نشرت وكالة رويترز تقريرا بعنوان "السيسي.. زعيم شمولي مولع ببناء الجسور يتجه للفوز بولاية ثالثة"، حيث ذكرت أن الرئيس المصري يتعرض لانتقادات من البعض الذين وصفوه بأنه "مستبد" سحق ما تبقى من معارضة بعد تجربة ديمقراطية استمرت لفترة وجيزة، في حين نال ثناء مؤيدين بسبب تعزيز الأمن وتطوير البنية التحتية بقيادة الجيش.

ومن المتوقع أن يحصل عبد الفتاح السيسي، القائد السابق للجيش على ولاية رئاسية ثالثة في انتخابات تبدأ، في العاشر من ديسمبر، وتهيمن عليها الحرب في قطاع غزة المجاور والاقتصاد المتعثر وتأتي بعد 10 سنوات من الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر.

ويقول الناشطون إن عشرات الآلاف سُجنوا في حملة القمع التي تلت ذلك، قبل أن يحول السيسي اهتمامه إلى المشاريع العملاقة وخطط التنمية التي تديرها الدولة والجيش.

والمشروع الرئيسي هو العاصمة الإدارية الجديدة التي تبلغ تكلفتها 58 مليار دولار وتقع في الصحراء شرقي القاهرة، وهي مكان قال السيسي إنه يمثل ميلاد جمهورية جديدة.

وقال: "إحنا مش سايبين لا القاهرة ولا إسكندرية ولا بورسعيد ولا المحافظات (الأخرى). بنتحرك في كل القديم والجديد مع بعض".

وبالنسبة لمنتقديه، دفع المدير السابق للمخابرات الحربية مصر إلى مستوى أعمق من الاستبداد يفوق عهد الرئيس الراحل، حسني مبارك، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية، في عام 2011، بعد أن حكم البلاد 30 عاما في ظل حالة الطوارئ.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن السيسي كمم أفواه المعارضين السياسيين والنشطاء ووسائل الإعلام، في حين نفذت قوات الأمن عمليات اعتقال تعسفية وتعذيب مع الإفلات من العقاب.

وأصدر القضاء أحكاما بالإعدام على مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين منذ أن عزل السيسي القيادي بالجماعة، محمد مرسي، الذي اختِير رئيسا في انتخابات حرة، في عام 2012، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

ويقول السيسي إنه لا يتواجد معتقلون سياسيون في مصر وإن الاستقرار والأمن لهما أهمية قصوى وإن الدولة تسعى جاهدة لتوفير الحقوق الاجتماعية للمواطنين مثل السكن والوظائف.

الحملة على جماعة الإخوان

في عام 2013، عندما كان السيسي قائدا للقوات المسلحة ويحكم البلاد فعليا قُتل المئات خلال تفريق قوات الأمن لاعتصام كان يؤيد مرسي في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة. وقال مسؤولون مصريون إن بعض المحتجين كانوا مسلحين.

وبعد عزل مرسي، تم إلقاء القبض على قادة جماعة الإخوان، وقمع السيسي الحركة التي يصفها بأنها جماعة إرهابية.

وتنفي جماعة الإخوان المسلمين أي علاقة لها بالعنف وتقول إنها إنما سعت للسلطة عبر الوسائل الديمقراطية. وتأسست الجماعة قبل قرن وهي واحدة من أكثر المنظمات الإسلامية نفوذا في العالم وتمزج بين التعاليم الدينية والنشاط السياسي وبرامج الرعاية الاجتماعية.

وفعليا لم يعد لميدان رابعة وجود، إذ يمر أحد الجسور العديدة الجديدة التي بنيت في عهد السيسي مباشرة بالمنطقة.

وشهد ميدان التحرير مهد انتفاضة عام 2011 بوسط القاهرة هو الآخر عملية تحديث يرى نقاد أنها تهدف إلى محو ذكرى الثورة المؤيدة للديمقراطية.

وقبل انتخابات 2018، حذر السيسي من أنه سيتم التعامل "بقوة غاشمة" مع أي شخص يهدد استقرار مصر.
وقال "أموت قبل ما حد يلعب في أمنها"، مضيفا أن ثورة 2011 عندما وقف الجيش على الحياد بينما أُجبر مبارك على التنحي لن تتكرر.

وروى محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، لقاءه بالسيسي ذات ليلة في ميدان التحرير عام 2011، وقال إن السيسي عرّف نفسه بهذه الكلمات "أنا اللواء عبد الفتاح. المخابرات".

وبحسب البلتاجي، فقد حذره السيسي من أن دما سيراق ما لم يقنع من معه بالتراجع ودعاه إلى إنهاء الاعتصام والثورة والعودة إلى ديارهم، وفق رويترز.

