تمتلك دولة الإمارات تجربة ناجحة في مجال رفع مستوى الوعي البيئي الموجه لمختلف شرائح المجتمع، ويتصدر الاهتمام بالقضايا البيئية الأولويات الوطنية منذ تأسيس الدولة، من خلال الخطط والاستراتيجيات التي تضمن استباق ومواجهة التحديات المناخية، وتحافظ في الوقت نفسه على الموارد الطبيعية من الاستنزاف أو الهدر.

وشرّعت دولة الإمارات منظومة قانونية محكمة لحماية البيئة، حيث حرصت على ضبط التصرفات المهددة للبيئة سواء من الأفراد أو المؤسسات، وعزّزتها بمبادرات تثقيفية وحملات توعية وبرامج بيئية إرشادية تم توجيهها لجميع فئات المجتمع.

وحرصت الدولة على الارتقاء بمستوى الوعي البيئي لدى أبناء الإمارات، من خلال تبني التعامل مع قضايا البيئة بوصفها ثقافة ومسؤولية مجتمعية، بحيث يتفاعل الأفراد من خلالها مع أدوارهم في حماية البيئة وصون الطبيعة.

ولم تنحصر التوعية البيئية في ورش أو برامج توعية مؤقتة، بل تم ترسيخها في بنية المجتمع لتصبح جزءاً أساسياً من المناهج التعليمية والمقررات الدراسية للطلبة، وذلك لإعداد أجيال تنهض بدورها في حفظ وصون الطبيعة.

وخلال العام الجاري، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” 2023 “عام الاستدامة” في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت شعار “اليوم للغد” ليكون جزءاً مهماً في هذه المنظومة التوعوية التي تسعى من ورائها دولة الإمارات إلى إبراز أهمية تراثها الحافل منذ تأسيسها في إطلاق وتبني المبادرات المستدامة، فضلاً عن نشر الوعي بقضايا حماية البيئة واستدامة الموارد وفتح الباب لمزيد من مشاركات أبناء المجتمع في الجهود الوطنية المرتبطة بقضايا حماية البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي.

وتتماشى هذه الجهود مع محور الأثر ضمن حملة “استدامة وطنية”، التي تسعى لنشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية في دولة الامارات، تزامناً مع مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28”، حيث تستهدف الحملة تعزيز مفهوم الوعي البيئي في المجتمع، وتشجيع مشاركته في الجهود التي تسعى للحد من آثار التغير المناخي.

 

مبادرات تعليمية موسعة

وتعتبر مبادرات التوعية المجتمعية بقضايا البيئة الموجهة إلى طلبة المدارس، إحدى أهم المبادرات التوعوية، وتبرز في هذا الخصوص سلسلة برامج التعليم والتوعية البيئية الرائدة التي نفذتها هيئة البيئة – أبوظبي على مدى أكثر من 20 عاماً، ونجحت من خلالها في تحقيق العديد من الإنجازات، حيث بدأت الهيئة جهودها في التعليم البيئي في عام 1998 بحافلة بيئية كانت تجوب المدارس الحكومية والخاصة لزيادة الوعي حول التنوع البيولوجي لدولة الإمارات، ومنذ ذلك الحين طورت الهيئة برامج تعليمية تستهدف أكثر من 85% من المدارس الحكومية والخاصة بالإضافة إلى برامج توعوية تستهدف مختلف فئات المجتمع حتى أصبح لديها اليوم مجموعة متنوعة من البرامج التعليمية والتوعوية التي حازت على العديد من الجوائز ليس فقط على المستوى المحلي ولكن أيضاً على المستوى الدولي.

وأعلنت هيئة البيئة – أبوظبي العام الماضي عن إطلاق منصة “ التعليم الإلكتروني الخضراء”، التي تعتبر أول أداة تعليمية إلكترونية مخصصة للمواضيع البيئية في الشرق الأوسط، والتي تهدف إلى تعزيز المعرفة والوعي البيئي؛ مع التركيز بشكل خاص على البيئة المحلية في إمارة أبوظبي وسبل المحافظة عليها، وذلك في إطار سعيها لتوفير وسيلة تعليم إلكتروني رائدة عالمياً في مجال القضايا البيئية.

