الجزيرة:
2024-10-03@12:06:15 GMT

المسوغات الأخلاقية لقتل المدنيين في غزة

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

المسوغات الأخلاقية لقتل المدنيين في غزة

لا يمكن لأي دولة أو جهة أن تعترف -صِرَاحًا- في الحروب باستباحة قتل المدنيين أو غير المقاتلين بمن فيهم الأطفال والنساء، وذلك لأسباب مختلفة أولها قانوني؛ خوفًا من المساءلة، خصوصًا في الدول الديمقراطية التي للقانون فيها سُلطة. ولذلك يحتاج السياسيون والعسكريون إلى تقديم مسوّغات أخلاقية وقانونية لما يجري على الأرض، وخاصة في التصريحات الرسمية، وفي الإجابة عن أسئلة الصحفيين المُحرجة التي تواجههم بالوقائع والمبادئ الأخلاقية المتفق عليها.

وفي سياق الحرب الإسرائيلية على غزة التي خلّفت -ولا تزال- آلاف الشهداء من المدنيين، وخاصة من الأطفال والنساء، استعمل المسؤولون الأميركيون وغيرهم -بكثرة- مسوّغات أخلاقية لشرعنة موقفهم من وقوع هذا العدد الضخم من الضحايا المدنيين.

تعمدُ الإضرار بالمدنيين في الحرب هو جريمة قانونية وأخلاقية، وانتفاؤه يعفي السياسيين والعسكريين من المساءلة القانونية بتهمة ارتكاب جرائم حرب

ومن أبرز تلك المسوّغات- تعبيرًا- الأضرار الجانبية (Collateral damage)، والدروع البشرية (Human shields)؛ أي ادعاء أن حماس تتستّر بالمدنيين وتتخذهم دروعًا بشرية، ولعلي أخصص مقالًا لاحقًا لفكرة "الدروع البشرية"، ولكنني أودّ أن أقف هنا مليًّا عند مقولة: "الأضرار الجانبية".

أطلق تعبير "الأضرار الجانبية" -في السياق العسكري- على النيران الصديقة أو القتل غير المتعمّد للمدنيين، (أوغير المقاتلين)، وتدمير ممتلكاتهم ومرافقهم، وقد ابتُكر هذا التعبير بعد تطوير الأسلحة الموجّهة بدقة في السبعينيات من القرن الماضي.

وبما أن تعمد إصابة المدنيين في الحرب أمرٌ محظور في الحروب؛ يلجأ السياسيون والعسكريون -عادة- إلى استخدام تعبيرات مختلفة لنفي فكرة التعمّد؛ كالقول: إن الحروب تنطوي -بالضرورة- على ضحايا؛ لأن هذا جزء من طبيعتها، ولكن هؤلاء الضحايا هم مجرد "أضرار جانبية" في الحرب، أو كادّعاء القوات العسكرية أنها تبذل جهودًا كبيرة "لتقليل" الأضرار الجانبية.

وقد استخدم المسؤولون الأميركيون هذه الأساليب مؤخرًا في الحرب على غزة، ومنها حث إسرائيل على "تقليل الخسائر بين المدنيين". وقد استُخدم تعبير "الأضرار الجانبية" مرات عديدة في الحروب، من بينها حرب فيتنام بداية، وحرب الخليج عام 1991، حيث استخدمته قوات التحالف، وحرب كوسوفا حيث استخدمته قوات الناتو، والآن في الحرب على غزة لتسويغ المذابح التي تقع في غزة منذ شهرَين، ولا تزال حتى وقت كتابة هذه السطور.

وتعبير "الأضرار الجانبية" هو – في الواقع – تعبير "تقني" صِيغ – في رأيي – لتحقيق ثلاثة أهداف:

الأول: التبرؤ من المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن نتائج العمل العسكري المباشر. الثاني: التستر على فشل القيادة العسكرية في تجنب إيقاع إصابات بين غير المقاتلين. الثالث: ضمان الاستمرار في العمل العسكري لتحقيق أهدافه من دون قيود قد تفرض أو تضغط باتجاه إيقافه.