مشاريع ضخمة

مع إحكام قبضته على البلاد بعد الإطاحة بمرسي، أدخل السيسي إصلاحات بدعم من صندوق النقد الدولي نالت استحسان العديد من الاقتصاديين.

ويهدف السيسي من وراء تطوير البنية التحتية المتداعية إلى تحفيز الاقتصاد وخلق فرص لعمل بعد عقود من النمو السكاني المتسارع وعمليات البناء غير المخطط لها.

ومن بين المشاريع الإنشائية الضخمة التي دعمتها الدولة توسعة قناة السويس، ومشاريع زراعية وشبكة كبيرة من الطرق والجسور تمتد من شرق القاهرة والتي يتفقدها السيسي باستمرار.

لكن بعض الاقتصاديين يشيرون إلى استمرار عدم توفر فرص عمل لائقة للشباب وتزايد عبء الديون وإحكام الجيش قبضته على أصول اقتصادية رئيسية.

ويقول الرئيس المصري إن النمو السكاني في مصر يشكل مصدر قلق له. وقال السيسي لإحدى السيدات في 2022 "إنتي عندك ستة ومش قادرة أنا بقى عندي 100 مليون". والسيسي هو الأحدث في سلسلة من الرؤساء المصريين المنتمين إلى الجيش.

وسعى السيسي لتصحيح المسار عندما تولى منصبه، في عام 2014، بعقد اجتماعات مع مجلس الوزراء في الساعة السابعة صباحا ومشاركته في سباق للدراجات الهوائية في عطلة نهاية الأسبوع الأولى له بعد تقلد منصبه كرئيس. وكانت الرسالة واضحة. "الرئيس الجديد سوف ينجز الأمور"، وفق تعبير رويترز.

ولا يثق السيسي في أي شيء يتعارض مع النظرة الصارمة للجيش بسبب خلفيته العسكرية. وقال هشام قاسم، الناشر السابق والناشط السياسي الذي تعرض للسجن هذا العام، إن السيسي سطَّح من دور الإعلام الذي كان يلعب دورا مؤثرا في مصر واستخدم الجيش لإبقاء القطاع الخاص تحت السيطرة.

وقال قاسم إن الطريقة التي أعاد السيسي بها الجيش إلى السلطة تظهر براعة حقيقية.

القرب من الفقراء؟

قال سكان في الحي القديم بالقاهرة الذي ولد فيه السيسي، في 19  عام 1954، إنه كان يتحلى بانضباط استثنائي حين كان صبيا صغيرا. وبينما كان من كانوا في مثل سنه يلعبون كرة القدم أو يدخنون، كان السيسي وأصدقاؤه يرفعون أثقالا مصنوعة من الحجارة وأنابيب معدنية.

وقال جيران وأقارب إنه ينحدر من عائلة متدينة متماسكة ويحفظ القرآن.

وكان يعيش في شقة صغيرة على سطح مبنى قديم تملكه عائلته الكبيرة. وعلى الرغم من أن الأسرة كانت ميسورة الحال نسبيا، سعى السيسي إلى إظهار ارتباطه بما يعانيه المصريون العاديون من ضيق العيش.

وعين مرسي السيسي قائدا للجيش ووزيرا للدفاع، في أغسطس عام 2012، ظنا منه أن الجيش سيسمح لجماعة الإخوان المسلمين بتطبيق قائمة أولوياتها إذا كفلت للجيش حماية امتيازاته الراسخة.

وبعد أخطاء جماعة الإخوان في السلطة وتجمع حشود للمطالبة باستقالة مرسي، ظهر السيسي على شاشة التلفزيون، في الثالث من يوليو عام 2013، ليعلن انتهاء حكم الرئيس مرسي، ويعد بإجراء انتخابات فاز بها السيسي بأغلبية ساحقة في العام التالي.

وقدم السيسي نفسه كشخصية بسيطة لافتقاره للكاريزما والمهارات الخطابية التي تمتع بهما الرئيسان السابقان جمال عبد الناصر وأنور السادات، بحسب تعبير رويترز.

وفي المناسبات العامة، يظهر محاطا بالوزراء وقيادات الجيش، ويدلي بتصريحات طويلة مرتجلة بالعامية جالسا على مقعده ومطالبا المسؤولين بالوفاء بالالتزامات في المواعيد النهائية.

وفي الخارج، أقام السيسي علاقات جديدة في أفريقيا وتقارب مع الصين وروسيا وأيضا مع دول الخليج التي ضخت مليارات الدولارات في مصر لتخفيف الصدمات الاقتصادية، قبل أن يتبنى نهجا أكثر حذرا.

