هل أكل السمك يوم السبت مكروه؟، لاشك أنه من أهم الأسرار المخيفة التي ينبغي معرفتها ، وذلك حيث تسبب السمك في مسخ أصحاب السبت قردة، لمخالفتهم أمر الله سبحانه وتعالى والذي حرمه عليهم، لذا فإنه تجنبًا لأصحاب السبت أو الاقتداء بهم، وللنجاة من مصيرهم ينبغي الوقوف على حقيقة هل أكل السمك يوم السبت مكروه؟.

لماذا حرم الله العمل يوم السبت على بني إسرائيل؟.

. 5 أسباب لا تعرفها ما هي الشجرة التي قال عنها الرسول أكثروا من الطعام منها؟.. اعرفها هل أكل السمك يوم السبت مكروه؟

ورد عن حقيقة هل أكل السمك يوم السبت  مكروه؟، أنه يجوز أكل السمك في كل يوم و لكن نقل الكراهة في الاكثار منه ، وما ذكر بالسؤال لم نعثر على رواية صحيحة تؤكده، وإنما حرم الصيد يوم السبت على بني إسرائيل قبلنا، ولم يرد في شرعنا نهي عن صيد السمك في أي يوم، ومن ثم فلا إشكال في أكل السمك يوم السبت .

حكم أكل السمك يوم السبت

يَحِلُّ أكْلُ السَّمكِ إذا شُوِيَ حَيًّا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ، والحنابلةِ ؛ وذلك لأنَّ عَيْشَه بعد خُروجِه مِنَ الماءِ عَيشُ المَذبوحِ؛ فحَلَّ ذلك، ويُباحُ أكْلُ جميعِ حيوانِ البحرِ الَّذي لا يعيشُ إلَّا فيه، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ- في أصحِّ الأوجُهِ-، والحنابلةِ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلفِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك.

الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1 - قولُه: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام: 145] ، وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ حيواناتِ البحرِ دَخلَتْ تحتَ ما سِوَى المذكورِ في هذه الآيةِ ممَّا أَحَلَّ اللهُ
2 - قولُه تبارك وتعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة: 96] ، وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ اسمَ الصَّيدِ يَقَع على ما سِوَى السَّمكِ مِن حَيوانِ البحرِ؛ فيَقتَضي أنْ يَكونَ الكلُّ حلالًا.

ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: سَأل رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنَتَوضَّأُ مِنَ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه  ))
وجهُ الدَّلالةِ: أنَّه وَصَف مَيْتةَ البحرِ بالحِلِّ مِن غيرِ فصْلٍ بيْن السَّمكِ وغيرِه، وقد تَقرَّر في الأصولِ أنَّ المُفرَدَ إذا أُضيفِ إلى معرفةٍ كان مِن صِيَغِ العُمومِ؛ فقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَيْتَتُه)) يَعُمُّ بظاهِرِه كلَّ مَيْتةٍ ممَّا في البحرِ.

2 - عن جابر رضيَ اللهُ عنه، قال: (غَزَوْنا جيشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبو عُبَيدةَ، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فأَلْقى البحرُ حُوتًا مَيِّتًا لم يُرَ مِثلُه، يُقالُ له العَنْبرُ، فأكَلْنا منه نِصفَ شهرٍ، فأخذ أبو عُبَيدةَ عَظْمًا مِن عِظامِه، فمَرَّ الرَّاكِبُ تحتَه... فأخبَرَني أبو الزُّبَيرِ، أنَّه سمِع جابرًا يقولُ: قال أبو عُبَيدَةَ: كُلوا. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ ذكَرْنا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رِزقًا أخرَجه اللهُ، أَطعِمونا إنْ كان معَكم. فأتاه بعضُهم بعُضوٍ فأَكَله  )
وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ هذا يَدُلُّ على أنَّ دَوابَّ البحرِ كلَّها حلالٌ، مِنَ السَّمكِ وغيرِه.

