د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

ارتبط إصلاح التدبير الأمني بمسار التحول الديمقراطي الذي شهدته بلادنا، والذي أرسى دعائمه ملك البلاد منذ تحمله مقاليد الحكم، مما أدى إلى اندماج الأجهزة الأمنية في هذه الدينامية المتجددة، الشيء الذي سرع من حركيتها وأعطاها بعدا استشرافيا وفق استراتيجية أمنية عقلانية واضحة الأهداف من أجل استتباب الأمن العام والدفاع عن الثوابت والهوية الوطنية،في ظل التحديات الأمنية على المستوى الإقليمي والدولي.

لقد اعتمدت المؤسسة الأمنية على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتأطير العمل الشرطي بمدونة سلوك جد متقدمة وعلى تأهيل رجل الأمن علميا وتقنيا وأخلاقيا، والتزام أسلوب اليقظة والاستباق في الحصول على المعلومة واتخاذ الإجراءات السريعة والفعالة من أجل تحصين البلاد وصد أي عمل إرهابي أو إجرامي.

وقد جعلت من التكوين على حقوق الإنسان مكونا أساسيا، علما أن الحكامة الأمنية شكلت إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، كما أن التأصيل الدستوري في منطوق دستور2011 يعتبر مرجعا أساسيا للحكامة الأمنية.

إن هذه التجربة الأمنية الرائدة على صعيد المنطقة، قد جعلت اللواء أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «أنتربول،» ينوه بنجاعة واحترافية المؤسسات الأمنية المغربية على هامش افتتاح أشغال المؤتمر السابع والأربعين لقادة الشرطة والأمن العربي الذي نظم ببلادنا مؤخرا.

وفي مجال مكافحة الإرهاب، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن الإرهاب في دول العالم، حيث أكد أن «المغرب يمثل عنصرا هاما ضمن التنسيق التاريخي والتعاون القوي مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب»، مشددا على أنه «واصل استراتيجيته الشاملة التي ضمنها الرفع من اتخاذ التدابير الأمنية اليقظة، والتعاون الإقليمي والدولي، ووضع سياسات لمكافحة التطرف».

وجاء في التقرير أيضا أن «جهات إنفاذ القانون المغربية شاركت في مجموعة واسعة من البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية لتحسين القدرات التقنية والتحقيقية للبلاد بما في ذلك التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والطب الشرعي والأمن السيبراني». وعن تجفيف منابع التطرف، أكد بيان الخارجية الأمريكية أن «المغرب لديه استراتيجية شاملة لمكافحة العنف تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف».

إن المؤسسة الأمنية المغربية تتوفر على استراتيجية متعددة الأبعاد في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف تجمع بين الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية والدينية زيادة على تعزيز وتوطيد التعاون الدولي مما جعل من المملكة المغربية رائدا وشريكا استراتيجيا على الصعيد العالمي في هذا المجال وأدى إلى تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية في كثير من دول العالم، وفي هذا الإطار كذلك نستحضر الدور الريادي والفعال الذي تقوم به فرقة مكافحة الجريمة المنظمة، التابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث قامت المملكة المغربية بإدراج آليات جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تعد من أخطر الجرائم في وقتنا الحاضر ولها صور عديدة أبرزها تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات والتهريب وكذلك جرائم الاتجار بالبشر وغيرها.

وعلى الصعيد الإفريقي، شدد المغرب، خلال اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي انعقد مؤخرا ببورندي، على الحاجة الملحة لتبني مقاربة متعددة الأبعاد بهدف مكافحة التهديد الإرهابي في إفريقيا بشكل فعال تقوم على ثلاثية السلم والأمن والتنمية لمحاصرة التهديدات الإرهابية وتعزيز استجابة فعالة ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات الأساسية للمواطن الإفريقي.

إن العقيدة الأمنية المغربية، وإن كان دورها الأساسي هو إنفاذ القانون وحماية النظام العام مع ما تتمتع به من الصلاحيات والسلطات التقديرية لأداء واجبها المهني، إلا أنها تلتزم دوما بمبادئ المشروعية والمعايير الدولية للحكامة الأمنية وضمان انخراط المؤسسة الأمنية في البناء الديمقراطي واحترام الحقوق والحريات الأساسية.

لقد أضحت المدرسة الأمنية المغربية نموذجا يقتدى به على الصعيد الإقليمي والدولي، عنوانه التحدي المغربي.

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: الأمنیة المغربیة

إقرأ أيضاً:

كرواتيا تبدي الإهتمام بالمشاريع الملكية وتشيد بدور المغرب في الإستقرار الإقليمي

زنقة 20 | الرباط

أشادت جمهورية كرواتيا، اليوم الأربعاء، بـ” بالإصلاحات الكبرى التي تباشرها المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبالجهود المتجددة لفائدة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية” للمملكة.

ونوهت كرواتيا، في إعلان مشترك تم اعتماده عقب مباحثات جرت بزغرب، بين وزير الشؤون الخارجية والاوروبية الكرواتي، غوردن غرليك – رادمان، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، بالتقدم المحرز من قبل المغرب، وخاصة النموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة والتنمية المستدامة.

كما أبدت كرواتيا اهتماما كبيرا بالمبادرات الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لصالح القارة الإفريقية، وخاصة مبادرة “مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية”، و”المبادرة الملكية الدولية الرامية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي”، و”مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي نيجيريا – المغرب”.

وجاء في الإعلان المشترك أن هذه المبادرات تهدف إلى جعل الفضاء الأطلسي الإفريقي إطارا جيو-استراتيجيا ملائما للتنمية الإفريقية، والنهوض باستقرار وازدهار القارة.

ومن جهة أخرى أكد الطرفان على الدور الإيجابي والبناء الذي يضطلع به المغرب وكرواتيا في الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلام في منطقتيهما، وكذا تشبثهما بالمبادئ الأساسية العالمية لميثاق الأمم المتحدة، وعلى ضرورة الحل السلمي للنزاعات في احترام تام للوحدة الترابية للدول وسيادتها، طبقا للقانون الدولي.

وفي هذا السياق، نوهت كرواتيا بدور المغرب باعتباره قطبا إقليميا للاستقرار ورافعة للنمو والتنمية في إفريقيا.

مقالات مشابهة

  • المقاتل المغربي صلاح الدين: فخور بتمثيل المغرب في دوري PFL بجدة السعودية
  • الإمارات تبحث مع كينيا تعزيز العلاقات والأمن الإقليمي
  • المجر تجدد دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية
  • بين الاستقرار والمخاطر.. كيف أصبحت جيبوتي لاعبًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب؟
  • انطلاق قمة «دور قطاع الأعمال في مكافحة الجرائم المالية» بدبي
  • كرواتيا تبدي الإهتمام بالمشاريع الملكية وتشيد بدور المغرب في الإستقرار الإقليمي
  • وزير الخارجية الأميركي يبحث مع رئيس الوزراء الأردني الوضع في غزة والضفة الغربية والأمن الإقليمي
  • هآرتس: مكافحة الإرهاب اليهودي تثير التوتر وانعدام الثقة بين الشاباك والشرطة الإسرائيلية
  • السكوري يوقع اتفاقية شراكة مع العملاق إريكسون لخلق مناصب شغل وتوفير التقنيات الحديثة للشباب المغربي
  • الخطوط الملكية المغربية تنخرط في تسريع الإبتكار في قطاع السفر بمعرض جيتكس