لقد أسعدنى كثيراً أن أقضى الأسبوع الماضى بدولة الكويت الشقيقة بدعوة كريمة من جامعتها العريقة التى ترتبط فى أذهاننا كمهتمين بالفكر ومتخصصين فى الفلسفة بأنها هى التى نجحت فى استقطاب أهم مفكرى وفلاسفة مصر والعالم العربى من أمثال د. عبدالرحمن بدوى الذى أمضى شطراً من عمره بين جنباتها أستاذاً وباحثاً ومؤلفاً، ود.
وعلى الرغم من أن الجامعة قد انتقلت بالكثير من كلياتها وخاصة كلية الآداب إلى مقرها الجديد الذى يتميز بالحداثة والإمكانات التكنولوجية غير المحدودة إلا أنها لا تزال تحتفظ بعراقتها وتاريخها التليد بين الجامعات العربية الكبرى، ويكفى أنها كانت لفترات طويلة سابقة وإلى الآن الجامعة الخليجية العربية الوحيدة التى احتفظت بقسم الفلسفة وبعدم غلق قسمها العريق للفلسفة أمام قبول الطلاب واستمرار دراسة وتدريس الفلسفة رغم فترات المد السلفى والإخوانى المعادى للفلسفة التى مرت عليها! وكم سعدت حينما علمت مدى إقبال الطلاب والطالبات على دراسة الفلسفة حيث أنهم بلغوا فى هذا العام الدراسى أربعمائة طالب وطالبة فى مرحلة الليسانس!. وكم أسعدنى بوجه خاص فى المحاضرة العامة التى ألقيتها فى إطار الموسم الثقافى تحت عنوان «الفلسفة ومستجدات العصر الراهن» وكذلك فى اللقاءت الثلاثة التى التقيت فيها بالطالبات والطلاب فى برنامج الماجستير أن أجد هذا الشغف الكبير والحرص على الاستزادة من المعرفة والحوار الجاد الذى يتعدى المقررات الدراسية إلى القضايا العامة المحلية والإقليمية والدولية التى تناولتها فى بعض مؤلفاتى العامة مثل «ضد العولمة» و«ما بعد العولمة» و«مدخل إلى فلسفة المستقبل» و«فلسفة الحضارة» و«الأورجانون العربى للمستقبل».. إلخ.
إن الحياة الثقافية فى دولة الكويت وجامعتها الأم حياة ثرية ومتجددة، إذ رغم كل الظروف والأزمات التى عاشتها وتعيشها منطقتنا العربية لم تتوقف أى صحيفة أو مجلة من المجلات الثقافية الرائدة عن الصدور فى موعدها محافظة على رسالتها الجادة، والحقيقة أن أجيالاً متتالية من الشباب والمثقفين العرب قد تربت على تلك الإصدارات التنويرية القوية الفاعلة مثل «مجلة العربى» و«عالم الفكر» و«الثقافة العالمية» وسلسلة «عالم المعرفة» وسلسلة «إبداعات عالمية» و«المسرح العالمى» و«مجلة الفنون».
إن الزخم الثقافى التنويرى الذى يصدر عن الهيئات الثقافية الكويتية يتميز بلا شك بالجودة الفائقة بما يلقى من دعم غير محدود من الحكومة الكويتية، وبما يلقى من اهتمام من المفكرين والكتاب والأدباء العرب سواء المبدعين أوالمتلقين الذين يتلقفون هذه الإصدارات بكل شغف نظراً لجودتها مظهراً ومحتوى، وأيضاً لأسعارها التى تناسب القراء العرب أياً كان موطنهم ومستواهم الاقتصادى! إن التجربة الثقافية للكويت ينبغى أن تدرس وتقلد من الدول العربية الأخرى وخاصة الغنية منها حتى يتشارك الجميع فى إحداث نهضة ثقافية عربية شاملة تؤسس لحقبة تنويرية جديدة تزدهر فيها القراءة ويكون للكتاب والمجلات والسلاسل الثقافية والعلمية فى مختلف مجالات الفكر والإبداع الدور الرائد فى تحديث المجتمعات العربية.
وبالطبع كلنا يعرف للأسف أننا «أمة لا تقرأ» بينما كتابنا المقدس «القرآن» من بداياته إلى جوهره دعوة للقراءة والفهم وتأمل الوجود!، وللأسف فهذه الحقيقة التى تقال عنا ونسلم نحن بها جعلتنا فى ذيل الأمم! وهى فى اعتقادى الشخصى السبب الرئيس لما نعانيه من الضعف والتخلف على جميع المستويات لأن التحديث الثقافى- فيما أرى – هو أساس التحديث والنهوض وهو القاطرة التى تقود وتجر كل مظاهر التحديث الأخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة الكويت نحو المستقبل دولة الكويت
إقرأ أيضاً:
مؤلفات عربية كلاسيكية للسيمفونى بقيادة شرارة على المسرح الكبير
تقيم دار الأوبرا المصرية، حفلاً لأوركسترا القاهرة السيمفونى، تحت إشراف مديره الفنى وقائده الأساسى المايسترو أحمد الصعيدى يأتي ضمن سلسلة إتجاهات عربية ويقوده المايسترو محمد شرارة وذلك في التاسعة والنصف مساء السبت ٨ مارس على المسرح الكبير.
يتضمن البرنامج مجموعة من الأعمال العربية فى القالب الغربى الكلاسيكى منها كولاج المفقود والموجود لـ عبد الله حمدى ، رقصة تحطيب لـ محمد عبد الوهاب عبد الفتاح ، لحظة شرقية لـ محمد شرارة ، سينفونيتا لـ طارق على حسن ، مقطوعتان موسيقيتان للأوركسترا لـ قتيبة النعيمى.
تقديم أعمال المؤلفين العرب فى القالب الكلاسيكى تهدف إلى إثراء الحياة الموسيقية فى الوطن العربى وتعبر عن الإبداعات المبتكرة التى تحمل الطابع العربى فى الصورة الغربية.