«الحرف التراثية».. عطايا الأرض المستدامة
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
وسط فضاء مفتوح يتألق الحرفيون في «واحة الاستدامة» ضمن «كوب 28» بالمنطقة الخارجية لـ «بيت الاستدامة»، حيث تفوح روائح الخوص والصوف والقهوة العربية والأعشاب والنباتات العطرية الجافة واليانعة، لتصطحب زوار الحدث العالمي إلى الماضي بكل تجلياته. أنشطة ممتعة تركز على الطبيعة والتراث الثقافي والحياة الاجتماعية في دولة الإمارات، وتمكن الزوار من استكشاف الواحة والتعرف على نظام الري «الفلج» التاريخي ومجموعة من النباتات والأشجار التي تزدهر في أنحاء الدولة.
خيرات الطبيعة
في مشهدية متكاملة تبهج الزوار من مختلف أنحاء العالم، وتمنحهم فرصة الاطلاع على أنواع من الحرف التراثية الصديقة للبيئة، والتي ابتكرها الإماراتي منذ القِدم، مستثمراً خيرات الطبيعة، حيث أوجد ما يعينه على الحياة من الأرض الطيبة المعطاء، التي تحولت بالإرادة والإصرار إلى أدوات جميلة تزين بيوت الأولين وتحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء، وتسهم في علاج مرضاهم، ضمن منصة تفاعلية تحاكي العيش في «الفرجان» قديماً.
مهارات عملية
تحتفي الحرف اليدوية الموجودة في «واحة الاستدامة» بإكسبو دبي، بالعلاقة الإبداعية والفنية بين أبناء الإمارات والموارد الطبيعية المحلية على مر الزمن. فقد تمكن الأجداد من تطوير مهاراتهم لتلبية احتياجاتهم الوظيفية والاقتصادية مستفيدين من طبيعة الإمارات التي تتميز بثرائها وتنوعها، وتعكس بفضل هذه الممارسات إحساساً فنياً عالياً. ولا يقتصر دور هذا التراث غير المادي الذي تتوارثه الأجيال على الحفاظ على المهارات العملية فقط،، بل يسهم أيضاً في تعزيز القيم الاجتماعية المشتركة المرتبطة بالهوية الوطنية.
احتفاء بالموروث
المعرض المفتوح يشكل فرصة للاحتفاء ببراعة ومهارة رجال ونساء الإمارات وبحكمتهم وخبراتهم التي أسهمت في إبداع مجموعة حرف استُخدمت فيها خيرات من شجرة النخيل ومن البيئة الطبيعية، بوساطة تقنيات أثرت التراث المستمر حتى اليوم.
صون التراث
جلوس هذه النخبة من الحرفيين الكبار والصغار، يعملون على إبداع أدوات متنوعة وسط ورش مفتوحة، فعل ملهم للأجيال، يندرج ضمن الجهود الرامية إلى صون للتراث والحفاظ على العادات والتقاليد الأصيلة والرصيد الحضاري والإنساني أمام العالم. ويسهم في مد الجسور بين الماضي والحاضر ونقل هذه الخبرات للأجيال، عبر منصات لتعليم الحرف وحفظها من الاندثار، ودمج مفرداتها في الأدوات العصرية ومختلف الفنون.
قصة استدامة
وذكرت ميرة عبدالله المطوع، مديرة الاستراتيجية في«بيت الاستدامة»، أن «واحة الاستدامة» التي تتضمن عروضاً حية للحرفيين، هي انعكاس حقيقي لمهارة الأجداد الذين حافظوا على الموارد الطبيعية واستثمروها لإيجاد أدوات مستدامة صحية. وقالت: نقدم لزوار «كوب 28» رحلة الإمارات في التقدم الجماعي المستدام، ونشارك قصتنا في هذا المحفل العالمي لتعريف الضيوف على تاريخنا وما يرتبط به من علاقات اجتماعية وعادات وتقاليد وطقوس، موضحة أن الحرف اليدوية تحتفي بالعلاقة الإبداعية بين أبناء الإمارات والموارد الطبيعية المحلية على مر الزمن، حيث تمكن الأجداد من تطوير مهاراتهم لتلبية احتياجاتهم الوظيفية والاقتصادية مستفيدين من البيئة الطبيعية التي تتميز بثرائها وتنوعها.
