق الإنسان.
تركيا والتوق إلى المجد الإمبراطوري
تتمتع حملة القوة الناعمة الدينية التركية بميزة قومية وهي الشوق إلى المجد الإمبراطوري الماضي. فأعاد أردوغان مسجد آيا صوفيا الذي حوله آتاتورك إلى متحف، وشرع في حملة دعم المساجد والمجتمعات المسلمة التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية. كما يشير إلى نيته استعادة المجد التركي وموقع بلاده كزعيمة للعالم الإسلامي، وكمدافعة عن المسلمين في جميع أنحاء العالم. وجعل لمؤسسة الديانة التركية دورا رئيسيا في السياسة الخارجية والمساعدات ونشر الشكل المعتدل من الإسلام، وزادت ميزانيتها 27 ضعفا أثناء حكمه. وبذلك غرس نسخته من الإسلام السياسي ضمن مكونات مهمة في استراتيجية تركية متعددة الجوانب لتقوية النفوذ عبر التنمية، والمساعدات الإنسانية، ومشروعات البنية التحتية، والاستثمار، وفتح الجامعات.
ليس أردوغان هو أول زعيم تركي يربط الهوية الإسلامية لتركيا بماضيها العثماني. فقد سبقه رئيس الوزراء تورغوت أوزال في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، إذ كان رائدا في الانفتاح على آسيا الوسطى، وتشجيع الاستثمار التركي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
جمعية نهضة العلماء و"الإسلام الإنساني"
إندونيسيا هي المنافس الجديد على القوة الدينية الناعمة، مستفيدة في ذلك بجمعية "نهضة العلماء" وقدرتها على الوصول إلى ممرات السلطة في عواصم العالم، بما في ذلك واشنطن ولندن وبرلين والفاتيكان ودلهي، وما أقامته من علاقات عمل وثيقة مع القاعدة الشعبية المسلمة في مختلف أنحاء العالم، والجماعات اليهودية والمسيحية البارزة. كان هذا الوصول من خلال تبنيها عام 2015 لمفهوم "الإسلام الإنساني"، والذي يقوم على أن هناك إشكالية في المفاهيم الإسلامية فيما يتعلق بالعلاقة مع غير المسلمين، وعلاقة المسلمين بالدولة والنظام القانوني السائد في الدول التي يقيمون فيها، مما يجعلهم غير قادرين العيش بانسجام وسلام في إطار التعددية الثقافية، والمجتمعات متعددة الأديان في القرن الحادي والعشرين.
كان رئيس وزراء أندونيسيا يأمل في البداية، من خلال تبني "الإسلام الإنساني"، أن تصبح إندونيسيا منارة لتفسير معتدل للدين، فقال في احتفال وضع حجر الأساس للجامعة الإسلامية العالمية في جاوة الغربية: "إنه من الطبيعي والمناسب أن تصبح إندونيسيا المرجع الرسمي الذي يقدم الحضارة الإسلامية".
هناك مخاوف سعودية وإماراتية من أن تظهر إندونيسيا كمنافسة لقوتهما الناعمة الدينية عبر سعي نهضة العلماء إلى دفع مفهوم "الإسلام الإنساني" على مستوى العالم، وأعلى المستويات الحكومية في العواصم الغربية والهند، مدعومة في ذلك برئيس الوزراء الأندونيسي، مما أعطاها قدرة على المنافسة على القوة الناعمة للإسلام مع الإمارات والسعودية اللتين تحظران الأحزاب السياسية، ولا تعملان بالقواعد القائمة بعد الحرب العالمية الثانية: حقوق الإنسان، سيادة القانون، الديمقراطية، واحترام سيادة الدول الأخرى.
تستفيد الجمعية برفض "الوجه العربي للإسلام" الموسوم بالتطرف في الغرب. وهناك بعض العناصر الغربية مهتمة ب "الإسلام الآسيوي"، الذي يبدو لهم أكثر اعتدالا وتسامحا من الإسلام العربي.
بين التجاهل والتنسيق
خلال معظم العقد الماضي، اختارت دول الخليج تجاهل جمعية "نهضة العلماء"، المنافس الأقوى المحتمل لتفسيرهم للدين، ورفض أمين رابطة العالم الإسلامي الالتقاء بهم. لكن في 2018، وتلبية لاقتراح محاور أمريكي، تم اللقاء في مكة بين الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وزعيم جمعية نهضة العلماء.
إندونيسيا هي المنافس الجديد على القوة الدينية الناعمة، مستفيدة في ذلك بجمعية "نهضة العلماء" وقدرتها على الوصول إلى ممرات السلطة في عواصم العالم، بما في ذلك واشنطن ولندن وبرلين والفاتيكان ودلهي، وما أقامته من علاقات عمل وثيقة مع القاعدة الشعبية المسلمة في مختلف أنحاء العالم، والجماعات اليهودية والمسيحية البارزة.لا يمكن للسعودية والإمارات تجاهل الجمعية، فهي أكبر وأقدم جمعية إسلامية رسمية في العالم، عدد أعضائها 90 مليون على مستوى العالم، ولها حزب سياسي ممثل في الحكومة، وسلطة دينية خاصة بها، ووصول إلى أروقة السلطة في العالم، وبنية تحتية تعليمية واسعة النطاق، وميليشيا قوية يبلغ قوامها خمسة ملايين. لذا، قامتا بالتواصل معها في محاولة لاستمالتها، مع منافستها في الوقت نفسه.
الخلاصة
يرى الكاتب أن المعركة الكبرى على القوة الناعمة للإسلام هي إلى حد كبير معركة حول تعزيز النفوذ العالمي والإقليمي؛ ولا علاقة لها بمفاهيم الإسلام المعتدل على الرغم من ادعاءات مختلف المنافسين، ومعظمها دول استبدادية مع القليل من الاهتمام بحقوق الإنسان وحقوق الأقليات أو الحريات الأساسية. لكن تأتي إندونيسيا خارج الإطار التقليدي والمحافظ، فجمعية نهضة العلماء، حازت على الاحترام والاعتراف الدوليين باحتضانها "إسلام إنساني" يعالج المفاهيم الإسلامية التي تعتبرها قديمة كالخلافة، بما يشكل تحديا للجهات الفاعلة القوية في "المعركة على روح الإسلام". ولا تزال "نهضة العلماء" تواجه تحدي التغلب على وجهة النظر العربية التي عبر عنها عبد الله الأول ملك الأردن بعد نهاية الخلافة بأنها يجب أن تعود إلى العرب.
يثير المدح المبالغ فيه الذي كاله المؤلف ل"جمعية نهضة العلماء" الكثير من التساؤلات حولها: هل هي كيان مواز في أندونسيا وجنوب شرق آسيا على غرار جمعية فتح الله جولن في تركيا؟ ما هي حدود علاقتها بإسرائيل واليمين الصهيوني فقد زار زعيمها فلسطين المحتلة والتقى بنتنياهو؟ وهل هي محاولة لتدجين الإٍسلام وإخراج نوع منه متوافق مع الغرب قيما وسلوكا، ومنفصل عن قضايا العالم الإسلامي، وفاقد لأسباب المقاومة؟ وهل هي محاولة أيضا لاختراق الجاليات المسلمة بالغرب وإضعاف دورها في نصرة قضايا العالم الإسلامي؟ وهل يكون الإسلام الإنساني الذي تدعو إليه الجمعية مدخلا لشرق أوسط جديد تكون إسرائيل عضوا مقبولا وفاعلا فيه؟ هذا على الرغم من أن القاعدة الأساسية للجمعية مؤيدة لفلسطين مثل باقي الشعب الأندونيسي.