لطالما كان إفراغ قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين هاجسا وحلما لكل قيادات الاحتلال الصهيوني منذ خمسينات القرن الماضي .
حتى الآن لا يزال حلم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة مستمرا ، ولا يترك الصهاينة فرصة إلا واستغلوها لتحقيق هذا الهدف ، وهو الهدف الأول والرئيسي للحرب الوحشية التي يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي ، وما يعلنها ساسة العدو من أهداف تعتبر ثانوية ومجرد غطاء لإخفاء الهدف الحقيقي المتمثل بالتهجير .


الثورة /تقرير / عباس السيد – محمد شرف

مخططات تهجير سكان غزة
عام 1948م كان عدد سكان غزة 80 ألف نسمة، ومع انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1949م تضاعف سكان غزة نحو ثلاث مرات على اثر تهجير نحو 200 الف نسمة من الداخل الفلسطيني إلى القطاع .
وبعد توقيع اتفاقية الهدنة بين الكيان الإسرائيلي ومصر في 24 فبراير 1949، تولى القطاع حاكم عسكري مصري ، يتمتع بنفس الامتيازات التي كان يتمتع بها المندوب السامي البريطاني قبل النكبة.
في العام التالي لقيام ثورة يوليو 1952 في مصر ، وصل جمال عبد الناصر إلى السلطة في عام 1953. كانت إدارته لا تزال تتلمس طريقها على جبهة السياسة الخارجية و تتصارع مع القضايا الداخلية عندما وافقت على خطة لنقل 12 ألف عائلة فلسطينية لاجئة من قطاع غزة إلى أراضٍ في صحراء شمال غرب سيناء .
وتضمنت الخطة إقامة مشروعات اقتصادية واستصلاح الصحراء بتوجيه أجزاء من مياه نهر النيل إليها .
وقد حظيت الخطة التي تم التفاوض عليها بين الحكومة المصرية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين “الأونروا” بدعم الإدارة الأمريكية التي وافقت على تخصيص 30 مليون دولار لتمويل الخطة .
ورغم خطورة مشروع التهجير في ذلك الوقت ، كانت الحكومة المصرية والأونروا مصممتين على تنفيذه.

هَبة مارس وافشال المخطط
بدأت الحركات الشعبية ضد مشروع إعادة توطين سيناء بمجرد أن نشرت الصحف المصرية لأول مرة تلميحات عن الخطة في مايو 1953.
وفي 1 مارس 1955، مباشرة بعد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، جرت مظاهرة حاشدة في مدرسة فلسطين الرسمية في غزة، حيث هتف المعلمون والطلاب وسائقو الحافلات وأصحاب المتاجر: “لا للترحيل، لا للاستيطان ، يسقط عملاء الولايات المتحدة»
ورفعوا شعار : “ كتبوا مشروع سيناء بالحبر وسنمحوه بالدم».
قوات الشرطة المصرية فتحت النار على المتظاهرين ، وشهدت بلدات وقرى ومخيمات في مختلف أنحاء القطاع، من بيت حانون شمالا وحتى رفح جنوبا مظاهرات أحرق فيها المتظاهرون سيارات تابعة لمسؤولين عسكريين مصريين وهاجموا مقر وكالة الأمم المتحدة ومستودعات الأونروا .
واصلت السلطة المصرية في غزة تهديداتها للمعارضين ، وفي مدرسة الذكور الإعدادية للاجئين في النصيرات، وقف مدير مباحث غزة سعد حمزة على المنصة في ساحة المدرسة وخاطب المعلمين والطلاب قائلا : “ قولوا لأهلكم إذا لم تركبوا القطار إلى سيناء فستحملون أبناءكم وأمتعتكم على رؤوسكم وتذهبون إلى سيناء مشياً على الأقدام».
لم يأبه الغزيون للتهديد ، وحافظ المتظاهرون – الشيوعيون وأعضاء الإخوان المسلمون والمستقلون – على زخم التظاهرات خلال الأيام القليلة التالية.
وأشرفت على التظاهرات “ اللجنة الوطنية العليا “ التي عقدت اجتماعاتها في مقر نقابة المعلمين في الأونروا. وتم اختيار ممثلي اللجنة في كل من مخيمات القطاع الثمانية، وشُكلت لجان فرعية لحماية المعتصمين، مما اضطر السلطات المصرية إلى تفويض مدير مباحث قطاع غزة، سعد حمزة، للتفاوض مع ممثلي اللجنة الوطنية العليا.
وبالفعل ، التقى ممثلان – الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني معين بسيسو ** وزعيم الإخوان المسلمين فتحي البلعاوي – مع سعد حمزة ونقلا مطالب المتظاهرين وهي :
– إعلان عام من قبل وسائل الإعلام المصرية الرسمية عن إلغاء مشروع إعادة التوطين في سيناء .
– تدريب وتسليح الفلسطينيين في المخيمات حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ضد الغارات الإسرائيلية.
– محاكمة جميع المسؤولين الذين أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين .
– منح الحريات المدنية للفلسطينيين في القطاع ، وأهمها حرية النشر والتجمع والإضراب، وعدم ملاحقة من شاركوا في الاحتجاجات.

