غزة.. الشهداء بالآلاف وملحمة الصمود التاريخي مستمرة
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
غزة "وكالات": كثفت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم قصفها لقطاع غزة ودكت أغلب مناطقه ما أسفر عن مقتل المئات في مرحلة جديدة موسعة من الحرب قالت واشنطن إنها تتناقض مع وعود إسرائيل ببذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي الجمعة إنه قصف أكثر من 450 هدفا في قطاع غزة من البر والبر والجو على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية في أعنف ضربات منذ انتهاء الهدنة الأسبوع الماضي وبما يشكل تقريبا مثلي الرقم اليومي الذي يعلنه في العادة منذ ذلك الحين.
ومع نزوح أغلب سكان غزة دون قدرة على الوصول لأي مساعدات ومع تحمل المستشفيات ما يفوق طاقتها بكثير ونفاد الغذاء، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إن المجتمع في القطاع "على شفا الانهيار الكامل".
وذكر سكان والجيش الإسرائيلي أن اشتباكات عنيفة وقعت في مناطق بشمال القطاع، حيث قالت إسرائيل من قبل إن قواتها أنهت إلى حد كبير مهامها هناك الشهر الماضي، وأيضا في جنوب القطاع حيث شنت هجوما جديدا هذا الأسبوع.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون في واشنطن الخميس "بينما نقف هنا بعد مرور ما يقرب من أسبوع على هذه الحملة في الجنوب... يظل من الضروري أن تولي إسرائيل أهمية لحماية المدنيين. لا تزال هناك فجوة بين... نية حماية المدنيين والنتائج الفعلية التي نراها على الأرض".
ومع توسع نطاق القتال ليشمل شمال وجنوب قطاع غزة في ذات الوقت، يقول السكان إن العثور على ملاذ بات أقرب للمستحيل. وتقول إسرائيل إنها تقدم تفاصيل أكثر من أي وقت مضى عن المناطق الآمنة وكيفية الوصول إليها وتلقي بالمسؤولية على حماس في الأذى الذي يلحق بالمدنيين بسبب عملها وسطهم وهو ما تنفيه الحركة.
وذكرت حماس أن أعنف اشتباكات مع القوات الإسرائيلية تدور في الشمال في حي الشجاعية بمدينة غزة وفي الجنوب في خان يونس حيث وصل جنود إسرائيليون لوسط ثاني أكبر مدن القطاع يوم الأربعاء.
وقال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية على وسائل تواصل اجتماعي "جيش الدفاع يعمل بقوة ضد حماس والمنظمات الإرهابية في قطاع غزة وبشكل خاص في منطقة خان يونس وشمال القطاع".
وتابع أدرعي قائلا على منصة إكس "نداء عاجل إلى سكان جباليا والشجاعية والزيتون والبلدة القديمة في غزة ندعوكم إلى إخلاء أماكن تواجدكم بشكل عاجل عبر شارعي خليل الوزير والوحدة نحو المآوي المعروفة غرب مدينة غزة".
وأضاف "القتال والتقدم العسكري لجيش الدفاع في منطقة خان يونس لا يسمحان بتنقل المدنيين عبر محور صلاح الدين في المقاطع الواقعة شمالي وشرقي مدينة خان يونس. يشكل محور صلاح الدين في هذه المقاطع ساحة قتال فمن الخطورة الوصول إليه".
وشاهد صحفيون من رويترز في جنوب قطاع غزة أعدادا من الجثث والمصابين يتدفقون على مستشفى ناصر في خان يونس حيث لم يعد هناك متسع على الأرض لاستقبال مزيد من المرضى الراقدين بالممرات الملطخة بالدماء.
وقال محمد العموري وهو يعدل قناع الأكسجين لابنه الذي يرقد على سرير في المستشفى مرتديا سروالا خاصة بممارسة كرة القدم وساقاه مضمدتان "نحن موجودين في منطقة حسب المربعات منطقة آمنة".
وأضاف "فجأة، الأطفال كانوا في الشارع بيلعبوا عادي وبيمارسوا الحياة الطبيعية عادي... طلعنا على الصراخ بعد الضرب لقينا مجموعة من الشباب والأطفال والنساء والرجال أشلاء، منهم الشهداء ومنهم الإصابات".
وفي رفح، أبعد باتجاه الجنوب على الحدود مع مصر، يعيش ثائر قديح مع عائلته في خيمة مؤقتة مصنوعة من البلاستيك الرقيق.
وقال لرويترز "لا ننام. خوف وجوع وبرد الثلاثة اجتمعت علينا، محدش بيدور علينا ومحدش سائل فينا... نسكت الجوع إشي بسيط، ساعة زمان، وبيرجع الطفل بدو يطلب أكل تاني".
ولم يتسن لرويترز الوصول لمناطق أخرى في القطاع لكنها تواصلت مع سكان عبر الهاتف وصفوا لها مشاهد مماثلة من اليأس والمعاناة.
وقال يامن الذي يحتمي في مدرسة في وسط القطاع مع أسرته إن القتال يدور الآن في كل الاتجاهات ولم يعد هناك مكان يفرون إليه.
