مدير عام روساتوم الروسية يؤكد الدور الحاسم للطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
أعرب أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة “روساتوم” الحكومية الروسية، عن تفاؤله بشأن الدور الحاسم للطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ.
وقال ليخاتشيف، في مقابلة مكتوبة مع وكالة أنباء الإمارات “وام” خلال COP28 إن “الطاقة النووية هي جزء لا يتجزأ من مستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية الذي يسعى إليه العالم بأسره”.
وسلط ليخاتشوف الضوء على الدور الريادي لروساتوم في الدعوة إلى الطاقة النووية كأداة رئيسية في مكافحة تغير المناخ لافتا إلى أن روساتوم هي من أوائل شركات الطاقة النووية التي تشارك بنشاط في النقاش حول المناخ وتروج لهذا المنظور.
ومنذ دورة مؤتمر الأطراف السادسة والعشرين COP26 في غلاسكو، كانت روساتوم مشاركًا بارزًا في جناح روسيا الاتحادية، حيث نظمت العديد من الفعاليات المخصصة لدور الطاقة النووية في أجندة المناخ.
وأضاف ليخاتشوف أن أحد المجالات الواعدة للتطوير هو مشاريع المفاعلات النمطية الصغيرة “SMR” موضحا أنه يمكن تنفيذ مثل هذه المشاريع في الأماكن التي توجد فيها أنظمة طاقة معزولة، وفي المناطق النائية حيث توجد حاجة لمصدر ثابت للطاقة النظيفة لا يعتمد على إمدادات ثابتة بكميات كبيرة من الوقود.
وشدد على أن روساتوم هي حاليًا شركة الطاقة النووية الوحيدة في العالم التي قامت بتصميم وتنفيذ مشروع حديث لمفاعل نمطي صغير.
وذكر أنه من المخطط أن تبدأ الشركة في توفير الطاقة لتطوير مشروع “Baimskaya” في منطقة “Chukotka” بحلول عام 2029 مشيرا إلى أن روساتوم تقوم ببناء مفاعل نمطي صغير على الأرض في “Yakutia” وتنفذ مشروع مفاعلات “Shelf-M” الدقيقة بسعة تصل إلى 35 ميجاوات.
وقال ليخاتشيف ” من المتوقع أن يكون أول مصنع يعتمد على هذه التكنولوجيا قيد التشغيل بحلول عام 2030″.
وأعرب المدير العام لروساتوم عن ثقته بأن الخبرة التي تكتسبها الشركة في السنوات القادمة ستمكنها من تقديم أفضل الحلول في مجال المفاعلات النووية الدقيقة للشركاء في جميع أنحاء العالم.
وتطرق ليخاتشيف إلى تعهد صافي الانبعاثات الصفري، وهو خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر، وقال ” يمثل الانضمام إلى تعهد صناعة الطاقة النووية بصافي الانبعاثات الصفري حدثًا مهمًا بالنسبة لنا في COP28، فهذه مبادرة رائدة لزيادة الطاقة النووية العالمية بمقدار ثلاث مرات على الأقل لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.. بالطبع، لم تقف روساتوم مكتوفة الأيدي وانضمت إلى هذه المبادرة ويقر مؤيدوها بالطاقة النووية كأداة أساسية لتحقيق الحياد الكربون وبصفتنا أحد المنضمين إلى هذه المبادرة، نلتزم بحشد ودعم الاستثمارات في مشاريع الطاقة النووية”. وأكد ليخاتشوف مجددا على دور الطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ، قائلا ” لقد استمر الحوار حول تغير المناخ لسنوات عديدة. تدريجيًا، أدرك العالم أن متطلبات مصادر الطاقة الحديثة لا تقتصر فقط على غياب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أثناء توليد الطاقة. أولاً وقبل كل شيء، يتم احتساب الانبعاثات الآن طوال دورة الحياة بأكملها، أي ليس فقط أثناء التشغيل، ولكن أيضًا أثناء البناء واستخراج الوقود. هنا أيضًا، تحتل الطاقة النووية الصدارة: فإجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال دورة الحياة بأكملها ضئيل ويمكن مقارنته بانبعاثات أنواع التوليد “الخضراء” المعترف بها: مثل الرياح أو الطاقة الكهرومائية”.
وذكر كمثال أن محطات الطاقة النووية تنتج على مدار عمرها 5.5 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط ساعة في المتوسط، بينما تبلغ الانبعاثات الدنيا من محطات الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح 6 جرام و7.8 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط ساعة، على التوالي مشيرا إلى أن جميع محطات الطاقة النووية في العالم تساعد على منع أكثر من 1 جيجاواط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
وأضاف أنه إذا لم يتم زيادة القدرة النووية العالمية، فقد ترتفع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 4 مليارات طن بحلول عام 2040 – وهو ما يمثل حوالي عُشر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة في عام 2021.