وتعاونت هيئة البيئة – أبوظبي مع شركة “دو” لتأسيس شراكة رائدة تهدف إلى تسخير أحدث التقنيات الرقمية لجمع أكثر من 12 مبادرة من المبادرات البيئية طويلة الأمد لتسهيل نشر المحتوى وزيادة المشاركة ورفع الوعي البيئي.

وأطلقت هيئة البيئة – أبوظبي بالشراكة مع شركة بروج، وتوتال للطاقة، وشركة أدنوك، سلسلة حلقات صوتية “بودكاست” بعنوان “مثقف بطبيعته”، بحيث تركز السلسلة على موضوعات بيئية مهمة، ويجري نشر حلقة جديدة كل أسبوعين مع استضافة خبير بيئي ليشارك معرفته وخبرته في الـ”بودكاست” والتي يجري بثها من خلال الموقع الإلكتروني لمبادرة الجامعات المستدامة التابعة لهيئة البيئة – أبو ظبي والموجهة لفئة الشباب.

كما وضعت الهيئة برامج خاصة تستهدف فئة الشباب، وتتضمن برنامج “شباب البيئة” الذي يهدف إلى تمكين شباب الإمارات من أن يصبحوا قادة المستقبل في البيئة من خلال توفير الخبرة التدريبية واصطحاب الخبراء والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم حول مواضيع تتعلق بالبيئة والاستدامة من خلال منصات وأنشطة مختلفة.

وأطلقت هيئة البيئة – أبوظبي العام الماضي برنامج المراقب البيئي للشباب “مرشد” الذي يحفز الشباب على التطوع ليكونوا مراقبين بيئيين.

 

تعزيز دور الأسرة

وركزت المبادرات التوعوية أيضاً على دور الأسرة في دعم مبادرات الدولة لتعزيز الاستدامة والحفاظ على البيئة واستدامة الموارد، وفي هذا الإطار تبنت مؤسسة التنمية الأسرية، بتوجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، مجموعة من المبادرات الهادفة إلى رفع الوعي المجتمعي تجاه القضايا البيئية وآثارها المستقبلية على الأجيال القادمة وتنمية الشعور بالمسؤولية المجتمعية للأسرة.

ونظمت المؤسسة ملتقى الاستدامة الاجتماعي، وعمل الملتقى على نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المجتمع على المشاركة في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال تنفيذ عدد من الورش والفعاليات التي تدعم تغيير سلوك الأسرة نحو الاستدامة، لتصبح نمط حياة أفراد الأسرة والمجتمع، وركز الملتقى على ثلاثة محاور رئيسية، وهي الاستهلاك المسؤول، والحفاظ على البيئة، والعمل المناخي، وبلغ عدد المستفيدين أكثر من 2835 مشاركاً.

كما نفذت المؤسسة ورش الاستدامة ضمن خدمات دعم تماسك الأسرة استفاد منها 2162 مشاركاً، بينما وصل عدد المشاركين في نادي أطفال وشباب الدار إلى 2568 مشاركاً، ليبلغ إجمالي المستفيدين من خدمات المؤسسة وفق خطتها الداعمة للاستدامة 7565 مشاركاً من المستهدفين.

وتضمنت مبادرات المؤسسة أيضاً نشر الوعي المجتمعي تجاه مفهوم وقضايا الاستدامة البيئية وتأثيرها على جودة حياة الأسرة، وتعزيز الدور الريادي والمسؤولية المجتمعية لأسرة المستقبل في دعم الاستراتيجيات الوطنية للتنمية المستدامة، وحصر وتجديد الموروث الثقافي وممارسات الاستدامة البيئية التي تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية ووصولها إلى أجيال المستقبل.

 

حملات وطنية

وخلال العام الجاري تم إطلاق نسخة خاصة من حملة “الإمارات نظيفة” بمناسبة عام الاستدامة بالتعاون بين مجموعة عمل الإمارات للبيئة وكل من وزارة الداخلية، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة تنمية المجتمع وبلدية مدينة أبوظبي، وبلدية دبي، وهيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، ودائرة البلدية والتخطيط في عجمان، ودائرة الخدمات العامة في رأس الخيمة، ومؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية.

وشارك في الحملة أكثر من 6000 شخص يمثلون مختلف الأعمار والجنسيات في الدولة وسجلوا ما مجموعة 24000 ساعة تطوعية تقريباً ونجحوا في تنظيف مساحة 25 كيلومتراً مربعاً في سبعة مواقع على طريق رئيسي يربط استراتيجياً الإمارات السبع.

