قال المحلل العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن استمرار قوى المقاومة في إطلاق صواريخها من قطاع غزة بعد 62 يوما من بدء الحرب يكذب ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة والتقدم في القطاع.

وأضاف في تحليل للجزيرة، أن صواريخ المقاومة تطلق من فوق سطح الأرض وليس من الأنفاق، كما أظهر مقطع كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي بثته مؤخرا، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة لا تزال صاحبة اليد العليا في المعركة.

وبث الإعلام العسكري لكتائب القسام مقطع فيديو يظهر لحظة تجهيزها راجمات لإطلاق صواريخ "إل- إم 90" (L-M90)، وتضمن رفع ستارة كبيرة تغطي تلك الراجمات، وقيام عشرات من عناصر القسام بنقل الصواريخ إليها قبل الإطلاق، وانتهى المقطع بكتابة شعار "تل أبيب تحترق.. والقدس ستتحرر".

ولفت إلى أن أكثر من 4 فرق للجيش الإسرائيلي دخلت القطاع ما بين مشاة وآليات ومظليين وغيرها، إضافة إلى استمرار القصف العنيف طوال أيام الحرب، ومع ذلك يستمر إطلاق صواريخ المقاومة التي يصل مداها 70 كيلومترا وتطال عمق الأراضي المحتلة ومنها تل أبيب ومطار اللد والقدس الغربية.

وأشار إلى أن المنطقة التي أطلقت منها صواريخ القسام مؤخرا وهي في القاطع الشمالي للقطاع، لا تتجاوز مساحتها 120 كيلومترا، ودخلتها 3 فرق منذ بداية الاجتياح البري، إلا أن المقاومة نجحت في تدمير ما يعادل فرقة مدرعة حسب ما أعلنته كتائب المقاومة في بياناتها ومقاطعها منذ بدء الاجتياح البري.

وعاود الخبير العسكري التأكيد على أن استمرار إطلاق القسام لصواريخها من مناطق مختلفة بالقطاع، يبعث رسالة مفادها أنها موجودة ولم تهزم ولن تهزم، متوقعا عدم قدرة قوات الاحتلال على دفع فاتورة استمرار إطلاق صواريخ المقاومة.

أكذوبة مفضوحة

وبشأن المقطع الذي أظهر إجبار قوات الاحتلال عشرات الفلسطينيين على خلع ملابسهم، بعد القبض عليهم، قال الدويري إن دلائل مختلفة فضحت أكذوبة أنهم من عناصر المقاومة، حيث ظهر في المقطع أحد الصحفيين، وهو ما يؤكد أنهم من المدنيين.

وحول الوضع الميداني في الجنوب، يرى الخبير العسكري أن طبيعة المعركة مختلفة، حيث تتسع المسافات بين مباني بلداته ومدنه، مؤكدا أنه في حال حصل تطويق لخان يونس، فإن ذلك لن يعتبر إنجازا عسكريا، مبررا ذلك بأن إعلان تطويق مدينة غزة لم يمنع استمرار عمليات المقاومة فيها.

واعتبر الدويري استمرار أميركا في رفض وقف إطلاق النار، يؤكد كذلك استمرار سيطرة حماس وأنها لم تهزم، مضيفا "إذا كانت مقاربتهم الاستمرار حتى هزيمة حماس فعليهم أن ينتظروا أشهرا عديدة، ومعركة عض الأصابع لصالح الشعب الغزي الذي تعوّد على شظف العيش ولا يزال صابرا".

وكانت نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن قالت في كلمتها أمام المجلس، إن الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار لن تؤدي إلا إلى زرع بذور الحرب المقبلة، مؤكدة عدم دعم بلادها لتلك الدعوات في ظل ما تراه من استمرار حماس في تشكيلها تهديدا لإسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: صواریخ المقاومة إطلاق صواریخ

إقرأ أيضاً:

المقاومة العمياء التي أخذت غزة إلى الجحيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في السابع من أكتوبر، خرجت حماس من خلف ضباب الخطاب المتكلّف، لتفتح على غزة أبواب الجحيم، لم تكن العملية سوى مقامرة مسلّحة بلا بوصلة، ولا ملامح مشروع.