3- عن زَيدِ بنِ أَسلَمَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنهما، أنَّه قال: (أُحِلَّتْ لنا مَيْتتان ودَمانِ: الجَرادُ والحِيتانُ، والكَبِدُ والطِّحالُ ).

رابعًا: أنَّ الأصلَ حِلُّ كلِّ حَيوانٍ بحْريٍّ إلَّا ما أَخرَجه الدَّليلُ مِن هذا الأصلِ ومِن عُمومِ الأدلَّةِ، أو كان مُستخبَثًا.

أكل السمك يوم السبت حرام 

ورد أن الله تعالى قد ابتلى بني إسرائيلَ بصيدٍ، وهو صيدُ السَّمكِ، كما قال تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ [الأعراف: 163]  فحَدَاهم الطَّمَعُ في أكْلِ الحُوتِ إلى أنِ اعْتَدَوْا في السَّبتِ، فكانوا يجعلون شِباكًا في يومِ الجُمعة، ثم يأخذون السَّمكَ أو الحيتانَ يومَ الأحَدِ، فمَسَخَهم اللهُ قِرَدةً  .

سمك أصحاب السبت

قد قصَّ علينا القرآن الكريم قصصاً كثيرة من الأمم السابقة بشقيها؛ قصص الأنبياء، أو من هم من أتباعهم كقصة أصحاب السبت، وقصص غيرهم كقصة أصحاب الجنة، وكما قص علينا بعضا من الأحداث التي حصلت في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ مثل قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.

وقصتنا عن أصحاب السبت؛ فقد ذكر غير واحد من أهل السير والتفسير، وذكروا في التعريف بهم أنهم قوم من بني إسرائيل، وكانوا يسكنون في منطقة أيلة؛ وهي بين المدينة ومكة، وكانوا من الأقوام المتمسكة بدين التوراة؛ في أن يوم السبت محرم في ذلك الزمان، وكان يحرم فيه الاصطياد في البحر، وكذلك كانت محرمة في جميع الصناعات والتجارة والكسب.

ومكان أيلة منطقة العقبة الآن، كما ذكر ذلك ياقوت الحموي أيلة مدينة على ساحل بحر القلزم -وهو البحر الأحمر الآن-؛ مما يلي الشام وقيل هي آخر الحجاز وأول الشام، وهي المنطقة التي وقعت بها أحدث هذه القصة.

قصة سمك السبت بالقرآن 

قال الله تعالى في سورة الأعراف ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166).

وجاء في معنى الآيات ، أن حَاضِرَةَ الْبَحْرِ: أي قريبةً مِن شاطِئِه، وأصلُ (حضر) إيرادُ الشَّيءِ، ووُرودُه ومُشاهَدَتُه  ، ويَعْدُونَ: أي: يتعَدَّون ويُجاوِزونَ ما أُمِروا به، أو يظلمونَ؛ يقال: عَدَوْتُ على فلانٍ: إذا ظَلمْتَه، والاعتِداءُ: مُجاوزةُ الحقِّ  ، وحِيتَانُهُمْ: الحوتُ: السمكُ، وقيل: العَظيمُ مِنه، وهو مُضطرِبٌ أبدًا غيرُ مُستقِرٍّ، ويقال: حاوَتَني فلانٌ، أي: راوَغَني مُراوغةَ الحُوتِ، وأصله: مِن الاضطرابِ والرَّوغانِ  ، شُرَّعًا: أي: ظاهرةً، واحِدُها شارعٌ، وأصلُ (شرع): شيءٌ يُفتَح في امتدادٍ يكونُ فيه  .