قصص اجتماعية
عناصر تصطحب الزوار إلى قصص قديمة ارتبطت بالبحر والبادية والجبل والصحراء، تعكس ما عاشه الناس من تحديات جلب الرزق، وتؤرخ لقصص الأجداد وكفاحهم عبر مجموعة من المشاهد الحية، حيث يختبر الجميع دفء الأجواء التي سادت في المجتمع المحلي قديماً، من تعاون على في البناء والعمل، حيث تظهر العروض الحية الشباب وهم يبنون بكل حب «بيت العريش» بينما تعمل الجدات في جماعات على الحرف اليدوية. أما «بيت القهوة» فيستضيف الزوار بكل حفاوة، وسط فضاء يتعرف فيه الزوار على المهارات التي اشتهر بها الحرفيون في ذاك الزمن، حيث يحيي الصناع وعبر مختلف الحرف والفنون المرتبطة به صوراً من الماضي، ليبقى حياً ومستداماً ويعيش للأجيال. وتستعرض هذه المنصة العديد من الحرف المستدامة والممارسات الاجتماعية التي رافقتها.
الحرف البحرية
ضمن أجواء تراثية مبهجة، تستعرض «واحة الاستدامة» صناعات تقليدية ارتبطت بالنساء، وأخرى مارسها الرجال أعانتهم على الصيد واستخراج اللؤلؤ، بحيث تمكن أبناء الإمارات من إيجاد طرق مبتكرة مستدامة لاستكشاف البحر والاستفادة من ثرواته، مثل صناعة «القراقير» من سعف النخيل، و«الليخ» من القطن، وسواها.
المجلس
لا تكتفي «واحة الاستدامة» بتقديم الحرف التراثية، وإنما تظهر صوراً من الحياة الاجتماعية، حيث «المجلس» المتواجد في أروقة الواحة، حيث اصطفت مقاعده بطريقة استُلهمت من«المجلس»، المكان التقليدي لاستقبال الضيوف في الثقافة المحلية حيث تجتمع العائلات وترحب بالضيوف، وتتشارك فيه القصص حول القهوة العربية والتمور والوجبات المختلفة. وهو أيضاً المكان الذي تقام فيه المنتديات المفتوحة لتبادل الأخبار ومناقشة القضايا التي تهم المجتمع ويسهل شكل المقاعد الممتد كشبه دائرة إجراء مجموعة من الأشخاص لنقاشات مفتوحة يملؤها الاحترام المتبادل.
الفلج
وسط «الأفلاج» وممرات المياه يجلس الحرفيون كما في السابق، حيث شكلت المياه عصب الحياة ونقطة تجمع السكان. وتعد «الأفلاج» حسب التعريف المتواجد بالواحة على أنها قنوات مياه تمثل عنصراً رئيساً في تراث الإمارات. ففي السابق صمم أسلافنا نظام الري القديم لجلب المياه من الجبال إلى الصحراء، حيث كانت المياه تتدفق على مدار الساعة عبر قنوات مدارة بعناية، وكانت توزع إلى مختلف التجمعات السكنية، حتى يتمكن الجميع من الشرب وري المحاصيل. ولا تزال «الأفلاج» تستخدم حتى يومنا هذا في ري المساحات الزراعية ومزارع النخيل.
الطب الشعبي
ارتبط الأجداد بالطبيعة، ومنها استخرجوا ما يداويهم ويخفف أوجاعهم، فشكل الطب الشعبي، مهنة أساسية في المجتمع مارسها الرجال والنساء على حد سواء. وفي الواحة، وضع تعريف بالطب الشعبي وبالأعشاب التي كانت تستعمل ولازالت إلى اليوم، كدليل على ارتباط الإنسان بالطبيعة سواء بالأعشاب أو بالمكونات المستخدمة في الوصفات الطبيعية والنباتات الصحراوية والشجيرات الجبلية ولحاء الأشجار والصخور المعدنية الموجودة في المناطق النائية. ويستعرض هذا الركن مجموعة من المواد الطبيعية التي استخدمت في العلاج مثل «الخيلة» «المرة» «الصبرة» «ورق الحلول»، وسواها.
النخلة
تتعدد استخدامات سعف النخيل، فبالإضافة إلى كونها المواد الأساسية في بناء البيوت، كانت معظم مستلزمات المنزل تُصنع من الجريد والخوص، بحيث يُجرد الخوص من سعف النخيل في عملية التقليم، ثم يتم تجفيفه وصبغه، وبعد ذلك يُنسج بشكل دقيق في أنماط جميلة ومبتكرة وتُصنع من الخوص عدة مستلزمات منزلية مثل المفارش وأوعية تقديم وحفظ الطعام ومعدات التنظيف.
السدو
يستكشف الزوار العديد من الحرف التراثية النسائية، في الواحة ومنها حرفة «السدو» العريقة في الدولة وهي مثال يعكس براعة الأجداد من البدو وإبداعاتهم، حيث كانت مساكن البدو تعتمد على وفرة العشب والمياه العذبة وتربية الأغنام. وبعد جز صوف الأغنام وشعر الماعز تبدأ النساء بحياكة الصوف لبناء ما يعرف بـ «بيت الشعر»، وهي مساكن البدو في البادية. وتزيَّن هذه الإبداعات بأشكال وعناصر مستوحاة من البيئة المحيطة، كما تحاك من الصوف قطع أخرى كالساحة التي تشبه السجادة العريضة والوسائد ومستلزمات زينة الجِمال.