استجابة مصرية
وعلى وقع تلك التظاهرات ، أصدر الحاكم العسكري المصري لقطاع غزة ، اللواء عبد الله رفعت – الذي فر إلى العريش عند اندلاع الاحتجاجات – بيانا يستجيب لمطالب اللجنة الوطنية العليا، ووعد بإنهاء مشروع إعادة التوطين في سيناء، وصياغة مشروع قرار قانون جديد لتدريب وتسليح سكان مخيمات اللاجئين في القطاع، وضمان الحريات المدنية، وعدم مضايقة المشاركين في الاحتجاجات.
ومع ذلك، تم كسر تلك الوعود بسرعة ، ودعا رفعت الكتائب العسكرية المصرية المتمركزة في صحراء سيناء إلى شن حملة اعتقالات واسعة النطاق ليلة 8-9 مارس 1955، وتم اعتقال أعضاء اللجنة الوطنية العليا، فضلاً عن العديد من المعلمين والطلاب والعمال ، وتم إرسالهم إلى سجن غزة المركزي والعريش ثم نقلوا إلى سجن مصر العام، حيث مكثوا حتى يوليو 1957.
كما قام الحاكم المصري لغزة اللواء عبدالله رفعت بتفكيك نقابة المعلمين التابعة للأونروا، وأمر باتخاذ إجراءات جزائية صارمة ضد أي شخص يحرض على الإضرابات أو الاعتصامات.

تحول في السياسة المصرية
شكلت الغارة الإسرائيلية على أهداف عسكرية مصرية في قطاع غزة في 28 فبراير 1958، فضلاً عن الاحتجاجات الجماهيرية التي تلت ذلك ، تغييراً في مسار ثورة 1952 المصرية وتوجهات قادتها. وأعلن جمال عبد الناصر ، أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة سيكون نقطة تحول في تاريخ مصر والمنطقة.
وقد تم التعبير عن هذا التحول بحدثين هامين ، الأول : تعزيز العلاقات المصرية مع المعسكر الشرقي . والثاني ، قرار القيادة المصرية بدء العمل الفدائي المنطلق من قطاع غزة .

مخططات الستينات
تواصلت المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين وظهرت أفكار عديدة لبحث مستقبل العرب المقيمين في داخل كيان الاحتلال ، منذ إعلان قيام هذا الكيان الغاصب . وفي تصريح لـ” ديفيد بن غوريون “ أول رئيس لحكومة لكيان الاحتلال قال فيه :” أنَّ العرب يجب ألّا يبقوا هنا، كما أنَّ يهود أمريكا يجب ألّا يبقوا هناك، وسأبذل كل جهدي كي يكون العرب في دولة عربية».
عقب حرب 1967، عادت مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة و الضفة الغربية للظهور مجددا . حيث أعدَّت الخارجية الإسرائيلية في 1968 خطة يجري بموجبها “ تعزيز حركة الفلسطينيين “ من غزة إلى الضفة ، وجزء منهم إلى الأردن ، ومن هناك إلى مناطق أخرى في العالم العربي، دون أن يظهر الأمر موجهاً من إسرائيل، بل وكأنه يتم بصورة عفوية تلقائية.

خطط أميركية للتهجير
عام 1968 بحثت لجنة في الكونغرس الأمريكي خطة للتهجير الطوعي لنقل 200 ألف فلسطيني من غزة إلى عدد من دول العالم، بينها: ألمانيا الغربية، والأرجنتين، وباراغواي، ونيوزيلندا، والبرازيل، وأستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، لكنَّ الخطة لم تخرج إلى حيِّز التنفيذ، إما لأنَّ الفلسطينيين لم يوافقوا على الهجرة ، أو لأنَّ تلك الدول لم توافق على استيعابهم .

حرب 2009م وموقف مبارك
خلال الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر 2008 وأوائل 2009 ، تدفق مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى سيناء ، لكنهم عادوا إلى القطاع بعد انتهاء الحرب إبان حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ، وكانت هذه المحاولة أول اختبار عملي لخطة التهجير القسري، وتحدث عنها مبارك في إحدى مقابلاته الإعلامية بعد ذلك ، مؤكدا أنه أبلغ بحسم نتنياهو آنذاك الذي قدم له مقترح التهجير وخارطة التوطين بعدم وجود رئيس مصري يمكنه القبول بها.

هل يرفض السيسي ؟
منذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة ، اعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اكثر من مناسبة رفض مصر لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ، لكن الكثير من المراقبين وجدوا ان مواقف السيسي تفتقد إلى الجدية والحزم مقارنة بالموقف الرسمي الأردني الذي كان اكثر صلابة من خلال التهديد بإلغاء اتفاقات المشروعات الاقتصادية المشتركة مع دولة الكيان وابرزها اتفاقية المياه والطاقة .
الرئيس السيسي لم يظهر موقفا مبدأيا رافضا لخطط التهجير عندما اقترح تهجير سكان غزة إلى النقب بدلا من سيناء ، أو عندما اقترح دولة فلسطينية “ منزوعة السلاح « .

تدمير رفح المصرية وتهجير سكانها
قامت السلطات المصرية بتهجير نحو 70 ألف نسمة هم سكان مدينة رفح المصرية و دمرت حوالي 12 الف منزل خلال الفترة 2013_2019 ، ومرافقها من تجريف لمئات الهكتارات من المزارع المجاورة لغزة والحدود مع الكيان ، وردم الأنفاق التي كانت تربط رفح المصرية برفح الفلسطينية ، والتي كانت تمثل شريان حياة بالنسبة للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة .
السلطات المصرية بررت تلك الأعمال بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي المصري ، لكن الكثير من المراقبين لم يجدوا فيها سوى خدمة للكيان الإسرائيلي ومخططاته الرامية لخنق سكان القطاع وإذلالهم .

رفح الجديدة
على بعد نحو سبعة كيلومترات من مدينة رفح القديمة المدمرة ، تواصل الحكومة المصرية إنشاء مدينة “ رفح الجديدة على مساحة 2 مليون متر مربع . بدأ العمل في المشروع عام 2018، ويتضمن أكثر من عشرة آلاف وحدة سكنية في مراحله الثلاث .
في 31 أكتوبر الماضي – في الأسبوع الرابع من الحرب الهمجية الصهيونية على غزة – زار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مدينة رفح الجديدة ، معلنا الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع ، وتم التكليف بالبدء في المرحلتين الثانية والثالثة بالإضافة إلى البدء في مدينة بئر العبد الجديدة وتنفيذ مراحل تنميتها خلال الأيام القادمة.
وأضاف مدبولي، أن الدولة المصرية نفذت مشروعات في مجال التنمية الصناعية بقيمة 6.5 مليار جنيه.
وتخصيص 38 مليار جنيه لإنشاء مجمعات صناعية لإنتاج الإسمنت والرخام والرمال السوداء ستخدم مصر بأكملها وليس فقط شمال سيناء .
اللافت أن سكان رفح القديمة الذين دمرت منازلهم ومزارعهم تشتتوا في محافظات الدلتا المصرية خارج سيناء وليس لهم نصيب في رفح الجديدة ، وهنا يتسائل الكثيرون :
لمن تُبنى رفح الجديدة . ومن سيعمل في مشروعاتها الاقتصادية بعد تهجير رفح المصرية والبلدات شرق مدينة العريش ؟.
ألا يمكن أن تكون مشروعات الهدم والتدمير والبناء والتعمير التي شهدتها مناطق شرق سيناء هي استعداد لسيناريو إفراغ غزة من سكانها ؟.