فتعمدُ الإضرار بالمدنيين في الحرب هو جريمة قانونية وأخلاقية، وانتفاؤه يعفي السياسيين والعسكريين من المساءلة القانونية بتهمة ارتكاب جرائم حرب؛ لأن الحرب نفسَها فعل غير مجرّم، وتنطوي -بطبيعتها- على الإضرار ووقوع الضحايا، ومن ثم يصبح التعاطي مع مجرياتها وآثارها مسألة "تقنية" الطابع، محورها – فقط – هو نفي العمدية والتخفيف قدر الإمكان مما سمي "الآثار الجانبية" التي تشمل النفوس والممتلكات.

وفي هذا السياق، نفهم التصريحات المتكررة الصادرة عن المسؤولين الأميركيين، تارةً بالثناء على الجيش الإسرائيلي بأنه من أكثر الجيوش احترافية في العالم، وتارة بإطلاق القول -بثقة مفرطة-:  إن حماس تقصد إلى قتل المدنيين عمدا، بينما إسرائيل لا تقصد إلى ذلك وإنما يقتلون عرضا، وإن المسؤول عن قتلهم هو حماس أيضا؛ ما يعني ادعاء التفوق الأخلاقي لدولة إسرائيل، ولصق تهمة الإرهاب بحماس وتحميلها مسؤولية قتل المدنيين الذين قتلوا بالأسلحة الأميركية والإسرائيلية!.

ادعاء الصفة الأخلاقية عبّر عنه -صراحة- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين ادعى أن الجيش الإسرائيلي هو أكثر الجيوش أخلاقية في العالم، في الوقت الذي لا يزال هذا الجيش يرتكب المجازر كل يوم في غزة، حتى وصل عدد الشهداء ما يزيد عن 17 ألف شهيد، فضلًا عن آلاف الجرحى، والدمار الشامل الذي خلّفه القصف الإسرائيلي المستمر.

وتتأكد الطبيعة التقنية لمقولة "الأضرار الجانبية" من وجهين:

الأول: أن مقتل المدنيين أثناء ما يسمّى "النزاع المسلح" ليس – في ذاته – جريمة حرب؛ لأن القانون الدولي الإنساني يسمح للأطراف المتحاربة بتنفيذ "هجمات متناسبة" ضد أهداف عسكرية؛ حتى لو علمت -مسبقًا- أنها ستؤدي إلى إصابات بين المدنيين. الثاني: أن هذا التعبير ينزع -في الواقع- صفة الإنسانية عن الضحايا (dehumanization)، ويجعل الآدميين مجرد أشياء أو أدوات في سبيل تحقيق أهداف عسكرية وسياسية. فالأضرار الجانبية هي -بحسب التعريف- ما يمس الأفراد أو الممتلكات أو المرافق، وهي مسألة ثانوية في قرار الحرب والعمل العسكري، ولأجل هذا يكتفي المسؤولون الأميركيون بادعاء الحزن لسقوط الضحايا في غزة؛ مع الاستمرار في دعم الحرب وإرسال الأسلحة التي تتسبب في قتل هؤلاء المدنيين، بل وتحميل حماس مسؤولية ذلك!.

ولكن استخدام تعبير "الأضرار الجانبية" في سياق الحرب على غزة مضلّل في الواقع؛ لاعتبارات متعددة:

الأول: أننا -هنا- أمام قوة احتلال وشعب محتل، وهذا من شأنه أن يغير مسار النقاش كليا. الثاني: أننا لسنا أمام حرب بالمعنى الاصطلاحي أو التقليدي؛ أي الحرب التي تقوم بين الدول ويكون فيها أطراف متحاربة ومنشآت عسكرية يتم استهدافها؛ حتى لو تسببت في أضرار مدنية قد توصف بأنها "أضرار جانبية".

فليس في غزة أطراف متحاربة؛ بل حرب من طرف واحد، ومن قبل دولة على شعب؛ بحجة القضاء على حماس، كما أن جميع المنشآت في غزة هي منشآت مدنية، وهذا ما جعل هذه الحرب -بالنسبة للسياسيين والعسكريين- مسألة شديدة التعقيد؛ لأنه لا ينطبق عليها المعايير التقليدية التي تألفها الدول في الحروب، وهذا الأمر نفسه هو سبب اضطراب السياسيين والعسكريين في مواجهة آثار الحرب، والكلفة البشرية الهائلة لها التي لا يفتؤون يناورون في تسويغها والتهرب من تحمل تبعاتها الأخلاقية والقانونية.

