الموضة وصناعة الإحباط.. لماذا لا يزال من الصعب شراء ملابس لصاحبات المقاسات الكبيرة؟
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
تعتمد صناعة الموضة على مساعدة الناس في الظهور بصورة أفضل، لتتجنب القبح وتبرز الرقي والجمال.
لكن صناعة الموضة، وصناعة الجمال من ناحية أخرى، متهمتان بالتحيز الجنسي والسمية والتأثير على الصحة العقلية للسيدات، من خلال المعايير المثالية التي تروج لها الصناعتان، والتي بدورها تُشعر ملايين من السيدات حول العالم بالنقص لأنهن لا يتمتعن بالجمال الذي تدعو له تلك الصناعات.
ومع ذلك تبلغ قيمة صناعة الأزياء عالميا 1.46 تريليون دولار، في حين تبلغ قيمة صناعة التجميل عالميا 511 مليار دولار.
لا يبدو أن علامات مثل "متوسط M" أو "كبير L" دقيقة لدى كثيرين حول العالم، فهي تختلف من بلد إلى آخر، وربما من علامة تجارية أو مصنع إلى آخر.
ولا يوجد في صناعة الموضة مخطط قياسي عالمي واحد، فبينما قد يكون مقاسك 14 في أحد المتاجر، قد يكون 20 في متجر آخر.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن تصنيف الملابس يفترض أن كثيرا منا لا يمانع في إسقاط مقاس أو اثنين عند شراء الملابس الجديدة.
وعلى الرغم من أن الناس، بشكل عام، أصبحوا أكبر حجما على مدى الخمسين عاما الماضية، فإن أرقام المقاسات أصبحت أصغر، فقد وجدت بيانات الصحيفة في عام 2015، أن فستانا بمقاس 12 في عام 1958، أصبح الآن مقاس 6. علما أن وزن المرأة الأميركية المتوسطة زاد من 140 رطلا (63.5 كيلوغراما) في عام 1960 إلى 168.5 رطلا (76 كيلوغراما) في عام 2014.
كما تختلف أحجام الملابس أيضا على المستوى الدولي، وهو ما يمثل تعقيدا إضافيا نظرا لعدد الملابس التي يتم شحنها حول العالم فمقاس الملابس في الولايات المتحدة وأوروبا عادة ما يكون أكبر درجة على الأقل من نظيره في آسيا.
ثورة الملابس الجاهزةلم تقع النساء في حيرة المقاسات قبل الثورة الصناعية، إذ كانت الموضة حكرا على سيدات القصور وأوساط الأثرياء فقط، ومع ذلك كانت القطعة الواحدة يتم تفصيلها بما يناسب مقاسات صاحبتها، في حين كانت السيدات في الطبقات الفقيرة يصنعن ملابسهن بأنفسهن، فلم تعان المرأة من عبء المقاسات الصغيرة أو غير الملائمة.
ولكن بدأت تلك الأعراف الثقافية في التحول خلال فترة الكساد الكبير، عندما كان بالكاد يستطيع أي شخص شراء الطعام، ناهيك عن القماش. وفي الوقت نفسه، كانت التقنيات الصناعية تتحسن، مما جعل إنتاج الملابس بكميات كبيرة أرخص بالنسبة للشركات. وبنهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تلك العوامل، إلى جانب ظهور الإعلانات، قد أشعلت ثورة استهلاكية وكانت سببا في توحيد تصميمات الملابس ومقاساتها.
وفي أوائل الأربعينيات من القرن الـ20، أجريت دراسة حول مقاييس جسد المرأة على أمل إنشاء نظام قياسي موحد للملابس. أخذت الدراسة 59 قياسا مختلفا لـ15 ألف امرأة، لكن الاكتشاف المثير الذي توصل إليه الباحثان روث أوبراين ووليام شيلتون كان يشير إلى أن النساء لم يرغبن في مشاركة قياساتهن مع موظفي التسوق.
وخلص الباحثان إلى أنه لكي ينجح النظام، يتعين على الحكومة إنشاء مقياس "تعسفي"، مثل حجم الحذاء، بدلا من "القياسات البشرية" المتنوعة. وفي عام 1958، وضع المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا مجموعة من الأرقام الزوجية من 8 إلى 38 لتمثيل الحجم الكلي ومجموعة من الحروف "تي آر إس" (T، R، S) والرموز (+، -) لتمثيل الطول والمقاس، على التوالي. وذلك بناء على بحث أوبراين وشيلتون. ونُصحت العلامات التجارية بصنع ملابسها وفقا لذلك. ولكن بحلول عام 1983، سقط هذا المعيار، وذلك لأنه لا يوجد مقاسات موحدة من الجسم بالولايات المتحدة.
تقول لين بورادي، الأستاذة في جامعة ولاية بافالو المتخصصة في تحديد الحجم، إن المقاسات العالمية تنجح في بلد مثل الصين، على سبيل المثال، لأن "الحجم الزائد أمر غير عادي للغاية". لكن أميركا موطن للنساء من مختلف الأشكال والأحجام. إن فرض مجموعة واحدة من المقاييس قد يسهل على بعضهن التسوق، مثل "النساء البيضاوات النحيفات" اللاتي اعتمد عليهن أوبراين وشيلتون في جميع قياساتهن، لكنها تستبعد عددا أكبر من الأشخاص، ربما يمثلن غالبية النساء. حتى إن غالبية بحوث التسويق تشير إلى أن النساء في الولايات المتحدة يرتدين مقاس 14 أو أكبر من ذلك، وهو في الوقت ذاته المقاس الأكثر ندرة في متاجر التجزئة رغم الإقبال المتزايد عليه.