سياسة العصا والجزرة الأمريكية
يراهن الأميركيون والإسرائيليون على الوضع الاقتصادي المتردي في مصر ،
وتشير بيانات اقتصادية إلى أن قيمة الديون الخارجية المستحقة السداد من جانب مصر، تساوي نحو 29.229 مليار دولار خلال العام المقبل 2024.
وبحسب تقرير للبنك الدولي حول الوضع الخارجي للاقتصاد المصري، تشمل هذه القيمة سداد فوائد بلغت 6.312 مليار دولار، وأقساط ديون تقدر بحوالي 22.917 مليار دولار.
ووفقا للتقرير، يتطلب دفع حوالي 14.595 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، بينما من المتوقع سداد نحو 14.634 مليار دولار خلال النصف الثاني من نفس العام.
وسجل إجمالي الدين الخارجي المستحق على مصر نحو 165.3 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، بزيادة قدرها 9.6 مليار دولار مقارنة بنهاية يونيو 2022.
يستغل الإسرائيليون والأميركيون هذا الوضع ويكررون عبارة “حوافز اقتصادية” ومكاسب ستجنيها مصر إن وافقت على مشروع التهجير إلى سيناء. وجرى الكلام عن شطب الديون المصرية، ووعود بتقديمات مالية سنوية وتسريع عملية حصولها على قروض معلقة .

أوراق إسرائيلية حديثة
في آب 2019، ذكر الصحافي عميحاي شتاين أن الحكومة الإسرائيلية تخطّط لتعزيز الهجرة الدائمة للفلسطينيين من غزة. ولا تزال تفصيلات الخطة مجهولة، لكن من المعلوم بأنها تتضمن اقتراحات على دول أُخرى لقبول المهاجرين الفلسطينيين في مقابل قيام إسرائيل بتغطية التكاليف. وحتى الآن، لم توافق أي من الحكومات التي تم الاتصال بها على هذا العرض.
في 17 أكتوبر الماضي ، نشر معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية ورقة بحثية تحث الحكومة الإسرائيلية على الاستفادة مما وصفتها ب “الفرصة الفريدة والنادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله” وإعادة توطين الفلسطينيين في مصر بمساعدة الحكومة المصرية.
وبشكل منفصل، أوصت وثيقة مسربة من وزارة المخابرات الإسرائيلية بإعادة توطين الفلسطينيين من غزة قسراً في شمالي سيناء وبناء منطقة عازلة على طول الحدود الإسرائيلية لمنع عودتهم.
وقد اعترف نتنياهو بصحة الوثيقة لكنه اعتبرها غير ملزمة .