الثالث: أن الحرب بالمعنى الاصطلاحي، تخضع لضوابط القانون الدولي الإنساني لتجنب وقوع جرائم حرب، وهذه الضوابط وثيقة الصلة بتعبير "الأضرار الجانبية" هنا. فوقوع الضحايا المدنيين لا يُعد – في ذاته وَفق القانون الدولي الإنساني – جريمةَ حرب، ولكن لا بد أن يتحقق فيه ثلاثة أمور: أن تفرضه الضرورة العسكرية، وأن يصعب التمييز بين المدني والعسكري، وأن يكون هناك تناسب بين الهدف العسكري و"الأضرار الجانبية".

فهذه ثلاثة مبادئ مهمة تحكم الاستخدام القانوني للقوة في النزاع المسلح، (ولا بد من التذكير هنا بأن ما يجري في غزة ليس نزاعا مسلحا). ومن ثم فإحداث أضرار جانبية مفرطة أو جسيمة؛ مقارنة بالهدف العسكري المتوقع والمباشر يقود -لا محالة- إلى جرائم حرب؛ خصوصًا إذا كانت تلك الأضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد، في الأرواح، والممتلكات، والمرافق، وهذا يعيدنا – مجددًا – إلى أننا – في غزة – أمام قوة احتلال، وليس أمام حرب تخضع لتشريعات القانون الدولي.

الرابع: أن نفي العمدية مسألة مركزية في تعبير "الأضرار الجانبية" من الناحيتين: القانونية والأخلاقية، ولكن العمدية متحققة في الواقع في الحرب الجارية على غزة؛ نظرًا لطبيعة الأسلحة المستخدمة والتي يعرف مصنعوها ومزودوها ومستخدموها تأثيرَها بدقة من حيث مداها وإمكاناتها التدميرية، ونظرًا لطبيعة الأرض التي تُخاض فيها الحرب؛ فغزة ذات الكثافة السكانية العُليا في العالم، فضلًا عن استهداف المنشآت السكنية والصحية التي يُعرف – قطعًا – أنها ستوقع ضحايا من دون إنجاز أهداف عسكرية تتناسب مع تلك الأضرار.

تجعل هذه الاعتبارات الثلاثة من العمل العسكري الإسرائيلي في غزة عملا قصديا من النواحي الفقهية والأخلاقية والقانونية. فالعمدية وعدم العمدية مسألة متعلقة بالنوايا في الأصل، وبما أن النوايا مسألة مستترة وغير قابلة للقياس، جرى قياسها بناء على المعطيات المتعلقة: (1) بطبيعة الأسلحة، (2) وطبيعة الأرض والأهداف، (3) والنتائج الفعلية، وهذه الثلاثة كافية لجعل العمل العسكري الإسرائيلي في غزة نازلًا منزلة العمد على أقل تقدير. فيما لو افترضنا – بحسن نية – أن الجيش الإسرائيلي لا يتعمد فعلا قتل المدنيين.

ومن المفيد هنا، أن الفقهاء المسلمين نزلوا الآلة المستخدمة في القتل منزلة النية من القاتل، فالآلة التي تقتل غالبًا تقوم مقام النية لدى القاتل، فتجعل فعله قتلَ عمدٍ، والآلة التي لا تقتل غالبًا، تقوم كذلك مقام النية، فتجعل من الفعل قتلًا غير عمد؛ حتى لو أفضى الفعل إلى القتل حقيقة. أي لما تَعذر ضبط النية في التمييز بين العمد وغير العمد في القتل الصادر عن الأفراد أقاموا الآلة المستخدمة في الاعتداء مقام نيّة الفاعل.

وهذا القانون جار بدقة في الحرب الجارية على غزة للاعتبارات الثلاثة السابقة: الأسلحة، والأرض والأهداف، والآثار الفعلية، وهي قتل نحو عشرين ألف شهيد، أغلبهم من الأطفال والنساء.

يوضح هذا النقاش حول التماس السياسيين والعسكريين مسوّغات أخلاقية وقانونية لجرائم الحرب، أنَّ جوهر المشكلة لا يكمن في سوء الفهم أو نقص في المعرفة؛ بل هي تقنيات لفظية للتعبير -بأناقة دبلوماسية- عن السياسة الفعلية التي لا تجرؤ على التعبير عن نفسِها بعبارات صادقة ومباشرة، وتخشى في الوقت نفسه من المساءلة القانونية المحتملة.

