الدكتور بنطلحة يكتب: مسارات التدبير الأمني المغربي
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
ارتبط إصلاح التدبير الأمني بمسار التحول الديمقراطي الذي شهدته بلادنا، والذي أرسى دعائمه ملك البلاد منذ تحمله مقاليد الحكم، مما أدى إلى اندماج الأجهزة الأمنية في هذه الدينامية المتجددة، الشيء الذي سرع من حركيتها وأعطاها بعدا استشرافيا وفق استراتيجية أمنية عقلانية واضحة الأهداف من أجل استتباب الأمن العام والدفاع عن الثوابت والهوية الوطنية،في ظل التحديات الأمنية على المستوى الإقليمي والدولي.
لقد اعتمدت المؤسسة الأمنية على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتأطير العمل الشرطي بمدونة سلوك جد متقدمة وعلى تأهيل رجل الأمن علميا وتقنيا وأخلاقيا، والتزام أسلوب اليقظة والاستباق في الحصول على المعلومة واتخاذ الإجراءات السريعة والفعالة من أجل تحصين البلاد وصد أي عمل إرهابي أو إجرامي.
وقد جعلت من التكوين على حقوق الإنسان مكونا أساسيا، علما أن الحكامة الأمنية شكلت إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، كما أن التأصيل الدستوري في منطوق دستور2011 يعتبر مرجعا أساسيا للحكامة الأمنية.
إن هذه التجربة الأمنية الرائدة على صعيد المنطقة، قد جعلت اللواء أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «أنتربول،» ينوه بنجاعة واحترافية المؤسسات الأمنية المغربية على هامش افتتاح أشغال المؤتمر السابع والأربعين لقادة الشرطة والأمن العربي الذي نظم ببلادنا مؤخرا.
وفي مجال مكافحة الإرهاب، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن الإرهاب في دول العالم، حيث أكد أن «المغرب يمثل عنصرا هاما ضمن التنسيق التاريخي والتعاون القوي مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب»، مشددا على أنه «واصل استراتيجيته الشاملة التي ضمنها الرفع من اتخاذ التدابير الأمنية اليقظة، والتعاون الإقليمي والدولي، ووضع سياسات لمكافحة التطرف».
وجاء في التقرير أيضا أن «جهات إنفاذ القانون المغربية شاركت في مجموعة واسعة من البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية لتحسين القدرات التقنية والتحقيقية للبلاد بما في ذلك التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والطب الشرعي والأمن السيبراني». وعن تجفيف منابع التطرف، أكد بيان الخارجية الأمريكية أن «المغرب لديه استراتيجية شاملة لمكافحة العنف تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف».
إن المؤسسة الأمنية المغربية تتوفر على استراتيجية متعددة الأبعاد في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف تجمع بين الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية والدينية زيادة على تعزيز وتوطيد التعاون الدولي مما جعل من المملكة المغربية رائدا وشريكا استراتيجيا على الصعيد العالمي في هذا المجال وأدى إلى تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية في كثير من دول العالم، وفي هذا الإطار كذلك نستحضر الدور الريادي والفعال الذي تقوم به فرقة مكافحة الجريمة المنظمة، التابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث قامت المملكة المغربية بإدراج آليات جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تعد من أخطر الجرائم في وقتنا الحاضر ولها صور عديدة أبرزها تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات والتهريب وكذلك جرائم الاتجار بالبشر وغيرها.
وعلى الصعيد الإفريقي، شدد المغرب، خلال اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي انعقد مؤخرا ببورندي، على الحاجة الملحة لتبني مقاربة متعددة الأبعاد بهدف مكافحة التهديد الإرهابي في إفريقيا بشكل فعال تقوم على ثلاثية السلم والأمن والتنمية لمحاصرة التهديدات الإرهابية وتعزيز استجابة فعالة ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات الأساسية للمواطن الإفريقي.
إن العقيدة الأمنية المغربية، وإن كان دورها الأساسي هو إنفاذ القانون وحماية النظام العام مع ما تتمتع به من الصلاحيات والسلطات التقديرية لأداء واجبها المهني، إلا أنها تلتزم دوما بمبادئ المشروعية والمعايير الدولية للحكامة الأمنية وضمان انخراط المؤسسة الأمنية في البناء الديمقراطي واحترام الحقوق والحريات الأساسية.
لقد أضحت المدرسة الأمنية المغربية نموذجا يقتدى به على الصعيد الإقليمي والدولي، عنوانه التحدي المغربي.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: الأمنیة المغربیة
إقرأ أيضاً:
الخطوط الملكية المغربية تطلق أول رحلة جوية بين المغرب وأوربا خالية من الكربون
زنقة 20. الرباط
أطلقت شركة خاصة لتوزيع المحروقات بالمغرب والخطوط الملكية المغربية، اليوم الخميس، أول رحلة جوية تربط بين المغرب وأوروبا خالية من الكربون ومزودة بوقود الطيران المستدام.
وأفاد بلاغ مشترك، بأن هذه الرحلة تخص الخط الجوي مراكش-باريس، وتمت على متن طائرة من طراز بوينغ 737 NG، تحمل على متنها 151 راكبا، مشيرا إلى أن الطائرة أقلعت من مطار مراكش المنارة على تمام الساعة الرابعة و20 دقيقة بعد الزوال متجهة نحو مطار باريس – أورلي، في رحلة مدتها ثلاث ساعات.
وتابع المصدر ذاته أن هذه المبادرة تؤكد التزام الشركتين من أجل قطاع طيران أكثر استدامة في المغرب، مع المساهمة في سياحة مسؤولة، خاصة مع تحول المملكة إلى الوجهة السياحية المفضلة في إفريقيا.
وتعد هذه الخطوة الهامة ثمرة شراكة استراتيجية بين الشركة والخطوط الملكية المغربية، بما يبرز التزام الشركتين المشترك بتسريع التحول الطاقي في مجال النقل الجوي.
وبذلك، تعزز الرحلة الجوية رقم AT740، المنطلقة من مطار مراكش في اتجاه مطار باريس-أورلي، مكانة المغرب كرائد في استخدام أنواع مختلفة من الوقود المستدام في إفريقيا.
ومن ناحية أخرى، تعتبر هذه الخطوة استباقية بالنظر إلى أن القوانين الأوروبية تفرض، منذ عام 2025، استخدام ما لا يقل عن 2 في المائة من وقود الطيران المستدام عند التزود بالوقود في أوروبا.
وفي هذا السياق، صرح ماثياس دو لارمينات، المدير العام لشركة فيفو إنيرجي المغرب قائلا : “تمثل عملية تزويد وقود الطيران المستدام تقدما كبيرا من حيث التزامنا بتخفيض انبعاثات الكربون في قطاع النقل الجوي. ونفتخر بمساهمتنا الفعالة في التحول الطاقي في البلاد، باعتبارنا أحد الفاعلين الرئيسيين في مجال توزيع الوقود بالمغرب”.
ومن جانبه، قال الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية، حميد عدو، “تؤكد هذه المبادرة المشتركة بين الخطوط الملكية المغربية وفيفو إنرجي المغرب التزامنا الفعلي من أجل قطاع طيران أكثر مسؤولية مع تقليل البصمة الكربونية”. من جهة أخرى، أورد السيد عدو أن عملية استخدام وقود الطيران المستدام في هذه الرحلة الجوية التي تربط مراكش بباريس تعتبر هي الأولى من نوعها بين المغرب وأوروبا”. وفي إطار هذه العملية، وفرت شركة “فيفو إنيرجي المغرب” مزيجا يجمع بين مكون تركيبي متجدد ووقود تقليدي، إذ تتيح هذه التركيبة المثلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بشكل كبير بحجم 10 أطنان. وقد ساهم استخدام وقود الطيران المستدام في تقليل حوالي ثلث إجمالي انبعاثات هذه الرحلة.
ويتم تطوير وقود الطيران المستدام الذي تنتجه شركة “فيفو إنيرجي” والمستخدم في هذه العملية، انطلاقا من مواد أولية متجددة مثل الكتلة الحيوية، أو الزيوت المستعملة أو النفايات المحلية.
ويساعد استخدام هذا الوقود في التقليل من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 80 في المائة على مدار دورة حياته بالكامل مقارنة بالوقود التقليدي.
ويتمتع وقود الطيران المستدام بميزة رئيسية تتمثل في إمكانية استخدامه مباشرة في محركات الطائرات الحالية دون الحاجة إلى إدخال أي تعديلات تقنية، مما يجعله وسيلة سريعة التطبيق من أجل تخفيض انبعاثات الكربون للنقل الجوي.
ومن ناحية أخرى، تندرج هذه المبادرة ضمن استراتيجية التنمية المستدامة الشاملة لشركة “فيفو إنيرجي المغرب”، والتي تهدف إلى مواكبة زبنائها وشركائها في جهودهم في مجال التحول الطاقي. وتواصل الشركة الاستثمار في الحلول المبتكرة لتقليل البصمة الكربونية لقطاع النقل في المغرب، مما يؤكد دورها الريادي في الانتقال نحو حركية أكثر استدامة.
وتؤكد شركة “فيفو إنيرجي المغرب”، الحاصلة على تصنيف المسؤولية الاجتماعية للمقاولات من قبل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مجددا التزامها بالتنمية المستدامة والمواطنة البيئية. وتدعم الشركة بشكل كبير المبادرات التعليمية والتوعوية، مع تنفيذ إجراءات ملموسة لصالح الاستدامة وحماية البيئة. ومن جهتها، تقوم الخطوط الملكية المغربية بتنفيذ العديد من المبادرات في مجال التنمية المستدامة، من بينها إنتاج الكهرباء عبر الألواح الشمسية، وتقليل استهلاك الطاقة في منشآتها وفرز النفايات وإعادة تدويرها. وقد مكنت هذه الجهود الشركة الوطنية من الحصول على العديد من الشهادات والتصنيفات، من بينها أحدث تصنيف من قبل الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
من خلال هذه الرحلة، تؤكد كل من “فيفو إنيرجي المغرب” والخطوط الملكية المغربية دورهما الريادي في إزالة الكربون من النقل الجوي، بما يتماشى مع الأهداف الدولية لمكافحة التغير المناخي.
الخطوط الملكية المغربية