لجريدة عمان:
2025-03-04@10:41:26 GMT

نوافذ :تربكنا العاطفة..

تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT

[email protected]

من يدقق في مختلف نقاط التصادم؛ سواء بين الأفراد، أو المجموعات، أو حتى أعلى من ذلك كـ«الدول» يجد أن استثارة العاطفة هي الفاعل الوحيد في نشوء الصراعات بين مختلف الأطراف، حيث تعطل «ماكينة العقل» ويعود ذلك أنه في لحظة زمنية فارقة، يفقد الفرد قدرته على التركيز؛ ليمحص الحق من الباطل، والعدل من الظلم، ومن التيقن إلى الشطط أو الهرولة، والإنسان مهما امتلك من عوامل القوة: الشخصية «الكاريزما»، الحضور الذهني، خبرة الحياة «كبار السن»، المركز الاجتماعي، المسؤولية المدنية، تبقى استثارة عاطفته أمرا يسيرا، ولو بنسب متفاوتة، فالمسألة هنا ليست متوقفة على أمر مادي بحت، بل تتداخل فيها عوامل كثيرة: نفسية، فطرية، ضغوط جانبية، وهذا في مجموعه يذهب إلى سهولة استثارة العاطفة عند كل شخص، وبالتالي توقيعه في مطب ما، ربما لا يود الوقوع فيه، هل ذلك يعد ضعفا في التركيبة البنائية للشخصية؟ ليس شرطا، فالعاطفة هيلمان كبير، لا يمكن تحديده أو السيطرة عليه في ظروف قاسية تمر على الإنسان، وهي كثيرة، وعندما نرى حالة فرد، أو مجموعة أفراد عند وقع مصيبة ما، كيف تبدو التصرفات غير الواعية عندهم، وربما قد يندمون عليها عندما يعودون إلى حالتهم الطبيعية التي يرضونها لأنفسهم، ويعرفها الآخرون عنهم في حالات الارتخاء النفسي.

ولذلك فهناك صراع أزلي بين العاطفة والعقل، ففي مواطن كثيرة لا يقبلها العقل، وتستسيغها العاطفة، وفي مواقف مماثلة يحدث العكس، وهو صراع خفي، ونتائج هذا الصراع تظهر على مختلف سلوكياتنا اليومية، المرئية منها والمخفية؛ حيث تلعب مختلف جوارحنا المادية لتنفيذ مفارقات هذا الصراع القائم بين الطرفين: العاطفة/ العقل، وهل هناك سبيل لتقنين هذا الصراع بين الطرفين من قبلنا كحاملين أو مستضيفين لهما؟ أتصور أن الأمر ليس يسيرا، فنحن منساقون للطرفين، نغضب لأي سبب تافه؛ حيث تحضر العاطفة؛ ونعد ذلك انتصارا لذواتنا، ونقنع أنفسنا أنه لا بد أن نشعر الآخرين بغضبنا ذلك وهو المعبر عن رفضنا الشديد لما حدث، أو إلى ما انتهى إليه الأمر، وقد نأسف ونحزن بعد ذلك؛ حيث يحضر العقل، خاصة إذا حصل شيء من التصرفات غير اللائقة في الموقف ذاته، فما يحصل في لحظة الغضب يصدم كل التوقعات، وقد يعيد ترتيب الكثير من القناعات لدى الآخرين عنا، وقد يطرح تساؤلا في الموقف ذاته: أيعقل أن يصدر هذا التصرف من فلان؟ مع أن فلان في النهاية بشر يطرأ عليه ما يطرأ على كل البشر.

يعول البعض على نضج الإنسان، وقدرته على إيجاد نوع من التوازن بين حالة الغضب، وحالته الطبيعية المعتادة، ولذلك فهناك إشادة لمن يقدر أن يصل إلى هذا المستوى من التحكم في مشاعره، فلا تسقطه استثارة العاطفة في مطب الضعف، والخذلان (..والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين)-الآية (134) من سورة آل عمران- بل يرفعه عقله الناضج إلى مستوى القدرة على التحكم والسيطرة، وهذه من الحالة النادرة، فالإنسان مهما كان، مكون من مجموعة من المشاعر: مشاعر العطف، مشاعر الغضب، مشاعر الحزن، مشاعر الكره، مشاعر الحب، فالجانب النفسي، وهو المتصادم مع العقل، يحتل مساحة كبيرة من التركيبة البنائية للإنسان، والتالي فالمقبول أيضا أن يحظى بالنصيب الأكبر من تصرفاته، وسلوكياته التي يتعامل بها مع الآخرين من حوله.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رمضان.. تكوين زمني مختلف