وفي هذا السياق يبدو، مفهوما، زعم بعض المسؤولين الأميركيين عدم وجود "دليل" على "تعمد" إسرائيل قتل المدنيين؛ فلا مجال هنا للخوض في نوع الأدلة التي يبحثون عنها، وسبل إثباتها ومقارنة تحريهم الأدلةَ هنا مع إهمالهم الأدلة في أحكام عديدة كادعاء قطع حماس للرؤوس في حدث 7 أكتوبر، والعنف الجنسي تجاه الأسرى، والتشكيك في أرقام الضحايا المدنيين، وغيرها.

فالإنكار والتشكيك وادعاء غياب الأدلة أو عدم الوقوف على تفاصيل الواقعة، كلها تقنيات دبلوماسية للتهرب من الإجابة، كما أن "الأضرار الجانبية"، تعبير تقني للتبرؤ من المسؤولية عن القتل.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القانون الدولی العمل العسکری قتل المدنیین المدنیین فی من المساءلة فی الحروب فی الواقع جرائم حرب فی الحرب على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية

قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن العالم يواجه الآن خطراً جديداً وخطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية، التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية، مما يؤثر على المجتمعات على مستوى العالم.

جاء في كلمة لها عن السلام والعدالة خلال تجمع عالمي بعنوان "ما بعد 125 عامًا: تأمين مستقبل عالمنا الرقمي"، في قصر السلام بمدينة لاهاي في هولندا، نظمته مدينة لاهاي ومعهد السلام السيبراني" (CyberPeace) والتحالف السيبراني العالمي.

وأضافت توكل كرمان: يشكل ارتفاع الهجمات السيبرانية خطراً كبيراً، وبعد 125 عاماً، يتعين علينا أن نواجه هذا العصر الجديد من الصراع.

وتابعت كرمان: إن الحرب السيبرانية لا يرتكبها القراصنة أو المنظمات الإجرامية فحسب؛ بل أعتقد أنه تنفذها الحكومات أيضًا. ونحن بحاجة إلى معالجة هذه التحديات بشكل جماعي وإيجاد طرق لحماية مجتمعاتنا من هذا التهديد المتطور.

وأوضحت كرمان أن أحد العوامل الرئيسية التي تدفع إلى ارتكاب الجرائم والهجمات السيبرانية هو إساءة استخدام التكنولوجيا من قبل الحكومات كجزء من سياساتها الحربية أو ضد شعوبها.

وقالت كرمان: أستطيع أن أتحدث من تجربتي الشخصية؛ فقد كنت ضحية لهجوم سيبراني حكومي في ظل دكتاتورية عبد الله صالح.

وأشارت كرمان إلى أنه غالبًا ما يستخدم الدكتاتوريون أدوات الإنترنت للتجسس على مواطنيهم، وانتهاك خصوصيتهم، وقمع المعارضة، لافتة إلى أنها واجهت مثل هذه الهجمات، وواجهها العديد من الآخرين أيضًا.

وأفادت كرمان: على سبيل المثال، نفذت سلطات الإمارات العربية المتحدة برامج مراقبة تستهدف الأفراد، بما في ذلك الناشطون والمعارضون.

وقالت كرمان: لقد تصاعد استغلال الفضاء الإلكتروني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الافتقار إلى المساءلة والخبرة المستخدمة لإيذاء الأبرياء. وقد حدث موقف مماثل مع صديقي جمال خاشقجي، الذي استُهدف أيضًا بهذه الطريقة، مشددة على ضرورة الحاجة إلى معالجة هذه القضايا ومحاسبة المسؤولين عنها.

واعتبرت كرمان أن المشكلة الرئيسية في استخدام هجمات الجرائم الإلكترونية ضد دول أخرى هي أنه لا يوجد إعلان رسمي للحرب، وهذا يؤثر على العديد من الناس، مضيفة: كنت أحد ضحايا هجوم إلكتروني حكومي. لقد استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لمهاجمتي وتقويض خصوصيتي. كنت أحد الضحايا في ذلك الوقت.

وبيّنت كرمان أن الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لديها خبرة في هذه التكتيكات الإلكترونية، مستدركة بالقول: هذه الخبرة لا تُستخدم لحماية الناس ولكن للدفاع عن النظام. نفس الشيء حدث لصديقي.

وأكدت كرمان أن الأمر لا يتعلق بمنع البلدان من استخدام هذا النوع من الحرب؛ إنه يتعلق بالاعتراف بأننا لا نريد الحرب على الإطلاق. أنا شخص يحب العالم أجمع ويؤمن بالوحدة.