وكانت مجموعة عمل الإمارات للبيئة قد أطلقت هذه الحملة للمرة الأولى في عام 2002، بهدف غرس الممارسات المستدامة بين مختلف شرائح وقطاعات المجتمع في دولة الإمارات، ونجحت الحملة منذ انطلاقها في جمع 1.604.1588 كجم من النفايات، بمشاركة أكثر من 907.742 متطوعاً.

كما نظمت بلدية دبي خلال العام الجاري عدداً من المبادرات والفعاليات لرفع مستوى الوعي البيئي لدى فئات المجتمع وتشجيعهم على تبني السلوك البيئي الإيجابي، وشملت ورشاً ومحاضرات بيئية، فضلاً عن إقامة حملات توعية لما يزيد على 2000 طالب من المدارس الحكومية والخاصة في الإمارة.

وأطلقت مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية العام الماضي 7 مبادرات بيئية متكاملة تحت شعار “الجميع في مُهمّة واحدة”، وتتمثل في مبادرة الحافلة المتنقلة لتعزيز وعي العاملين في المنشآت التعدينية، ومبادرة إنشاء مركز للتدريب، ومبادرة تنظيم ملتقى متخصّص بمجال البيئة والصحة والسلامة، ومبادرة تطوير الدليل الإرشادي الخاص بالمنشآت، ومبادرة توريد أجهزة متطوّرة بهدف قياس الضوابط التشغيلية، وكذلك مبادرة تنظيم حزمة برامج تدريبية حول أفضل النُظُم الإدارية المطبّقة بالمؤسسة ذات الشأن بالمجال البيئي، بالإضافة إلى مبادرة وضع أنظمة للشركات لإدارة المخلفات.

وانعكست ثمار الوعي البيئي في مجتمع الإمارات في التنافس بميادين التطوع في تنظيف البيئة وحمايتها، واستقطبت الدولة هذه المبادرات من خلال منصات حكومية، حيث أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بوابة التطوع البيئي في عام 2017، كما أطلقت في عام 2018، الحملة التطوعية الأولى على مستوى الدولة “ بيئتي مسؤوليتي الوطنية”، وفي يوليو 2020 أطلقت حملة “صون كنوز الطبيعة البحرية”، والتي هدفت إلى زراعة الشعب المرجانية، بمشاركة العديد من الغواصين، وأطلقت خلال الفترة من 2020 – 2023 سلسلة من الحملات تهدف إلى جمع المخلفات البلاستيكية والورقية والزجاجية والإلكترونية وعلب الألمونيوم.

 

 

تحالف إعلامي عالمي

وترسيخاً لدور الإعلام في تعزيز الوعي البيئي أطلقت المُسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي، خلال العام الجاري، مجلس الإعلام المناخي الأول، لرفع الوعي حول التغير المناخي، بحيث يوفر منصّة بارزة لإقامة حوار مثمر حول الموضوعات المرتبطة بالمناخ وسط حضور خبراء ومتخصصين، بهدف تبادل المعرفة وإزالة الغموض حول العلوم التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغير المناخي.

كما نظمت وكالة أنباء الإمارات “وام” في فبراير من العام الجاري، ضمن فعاليات اليوم الثاني للقمة العالمية للحكومات في دبي، طاولة مستديرة بعنوان “مستقبل وكالات الأنباء الحكومية ووسائل الإعلام” تناولت موضوع تعزيز الشراكات الثنائية التي تستهدف التعامل مع تحديات التغير المناخي، وشارك فيها ممثلون عن مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية، وتم من خلال هذا الحدث الدعوة إلى إنشاء تحالف إعلامي عالمي من أجل صياغة محتوي إعلامي يستهدف توعية الجماهير في كافة المجتمعات حول تحديات المناخ، ومناقشة سبل تعزيز العمل الإعلامي البيئي وصياغة المفاهيم التي تخص القطاع البيئي عن طريق استخدام لغة خطاب جديدة وبسيطة، وتقديم محتوى إخباري يساهم في خلق رأي عام مطلع على ما يمر به العالم من تحديات مترتبة على تداعيات التغير المناخي.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

