«سوق العايقة» بين اجتماعية محفوظ وتغريبة طوبيا
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
كم من الإصدارات التى تظهر لنور النشر فى كل يوم، كثيرة هي، لكنها كثرة عدد وليس كيفاً، خاصة فيما يتعلق بالأدب وفنونه «رواية، قصة، شعر»، فإذا ما طالعنا ما يستحق منه أن يشحذ اهتمامنا، ويثير إعجابنا، أصبح لزامًا علينا أن نشير إليه بالبنان، ها هنا يوجد إبداع..
ولأنها لم تكن الرواية الوحيدة التى طالعتها لها، فأزعم أننى أتابع مشروعها الإبداعى منذ وطئ قلمها أرض الكتابة، فقد كانت روايتها الثانية «سوق العايقة»، إحدى الإزاحات والخطوات المهمة فى درب الروائية والقاصة علا عبدالمنعم.
فى أجواء روائية تحيلنا «سوق العايقة» بمسحة نوستالجيا، إلى ثلاثية محفوظ، وتغريبة مجيد طوبيا، حيث خطان متداخلان لا ينفصلان، الخط الاجتماعى والسياسى بطابعه التاريخي، وهو ذلك النوع من الروايات الثرية التى نفتقدها كثيرا تلك الأيام.
ففى مزيج فريد لأحداث تجمع بين مجتمعين مختلفين، تتنقل علا عبدالمنعم فى روايتها «سوق العايقة»، ببراعة وانسيابية من طبيعة ريفية وعادات تحكم أفرادها، فى وصف خبير بدقائق ذلك المجتمع، إلى بريق المدينة ووهجها، القاهرة، قاهرة ما قبل ثورة يوليو ٥٢، بكل ما تحمله من عبق تاريخ اجتماعى لا يشبهه آخر..
فنحن هنا أمام مجتمعين وعالمين مختلفين «القاهرة، وإحدى قرى مصر»، تجمعهما حقبة زمنية واحدة، إلا أن المكان يفرض نفسه فى أسلوب تعاطى سكان كل مجتمع مع تلك التحولات السياسية والمجتمعية القاسمة، وهو ما يتبدى جليًا، واستطاعت الكاتبة إبرازه، خلال أحداث اجتماعية ذات خلفية سياسية، كان للأخيرة أثر واضح فى حياة أبطال العمل.
ولأن أحد عوامل الحكم على براعة الكاتب، أى كاتب، يتحدد بمدى قدرته على مواءمة الحوار لطبيعة الشخصية وثقافتها، فلا تهوى بنا جملة حوارية إلى هوة الانفصال أو عدم التوافق، فقد رأيت الكاتبة قد إجادته إلى حد بعيد، فبين يديها تجلت أدواتها، تقبض عليها بإحكام أريب، فتلك «بسيمة»، بطلة المجتمع القاهري، تحفظ لها مفرداتها الخاصة، وتعبيراتها التى تؤكد قوة انتمائها لذلك المجتمع، بل وتلك الطبقة، وفى المقابل تقبع «توبة»، فتاة ريفية قحة، تتجمل بعبارات دارجة تلوكها كلما عنّ لها الحوار، بل ويرددها صوت أفكارها الواضح.
أن تستطيع الحفاظ على عنصر الإثارة حتى السطر الأخير، لهو جهد شاق، ومهمة مضنية لأى كاتب، لكننى أجد الكاتبة هنا استطاعت أن تفعلها، بل وأن تنتقل بنا من أجواء ريفية لأخرى حضرية بخفة غير مربكة، لتحفظ لروايتها تشويقًا خاصًا، لا تكاد مع تلاحق أحداثها أن تترك لنفسك فرصة توقع النهاية، إنها المفارقة والمفاجأة فى المشهد الأخير، وهو عامل آخر أكثر ضمانا لنجاح العمل وتمكن كاتبه، فلا أنت بقادر على الوصول لحل اللغز، أو فك شفرة العلاقات بين الشخوص، تأخذك الحبكة بتفاصيلها حتى الرمق الأخير من الحكاية، لتفاجأ بحلول منطقية وغير متوقعة فى الآن ذاته، هكذا تجد نفسك شاهدا ومعترفا ببراعة الكاتبة.
سوق العايقة، هى الرواية الثانية لعلا عبدالمنعم، بعد رواية أولى بعنوان «ميراث الأنصاري»، تليها مجموعة قصصية بعنوان «استعمال طبيب».
علا عبدالمنعم، صيدلانية، تحمل جينات الإبداع، وتطرح أمامنا السؤال الأبدي، وتدخلنا الإشكالية الكبرى، عن علاقة الطب بالإبداع... إنها علاقة تبدو أبدية وذات علائق وشيجة.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
محافظ المنيا: منح مالية ورعاية اجتماعية للعمالة غير المنتظمة بتكلفة 17 مليون جنيه
تلقى اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، تقريرًا من مديرية العمل بالمحافظة حول جهودها وإنجازاتها خلال عام 2024، حيث تضمن التقرير مجالات العمالة، السلامة والصحة المهنية، التفتيش على المنشآت، التدريب المهني، التوظيف، وتطوير الخدمات الإلكترونية.
منح دورية ورعاية اجتماعيةوأشار التقرير إلى استفادة 32 ألفا و739 فردًا من العمالة غير المنتظمة وأسرهم من منح دورية ورعاية اجتماعية وصحية، بإجمالي تكلفة بلغت 17 مليونا و651 ألف جنيه، إلى جانب إطلاق منظومة إلكترونية لتسهيل تقديم الخدمات لهذه الفئة.
كما تم تنفيذ 125 حملة تفتيشية شملت 4423 منشأة لضمان الالتزام بقانون العمل رقم 12 لسنة 2003، فضلاً عن إطلاق 21 مبادرة تحت شعار سلامتك تهمنا في منشآت القطاعين الحكومي والخاص، وعقد 238 ندوة توعوية لتعزيز الوعي بالسلامة المهنية.
تطبيق الحد الأدنى للأجوروفي مجال تفتيش العمل، تم التفتيش على 5955 منشأة ضمن 335 حملة للتأكد من تطبيق الحد الأدنى للأجور وضمان الحقوق العمالية، مع تنظيم 50 ندوة لتعريف العمال بحقوقهم وواجباتهم. أما في مجال التدريب المهني، فقد تم تنفيذ 28 دورة تدريبية على مهن حرفية متنوعة، مثل التفصيل والخياطة والتسويق الإلكتروني، وأسفرت الجهود عن تعيين 9,192 شخصًا، منهم 100 من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تنظيم ملتقى توظيف وفر 4 آلاف فرصة عمل ومعرض للمنتجات الحرفية.
كما شهد العام ميكنة خدمات كعب العمل وشهادات قياس المهارة وإصدار تراخيص مزاولة الحرفة إلكترونيًا، بجانب إنشاء وحدة للمساواة بين الجنسين بقرار المحافظ رقم (62) لسنة 2024، لتعزيز حقوق المرأة في سوق العمل.