وشددت كرمان على أن الحل لا يتعلق فقط باللوائح؛ بل يتضمن أيضًا ضمان احترام حقوق الأفراد. لا ينبغي فرض شروط على حقوق الأفراد في التعبير. هذا أمر بالغ الأهمية، وخاصة في مشهد الأمن السيبراني اليوم، حيث قد تستخدم الحكومات الاحتجاجات لتقويض الحقوق الخاصة. إننا بحاجة إلى التركيز على حماية هذه الحقوق مع تعزيز نهج أكثر شمولاً وسلمية.

وقالت توكل كرمان: يمكن اعتبار معاهدة الجرائم الإلكترونية بمثابة سيف ذو حدين. فمن ناحية، قد تنتهك الحقوق الحصرية والابتكارات؛ ومن ناحية أخرى، تقدم فرصة للتغيير الإيجابي. ونحن بحاجة إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا ليس فقط كتهديد، بل كوسيلة لتعزيز السلام.

وأعربت كرمان عن اعتقادها بأن المستقبل يمكن أن يكون مشرقًا، وخاصة مع الأفراد المخلصين الذين يتحملون مسؤولية خلق عالم أفضل. يجب ألا نغفل عن وطننا وقيمنا وقيادتنا. من الأهمية بمكان تعزيز التعاون وضمان خدمة بعضنا البعض بمسؤولية.

وتابعت كرمان: تقع علينا مسؤولية كبيرة لوقف الحروب وتعزيز السلام في عالم يتأثر بشكل متزايد بقضايا الإنترنت. يجب أن تكون حماية الخصوصية ومنع الصراع في طليعة جهودنا. ومع ذلك، فإن معالجة هذه التحديات من خلال المعاهدات والإجراءات الصحيحة هي قضية معقدة نواجهها جميعًا معًا.

وشددت كرمان على الحاجة إلى إصلاحات جوهرية توضح من هو المسؤول عن خدمة الصالح العام. وهذا أمر ضروري لتقدمنا الجماعي. وبالإضافة إلى ذلك، تقع علينا مسؤوليات كبيرة، وخاصة في منع الصراعات. ولا ينبغي النظر إلى وقف الحروب باعتباره عملاً تقليدياً فحسب؛ بل يتطلب الأمر اتباع نهج مبتكر لحماية الخصوصية ومعالجة التهديدات السيبرانية مع السعي أيضاً إلى منع الصراعات في المستقبل.

وقالت كرمان إن مجلس الأمن نفسه يتطلب الإصلاح من أجل حماية الناس بشكل أفضل من أشكال مختلفة من انعدام الأمن. وفي الوقت الحالي، غالباً ما يخدم مجلس الأمن مصالح خمس دول أعضاء فقط، وهو ما يحد من فعاليته. ونحن بحاجة إلى تمكين المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من منظمات العدالة التي تعمل من أجل السلام والعدالة، وضمان حصولها على السلطة اللازمة للتصرف دون تدخل من الدول القوية.

وأكدت كرمان وجوب أن تكون هذه المنظمات مجهزة بالكامل للعمل بشكل مستقل، مما يسمح لها بعبور أي حواجز في مهمتها دون الحاجة إلى إذن من سلطات خارجية. إن معالجة هذه الإصلاحات تشكل تحدياً كبيراً يتعين علينا جميعاً مواجهته معاً

 

مقالات مشابهة

  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • المبعوث الأميركي يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان .. بيرييلو قال إن «جميع دول العالم تدعم وقف الحرب واستعادة الحكم المدني»
  • وزير الخارجية اللبناني: إسرائيل تصعد بوتيرة مستمرة وتستهدف المدنيين
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • عن كثب.. ما هي جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل؟
  • ما حجم الأضرار التي لحقت بـ الحوثيين جراء العدوان الإسرائيلي الاخير على الحديدة ؟
  • “بعد الحرب” .. الأوبئة تحصد المدنيين في الخرطوم ودارفور
  • الوزير صباغ: العدوان الإسرائيلي المفتوح طال لبنان الشقيق حيث ارتكب الاحتلال جريمة غير مسبوقة عبر استخدامه وسائل الاتصال كأداة لقتل المدنيين العزل بشكل جماعي ثم استهدف ضاحية بيروت الجنوبية بعدوان غادر وجبان مستخدماً أطناناً من القنابل المتفجرة لاغتيال الأم