وورد في معنى قوله لا يَسْبِتُونَ: أي: لا يَفعَلونَ سَبتَهم، أو لا يَدَعونَ العَملَ في السَّبتِ، وقيل: معناه: لا يقطعونَ العَمَل، وقيل: لا يكونونَ في السَّبتِ، وأصلُ السَّبتِ: القَطعُ ، نَبْلُوهُمْ: أي: نَختبرُهم ونمتَحِنُهم  . يَفْسُقُونَ: أي: يَخرُجونَ عَن الطَّاعةِ، وذلك مِن قولِهم: فسَقَ الرُّطَبُ، إذا خرجَ عَن قِشرِه، والفُسوق: خروجٌ مِن الطَّاعةِ إلى المعصيةِ، وخروجٌ من الإيمانِ إلى الكُفرِ ، تَعِظُونَ: أي: تَنْهونَ وتَزجُرونَ  ، مَعْذِرَةً: أي: لِنُعذَرَ فيهم، والعُذْرُ: تحرِّي الإنسانِ ما يمحو به ذنوبَه؛ فهو مَصدَرُ (عَذَرْت)، كأنَّه قيل: أطلُبُ منه أن يَعذِرَنِي  .بَئِيسٍ: أي: شَدِيدٍ، والبُؤْسُ والبَأْسُ والبَأْسَاءُ: الشدَّةُ والمَكروهُ، إلَّا أنَّ البُؤسَ في الفَقرِ والحَربِ أكثَرُ، والبأسُ والبأساءُ في النِّكايةِ، وأصلُ الكَلِمةِ مِن الشِّدَّة  .

أما معنى عَتَوْا: أي: تكبَّروا وتجبَّروا، والعُتُوُّ: النبُوُّ عن الطَّاعةِ، وأَصلُه يدُلُّ على استكبارٍ  .
خَاسِئِينَ: أي: صاغِرينَ ذليلينَ، أو باعِدينَ ومُبعَدينَ أيضًا، والخسوءُ: الصَّغارُ والطَّردُ، ويقال: خَسَأْتُ الكَلبَ فَخَسَأَ، أي: زَجَرتُه مستهينًا به فانزجَرَ  .

 وجاء المعنى الإجمالي أنه يأمُرُ اللهُ نبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يسألَ اليَهودَ الذين بحَضرتِه، عن القريةِ التي على شاطئِ البَحرِ، وأن يستفسِرَهم عن اعتداءِ أهلِها يومَ السَّبتِ، ومُخالَفَتِهم لأمرِ اللهِ؛ بتعظيمِ ذلك اليومِ، والانقطاعِ للعبادةِ، وتركِ الاصطيادِ فيه، حين كانت تأتيهم الحيتانُ يومَ السَّبتِ كثيرةً ظاهرةً ومُقبلةً، وفي بقيَّةِ الأيَّامِ غَير السَّبتِ لا تأتيهم، كذلك يختبِرُهم اللهُ بما كانوا يفسُقونَ.

واذكر- يا محمَّدُ- حين قالت جماعةٌ مِن أهلِ تلك القريةِ لِمَن كان يعِظُ المُعتدينَ منهم: لمَ تنهَونَ المُستحِلِّينَ للصَّيدِ يومَ السَّبتِ، واللهُ تعالى مُهلِكُهم، أو مُعذِّبُهم عذابًا شديدًا، فأجابوهم: نفعلُ ذلك مَعذِرةً إلى رَبِّكم فيما أخَذ علينا مِن الأمرِ بالمعروفِ، والنَّهي عن المُنكَر، ولعلَّ هؤلاء المُعتدينَ يتَّقونَ اللهَ، ويجتنبونَ المعصيةَ، فلمَّا تَرَك المعتدونَ ما ذُكِّروا به، ولم يَقبَلوا نصيحةَ الواعظينَ؛ أنجى اللهُ الذين ينهونَ عَن المعصيةِ، وأخذَ الذينَ ظَلَموا أنفسَهم بمعصِيَتِهم لله، بعذابٍ شديدٍ نتيجةَ فِسقِهم.