كما أن صاحبات المقاس الكبير ينفقن أكثر من أي وقت مضى. فقد بلغت مبيعات الملابس ذات المقاسات الكبيرة في 2016، 20.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 17% مقارنة بالفترة نفسها في 2013، وفقا لشركة أبحاث السوق إن بي دي غروب.
عبء غرف القياسأطلق البعض وصف "المقاسات المجنونة" المتسببة في إحباط السيدات على ملابس العصر الحالي، والأكثر إحباطا للمتسوقات عبر الإنترنت، فعلى الرغم من أنه يتم شراء ملابس بقيمة 240 مليار دولار عبر الإنترنت كل عام، فإن حجم الإرجاع يقدر بنحو 40%، ويرجع ذلك في الغالب إلى مشكلات في المقاس، وهو ما يمثل كابوسا مزعجا للمتسوق ولأصحاب الشركات أيضا، بحسب مجلة تايم.
رغم أن مشكلة عدم دقة المقاسات واضحة في الملابس الحديثة، فإن النساء هن أكثر ضحايا المقاسات الصغيرة للغاية، وذلك لأن خياراتهن في الملابس متعددة لتتناسب مع مختلف المناسبات مثل العمل والمنزل والنادي وملابس المساء والحفلات والملابس المحتشمة والرياضة والسباحة، هنا يظهر عبء غرفة القياس، فالنساء لا يعانين فقط في رحلة البحث عن تصميم مميز، إنما المعاناة الأكبر في الحصول على قطعة ملابس جميلة بمقاس ملائم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
دراسة: العالم لا يزال معتمدا على الصين في المعادن النادرة
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التنقيب في أوكرانيا أو غرينلاند عن المعادن النادرة اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة الحديثة، وبالتالي كسر هيمنة الصين على هذا النوع من التعدين، إلا أن خبراء يتوقعون أن يستمر الاعتماد على الصين في هذا المجال لفترة طويلة.
وبحسب دراسة أجرتها وكالة المواد الخام الألمانية (ديرا) وأعلنت نتائجها الخميس في برلين، فإن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى انخفاض أسعار المعادن النادرة في السوق العالمية حاليا.
قال معد الدراسة، هارالد إلسنر: "جميع الشركات التي تقوم حاليا بتعدين أو معالجة المعادن النادرة تعاني من مشكلات اقتصادية، بما في ذلك شركات في الصين"، موضحا أن هذا يجعل من الصعب التنقيب عن مخزونات جديدة في بلدان أخرى، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه غالبا ما تكون البنية التحتية اللازمة لاستخراج ومعالجة المواد غير متوفرة خارج الصين.
ويتوقع إلسنر أن الطلب على المعادن النادرة، التي تستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية وطواحين الهواء، سيزداد بشكل كبير في المستقبل، مشيرا في المقابل إلى أنه "لا يزال هناك القليل من الأدلة على ذلك في السوق"، موضحا أن مشاريع التنقيب الجديدة خارج الصين سوف تواجه لذلك صعوبات من حيث الجدوى الاقتصادية، وبحسب وكالة أسوشيتد برس.
وينتقد الخبراء هذا الأمر بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بما يسمى بالمعادن النادرة الثقيلة، والتي تستخدم ليس فقط في تصنيع السيارات، بل أيضا في صناعة الأسلحة الأميركية. ولا تزال هذه المعادن تأتي بنسبة 100 بالمئة من الصين، حيث يُجرى استخراجها أو على الأقل تكريرها.
ووفقا للخبراء، قد يكون هذا أحد أسباب اهتمام ترامب بجرينلاند، التي تمتلك أكبر مخزونات من المعادن النادرة الثقيلة في العالم، لكن لم يتم التنقيب عنها حتى الآن. وتوقف مشروع المعادن النادرة المدعوم من الصين في غرينلاند بعد أن حظرت حكومة الأخيرة تعدين اليورانيوم في عام 2021.
ويضع إلسنر آمالا أكبر على تعدين المعادن النادرة في أستراليا، حيث أعلنت عدة شركات عن نيتها استخراج معادن نادرة ثقيلة من الخامات الأسترالية، إما مباشرة في أستراليا وإما في ماليزيا أو الولايات المتحدة. ورغم أن كميات صغيرة فقط هي المسموح لها بدخول السوق العالمية، يرى إلسنر أن "هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من اعتماد العالم الغربي على الصين في الحصول على هذه المواد الخام الخاصة للغاية".
وبحسب الدراسة، استحوذت الصين على حوالي 60 بالمئة من تعدين المعادن الأرضية النادرة في العالم في عام 2023، ووصلت حصتها من المعالجة الإضافية إلى 93 بالمئة.
واستوردت ألمانيا ما مجموعه 5200 طن من المعادن الأرضية النادرة في عام 2023، وجاء 71 بالمئة منها مباشرة من الصين. وفي ألمانيا يتم استخدام 90 بالمئة من المعادن النادرة في المحفزات المستخدمة في تنقية غازات العوادم في السيارات والمصانع الكيميائية ومصافي التكرير.