يأتي رمضان في روحانيته، حاملاً معه فرصةً عظيمةً لتهذيب الروح، وصفاء الذهن، وتوجيه مسارات الفرد، وتفكيك مكنونات النفس، واستخلاص العناصر الإيجابية الكامنة في أعماقها، وجعلها قادرةً على التغيير .
فرمضان الشهر المبارك، يعيد تشكيل الوعي؛ ويجعلنا قادرين أن نرى أنفسنا كما هي؛ بدون الضغوط الدائمة للإنجاز، ودون الحاجة الملحة لرغبات الحياة اليومية المتسارعة.
لرمضان تكوين زمني مختلف لا يشابه غيره من شهور السنة، مايمنحنا القوة في كسر الروتين المعتاد، ويخلق لنا زمناً مختلفاً في كل تفاصيله .
للوقت في رمضان إيقاع مختلف في جدولته وأهميته، وترقبنا للدقائق والثوان. وكل ذلك ينمِّي الوعي الذاتي بالسيطرة على الوقت، وإدراك أهميته .
والتغيير في رمضان ليس مبدأً فردياً؛ بل تغيير محوري يشمل الكيانات الأسرية، ويساعد في بناء مشروع أسري جديد، قائم على التهذيب على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي؛ممَّا يساهم في التطوير ؛ وعليه تبقى تربية الأبناء في رمضان أولويةً يجب أن تؤخذ بأفضل الأساليب التربوية والتعليمية، وأن تكون قائمةً على الموازنة والاعتدال في ممارسة الشعائر أو الممارسات الاستهلاكية ووجبات الإفطار والسحور، لأن مبدأ التوازن مهم جداً في صناعة شخصية الأبناء.
وأيضاً لا ننسى تعظيم ثقافة الأدوار، ووضع برنامج متكامل للبيت يحدد فيه مهام كل فرد من الأسرة، لتشجيع الأبناء، وتقوية شعورهم بالمسؤولية، وتقوية شخصياتهم ومساعدتهم في الاستقرار الأسري.
ونحن نعلم جيداً أن رمضان فرصة لتهذيب النشء، وصياغة مفاهيمه الدينية والاجتماعية، وتقوية الركائز الأساسية التي من أهمها الحرص على الصلاة برفقة الأهل إلى المساجد، وقراءة القرآن، والحرص على الطاعات، وإشراك الأبناء في كل مانقوم به من عبادات وأعمال خيرية، وتدريبهم عليها ليسهل عليهم اكتسابها، ونكون لهم القدوة الأمثل .
ويرتكب بعض الآباء والأمهات خطأً كبيراً ، عندما ينعزل أثناء تأدية العبادات، ويخلو بنفسه دون أبنائه، فهو يحرمهم من فرصة التعلم بالقدوة، التي لها دور كبير في تعلم الطفل، واكتسابه للعادات الحسنة.
ونحن في أمس الحاجة إلى ربط الأجيال بهذا الشهر الكريم، لأنه من الأشهر التي تعطي للأسرة فرصة سانحةً للتقويم والتهذيب والتربية والتوجيه الأمثل لمعرفة الأسس الحياتية التي من المهم أن يعرفها الأبناء.
وتعديل السلوكيات الخاطئة، كالبعد عن الألفاظ النابية والشجار مع الإخوة ، وللأسف نحن نحرص على العبادات دون المعاملات رغم أهمية المعاملة في الدين.
أما على الجانب الاجتماعي، فإننا وكما تعلمون في شهر فضيل يكثر فيه التواصل والتزاور بين الأهل والجيران والأصدقاء، كي يدرك الجيل أهمية صلة الرحم، وإظهار الموده والعيش في مجتمع متماسك .
ولا ننسى الجانب الترفيهي في سهرات رمضانية بالألعاب والمسابقات المتنوعة، والحوارات الجميلة والهادفة بين أفراد الأسرة، لتكون ليالي رمضان مفيدةً جميلةً ورائعةً لاتنسى.

مقالات مشابهة

  • العنوان 24 ..!!
  • رمضان.. تكوين زمني مختلف
  • اللاجئون السوريون في دهوك يحتفون برمضان مختلف بعد زوال نظام الأسد (صور)
  • كولومبيا تعلن اعتقال بارون مخدرات مغربي العقل المدبر لكارتيلات أمريكا اللاتينية (فيديو)
  • مشيخة العقل الدرزية ومحافظة دمشق تنجح في تهدئة الوضع بمدينة جرمانا
  • معرض الإبداع والابتكار في مؤسسات محمد بن خالد
  • البطريرك الراعي: الصلاة في زمن الصوم بمثابة "رفع العقل والقلب إلى الله"
  • بروتون بيرسونا 2012 فبريكا أوتوماتيك .. بأقل سعر للمستعمل
  • في اتصال مع السفير البابوي في لبنان.. شيخ العقل يطمئن على صحة البابا
  • شرطة وهران.. مخطط أمني خاص برمضان