طبيعة الحرب الوحشية تشير إلى هدف التهجير
يجمع الكثير من المراقبين حول العالم أن ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر الماضي ليست حربا ، بل تطهير عرقي وإبادة جماعية للفلسطينيين في القطاع .
خلال شهرين فقط ، تجاوز عدد الشهداء 16 ألفا نحو 70% منهم أطفال ونساء، أرقام الضحايا وحجم الدمار بلغت أرقاما قياسية كارثية غير مسبوقة في تاريخ النزاعات والحروب في العالم .
وحشية الحرب وبشاعة المجازر اليومية وحجم الدمار ومستوى الحصار الشامل والقاتل تشير إلى أن أهداف الحرب تتجاوز تلك التي يعلنها قادة الاحتلال وهي : القضاء على حركة حماس كقوة عسكرية وكسلطة ، استعادة الأسرى ، وضمان عدم ظهور تهديد للكيان من داخل غزة مستقبلا .
الهدف الحقيقي لهذه الحرب هو تهجير سكان القطاع إلى سيناء المصرية ، هذا ما تؤكده أيضا التكتيكات العسكرية التي يستخدمها جيش الاحتلال باعتماده بشكل رئيسي على القصف الجوي واتباع سياسة الأرض المحروقة ، ودفع الناجين من سكان شمال القطاع للنزوح باتجاه الوسط والجنوب .
بينما كانت التوغلات البرية والسيطرة على الأرض محدودة ، لا تهدف سوى إلى المزيد من القتل والحصار وفرض مسارات محددة لنزوح السكان من محافظة الشمال ومدينة غزة باتجاه الوسط والجنوب ، خان يونس ورفح ، باعتبارها مناطق آمنة كما كان يزعم جيش الاحتلال .
خلال شهر ونصف من الحرب، نزح أكثر من مليون فلسطيني نحو الجنوب، ومنعوا من العودة لتفقد منازلهم في الشمال خلال فترة الهدنة الإنسانية التي استمرت أسبوعا واحدا، كما منع الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الشمال بهدف إجبار من تبقى من سكانها على النزوح.
وقد كان لافتا استهداف المستشفيات ومراكز إيواء النازحين مع إنها لا تشكل تهديدا امنيا أو عسكريا لجيش الاحتلال، لكن الهدف الرئيسي لاستهداف تلك المنشآت هو :
وقف الخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان بشكل ملح في مثل هذه الظروف واهمها ، الخدمات الصحية و الإيواء ، وجعل تلك المدن والبلدات غير صالحة للعيش .
والهدف الثاني هو إخلاء تلك المنشآت من عشرات آلاف النازحين الذين كانوا يعتقدون أنها ملاذات آمنة رغم تردي الأوضاع التي كانوا يعيشونها .
استأنف جيش الاحتلال حربه الشاملة على القطاع بعد انتهاء الهدنة ، وفي هذه المرحلة الثانية، تركزت عملياته في منطقة الوسط ، وتحديدا محافظة خان يونس . المنطقة التي قال سابقا أنها آمنة أصبحت منطقة قتال بحسب بيانات لجيش الاحتلال حذرت السكان ودعتهم الى التوجه جنوبا نحو رفح ، المنطقة الحدودية مع سيناء المصرية .

عزمي بشارة : الخطة قائمة
أكد المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن مشروع التهجير لا يزال قائمًا كخطة، بالنظر الى مواقف القيادات الإسرائيلية وطبيعة الحرب الوحشيةعلى غزة وتكدس السكان في الجنوب.
ويرى بشارة أن فتح معبر رفح سيجعل الناس يخرجون انطلاقًا من غريزة البقاء بالدرجة الأولى.
وأكّد بشارة في لقاء معه على قناة التليفزيون “ العربي “ في 3 ديسمبر الجاري، أن مصر قادرة على إيقاف التهجير ، مشدَّدًا على أن التهجير قد لا يشكّل خطرًا وجوديًا على مصر، ولكنه خطر وجودي على فلسطين، معتبرًا أنه على مصر مواجهته من باب التضامن.
وقال: “ أن فقدان الثقة فيما بين الدول العربية، وتنافسها على تحالف الولايات المتحدة، حال دون تحرك عربي فاعل تجاه الحرب على غزة «.

خاتمة :
في مقال له بموقع “ مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي نشر بتاريخ31 أكتوبر 2023 “ يقول الباحث جوناثان أدلر :
لقد صرحت الحكومة الإسرائيلية بأن هدفها هو القضاء على حماس، ولكن من الواضح على نحو متزايد أن الحرب تسعى إلى تحقيق هدف ثانٍ : الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة .
يضيف أدلر : “ في عام 1955، انتفض الفلسطينيون في جميع أنحاء غزة، فيما أصبح يعرف باسم انتفاضة مارس، وأجبروا الأونروا والولايات المتحدة ومصر على التخلي عن خطط إعادة التوطين. واليوم، بينما يكافح الفلسطينيون في غزة من أجل البقاء على قيد الحياة، وبينما يغض الزعماء الأميركيون والأوروبيون الطرف عن معاناتهم، فمن غير الواضح ما إذا كان أي نوع من الاحتجاج السياسي قادراً على منع وقوع نكبة ثانية.».