فلمَّا تَمَرَّدوا وتجاوَزوا ما نُهوا عنه، وتمادَوْا في صَيدِ السَّمَكِ يومَ السَّبتِ، قال اللهُ لهم: صِيرُوا قردةً حَقيرينَ، مَطرودينَ مِن الخَيرِ.

 تفسير الآيات 

وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)، وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ، أي: واسأَلْ- يا محمَّدُ- اليهودَ الذين بحَضرَتِك، عن خَبرِ المدينة التي كانت على شاطئِ البحرِ  .، إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ أي: اسألِ اليَهودَ عن اعتداءِ أهلِ تلك القريةِ في يومِ السَّبتِ، ومُخالَفَتِهم ما أمَرَهم اللهُ به مِن تعظيمِ يومِ السَّبتِ بالانقطاعِ للعِبادةِ، وتَركِ العَمَل، والاصطيادِ فيه  .

كما قال سبحانه: وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ [النساء: 154] . وقال تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 65-66] . إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا أي: اسْأَلْهم حينَ اعتدى أهلُ تلك القريةِ عندما كانت الأسماكُ الكثيرةُ تَجيءُ إليهم في يَومِ السَّبتِ مُقبلةً ظاهرةً، وكثيرةً على وَجهِ البَحرِ  . وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ أي: وفي سائِرِ الأيَّامِ غير يومِ السَّبتِ لا تأتيهم الحِيتانُ  . كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ أي: مِثلَ ذلك الابتلاءِ العَظيمِ الذي وصَفْنا؛ نختَبِرُهم؛ بسبَبِ خُروجِهم عن طاعةِ الله  .

وورد عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (لا تَرتَكِبوا ما ارتكَبَت اليهودُ، فتستحِلُّوا محارِمَ اللهِ بأدنى الحِيَل)  . وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أي: واذكُرْ  - يا مُحمَّدُ- حينَ قالت جماعةٌ مِن أهلِ تلك القَريةِ لِمَن كان يعِظُ المُعتَدينَ منهم: لِماذا تَنهَونَ المُستحِلِّينَ للصَّيدِ في يَومِ السَّبتِ، واللهُ سيُهلِكُهم في الدُّنيا بعذابٍ يستأصِلُهم  ؟! أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا   أي: أو سيعذبهم الله بعذابٍ شديدٍ  .

كما قال تعالى: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا [الإسراء: 58] . وقال سبحانه: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا [الطلاق: 8-10] . وقال عزَّ وجلَّ: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران: 56] . وقال جلَّ جلاله: فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ [فصلت: 27] .

قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ أي: قال الذين يَنهونَ المُعتَدينَ عن مَعصيةِ اللهِ: نحن نعِظُهم مِن أجلِ أن نُعذَرَ عند اللهِ فيما فَرَضَ علينا مِن الأمرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المُنكَرِ، فلا يؤاخِذنا بالتَّقصيرِ في ذلك  . وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: ونَعِظُهم أيضًا رجاءَ أن تُؤَثِّرَ فيهم موعِظَتُنا، فيمتَثِلوا أوامِرَ اللهِ تعالى، ويجتَنِبوا نواهِيَه، فيكفُّوا عن اقترافِ هذا الجُرمِ العَظيمِ، وهو مخالفةُ نَهيِ اللهِ تعالى عن صَيدِ السَّمكِ يَومَ السَّبتِ  . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) .

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أي: فلما تَرَك المُعتَدونَ ما أمَرَهم اللهُ تعالى به مِن تَعظيمِ يَومِ السَّبتِ، ولم يَقبَلوا نصيحةَ الواعظينَ  .  أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ أي: أنجَينَا مِن العَذابِ، الذين كانوا يَنهَونَ المُعتَدينَ عن ارتكابِ السيِّئاتِ، واستحلالِ المُحرَّمات  . وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ أي: وأخَذْنا الذين ظَلَموا أنفُسَهم بمعصِيةِ الله، بعذابٍ شَديدٍ  .

كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] .
 بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ أي: عذَّبناهم بسبَبِ خُروجِهم عن طاعةِ اللهِ  .فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ أي: فلمَّا تَمَرَّدوا وتجاوَزوا ما نُهوا عنه، وتمادَوْا في صَيدِ السَّمَكِ يومَ السَّبتِ  . وقيل: فلمَّا تكَبَّروا عن تَركِ ما نهاهم اللهُ عنه  .
وقال تعالى: بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ [الملك: 21] . وقال سبحانه: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا [الفرقان: 21] . وقال عز وجل: وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ [الأعراف: 77] .
قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ أي: فلما تمرَّدوا وتكبَّروا، قُلنا لهم: صِيرُوا قردةً حَقيرينَ، مَطرودينَ مِن الخَيرِ  .

كما قال سبحانَه: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 65-66] .وقال تعالى: أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء: 47] . وقال عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40] .

الفوائد :

1- مَن أطاعَ اللهَ تعالى خفَّفَ اللهُ عنه أحوالَ الدُّنيا والآخرةِ، ومَن عصاه ابتلاه بأنواعِ البَلاءِ والمِحَنِ؛ يُبيِّنُ ذلك قَولُ الله تعالى: كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ففِسقُهم هو الذي أوجَبَ أن يبتَلِيَهم اللهُ تعالى، وأن تكونَ لهم هذه الِمحنةُ، وإلَّا فلو لم يَفسُقوا، لعافاهم الله، ولَما عَرَّضَهم للبلاءِ والشَّرِّ  . 

2- العقوبةُ إذا نزلَت نجا منها الآمِرونَ بالمعروفِ، والنَّاهونَ عَن المنكَرِ؛ يُبيِّنُ ذلك قولُ الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ  .

3- قولُ اللهِ تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ يدلُّ على أنَّ الحِيَلَ في تحليلِ الأمورِ التي حرَّمَها الشَّارِعُ، مُحرَّمةٌ؛ كنِكاح المُحَلِّل، وما أشبَهَه مِن الحِيَلِ  .

4- قولُ اللهِ تعالى: إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا زاد في تَبكِيتِهم بالإشارةِ إلى المُسارعةِ في الكُفرِ، بالإضافةِ في قَولِه: حِيتَانُهُمْ إيماءً إلى أنَّها مخلوقةٌ لهم، فلو صَبَروا نالوها وهم مُطيعونَ  .

5- قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ هذه الآيةُ الكريمةُ جاء فيها بيانُ حِكمَتينِ مِن حِكَمِ الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عَن المُنكَرِ؛ لأنَّ استقراءَ القُرآنِ دَلَّ على أنَّ الأمرَ بالمَعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ، له حِكَمٌ ثلاثٌ، تضمَّنَت هذه الآيةُ مِن تلك الحِكَمِ الثَّلاثِ اثنتينِ، أمَّا الحِكَمُ الثَّلاثُ:

فالأولى منها: أن يُقيمَ الإنسانُ عُذرَه أمامَ رَبِّه، ويَخرُجَ بذلك الأمرِ مِن عُهدةِ التَّقصيرِ في الأمرِ بالمَعروفِ؛ لِئلَّا يدخُلَ في قَولِه: كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 79]  وهذه الحكمةُ أشاروا لها بِقَولِهم: مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ.

الحكمةُ الثَّانيةُ: هي رَجاءُ انتفاعِ المُذَكَّرِ، كما قال هنا عنهم: وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

الحكمةُ الثَّالثةُ مِن حِكَمِ الأمرِ بالمعروفِ التي لم تُذكَرْ في هذه الآيةِ الكريمةِ: هي إقامةُ الحُجَّةِ لله على خَلقِه في أرضِه نيابةً عَن رُسُلِه؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165]  فأهلُ العِلمِ يُقيمونَ حُجَّةَ اللهِ على خَلقِه بإقامةِ الحُجَّةِ، والأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عَن المُنكَرِ، نيابةً عن الرُّسُلِ في ذلك  .

