لجريدة عمان:
2025-02-01@04:54:46 GMT

نوافذ :تربكنا العاطفة..

تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT

[email protected]

من يدقق في مختلف نقاط التصادم؛ سواء بين الأفراد، أو المجموعات، أو حتى أعلى من ذلك كـ«الدول» يجد أن استثارة العاطفة هي الفاعل الوحيد في نشوء الصراعات بين مختلف الأطراف، حيث تعطل «ماكينة العقل» ويعود ذلك أنه في لحظة زمنية فارقة، يفقد الفرد قدرته على التركيز؛ ليمحص الحق من الباطل، والعدل من الظلم، ومن التيقن إلى الشطط أو الهرولة، والإنسان مهما امتلك من عوامل القوة: الشخصية «الكاريزما»، الحضور الذهني، خبرة الحياة «كبار السن»، المركز الاجتماعي، المسؤولية المدنية، تبقى استثارة عاطفته أمرا يسيرا، ولو بنسب متفاوتة، فالمسألة هنا ليست متوقفة على أمر مادي بحت، بل تتداخل فيها عوامل كثيرة: نفسية، فطرية، ضغوط جانبية، وهذا في مجموعه يذهب إلى سهولة استثارة العاطفة عند كل شخص، وبالتالي توقيعه في مطب ما، ربما لا يود الوقوع فيه، هل ذلك يعد ضعفا في التركيبة البنائية للشخصية؟ ليس شرطا، فالعاطفة هيلمان كبير، لا يمكن تحديده أو السيطرة عليه في ظروف قاسية تمر على الإنسان، وهي كثيرة، وعندما نرى حالة فرد، أو مجموعة أفراد عند وقع مصيبة ما، كيف تبدو التصرفات غير الواعية عندهم، وربما قد يندمون عليها عندما يعودون إلى حالتهم الطبيعية التي يرضونها لأنفسهم، ويعرفها الآخرون عنهم في حالات الارتخاء النفسي.

ولذلك فهناك صراع أزلي بين العاطفة والعقل، ففي مواطن كثيرة لا يقبلها العقل، وتستسيغها العاطفة، وفي مواقف مماثلة يحدث العكس، وهو صراع خفي، ونتائج هذا الصراع تظهر على مختلف سلوكياتنا اليومية، المرئية منها والمخفية؛ حيث تلعب مختلف جوارحنا المادية لتنفيذ مفارقات هذا الصراع القائم بين الطرفين: العاطفة/ العقل، وهل هناك سبيل لتقنين هذا الصراع بين الطرفين من قبلنا كحاملين أو مستضيفين لهما؟ أتصور أن الأمر ليس يسيرا، فنحن منساقون للطرفين، نغضب لأي سبب تافه؛ حيث تحضر العاطفة؛ ونعد ذلك انتصارا لذواتنا، ونقنع أنفسنا أنه لا بد أن نشعر الآخرين بغضبنا ذلك وهو المعبر عن رفضنا الشديد لما حدث، أو إلى ما انتهى إليه الأمر، وقد نأسف ونحزن بعد ذلك؛ حيث يحضر العقل، خاصة إذا حصل شيء من التصرفات غير اللائقة في الموقف ذاته، فما يحصل في لحظة الغضب يصدم كل التوقعات، وقد يعيد ترتيب الكثير من القناعات لدى الآخرين عنا، وقد يطرح تساؤلا في الموقف ذاته: أيعقل أن يصدر هذا التصرف من فلان؟ مع أن فلان في النهاية بشر يطرأ عليه ما يطرأ على كل البشر.

يعول البعض على نضج الإنسان، وقدرته على إيجاد نوع من التوازن بين حالة الغضب، وحالته الطبيعية المعتادة، ولذلك فهناك إشادة لمن يقدر أن يصل إلى هذا المستوى من التحكم في مشاعره، فلا تسقطه استثارة العاطفة في مطب الضعف، والخذلان (..والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين)-الآية (134) من سورة آل عمران- بل يرفعه عقله الناضج إلى مستوى القدرة على التحكم والسيطرة، وهذه من الحالة النادرة، فالإنسان مهما كان، مكون من مجموعة من المشاعر: مشاعر العطف، مشاعر الغضب، مشاعر الحزن، مشاعر الكره، مشاعر الحب، فالجانب النفسي، وهو المتصادم مع العقل، يحتل مساحة كبيرة من التركيبة البنائية للإنسان، والتالي فالمقبول أيضا أن يحظى بالنصيب الأكبر من تصرفاته، وسلوكياته التي يتعامل بها مع الآخرين من حوله.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جلحة وجاه الله: فقد مختلف.. إعدامهما وتصفيتها فى يوم واحد