رفعت حماس راية "المقاومة"، لكنها – في الجوهر – لم تكن إلا فعلًا انفعاليًا منزوع التخطيط، استدرجت به الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير منهجي للقطاع، دون أن تملك خطة خروج، ولا حتى خريطة سياسية تدير بها مآلات ما بعد الضربة.

ما فعلته حماس في ذلك اليوم لم يكن إلا تتويجًا لمنهج متراكم من التفرّد، وإقصاء الآخر، واحتكار القرار الفلسطيني، منذ انقلابها الدموي في عام 2007، حين انتزعت السلطة من يد السلطة الوطنية الفلسطينية بقوة السلاح، اختارت أن تدير غزة كمنطقة مغلقة تحت سلطتها، لا تحت مظلة مشروع وطني جامع، ولعبت حماس لعبة الإقصاء مع من يخالفها، وألغت من يختلف معها، واستفردت بمصير مليوني فلسطيني، دون رقابة، دون محاسبة، ودون أي حسّ بمسؤولية الشراكة.

لم تنجح حماس في السياسة، وفي ظني أنها لم تنجح أيضا في الميدان، عسكريًا، أساءت استخدام "المفاجأة" في الأيام الأولى، حين أطلقت موجة الهجوم بعيدًا عن مجمل المكونات الوطنية، ثم تركت المعركة مفتوحة على مصراعيها، دون تنسيق مع أي فصيل، ودون حساب لحجم الرد الإسرائيلي الذي جاء أعنف مما توقعه أي تقدير، انتهى الأمر بسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، وتشريد مئات الآلاف، فيما ظل قادة الحركة يتحدثون من الخارج عن "نصر استراتيجي" لا يراه أحد سوى على شاشاتهم.

هذا الفشل العسكري لم يكن معزولًا عن سياق أوسع من الانتماءات المتضاربة التي تتحكم في قرار حماس، فالحركة لم تكن يومًا ذات ولاء فلسطيني خالص، نشأتها كانت تحت عباءة جماعة الإخوان المسلمين، ومنها استمدّت أيديولوجيتها، ورؤيتها العابرة للحدود. ثم ما لبثت أن نسجت تحالفات مع قوى إقليمية – وعلى رأسها إيران – التي دعمتها بالسلاح والمال، ولكن بثمن سياسي باهظ، جعل قرارها أسيرًا لأجندات لا تُبنى في غزة، بل في طهران، وفي غرف عمليات لا تعرف حدود فلسطين ولا طبيعة شعبها.

هذا الانتماء المتشظي أضعف استقلالية الحركة، وانحرف ببوصلتها من مشروع وطني إلى مشروع وظيفي، يخدم مصالح خارجية، ويزايد باسم القضية على حساب معاناة الفلسطينيين، حتى الإعلام لم يسلم من هذا التفرّد، إذ تسعى حماس باستمرار إلى احتكار صورة المقاومة، وتنسب لنفسها كل عمل عسكري، حتى وإن كانت فصائل أخرى صاحبة المبادرة، ولطالما استثمرت في الصورة الدعائية، أكثر من استثمارها في بناء استراتيجية حقيقية قادرة على الإنجاز لا الاستعراض.

وما يُفاقم المشهد أن قيادة الحركة تعيش في الخارج، متنقلة بين العواصم، تستقر في فنادق خمسة نجوم، بينما شعبها يحترق تحت القصف.. حياة الرفاهية التي يعيشها هؤلاء لا علاقة لها بالحرمان الذي يعانيه أهل غزة، لا كهرباء، لا دواء، لا غذاء، ولا أفق. كل ما تملكه حماس لشعبها هو خطاب استهلاكي عن "الثبات"، و"الرباط"، و"الاصطفاف خلف المقاومة"، بينما قياداتها تصدر الأوامر من عواصم بعيدة، ثم تعود لتخطب في الجنازات لمن بقي حيًا.

الرعونة السياسية كانت حاضرة دائمًا، فكل خطوة خطيرة اتخذتها حماس، كانت بمعزل عن باقي الفصائل، دون أي دراسة للعواقب. قرار الحرب لم يكن قرار إجماع وطني، بل قرار فصيل واحد يظن أنه وحده يملك حق القتال والتفاوض، وحق مصادرة دماء الناس تحت لافتة "المصلحة العليا". وهكذا، تحوّلت "المقاومة" من فعل يرتبط بالشرف إلى فعل سلطوي، يُستخدم لتكريس الحكم، لا لتحرير الأرض.