وتابع قائلا "داخل المدرسة مثل خارجها. نفس شعور الخوف من الموت الوشيك.. نفس المعاناة والتضور جوعا... كل يوم نقول إننا نجونا بشكل ما. لكن إلى متى؟"
وكتب توماس وايت مدير شؤون الأونروا في غزة على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "النظام المدني ينهار في غزة الشوارع تبدو برية خاصة بعد حلول الظلام. بعض قوافل الإغاثة تتعرض للنهب ومركبات تابعة للأمم المتحدة ترشق بالحجارة. المجتمع على وشك الانهيار الكامل".
ونشر رامي عبدو مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف صورا تظهر دمارا واسعا لحق بالمسجد العمري الأثري وهو أهم المعالم الأثرية في البلدة القديمة في غزة بعد استهدافه فيما يبدو للمرة الأولى. ولم يرد تعليق على ذلك من الجيش الإسرائيلي.
ويحاول الآلاف الفرار من القتال للتوجه نحو رفح على الحدود المصرية، المكان الوحيد الذي لا تزال توزع فيه مساعدات إنسانية ولو بكميات محدودة.
وقال عبد الله أبو دقة "منذ شهرين ننتقل من مكان إلى آخر (...) نحن متعبون جدا"، متحدثا عن "أصعب شهرين" في حياته.
ووصل أحمد حجاج إلى رفح من مخيم الشاطئ في الشمال، وتحدث عن الوضع الذي يواصل التدهور قائلا "ليس لدينا الضروريات الأساسية، والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولا حل سياسيا في الأفق".
وتفرض إسرائيل "حصارا كاملا" على قطاع غزة منذ ٩أكتوبر ما تسبب في نقص خطير في المياه والغذاء والدواء والكهرباء وكذلك الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات ومحطات تحلية المياه.
ومساء الخميس، "دخلت 69 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية و61 ألف لتر من الوقود إلى غزة من مصر"، وهو رقم أقل بكثير ممّا كان عليه خلال الهدنة التي نُفّذت بين 24 و30 نوفمبر، حسبما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ووفق الأمم المتحدة، نزح 1,9 مليون شخص أي نحو 85% من السكان عن منازلهم في غزة بسبب الحرب التي دمرت أو ألحقت أضرارا بأكثر من نصف المنازل.
وفي مواجهة "وضع كارثي في قطاع غزة"، يبتّ مجلس الأمن الدولي الجمعة في دعوة إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري" في قطاع غزة، في عملية تصويت غير محسومة النتائج في ظل أوضاع دبلوماسية مشحونة.
وتأتي عملية التصويت بعدما وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة الأربعاء إلى مجلس الأمن استخدم فيها صراحة المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر"، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود.
ومنذ بداية الحرب، تمكّن مجلس الأمن من تبنّي قرار واحد يدعو إلى "هدنات وممرّات إنسانية" في غزة، وليس إلى "وقف إطلاق نار" تعارضه الولايات المتحدة.
وخارج قطاع غزة، تستمر أعمال العنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين خلال عملية توغل في مخيّم الفارعة للاجئين الجمعة، حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية.
كذلك، توغّل الجيش الإسرائيلي مساء الخميس في شوارع مدينة رام الله، حيث ردّ الفلسطينيون برشق مدرّعاته بالحجارة، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وأطلق عدد من الجنود الإسرائيليين قنابل يدوية في محاولة لتفريقهم. كما قامت القوات الإسرائيلية بتفتيش المحلّات التجارية.
ومنذ بدء الحرب، قُتل 264 فلسطينياً على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة، على ما تفيد وزارة الصحة الفلسطينية.
بقلم عادل الزعنون مع كلير غونون في القدس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی قطاع غزة خان یونس فی غزة
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق الهدنة في لبنان.. غارات مستمرة على عدة مناطق
واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، انتهاكاته لوقف إطلاق النار في لبنان، قبل اقتراب موعد انتهاء الهدنة يوم 18 فبراير الجاري، حيث شنت الطائرات الحربية التابعة لجيش الاحتلال سلسلة غارات عنيفة استهدفت مواقع مختلفة في منطقة سريج بالبقاع شرقي لبنان.
مصدر ميداني لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية، أشار إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية شنت سلسلة غارات بالصواريخ الموجهة على منطقة جردية بين الخريبة وحورتعلا وبريتال في سريج بسلسلة البقاع الشرقية شرقي لبنان.
تمديد وقف إطلاق الناروفي 27 نوفمبر الماضي، تم التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار بين جيش الاحتلال الإسرائيلي و«حزب الله»، لمدة شهرين، تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، فيما أعلن البيت الأبيض، في 26 يناير الماضي، تمديد الاتفاق حتى 18 فبراير الجاري لعدم التزام إسرائيل بالموعد النهائي وسحب قواتها من الجنوب اللبناني.
4 غارات إسرائيلية على محلة سريج بقضاء بعلبكوأضاف المصدر أنها المرة الثانية التي يستهدف فيها طيران الاحتلال الإسرائيلي مناطق في البقاع منذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، قالت في وقت سابق، إن طيران الاحتلال الإسرائيلي الحربي شن 4 غارات على محلة سريج عند مرتفعات سلسلة جبال لبنان الشرقية، في قضاء بعلبك.
فيما زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، أنه نفذ ضربة دقيقة داخل الأراضي اللبنانية على موقعين عسكريين يحتويان على أسلحة تابعة لـ«حزب الله».