علي جمعة: يخاطبنا الله فى سورة البقرة أن المسئولية يوم القيامة ستكون فردية
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل يخاطب فى سورة البقرة بنى إسرائيل ويخاطبنا جميعاً من خلالهم { واتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } إذاً {وكُلَّ إنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً }فأنت لن تقرأ كتاب غيرك، اقرأ كتابك أنت { يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وأُمِّهِ وأَبِيهِ * وصَاحِبَتِهِ وبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن المسئولية يوم القيامة مسئولية شخصية، لا يضار والد بولده ولا مولود له بولده؛ لا فعل أخيك يضرك، ولا أنت فى فعلك تضر أخاك، ولذلك نرى الأمثلة إن فرعون كان كافراً ولكن زوجته التي فى بيته كانت مؤمنة، وأن سيدنا نوح كان مؤمناً ونبياً من أولى العزم من الرسل ولكن ابنه كان كافراً، وأن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام الذى سمانا المسلمين من قبل، الحجة الأسوة هو ومن اتبعوه كان مؤمناً بدون شك، ولكنّ أباه كان كافراً وهكذا.
نرى الزوجة صالحة والزوج طالح، والزوج صالح والزوجة طالحة مثل سيدنا لوط، فسيدنا لوط نبى وامرأته وامرأة سيدنا نوح كفار، والابن صالح والأب طالح، والأب صالح والابن طالح ، فكل واحد سيكون بمفرده فى هذا اليوم { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } إذاً الإنسان بعمله، هذا يحرر العقل البشرى من الأوهام، هذا يحرر العقل البشرى من إلقاء المسئولية على الغير.
ويعتبر أن المسئولية هى مسئولية فردية وأنك ستُأخذ بعملك دون سواك، عملية مهمة جداً لأن هذا ضد أن الخطيئة تورث من جيل إلى جيل، وضد أن يؤخذ الناس بعضهم بجريرة بعض كما هو فى بعض أذهان البشر، وربنا سبحانه وتعالي يقول لك انتبه { ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى } ، انتبه فكل شخص مسئول عن عمله ، وهناك يوم القيامة لا يستطيع أحد من الناس أن ينقذك مما كتبه الله عليك فى الحياة الدنيا .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة البقرة يوم القيامة
إقرأ أيضاً:
كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي ﷺ: يقول: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”، إنه أدب رفيع لا نراه في حياتنا اليومية، حيث نجد الناس يتدخلون في أمور ليست من شأنهم، فيتحدثون بما لا يعلمون، ويقولون بما لا يتقنون، وكل ذلك محسوب عليهم لا لهم. وقد قال رسول الله ﷺ: «كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه قد تعجب قوم من هذا الحديث عند الإمام سفيان الثوري رحمه الله ورضي عنه، فقال لهم: "لِمَ العجب؟" واستدل بقول الله تعالى: "لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ"، وبقوله تعالى: "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا".
كان سفيان يستشهد بالقرآن على صحة الحديث ليزيل عنهم العجب، لأن كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا في الأمور الثلاثة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذكر الله، وعندما يقول النبي ﷺ: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فهي كلمة جامعة تدعو الإنسان إلى أدب عظيم مع الله.
وكما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه، عندما سئل رسول الله ﷺ عما ورد في صحف إبراهيم عليه السلام، قال ﷺ: "عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ" [رواه ابن حبان].
هذا هو العاقل الذي يشغل نفسه بما يعنيه من أمور دينه، وليس بما لا ينفعه من أمور دنياه. هذا هو العاقل الذي يستحي من الله. وقد قال رسول الله ﷺ: "الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ".
هذه هي حقيقة الحياء من الله سبحانه وتعالى: أن تحفظ الرأس وما وعى. فانظر إلى بلاغة النبي ﷺ، حيث لم يذكر العين وحدها لحفظها من النظر الحرام، أو اللسان من القول الحرام، أو الأذن من السمع الحرام، بل قال: "الرأس وما وعى"، وهذا يشمل الفكر الحرام أيضًا.
وينبغي عليك أيها المسلم أن تنزه باطنك وتطهره لله حياءً منه، وأن تأكل الحلال لتحفظ البطن وما حوى، وقد قال ﷺ: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء".
كما ينبغي عليك أن تذكر الموت دائمًا، فمن ذكر الموت امتنع عن الفسوق، وداوم على ذكر الله، وتذكر البلى، حيث لا شيء يبقى في هذه الحياة الدنيا، كما قال تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".
عودوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة، يأمر بالمعروف، والجمال، والنظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وقلة الأدب.