هوامش
* هبة آذار، مارس 1955م في قطاع غزة.. إحباط مخطط التوطين .. وقال الباحث المؤرخ ماهر الشريف في موقع الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية ..ولد الشريف في دمشق عام 1950 لأب فلسطيني وأم سورية.
أبحاثه متخصصة في التاريخ الفكري العربي الحديث وتاريخ الحركات السياسية العربية.
كان عضوا في اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني.
يعتبر الشريف من أهم المؤرخين الفلسطينيين ويحمل درجتي دكتوراه من جامعة باريس الأولى والسوربون.

معين بسيسو :
سياسي وشاعر فلسطيني ، (1926 – 1984)
له كتاب “ دفاتر فلسطينية “ الصادر عام 1978 . مزج فيه بسيسو بين مذكراته الشخصية والحوادث التاريخية التي عايشها خلال فترة شبابه وما تلاها. ومن بين ما أسهب في شرحه قصة انتفاضة قطاع غزة عام 1955، التي أنهت مشروعًا مصريًا أمريكيًا بمشاركة مندوبين عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، لتوطين اللاجئين في سيناء.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: اللجنة الوطنیة العلیا تهجیر الفلسطینیین من الإسرائیلیة على الحکومة المصریة أکتوبر الماضی جیش الاحتلال رفح الجدیدة رفح المصریة ملیار دولار فی قطاع غزة من قطاع غزة تهجیر سکان من غزة إلى إلى سیناء سکان غزة التی کان مشروع ا من سکان على غزة غزة من

إقرأ أيضاً:

مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية

بالتزامن مع ذكرى تحرير سيناء؛ عقدت "مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين" أمس الأربعاء ـــــ بأحد فنادق شرق القاهرة ـــــ مؤتمراً موسعاً لرؤساء مراكز الدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي المصريين والذين بحثوا تداعيات تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين على الصعيدين الوطني والإقليمي؛ وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية.

 بدأ المؤتمر الذي أدار فعاليات جلستيه الدكتور بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية بكلمات افتتاحية للدكتور أيمن عبد الوهاب رئيس المجموعة ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكد خلالها على أهمية التنسيق والعمل المشترك بين مراكز الفكر للتعاطي مع القضايا الوطنية؛ ومن بينها قضية تهجير الفلسطينيين وما تشكله من تهديد للدولة المصرية وللمنطقة والتي شكلت المحرك الرئيس لتحالف المراكز المؤسسة لمجموعة العمل الوطنية، وذلك قبل أن يشير اللواء أحمد الشهابي رئيس المركز الوطني للدراسات في كلمته الترحيبية إلى أهمية استمرار مجموعة العمل الوطنية في التعاطي مع كافة الملفات التي تمس الدولة المصرية ومصالحها، معرباً عن استعداد المركز للاستمرار ضمن التحالف الثلاثي بعد انتهاء أزمة غزة. 

وفي أعقاب ذلك؛ عرض اللواء الدكتور أحمد فاروق مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام للمجموعة بعرض ورقة عمل للمخططات الإسرائيلية الخاصة بتهجير الفلسطينيين وما يجري منها على أرض الواقع، أشار خلالها للأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها عبر إنفاذ هذه المخططات؛ وفي المقدمة منها الأهداف الأيديولوجية الدينية والمصالح الاقتصادية، وذلك قبل أن تُعطى الكلمة لعمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية الذي اعتبر ما يحدث من قبل إسرائيل تهديداً للنظام العالمي وقبول العالم له إقرار بأن "القانون الدولي أصبح لا قيمة له"، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير صالحة لأي مباحثات سلام، معتبراً أن تغيير إسرائيل من الداخل يُعد شرطاً لإنجاح أي مباحثات عربية إسرائيلية. 