الرابط بين الشخصيتين ، جلحة والطاهر جاه الله كثير ، مع اختلاف الامكنة والنشاة والشخصية ، وجلحة لم ينل الكثير من التعليم وقليل الحديث عن أمر الدين بينما الطاهر سعدالدين جاه الله اقرب إلى السلفية فى توجهاته ، بل وسبق أن دخل فى مواجهات مع الحكومة بمنطلقات عقدية كما يراها ، ومع ذلك هناك نقاط تشابه كثيرة:

واولها: الدور المجتمعي لكل واحد منهما فى منطقته قبل الانضمام إلى مليشيا آل دقلو الارهابية ، مثلاً جلحة قائد فصيل من اهله المسيرية وكان فى الدفاع الشعبي ، وجاه الله له مواقف كما اسلفنا فى رؤيته ومنظوره السلفي..

وثانيها: كليهما أختلفا مع قيادة المليشيا فى طريقة التعامل الميداني ، ومع أن تركيز جلحة على حفظ حقوق أهله المسيرية ، فهو القائد الوحيد منهم ، وعلا صوته فى انتزاع حقوقهم و واجه تسلط الرزيقات الماهرية ، فإن جاه الله حرس منطقته واهله فى تمبول وما جاورها من أى (شفشافه) ودخل معهم فى مواجهات معلومة وصلت درجة المصادمات العسكرية وأختطف قجة بعض اقاربه..

وثالثها: الاعتزاز الذاتي ، فمن المشهور عن جلحة اقواله عن نفسه وقواته ، وبصراحة أهلنا المسيرية فأقواله (مُرة ) دون (مُحدٍقات) وهو أمر أثار حنق قادة المليشيا وقادتهم فى الميدان ، وبالقدر ذاته منع جاه الله مجموعات المليشيا من دخول مناطقه وعُرف عنه الكثير من المواقف مما يستحق أن يروى ، كما أنه وفر السلاح لكل من يريد للدفاع عن نفسه ومنح كل طالب ذخيرة ما يريد..

ورابعها: استقلالية القرار ، ورغم تعيين جاه الله قائد ثاني الفرقة الأولى فى مدني ، فانه نادراً ما شوهد هناك ، واتخذ من منطقة تمبول وقرى شرق الجزيرة مستقراً ولم يكن يأبه لأى سلطة من المليشيا ، وإن كان الطاهر لا يردخ إلى تعليمات عبدالله حسين مشرف المليشيا فى الجزيرة ، فإن جلحة اعلن حين غضبة انه قائد مثله وحميدتي..

وخامساً: كليهما جاهر أكثر من مرة بفشل المليشيا فى الحرب ، وتم تداول تسريبات حول ذلك..

ومع ارتباك قيادة المليشيا واضطراب قراراتها لم يكن مستغرباً إعدامهما وتصفيتها فى يوم واحد..

د.ابراهيم الصديق على
29 يناير 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ضربة روسية قوية تستهدف أوديسا الأوكرانية .. فيديو
  • يعتمدون على العقل.. 4 أبراج فلكية تقيد مشاعرها عند اتخاذ قرارات حاسمة
  • عاصم الجزار: الشعب المصري لا يتخلى عن أرضه ولا يسمح بتصفية القضية الفلسطينية
  • خبير: جماعة الإخوان تُتاجر بالقضية الفلسطينية لدغدغة مشاعر المواطنين
  • شيخ العقل التقى لجنة متابعة الحوار الوطني في سوريا
  • انتحار العقل التقليدي و هزيمة الميليشيا
  • جلحة وجاه الله: فقد مختلف.. إعدامهما وتصفيتها فى يوم واحد
  • حكم الإيمان بالغيبيات بالشرع الشريف والسنة
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
  • الأبناء السفلة