«الموارد البشرية» و«مجموعة العتيبة» يناقشان تعزيز التوطين

دبي: «الخليج»
زار محمد حارب العتيبة، رئيس مجلس إدارة مجموعة محمد حارب العتيبة، عبدالله علي بن زايد الفلاسي، مدير عام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي، وذلك خلال اليوم الأخير من معرض رؤية الإمارات للتوظيف 2024.
وتركزت النقاشات بين الجانبين على تعزيز التوطين في القطاعين العام والخاص، إضافة لاستعراض سُبل تبادل الخبرات بين الطرفين لدعم رؤية الإمارات في تمكين المواطنين وتطوير مهاراتهم.
وقال عبدالله الفلاسي،: «التعاون بين القطاعين العام والخاص هو أساس النجاح في تحقيق الأهداف الوطنية المتعلقة بالتوطين. ونحن نعمل على تقديم كل الدعم الممكن لتعزيز مشاركة المواطنين في سوق العمل، وتسهيل مسيرتهم المهنية من خلال برامج ذكية ومبتكرة، ونتطلع إلى مساهمة القطاع الخاص في استقطاب الكفاءات الوطنية لمواجهة تحديات المستقبل.»
بدوره قال محمد حارب العتيبة: «إن تمكين الكفاءات الإماراتية هو جزء أساسي من رؤيتنا واستراتيجيتنا المستقبلية، نعمل بشكلٍ مستمر على تعزيز تواجد المواطنين الإماراتيين في كوادرنا، ونسعى من خلال شركاتنا وبرامجنا التدريبية إلى تأهيل جيلٍ جديد من القادة الإماراتيين الذين يمكنهم المساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات».
كما استعرض الطرفان برامج حديثة تسهم في تقليل رحلة البحث عن العمل، من بينها برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي الذي يساعد الباحثين عن العمل في استكشاف وتنمية مواهبهم وتحديد مسارات تطورهم المهني.
كما أَطْلَع العتيبة، الفلاسي على جهود المجموعة في دعم وتمكين الكفاءات المواطنة، حيث تواصل تقديم العديد من برامج التدريب المنظمة لتطوير الإماراتيين في مختلف المستويات الوظيفية.
إلى جانب ذلك، أطلقت المجموعة خطة تطويرية خاصة ضمن برنامج «النخبة» تستهدف أصحاب الهمم، مما يعكس إلتزام المجموعة بتوفير فرص متكافئة لجميع المواطنين، ودعم جهود الشمولية في بيئة العمل. ويأتي هذا في إطار رؤية المجموعة لتعزيز التنوع والشمولية، سواء على مستوى الجنس أو القدرات، وتوفير بيئة عمل داعمة للجميع.
ومن خلال هذه الشراكات والمبادرات، تواصل مجموعة محمد حارب العتيبة التأكيد على إلتزامها بالمساهمة في تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي الشامل لدولة الإمارات. كما تعكس هذه الجهود رؤية المجموعة في الاستثمار بمستقبل المواطنين الإماراتيين، وضمان حصولهم على الفرص والإرشاد اللازمين للتفوق في أدوارهم المهنية.

مقالات مشابهة

  • أستاذة علم الاجتماع السياسي: نعيش مرحلة حرجة من بناء الوعي.. والمواجهة مسؤولية مجتمعية
  • وزيرة البيئة تبحث دعم التنمية السياحية البيئية بالبحر الأحمر وجنوب سيناء
  • «الموارد البشرية» و«مجموعة العتيبة» يناقشان تعزيز التوطين
  • “البيئة” تؤكّد أهمية التوسّع في الزراعة العضوية بدون تربة للتغلب على التحديات البيئية ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي
  • مركز معلومات الوزراء يحلل مدى تأثير التغيرات المناخية عالميا على القطاع التعليمي.. وخبيرة تربوية تؤكد ضرورة دمج التوعية البيئية ضمن المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم التحديات
  • ندوة الموارد المائية في جبال ظفار تستعرض جهود الحفاظ على الثروات الطبيعية
  • علاء فاروق: هناك تنسيق مشترك بين وزارتي الزراعة والبيئة لدعم تقليل التلوث البيئي
  • أحمد بن سعيد: دبي تقود جهود تعزيز التوازن بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية
  • مكة المكرمة.. "الأمن البيئي" يضبط 4 مقيمين مخالفين لنظام البيئة باستغلال الرواسب
  • فؤاد تناقش آخر مستجدات الاستثمار البيئي بالمحميات الطبيعية