من ناحيته؛ أكد اللواء الدكتور وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة وأحد أعضاء مجموعة العمل أن "تهجير الفلسطينيين والتمدد الإسرائيلي على حساب الأراضي العربية" هو سيناريو ممتد لسنوات؛ ويجب أن تنطلق آليات مواجهته من هذه الحقيقة، وهو ما دعا اللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع الأسبق للتأكيد على أن أي خطة لن تراعي حقوق الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل، وهو ما توافق مع الدكتور نبيل فهمي وزير خارجية مصر الأسبق الذي اقترح إحياء المبادرة العربية التي جرى إعلانها في بيروت 2002.

وهو ما لقى توافق من أغلب الحضور ومن بينهم اللواء أيمن عبد المحسن عضو مجلس الشيوخ الذي اعتبر أن توحيد الموقف العربي لمواجهة الواقع الذي تفرضه إسرائيل على الأرض لم يعد خيار؛ بل ضرورة حتمية؛ خاصة بعدما باتت مطامع إسرائيل في أراضي دول عربية أخرى كسوريا ولبنان واضحة، والدكتورة رشا راغب المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب التي رأت من ناحيتها ضرورة توحيد المفاهيم والسرديات الخاصة بالقضية الفلسطينية لدى الشباب؛ والعمل على بث رسالة إعلامية موحدة وتوظيف القنوات غير الرسمية في سبيل ذلك.

ولم يغفل المؤتمر "مستقبل المقاومة الفلسطينية" الذي تعرض له في ورقة عمل الدكتور عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المجموعة، وأكد خلالها على أن المقاومة السلمية قد تكون هي الخيار الأمثل خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما تراجعت قدرات حركات المقاومة المسلحة ومن بينها حماس جراء الضربات الإسرائيلية لها في أعقاب 7 أكتوبر، مشيراً إلى أهمية دعم مصر للدور السياسي للمقاومة الفلسطينية ودعم السلطة لتجاوز أي انقسامات أو ضعف تعانيه، الأمر الذي عقب عليه الدكتور طارق فهمي مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط.

مؤكداً أن حماس لن تخرج من المشهد الفلسطيني؛ كما أنها تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز بها الوساطة العربية، بالرغم من أن مصر مازالت تمثل الرقم الأهم في معادلة غزة، هذا وقد اختتمت أعمال المؤتمر بإصدار بيان ختامي ألقاه اللواء أ.حنصر سالم الرئيس الأسبق لجهاز الاستطلاع وأحد أبطال حرب أكتوبر. 
جدير بالذكر أن مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين هي تحالف من مراكز الفكر يضم المركز الوطني للدراسات ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وخبراء مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، انطلقت أعمالها في فبراير الماضي (2025).

وبنهاية اللقاء أصدرت المجموعة بياناً ختاميا فقد توافق المجتمعون على أن تداعيات تهجير أهالي قطاع غزة سواء لمصر أو غيرها من الدول تتجاوز في حدودها تهديد الأمن القومي المصري؛ منها إلى تهديد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، كما أنه يهدد مسار تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.

وبحسب البيان أكد المجتمعون على أهمية العمل على تعزيز التعاون العربي وبناء موقف موحد لدعم الخطة المصرية العربية لإعادة الإعمار؛ بالتوازي مع تعبئة أعضاء الجامعة العربية لتفويض مجموعة مصغرة للتفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والذي يجب أن يتم إحاطته بتداعيات تهجير الفلسطينيين على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، تمهيداً لإحياء المسار السياسي وتجاوز مباحثات وقف إطلاق النار وسؤال اليوم التالي الذي تستخدمهم إسرائيل في تصفية القضية.

وأشاروا إلى أنه يمكن العمل على إعادة إحياء المبادرة العربية (2002)؛ لاسيما وأنها ـــــ في مقابل منح الفلسطينيين حق إقامة الدولة ـــــ تتفاعل مع سؤال الأمن الذي يشغل الداخل الإسرائيلي وحلفائهم الدوليين.