وتقلبت العلاقات مع الولايات المتحدة، المصدر الرئيسي للمساعدات العسكرية، مع تقلب السياسة في واشنطن.

ونُقل عن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وصفه للسيسي بأنه "ديكتاتوري المفضل". وانتقدت إدارة خلفه، جو بايدن، سجل السيسي في مجال حقوق الإنسان قبل أن تعزز التعاون معه في الصراع في قطاع غزة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: جماعة الإخوان المسلمین فی مصر فی عام

إقرأ أيضاً:

زعيم كوريا الشمالية يطالب الجيش بـالاستعداد للحرب

سول"د. ب. أ": طالب زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون جيش بلاده بأن يركز كل جهوده على إكمال الاستعدادات للحرب، حسبما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الرسمية اليوم الاثنين.

وذكرت الوكالة أن كيم وصف شبه الجزيرة الكورية بأنها "أكبر نقطة ساخنة في العالم"، وذلك في كلمة ألقاها إلى قادة الكتائب في بيونج يانج يوم الجمعة.

كما اتهم كيم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بالتسبب في وصول التوترات في شبه الجزيرة "إلى أسوأ مرحلة في التاريخ"، وفقا لوكالة الأنباء الكورية الشمالية.

وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية قد ذكرت السبت، نقلا عن مصادر، أن كوريا الشمالية تدعم الآن روسيا في حربها ضد أوكرانيا ليس فقط بالجنود والذخيرة ولكن أيضا بالمدفعية الثقيلة.

وفي سياق آخر ، قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الولايات المتحدة والغرب يستخدمان الجيش الأوكراني كـ"قوات صدمة" لمحاربة روسيا ويخاطران بإشعال صراع عالمي، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية اليوم الاثنين.

واتهمت سول وواشنطن بيونج يانج بإرسال أكثر من 10 آلاف جندي إلى روسيا للمشاركة في القتال.

ونفت بيونج يانج إرسال جنودها، ولم يذكر كيم ذلك في خطاب أمام قادة الكتائب نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية.

وقال كيم إن الولايات المتحدة والغرب يستخدمان الصراع في أوكرانيا "لتوسيع نطاق تدخلاتهما العسكرية على مستوى العالم".

وأضاف أنهما يحاولان أيضا "تعزيز خبرتهما القتالية، مع استخدام أوكرانيا كقوات صدمة" ضد روسيا.

ورأى أن "المساعدة العسكرية المستمرة من واشنطن لأوكرانيا... تثير مخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة".

وتعهد كيم بأن تعزز بلاده دفاعها عن الأسلحة النووية "دون حدود".

والأسبوع الماضي، صادقت كوريا الشمالية على معاهدة دفاعية غير مسبوقة مع روسيا مكرسة تقاربهما.

ويخشى الغرب أن تقدم روسيا لكوريا الشمالية دعما تكنولوجيا يعزز برنامجها النووي مقابل هذا الدعم.

وأجرت الدولة المعزولة مؤخرا اختبارات عسكرية شملت تجربة لصاروخ بالستي عابر للقارات جديد يعمل بالوقود الصلب.

والأسبوع الماضي، أكدت أجهزة استخبارات كوريا الجنوبية الأربعاء "مشاركة" جنود كوريين شماليين في "العمليات القتالية" في كورسك الروسية، بعدما تحدثت الولايات المتحدة عن انخراط بيونغ يانغ في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

ويرى هونغ مين، المحلل البارز في معهد كوريا للتوحيد الوطني، إن "كيم على الأرجح يضع في اعتباره إمكانية نشر قوات إضافية لدعم حرب روسيا في أوكرانيا".

مقالات مشابهة

  • يوسف القعيد: الإخوان باعوا الدنيا والآخرة.. والرئيس السيسي أنقذ مصر
  • الأمن ينفي مزاعم جماعة الإخوان الإرهابية حول أهرامات الجيزة
  • زعيم كوريا الشمالية يطالب الجيش بـالاستعداد للحرب
  • تقارير : حزب سونكو يتجه للفوز في نيابيات السنغال
  • نادال قد يغيب عن فردي كأس ديفيز
  • الشهيد العقيد محمد مبروك.. قهر جماعة الإخوان وفضح تخابرهم ودفع حياته فداء للوطن
  • مصدر أمني: الخطاب المتداول عن فض اعتصامي رابعة والنهضة «مفبرك»
  • حقيقة خطاب منسوب لوزارة الداخلية عن قتلى فض اعتصامى رابعة والنهضة
  • مفبرك وتم نفيه من قبل.. أحد عناصر الجماعة الإرهابية الهارب يروج لمنشور قديم
  • مصدر أمنى: جماعة الإخوان الإرهابية تعاني حالة إفلاس