وفي ظل هذا الانسداد، كانت مصر، كالعادة، تمارس دورها العروبي الثابت، بخطاب عقلاني لا يتأثر بالاستفزازات، وذلك لسبب بسيط هو أن مصر لم تنظر يومًا إلى القضية الفلسطينية من زاوية الفصائل، بل من زاوية الشعب، دعمت الحق الفلسطيني عبر التاريخ، منذ 1948، وقدّمت آلاف الشهداء، وأبقت ملف فلسطين على رأس أولوياتها رغم تبدّل الأنظمة والضغوط الدولية.

اليوم، مصر تميّز بين الموقف من ممارسات حماس، وموقفها من الشعب الفلسطيني. فتحت معبر رفح رغم الدمار، واستقبلت المصابين والجرحى، وقدّمت المساعدات اليومية، وأقامت مستشفيات ميدانية، وأرسلت القوافل الطبية، وتحملت فوق طاقتها، دون أن تطلب شكرًا، رغم أن قيادات حماس لم تتوقف عن إطلاق تصريحات مستفزة، بل أحيانًا خارجة عن حدود الأدب السياسي.

بل إن مصر – بما تحمله من ثقل دبلوماسي – أفسحت المجال لكافة المبادرات، وأبقت خيوط التفاوض قائمة، رغم تعنت الطرفين، محاولة وقف الحرب بأي وسيلة، وحماية المدنيين من طاحونة القتل المجاني، لم تساوم مصر على دم الفلسطيني، بل رفعت صوتها عاليًا في المحافل الدولية دفاعًا عن القضية، لا عن سلوك الفصائل.

والأهم هو أن مصر تملك من الحكمة ما يفرّق بين القضية وبين من يعبث بها، وهي ترى أن النضال لا يُقاس بعدد الصواريخ، بل بنتائجه الواقعية، وقدرته على إعادة الحقوق لا على تراكم الجثث، وأن المقاومة الحقيقية لا تكون بقتل الأمل في قلوب الناس، بل ببنائه، والبناء لا يكون بالعناد السياسي بل بالتوافق الوطني. وهذا ما فشلت فيه حماس مرارًا، لأنها لا تؤمن بفكرة الوطن أصلًا، بل بفكرة الجماعة، وما دونها فرع وتفصيل.

إن التاريخ سيذكر كثيرًا من مشاهد البطولة في فلسطين، لكنه لن يرحم من استخدم دم الشهداء ليرسّخ حكمه، ومن تاجر بالدمار ليبرّر الفشل، ومن اختبأ خلف ستار "المقاومة" ليهرب من فشله في بناء دولة، أو حتى إدارة قطاع محاصر.

فلسطين تستحق من يحملها كهوية، لا من يحملها مثل راية حزبية، وتستحق مقاومة تعرف متى تقاتل، ومتى تفاوض، ومتى تصمت لأجل الناس، لا لأجل الكاميرات، لذلك نقول بوضوح ونقول عكس التيار وننتظر الهجوم من الكثيرين نقول ما لم يتم استرداد القرار الوطني من يد من خطفوه، ستظل غزة تحترق، بينما من أشعلوا النار يراقبون من بعيد.. بلا ندم، بلا خجل.

مقالات مشابهة

  • “حماس”: ما يجري برفح محاولة بائسة لتحقيق إنجاز عسكري بالإبادة
  • استمرار المجازر الإسرائيلية على غزة.. و"حماس" تدعو للضغط على الاحتلال
  • استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية.. وحماس تدعو لـ هبًـة شعبية في الضفة
  • المقاومة العمياء التي أخذت غزة إلى الجحيم
  • استمرار فتح ميناء رفح البري لليوم الـ23 على التوالي
  • رسالة إلى الداعية ياسر برهامي
  • “حماس”: التصعيد العسكري لن يعيد أسرى الاحتلال أحياء
  • حماس لجيش الاحتلال: التصعيد العسكري لن يُعيد الأسرى أحياء
  • حماس: ما يجري في غزة ليس ضغطًا عسكريًا والتصعيد لن يعيد الأسرى أحياء
  • كاريكاتير .. مجدداً.. صواريخ المقاومة الفلسطينية تزلزل كيان الاحتلال