كما شددوا على أهمية التعاون والتكامل بين مراكز الفكر والدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي لتعزيز الإنتاج المعرفي الداعم لإنفاذ القرارات الأممية الخاصة بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين؛ بما يعزز السلام والأمن الإقليمي والدولي، ويشكل أحد دعائم الأمن القومي المصري. 
 
المشاركون في المؤتمر: 
1. عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية وزير خارجية مصر الأسبق.
2. الدكتور نبيل فهمي وزير خارجية مصر الأسبق.
3. السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية وزير خارجية مصر الأسبق.
4. الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ رئيس مجموعة العمل الوطنية في دورتها الأولى. 
5. اللواء أ.ح/ ياسر سليم رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة. 
6. اللواء / أحمد الشهابي رئيس المركز الوطني للدراسات.
7. اللواء الدكتور / أحمد فاروق مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام لمجموعة العمل الوطنية. 
8. الدكتور / عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ عضو المجموعة.
9. اللواء الدكتور / وائل ربيع  مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة؛ عضو المجموعة.
10. اللواء الدكتور / أسامة إبراهيم  مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة؛ عضو المجموعة. 
11. هاني الأعصر المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات؛ مسئول الاتصال والمتابعة للمجموعة. 
12. الدكتور / بهجت قرني  أستاذ العلوم السياسية. 
13. الدكتورة / رشا راغب  المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب. 
14. العميد الدكتور / خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. 
15. الدكتور / طارق فهمي  مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط. 
16. الوكيل / خالد مختار رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم. 
17. الدكتورة / هالة رمضان علي  مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. 
18. الدكتورة / رهام عبد الله سلامة  المديرالتنفيذي لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف. 
19. الدكتور / حسن محمد  المدير التنفيذي لمركز سلام لدراسات التطرف ـــــ دار الإفتاء المصرية. 
20. الدكتورة / شيرين جابر إبراهيم  نائباً عن رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية. 
21. الدكتور / هاني إبراهيم  الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان. 
22. الدكتور / أحمد يوسف  أستاذ العلوم السياسية ــــ جامعة القاهرة. 
23. اللواء الدكتور / محمد الكشكي  المساعد الأسبقلوزير الدفاع للعلاقات الخارجية. 
24. اللواء الدكتور / أيمن عبد المحسن  عضو مجلس الشيوخ والرئيس الأسبق لفرع المعلومات بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. 
25. اللواء الدكتور / نصر سالم الرئيس الأسبق لجهاز الاستطلاع ــــ بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. 
26. اللواء أ.ح / أحمد زين  رئيس مجموعة الدراسات العسكرية والأمنية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط. 
27.  أشرف ميلاد روكسي  المساعد السابق لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بالأراضي المحتلة. 
28. اللواء أ.ح /  إيهاب حامد  مستشار الأكاديمية الوطنية للتدريب. 
29. الدكتور / محمد السنوسي الداودي  مدير المكتب التنفيذي والتعاون الدولي ــــ الأكاديمية الوطنية للتدريب. 
30. الوكيل / خالد مطاوع   المخابرات العامة سابقاً. 
31. الوكيل / وليد المنوفي  المخابرات العامة سابقاً.
32. نديم عابدين  الخبير في الأمن السيبراني.

مقالات مشابهة

  • السيسي: مصر ترفض تهجير الفلسطينيين وتقف سدا منيعا أمام تصفية القضية
  • العرب يدعون واشنطن لإنهاء انحيازها لإسرائيل ويرفضون تهجير الفلسطينيين
  • مصر: إيطاليا تدعم الخطة العربية لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين
  • اجتماع عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال
  • اجتماع وزاري عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال
  • العمل الوطنية: مقاومة تهجير الفلسطينيين مسؤولية عربية.. وعمرو موسى: تهديداً للنظام العالمي
  • هشام الحلبي: مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء موجود منذ فترة الخمسينيات
  • السيسي يؤكد رفض مصر تهجير الفلسطينيين.. شاهد
  • مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • السيسي يؤكد رفض مصر تهجير الفلسطينيين