6- قولُ اللهِ تعالى: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ مَسَخَهم اللَّه إلى صورَةِ الْقِرَدةِ، وهي أشبهُ شيءٍ بالأناسِيِّ في الشَّكْلِ  الظَّاهرِ، وليست بإنسانٍ حقيقَةً، فكذلك أعمالُ هؤلاء وحِيَلُهم لـمَّا كانت مُشابهةً للحقِّ في الظَّاهرِ، وَمُخالِفَةً له في الباطنِ، ولما كان الذَّنبُ الذي فعلُوه صورتُه صورةُ المباحِ، ولكنَّ حقيقتَه غيرُ مباحٍ، كَانَ جَزاؤُهم مِن جنسِ عَملِهم، فمُسِخوا قردةً، لما مسَخوا دينَ الله بحيثُ لم يتمسَّكوا إلا بما يشبهُ الدِّينَ في بعضِ ظاهرِه، دونَ حقيقتِه  .  


 


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ع ذ اب ا ش د ید ا أ خ ذ ن ا ال بنی إسرائیل اس أ ل ه م الله تعالى ا ی س ب ت ون ق و م ا الل قال تعالى هذه الآیة ک یوم الس ال ق ر ی ة ن ب ل وه م ت أ ت یه م ت ی ک ان ت ج ی ن ا ال علیه وسل ا ن ه وا ب ع ذ اب ا ن س وا ظ ل م وا ت ع ظ ون ال ب ح ر کما قال هم الله ی ع د ون ع ن الم ف ی الس هم الل م الله هذه ال ى الله

إقرأ أيضاً:

جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ

يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ"، بقلم الدكتور محمود حمدي زقزوق (1933- 2020م)، أستاذ الفلسفةِ بكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ بجامعةِ الأزهرِ بالقاهرةِ، عُضْو هيئةِ كبارِ العُلماءِ، من سلسلة إصدارات الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر (2025م).

يشير زقزوق –في مقدمة كتابه- إلى أن قصة الصراع بين الحق والباطل والخير والشر قصة قديمة بدأت فصولها مع بداية الإنسان على الأرض، وسوف تتواصل فصولها طالما كان هناك إنسان في هذا الوجود، لافتًا إلى أن الإسلام منذ ظهوره يخوض معارك متواصلة ضد الباطل الذي يبذل كل ما يستطيع من أسلحة لطمس معالم الحق الذي جاء به الإسلام.

ويتوقف زقزوق عند مفارقة غريبة، وهي أن الإسلام -وهو الدين الذي ختم الله به الرسالات، وكان آخر حلقة في سلسلة اتصال السماء بالأرض- قد تعرَّض منذ اللحظات الأولى لظهوره -ولا يزال حتى اليوم- للهجوم وإثارة الشبهات حوله والتشكيك في عقائده وتعاليمه، ووجه الغرابة في ذلك: يتمثل في أن الإسلام - في الوقت الذي جاء فيه يعلن للناس الكلمة الأخيرة لدين الله على الأرض - لم ينكر أيًّا من أنبياء الله السابقين ولا ما أنزل عليهم من كتب سماوية، ولم يجبر أحدًا من أتباع الديانات السماوية السابقة على اعتناق الإسلام، ولم يقتصر الأمر على عدم الإنكار، وإنما جعل الإسلام الإيمان بأنبياء الله جميعًا وما أنزل عليهم من كتب عنصرًا أساسيًّا من عقيدة كل مسلم بحيث لا تصح هذه العقيدة بدونه، ومن شأن هذا الموقف المتسامح للإسلام إزاء الديانات السابقة أن يقابل بتسامح مماثل وأن يقلل من عدد المناهضين للإسلام، ولكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تمامًا، فقد وجدنا الإسلام -على مدى تاريخه - يتعرَّض لحملات ضارية من كل اتجاه، وليس هناك في عالم اليوم دين من الأديان يتعرض لمثل ما يتعرض له الإسلام في الإعلام الدولى من ظلم فادح وافتراءات كاذبة.