وقال في ختام حديثه ” ثانيًا، يعد ضمان الموثوقية والكفاءة شرطًا أساسيًا لتطوير تقنيات إنتاج الطاقة منخفضة الكربون. لا تعتمد الطاقة النووية على التغيرات المناخية بالطريقة التي تعتمد بها توليد الطاقة الشمسية والرياح. فمحطات الطاقة النووية تعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع. لهذا السبب لا شك ولا جدال في إسهام الطاقة النووية الكبير في مكافحة تغير المناخ”.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الإشعاعات النووية: وميض أمل أم ظلال خطر؟! (2)
التخصيب العالي لليورانيوم: ما وراء الأرقام؟
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
تحدثنا في مقالنا السابق عن خطر الإشعاعات النووية المختلفة وكيف يمكنها تدمير الخلايا البشرية، وهنا قد يطرح البعض سؤلًا مُهمًا مفاده: إذا كانت هناك مخاطر بالغة الخطورة تنتج من هذه الإشعاعات النووية، فلماذا السعي نحو تطوير تقنيات قائمة عليها؟ وما هي الفوائد المرجوة؟ وهل هذه الفوائد تعادل المخاطر أو تفوقها قيمة؟
يكمُن السبب الرئيسي في محاول امتلاك هذه التقنيات في بحث العالم عن الطاقة؛ إذ اتِّضح لنا أن أي تقدم مهما كان نوعه يحتاج إلى مصدر للطاقة، وكلما كان المصدر المستخدم غنيًا بالطاقة كانت فائدته أكبر وأكثر نفعًا، وهذا ما تتميز به الطاقة النووية؛ فالطاقة الناتجة من جرام واحد من اليورانيوم تفوق بـ4500 مرة الطاقة الناتجة من استخدام 1 جرام من النفط! هذا إذا كان اليورانيوم المستخدم منخفض التخصيب (3 إلى 5%)، أما إذا كان عالي التخصيب كأن يكون 60%، فإن الطاقة الناتجة من 1 جرام من اليورانيوم حينها ستفوق ملايين المرات الطاقة الناتجة من 1 جرام من النفط! وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الدول تسعى للحصول على هذه التقنية المُهمة.
والمقصود من عملية التخصيب هو تحويل نظير اليورانيوم 238 إلى 235، وهناك نظيران لليورانيوم في الطبيعة، الأول يورانيوم 238 ويُشكِّل ما نسبته 99.3%، بينما الثاني يُشكِّل ما نسبته 0.07% ويُعرف باليورانيوم 235، وهو الذي يتم استخدامه في المفاعلات النووية، ولأن نسبته بسيطة فلا بُد من تحويل جزء من اليورانيوم 238 إلى 235، وعندما نقول إنَّ نسبة التخصيب وصلت إلى 5% فإنَّ ذلك يعني أننا حصلنا على 5% من اليورانيوم 235.
وللحد من خطورة هذه الإشعاعات، فإنَّ أغلب الاستخدامات السلمية التي يتم فيها استخدام الطاقة النووية، لا تتجاوز نسبة التخصيب فيها 5%، وهذا هو الحال مثلًا مع محطة بوشهر الإيرانية، ووظيفتها الأساسية إنتاج الكهرباء لمختلف الأغراض السلمية.
لكن هناك منشآت نووية أخرى لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية مثل فوردو ونطنز، تقوم بتخصيب اليورانيوم إلى نسب مرتفعة تصل إلى 60% من تخصيب اليورانيوم، علمًا بأنَّ نسبة التخصيب المستخدمة في السلاح النووي تصل إلى حوالي 90%، فهل يعني تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% أن إيران قادرة على صنع أسلحة نووية؟
والجواب من الناحية التقنية: نعم، بإمكانها القيام بذلك؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى أنَّ 20% من التخصيب يكفي لذلك، لكن المستوى المثالي لإنتاج أسلحة نووية متطورة وفعّالة يكون عادة عندما تصل نسبة التخصيب إلى حوالي 90%؛ لأنَّ هذا المستوى من التخصيب يسمح بتصغير حجم السلاح وتقليل وزنه مع تحقيق قوة تدميرية كبيرة، لذا فإنَّ السلاح النووي من اليورانيوم المُخصَّب بنسبة 60% سيكون أكبر حجمًا وأكثر وزنًا وأقل كفاءة من سلاح مصنوع من يورانيوم مُخصَّب بنسبة 90%.
فهل يمكن لإيران أن تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90%، أم أنها لا تمتلك التقنيات للوصول إلى ذلك، والجواب إن التقنية اللازمة لتخصيب اليورانيوم إلى 90% لا تختلف عن تلك المستخدمة للوصول إلى 60%، والسبب هو أنَّ عملية التخصيب تتم على مراحل متتابعة باستخدام أجهزة الطرد المركزي، فيمكن استخدام نفس تقنية الطرد المركزي وتكرار العملية للوصول إلى 90% بسهولة نسبيًا.
وتدَّعي الولايات المتحدة والدول الغربية أنهم يخشون ذلك؛ اذ يشير عدد من التقارير إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم والتي لا تمتلك سلاحًا نوويًا ومع ذلك فإنها تمتلك القدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%؛ حيث إن جميع الدول التي تستخدم الطاقة النووية للتطبيقات السلمية تقوم بإنتاج يورانيوم مُخصَّب بنسبة لا تزيد عن 5%، بينما تُصِر إيران على أن إنتاجها لهذا المستوى المرتفع من التخصيب، إنما هو لأغراض سلمية بحتة.
فهل تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي؟ وإذا لم تكن تسعى لذلك، فلماذا تقوم بتخصيب اليورانيوم لهذا المستوى العالي من التخصيب الذي يفوق الاستخدامات السلمية بحوالي 12 ضعفًا؟!
وللحديث بقية...
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصر