- ضمن أولوية القطاع الخاص في الخطة العاشرة تأتي التوجهات واضحة نحو تعزيز ودعم ريادة الأعمال

-دعم كبير للمنتج الوطني في كافة سلاسل الإنتاج والتوريد

-استهداف بيئة تنظيمية مشجعة وإيجاد قواعد بيانات شاملة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

"من المؤمل أن يساهم التوسع في المدن الصناعية والحرة والمجمعات الصناعية الجديدة التي تضم أنواعا محددة من الصناعات والأنشطة المتخصصة في توجيه ريادة الأعمال نحو مزيد من النمو والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي"

تعد ريادة الأعمال المجال الأمثل لتحقيق تطلعات الشباب وتلبية طموحات الدول نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتمكين مواطنيها في كافة المجالات وجميع المستويات، وهذا هو التوجه الذي تتبناه سلطنة عُمان التي تسعى لإحداث تحوُّل شامل في قطاع ريادة الأعمال ليصبح أحد الأسس القوية لدعم نمو وتوسعة مختلف الأنشطة الاقتصادية، ولتحقيق هذا التحول تضع سلطنة عُمان التخطيط الاقتصادي الموجه نحو خدمة وتحقيق كافة هذه المستهدفات.

كان التحول ملموسا نحو التنويع الاقتصادي خلال الأعوام الماضية في سلطنة عُمان، وقد حققت نجاحا في تخطي تبعات الجائحة وأزمة تراجع النفط، ويعد ذلك بشكل رئيس نتاجا لتبني رؤى ومنهجيات التخطيط الاقتصادي السليم الذي يحدد التوجهات والمستهدفات وما تتطلبه من آليات وبرامج للتنفيذ، وذلك من خلال خطط وبرامج التنويع في رؤية عُمان المستقبلية والخطة الخمسية العاشرة.

دعم أنشطة ريادة الأعمال

وضمن أولوية القطاع الخاص في الخطة الخمسية العاشرة، حملت الخطة توجهات واضحة نحو تعزيز ودعم أنشطة ريادة الأعمال عبر العديد من الخطط والبرامج التي تمثل خارطة طريق واضحة تقود القطاع نحو نمو مستدام.

ومن المعروف أن العمل في مجال ريادة الأعمال قد يتسم ببعض المخاطر نظرا لظروف غير مواتية قد تطرأ على الأسواق أو لتنفيذ مشروعات لا يسبقها دراسات الجدوى الضرورية أو التسرع في افتتاح نوعيات من المشروعات بمجرد رؤية نجاح نظير لها في الأسواق ودون تكلف عناء معرفة أسباب النجاح التي قد لا تتوفر لكافة المشروعات، وهذه أمثلة لعوائق عديدة عادة ما تواجه هذه النوعية من المشروعات وتدعو للتردد أحيانا في الدخول إلى مجال يحمل مخاطر وتحديات، لكنه يملك أيضا فرصا غير محدودة لتحقيق وتلبية الطموحات.

ومثلما يتطلب كل مشروع على حدة دراسة جدوى تحدد التكاليف ومتطلبات الإنتاج والعائد المتوقع، يأتي التخطيط السليم من قبل الحكومات لتوجهات بيئة الأعمال والاقتصاد الكلي ليقدم دعما مستداما لنمو مختلف الأنشطة الاقتصادية بما في ذلك ريادة الأعمال، عبر ما تقدمه الحكومة من مساندة ودمج متزايد لريادة الأعمال في منظومة التنويع الاقتصادي وتحويلها إلى ركيزة لنمو الاقتصاد،ويصاحب هذا الدمج تحديد توجهات واضحة لمشروعات ريادة الأعمال بحيث تترابط مع الأنشطة المستهدف دعمها في خطط النمو الاقتصادي والعمل على توفير البيئة التنظيمية المشجعة لنمو وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الحرفية، فيما يأتي التنظيم والتطوير المستمر في بيئة الأعمال من خلال جملة التشريعات والضوابط والحوافز والبرامج الرامية ليقدم دعما متزايدا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وضع قواعد بيانات شاملة

وضمن جهود إرساء أسس منهجية لنمو ريادة الأعمال، يجري العمل على وضع قواعد بيانات شاملة حول ريادة الأعمال في سلطنة عُمان، فوجود مثل هذه البيانات منطلق لا غنى عنه لسلامة التخطيط وتحقيق المستهدفات.

وقد قام المركز الوطني للإحصائيات والمعلومات خلال العام الجاري بتحديث ما ينشره من إحصائيات لتتضمن مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، كما تعمل هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إعداد سجل خاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين يتضمن بيان حجمها وأنشطتها الاقتصادية وعدد ونوعية العمالة فيها، وتستهدف دراسة تحليلية لمنظومة الشركات الناشئة في سلطنة عُمان الوصول إلى مقترحات وتوصيات ومبادرات محفزة لمنظومة الشركات الناشئة، يتكامل قي تحقيقها كل شركاء المنظومة.

وفي كافة القطاعات الاقتصادية وسلاسل الإنتاج والتوريد، يتم التنسيق بين الجهات المعنية لإجراء دراسات متعددة ضمن جهود دعم المنتج الوطني وتحقيق الاستفادة القصوى لمشروعات الشباب من فرص التنويع المتزايد في بنية الاقتصاد الوطني، ويتضمن ذلك دراسة للواردات وتحديد ما يمكن إحلاله منها بمنتجات يجري تصنيعها في سلطنة عُمان، ودراسة وتحليل الفرص الاستثمارية الناتجة من سلسلة القيمة المحلية المضافة، لتشجيع قيام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وضمان الاستفادة منها.

وتشجيعا لرواد الأعمال وتحقيق استفادتهم من نمو الاقتصاد، يتم العمل على رفع مستويات التكامل بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبرى من جانب، والصناعات والخدمات المساندة من جانب آخر، وضمان حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على فرص الأعمال من المشتريات والعقود والخدمات في سلاسل القيمة المحلية المضافة، بالتنسيق بين الجهات المختصة، والعمل على تطوير موردين محليين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في صناعات مبتكرة لمبادرات القيمة المحلية المضافة.

دعم دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

وحتى الآن، تنتقل تباعا العديد من هذه الخطط والمستهدفات التي تتضمنها الخطة الخمسية العاشرة لدعم دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى حيز التنفيذ، فبرامج دعم وتمويل رواد الأعمال وتحقيق جاهزيتهم لدخول بيئة الأعمال تتوسع باستمرار، وخلال العام الجاري، بدأت الأمانة العامة لمجلس المناقصات تطبيق القائمة الإلزامية لدعم المنتج المحلي بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وتم إلزام المتعاقدين مع الجهة الحكومية بشراء المنتجات والخدمات الواردة في القائمة من مصانع وطنية أو مورّدين محليين، وسيتم تضمين القائمة في جميع المناقصات والمشتريات الحكومية، وقد تم أيضا تقديم عدد من الإعفاءات من الأمانة العامة لمجلس المناقصات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما تم تدشين برنامج "معين" لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التدريب والتعليم المستمر لأصحاب الأعمال، ما يعزز مستوى الكفاءة والمهارات العاملة عن طريق برنامج توجيهي يربط الخبراء بشكل مباشر بأصحاب الأعمال للاستشارة والتوجيه لهم في قطاع الأعمال، كما تضمنت مبادرات دعم ريادة الأعمال دور مهم لجهاز الاستثمار العُماني وشركاته التابعة في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومساندة الشركات التابعة للجهاز لهذه المؤسسات عبر برنامج تطوير المزودين وبرنامج تخصيص الأعمال.

وفي قطاع سوق رأس المال جاء التوجه نحو تنظيم وترخيص صناديق رأس المال المغامر وصناديق الملكية الخاصة لدعم جهود تطوير أنشطة ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما من المستهدف أيضا إنشاء بورصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لدعم العمليات التشغيلية وتسهيل التوسع والتمويل، ومن المتوقع أيضا أن يبدأ قريبا انطلاقة صندوق عمان المستقبل والذي سيكون دعما قويا للقطاع الخاص ورواد الأعمال.

وتتكامل كافة هذه الخطط والبرامج والمبادرات سعيا لتشجيع تأسيس ودخول مؤسسات جديدة لبيئة الأعمال وتحفيز المؤسسات الصغيرة لتتحول إلى متوسطة ودعم المؤسسات المتوسطة لتصبح في مصافّ المؤسسات الكبرى، ومن المؤمل أن يساهم التوجه نحو التوسع في المدن الصناعية والحرة والمجمعات الصناعية الجديدة التي تضم أنواعا محددة من الصناعات والأنشطة المتخصصة في توجيه ريادة الأعمال في سلطنة عُمان نحو مزيد من النمو والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، فيما تلعب سياسات تعزيز المحتوى المحلي دورا متزايدا باستمرار في التكامل بين الكيانات التجارية والمصانع وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تعزيز إنتاج السلع وتوفير الخدمات المقدمة محليا، ودعم القدرات الصناعية لسلطنة عُمان وتحقيق التكامل بين كافة الصناعات وسلاسل الإنتاج والتوريد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الصغیرة والمتوسطة للمؤسسات الصغیرة والمتوسطة ریادة الأعمال بیئة الأعمال من خلال

إقرأ أيضاً:

التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان.. نمو وتطلعات

ليس من المستغرب أن تشهد مؤشرات سلطنة عُمان في التجارة الإلكترونية نموًّا يحقق التطلعات ويبشّر بمستقبل واعد لهذا النوع من التجارة خلال السنوات القليلة المقبلة؛ فمبادرات الخطة الوطنية للتجارة الإلكترونية التي تشرف عليها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أنجزت بنسبة 70% حتى نوفمبر الماضي بإكمال 21 مبادرة مقارنة بـ14 مبادرة عام 2023م، حيث اقتربت تراخيص التجارة الإلكترونية من 6 آلاف ترخيص وتوثيق 100 متجر إلكتروني عبر منصة «معروف عُمان»، غالبية البنى الأساسية لممارسة التجارة الإلكترونية اكتملت ومرتكزات وممكنات هذا النوع من التجارة متوفّرة وتشهد تحديثا باستمرار من حيث التشريعات الداعمة واللوائح المنظمة، مما يجعل سلطنة عُمان إحدى الدول الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية.

تابعت لقاءً قبل أيام في إذاعة سلطنة عُمان بشأن الخطة الوطنية للتجارة الإلكترونية، حقيقة استمتعت بالإنصات للقاء؛ لما تضمّن من مؤشرات وأرقام مطمئنة عن الخطة والجهود التي تبذل لتنفيذها وتطبيق مبادراتها على أرض الواقع، مما تساعد على تعزيز الاقتصاد الرقمي وبالتالي ينمو الاقتصاد الوطني. التجارة الإلكترونية رغم عدم انتشارها كثيرا في المجتمع، إلا أنها ساهمت في تحفيز السوق وتعزيز القوة الشرائية خاصة بعد الصدمة الاقتصادية التي أوجدتها جائحة كوفيد19، وسرَعت من نمو التجارة الإلكترونية؛ بهدف التغلب على الصعاب التي واجهتها التجارة بصورتها التقليدية خلال فترة الجائحة، وخلال فترة التغيرات المناخية التي يترتب عليها إغلاق المحال وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.

إن تعزيز التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان أصبح مطلبا لابتكار نماذج جديدة من المنتجات والسلع وهي فرصة لتقليل تكاليف إطلاق المشاريع والتكاليف التشغيلية؛ خاصة وأن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تقومان بعمل كبير لتسهيل وتحفيز التجارة الإلكترونية عبر دعم روّاد ورائدات الأعمال من حيث الورش والبرامج الداعمة لتنمية الموارد البشرية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإقرار الدفع الإلكتروني للمتاجر بمختلف أنواعها، إضافة إلى التمكين التقني والرقمي الذي تحظى به هذه المؤسسات في مجالات التسويق والإدارة؛ للنهوض بها واستدامتها، وبذلك تحقق تنمية اقتصادية مستدامة تعزز من فرص تحقيق أولويات ومستهدفات «رؤية عُمان 2040».

في رأيي إن استمرار نمو التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان يعكس مدى قابلية المجتمع وروّاد الأعمال لممارسة هذا النوع من التجارة وتفهمهم لضرورة التحول الإلكتروني في ممارسة الأعمال، ولا يعني ذلك أننا لا نشجع على ممارسة التجارة التقليدية بقدر ما نأمل أن يتم دمج الأفكار لنوعي التجارة ودراسة مدى الحاجة لاستدامة الاقتصاد الوطني بالاستفادة من نجاح التجارة الإلكترونية في استمرارية الأعمال واستدامتها. أيضا من الجيد أن نبحث عن آليات ومنهجيات لتعزيز ثقة المستهلك في التجارة الإلكترونية عبر زيادة الوعي بهذه التجارة بتكثيف المعرفة وتبيان إيجابياتها، وتغليظ العقوبات في حق مسيئي ممارستها مثل الانتحال والغش التجاري. خلال الأيام الماضية اطلعت على عديد الدراسات والمقالات عن التجارة الإلكترونية عموما، وتساءلت هل هناك علاقة بين انتشار التجارة الإلكترونية وثقة روّاد الأعمال والمستثمرين بها؟ توصلت إلى إجابة «نعم» فكلما نمت التجارة الإلكترونية في البلد زادت ثقة ممارسي الأعمال بالسوق وبالاقتصاد، ويعطي مؤشرات حيوية وقوية على قوة الاقتصاد ومواكبته للتطور التقني والتكنولوجي؛ فالتجارة الإلكترونية هي المحرك الرئيس والجديد للاقتصاد الوطني، وهي العامل المحفّز للوصول سريعا للأسواق العالمية عبر الترويج للمنتجات المحلية باستخدام التسويق الرقمي وأدواته، وفي السياق ذاته ينبغي أن نفعّل أدوات الرصد وآليات التحري إضافة إلى تعزيز التواصل مع الجمهور للقضاء على طرق النصب والاحتيال في التجارة الإلكترونية مع تكثيف الحملات الإعلامية التوعوية؛ لتجنب التسوق من متاجر وحسابات وهمية على منصات التواصل الاجتماعي.

مع انتشار التجارة الإلكترونية على نطاق عالمي واسع وتنوّع طرق ممارستها وآليات التعامل معها، من المهم أن تتوفّر لدينا مؤشرات واضحة عن الاقتصاد الرقمي وأثره على تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأعمال الأخرى عموما؛ وذلك للنهوض بهذا القطاع والوقوف على التحديات التي تواجهه ودراسة إمكانية تطويره وتنميته؛ ليكون رافدا وداعما للاقتصاد العُماني في هذه المرحلة التي تشهد نموّا مطردا في جميع مكوّناته. لقد استفاد الاقتصاد العالمي في مرحلة من تعرضه لصدمات قاسية أربكت مؤشراته وأرقامه، مما تسارعت الخطى ليكون الاقتصاد الرقمي أحد المدخلات العلاجية الفعّالة عبر تعزيز التجارة الإلكترونية وتهيئة المناخ المناسب والداعم لتقدمها وتحسّن مؤشراتها، وبفضل الله وحمده تكللت الجهود بإنجاز (21) مبادرة من الخطة الوطنية للتجارة الإلكترونية حتى نوفمبر 2024م، وهي دعوة جادة لضرورة التحول نحو التجارة الإلكترونية وابتكار نماذج جديدة في العمل داخل المؤسسة الخاصة لمواكبة التطور التقني والتكنولوجي، ولإيجاد طرق جديدة في التسويق والترويج عن المنتجات والخدمات باستخدام التسويق الرقمي، وإيجاد حلول للتكاليف التشغيلية، إضافة إلى التوسع في الأسواق الخارجية بالاستفادة من منصّات التواصل الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • خوري: خطة أممية لتحقيق الاستقرار والانتخابات في ليبيا
  • التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان.. نمو وتطلعات
  • وزارة الرياضة تواصل تنفيذ الندوات التعريفية التدريبية لبرنامج ريادة الأعمال "اكتشف قدراتك"
  • انطلاق فعاليات برنامج “رواد الدقم” لتعزيز ريادة الأعمال وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
  • تعرف على شروط الحصول على حوافز المشروعات الصغيرة والمتوسطة
  • وزير قطاع الأعمال يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات "القابضة الكيماوية"
  • مُحافظة الداخلية تناقش تطبيق المحتوى المحلي في المناقصات والعقود
  • فرص عمل لـ ذوي الهمم بملتقى سوهاج الخدمي .. صور
  • السوداني: مبادرة ريادة حققت نتائج كبيرة ووفرت أكثر من 10 آلاف فرصة عمل
  • وزير المالية: نظام ضريبي مبسط لمساعدة المشروعات الصغيرة على الاستفادة من الحوافز