تكافل
يعكس بناء «بيوت العريش» المخصصة لموسم «القيظ» والخيام صوراً عن التعاون والتكافل، حيث يساعد السكان بعضهم بعضاً، وتُبنى المنازل كغرف النوم ومجالس الاستقبال الضيوف، وتُبنى بيوت العريش والخيام بضم الجريد لبعضه بعضاً وربطه بالحبال المصنوعة من ألياف النخيل وتعرف هذه العملية بـ «الزفانة».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الحرف التراثية الحرف اليدوية الحرف التقليدية الإمارات الحرف الشعبية الاستدامة كوب 28 الحرف التراثیة مجموعة من من الحرف
إقرأ أيضاً:
عاجل - رئيس الوزراء يشيد بالحرف اليدوية والتراثية في الوادي الجديد خلال زيارة القرية التراثية
خلال جولته في القرية التراثية بمدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، استمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى شرح من اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، حول مكونات القرية وأنشطتها المتنوعة. وتعتبر القرية التراثية منصة لعرض أكثر من 110 باكيات ومظلات لعرض المنتجات الحرفية المتميزة التي تعكس التراث المصري الأصيل، مثل أعمال الخوص، والخزف، والرسم بالرمال، والحلي، إضافة إلى تمثيل مبادرة "أيادي مصر" لدعم الحرف التراثية.
وفى هذا السياق، شاهد رئيس الوزراء، عرضًا تفصيليا عن منصة "أيادي مصر"، وذلك عبر شاشة تفاعلية، حيث أشارت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية خلاله إلى أن الوزارة أطلقت منصة "أيادي مصر" للتسويق الإلكتروني خلال الاحتفال بيوم المرأة المصرية في ١٦ مارس ۲۰۲۱، وذلك بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي WFP، والشركة التنفيذية إي- أسواق مصر E-Aswaaq misr إحدى شركات مجموعة e-finance.
وأوضحت الوزيرة أن منصة "أيادي مصر" تهدف إلى تسويق مشروعات الحرف اليدوية للمرأة المصرية، وتشجيع النساء والشباب المصريين على استخدام التكنولوجيا لتسويق وبيع منتجاتهم اليدوية والحرفية، مشيرة إلى أن المشاركة في المعارض المحلية والدولية تأتي في إطار تعزيز انتشار مشروع "أيادي مصر" والتوسع فيه على أرض الواقع والتسويق للمنتجات اليدوية بشكل مباشر أوعبر الإنترنت online من خلال المنصة.
وأضافت الوزيرة: يغطي مشروع "أيادي مصر" مختلف محافظات الجمهورية، ويوجد منسق للمشروع بكل محافظة، وقد بدأت عمليات البيع والشراء على منصة "أيادي مصر" في عام ۲۰۲۲، وذلك بعد أن تم الانتهاء من جميع الملاحظات التقنية على النسخة التجريبية التي تم إطلاقها عام ٢٠٢١، كما تم الانتهاء من النسخة الانجليزية للمنصة، وبلغ عدد الحرفيين على منصة "أيادي مصر" في عام 2023 / 2024 نحو ۲۰۰۰ حرفي و۷۱۳۸ منتجا، ويبلغ العدد الفعلي حاليًا للمنتجات على المنصة ٦٩٥٣ منتجا، وخلال الفترة الماضية تم عمل حصر بأكثر من ٢١٥٠ حرفيا على مستوى المحافظات كمرحلة مبدئية، وجار وضع الخطة للبدء في عملية ضمهم على المنصة.
وتفقد رئيس الوزراء معرض الحرف اليدوية والتراثية، لمختلف المحافظات من انحاء الجمهورية، وكذا عددًا من ورش الحرف اليدوية الخاصة بالرسم على الرمال، والنول، والصوف، وغزل السجاد، والخزف، والفخار، كما تعرف على منتجات الجمعيات الحرفية اليدوية، ومنتجات الأسر المنتجة، ومنتجات جمعيات تنمية المجتمع، ومنتجات عدد من المحافظات المشاركة فى المعرض، مشيدًا بجودة وتميز وتنوع المنتجات المعروضة، وخاصة بالمنتجات صديقة البيئة، وقدم التحية والتقدير لمختلف العارضين، مؤكدا أن مثل هذه المنتجات لها قدرة على المنافسة الكبيرة فى مختلف الاسواق، وذلك لجودتها وتنوعها، ولدورها فى التعبير عن الحضارة والتراث المصري الرفيع، وكذا الثقافات المصرية المختلفة.