ويقرر زقزوق أن هذا الأمر يبين أن هناك جهلًا فاضحًا بالإسلام وسوء فهم لتعاليمه، سواء كان ذلك بوعي أم بغير وعى، وأنَّ هناك خلطًا واضحًا بين الإسلام كدين وبعض التصرفات الحمقاء التي تصدر من بعض أبناء المسلمين باسم الدين وهو منها براء، مشيرًا إلى أن مواجهة ذلك تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق، لافتًا إلى أن الشبهات التي تثار ضد الإسلام منذ ظهر وحتى اليوم شبهات مكررة، ولا تختلف مع بعضها إلا في الصياغة أو محاولة إعطائها صبغة علمية.

وقد حاولَ مُؤلِّفُ الكتابِ -رَحِمَه اللهُ- أنْ يُوضِّحَ الصُّورةَ الحقيقيَّةَ للإسلامِ؛ للرَّدِّ على الشُّبهاتِ المُثارةِ حولَه منذُ ظهرَ وحتَّى اليومَ، وقد ذَكَرَ الهدفَ منْ هذا الكتابِ في مُقدِّمتِه فقالَ: «ولا ندَّعي أنَّنا أتَيْنا بما لمْ يأتِ به الأوائلُ في هذا الصَّددِ، ولكنَّنا أرَدْنَا بهذا الكتابِ أنْ نُعطِيَ ردًّا مُركَّزًا على كلِّ شُبهةٍ مِنْ هذه الشُّبهاتِ المُثارةِ، الَّتي تتردَّدُ في عصرِنا بشكلٍ أوْ بآخرَ، وبخاصَّةٍ في عصرِ ثورةِ المعلوماتِ، والاتِّصالاتِ، والاستخدامِ المُتزايدِ لشبكةِ الإنترنت».

أمَّا عنْ منهجِ الدُّكتور زقزوق في طرحِ هذه الشُّبهاتِ فقدْ وضعَ الشُّبهةَ في صيغةِ سُؤالٍ، ثمَّ يشرعُ في الرَّدِّ عليها بالمنقولِ والمعقولِ، ويُبيِّنُ فسادَ الشُّبهةِ، وضحالةَ أدلَّتِها، ونظرًا لثقافةِ الدُّكتور زقزوق -رَحِمَه اللهُ- وسَعةِ معرفتِه باللُّغاتِ استطاعَ أنْ يُلِمَّ بأقوالِ المُستشرِقين؛ سواءٌ للاحتجاجِ بها، أو للاعتراض عليها.

ويتألَّفُ الكتاب من سبعةِ فصولٍ؛ حيثُ صنَّفَ المُؤلِّفُ الشُّبهاتِ الَّتي قام بإبطالها إلى شُبهاتٍ تتعلَّقُ بـ: القرآنِ الكريمِ، والنَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والفُتوحاتِ الإسلاميَّةِ، وقضايا الإنسانِ، وقضايا المرأةِ، وحُرِّيَّةِ الاعتقادِ، وتعاليمِ الإسلامِ.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • اسعار السمك اليوم السبت 18-1-2025 في الدقهلية
  • تراجع في أسعار السمك اليوم السبت 18-1-2025
  • البلطي بـ 74 جنيها.. أسعار السمك والجمبري اليوم السبت 18 يناير 2025
  • دعاء النبي قبل النوم .. ردد هذه الأدعية النبوية للحفظ من كل مكروه
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ
  • معلمو الناس الخير
  • الأزهر للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم
  • رحلة التكريم الإلهى
  • كيفية ممارسة العلاقة الزوجية في الإسلام؟.. انتبه لـ 10 حقائق
  • الوقت