[email protected]
من يدقق في مختلف نقاط التصادم؛ سواء بين الأفراد، أو المجموعات، أو حتى أعلى من ذلك كـ«الدول» يجد أن استثارة العاطفة هي الفاعل الوحيد في نشوء الصراعات بين مختلف الأطراف، حيث تعطل «ماكينة العقل» ويعود ذلك أنه في لحظة زمنية فارقة، يفقد الفرد قدرته على التركيز؛ ليمحص الحق من الباطل، والعدل من الظلم، ومن التيقن إلى الشطط أو الهرولة، والإنسان مهما امتلك من عوامل القوة: الشخصية «الكاريزما»، الحضور الذهني، خبرة الحياة «كبار السن»، المركز الاجتماعي، المسؤولية المدنية، تبقى استثارة عاطفته أمرا يسيرا، ولو بنسب متفاوتة، فالمسألة هنا ليست متوقفة على أمر مادي بحت، بل تتداخل فيها عوامل كثيرة: نفسية، فطرية، ضغوط جانبية، وهذا في مجموعه يذهب إلى سهولة استثارة العاطفة عند كل شخص، وبالتالي توقيعه في مطب ما، ربما لا يود الوقوع فيه، هل ذلك يعد ضعفا في التركيبة البنائية للشخصية؟ ليس شرطا، فالعاطفة هيلمان كبير، لا يمكن تحديده أو السيطرة عليه في ظروف قاسية تمر على الإنسان، وهي كثيرة، وعندما نرى حالة فرد، أو مجموعة أفراد عند وقع مصيبة ما، كيف تبدو التصرفات غير الواعية عندهم، وربما قد يندمون عليها عندما يعودون إلى حالتهم الطبيعية التي يرضونها لأنفسهم، ويعرفها الآخرون عنهم في حالات الارتخاء النفسي.
ولذلك فهناك صراع أزلي بين العاطفة والعقل، ففي مواطن كثيرة لا يقبلها العقل، وتستسيغها العاطفة، وفي مواقف مماثلة يحدث العكس، وهو صراع خفي، ونتائج هذا الصراع تظهر على مختلف سلوكياتنا اليومية، المرئية منها والمخفية؛ حيث تلعب مختلف جوارحنا المادية لتنفيذ مفارقات هذا الصراع القائم بين الطرفين: العاطفة/ العقل، وهل هناك سبيل لتقنين هذا الصراع بين الطرفين من قبلنا كحاملين أو مستضيفين لهما؟ أتصور أن الأمر ليس يسيرا، فنحن منساقون للطرفين، نغضب لأي سبب تافه؛ حيث تحضر العاطفة؛ ونعد ذلك انتصارا لذواتنا، ونقنع أنفسنا أنه لا بد أن نشعر الآخرين بغضبنا ذلك وهو المعبر عن رفضنا الشديد لما حدث، أو إلى ما انتهى إليه الأمر، وقد نأسف ونحزن بعد ذلك؛ حيث يحضر العقل، خاصة إذا حصل شيء من التصرفات غير اللائقة في الموقف ذاته، فما يحصل في لحظة الغضب يصدم كل التوقعات، وقد يعيد ترتيب الكثير من القناعات لدى الآخرين عنا، وقد يطرح تساؤلا في الموقف ذاته: أيعقل أن يصدر هذا التصرف من فلان؟ مع أن فلان في النهاية بشر يطرأ عليه ما يطرأ على كل البشر.
يعول البعض على نضج الإنسان، وقدرته على إيجاد نوع من التوازن بين حالة الغضب، وحالته الطبيعية المعتادة، ولذلك فهناك إشادة لمن يقدر أن يصل إلى هذا المستوى من التحكم في مشاعره، فلا تسقطه استثارة العاطفة في مطب الضعف، والخذلان (..والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين)-الآية (134) من سورة آل عمران- بل يرفعه عقله الناضج إلى مستوى القدرة على التحكم والسيطرة، وهذه من الحالة النادرة، فالإنسان مهما كان، مكون من مجموعة من المشاعر: مشاعر العطف، مشاعر الغضب، مشاعر الحزن، مشاعر الكره، مشاعر الحب، فالجانب النفسي، وهو المتصادم مع العقل، يحتل مساحة كبيرة من التركيبة البنائية للإنسان، والتالي فالمقبول أيضا أن يحظى بالنصيب الأكبر من تصرفاته، وسلوكياته التي يتعامل بها مع الآخرين من حوله.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
انطلاق مبادرة «ظواهر» في الأقصر بمشاركة 100 شاب وفتاة
انطلقت مبادرة «ظواهر» على كورنيش النيل بهدف تعزيز الوعي المجتمعي والحد من الظواهر السلبية بين الشباب والأطفال، تحت رعاية محافظ الأقصر المهندس عبد المطلب عمارة، وبإشراف الدكتور هشام أبو زيد، نائب محافظ الأقصر.
أهداف مبادرة «ظواهر»وبحسب بيان محافظة الأقصر، تهدف المبادرة إلى الارتقاء بالفكر الشبابي من خلال برامج تعليمية وتثقيفية تهدف إلى تعزيز السلوكيات الإيجابية مثل التسامح، التعاون، والانضباط. كما تركز المبادرة على تقديم برامج وقائية للفئات الأكثر عرضة للظواهر السلبية، بما في ذلك الشباب والأطفال، لبناء جيل واعٍ يساهم في تطوير المجتمع.
مشاركة 100 شاب وفتاةوشارك في المبادرة نحو 100 شاب وفتاة من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى العديد من الجهات والمؤسسات التي دعمت المبادرة، مثل جامعتي الأقصر وطيبة التكنولوجية، الأزهر الشريف، الكنيسة المصرية، مديريات الأوقاف، التضامن الاجتماعي، الشباب والرياضة، التربية والتعليم، المجلس القومي للمرأة، مكتبة مصر العامة، وقصور الثقافة.
انطلقت الفعالية من معبد الأقصر وكورنيش النيل، مرورًا بميدان صلاح الدين وميدان الرقابة الإدارية بالأقصر، حيث شهدت الحضور الكبير للمشاركين والمواطنين.
توعية المواطنينمن جانبه، أكد الدكتور هشام أبو زيد، نائب محافظ الأقصر، أن المبادرة ستستمر في جميع مراكز وقرى الأقصر، بهدف توعية المواطنين وتعزيز الوعي المجتمعي في مختلف أنحاء المحافظة.