قال مفتي الجمهورية  الأستاذ الدكتور شوقي علام رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إن العقوبة على الجريمة التي تُرتكب ليست حقًّا للأفراد ولكن للدولة وقانونها وسلطاتها المختلفة، وكان ذلك موجودًا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

جاء ذلك خلال لقاء لفضيلته على إحدى القنوات الفضائية  مضيفًا أن تغيير المنكر يجب أن يكون وَفق ضوابط، وقد توزَّعت هذه السلطات في عصرنا الحديث بين مؤسسات الدولة المختلفة، حيث إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، هو حديث صحيح، ولكنه جاء لإيجاد نوع من الرقابة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بهذه المهمة باعتباره إمام الأمة.

واستدل مفتى الجمهورية على ذلك بما رواه أبو هريرة أن رسول الله دخل السوق فمر على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني"، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بمراقبة السوق كولي أمر يدير شئون الأمة والمجتمع بسيط في ذلك الوقت، فأصَّل بذلك لمسألة الرقابة.

وأشار مفتى الجمهورية إلى أن تشريع الإسلام لنظام الحسبة كان من أجل إحياء الفضائل لدى أفراد المجتمع، وصيانة الحقوق المجتمعية، وتنظيم الشئون العامة وذلك كله وَفق ضوابط شرعية، والذي تطور في العصر الحاضر في عدة مؤسسات رسمية، وهو نظام إسلامي قويم خلافًا لفهم المتطرفين المعاصرين الذين اختزلوه في معاقبة أي أحد وبدون صفة أو سند شرعي وقانوني، فمن أباح لنفسه أن يكون رقيبًا على تصرفات الناس فقد أخطأ.

وأردف ومن يتَتَبَّعَ مسيرةَ العمل المؤسَّسِيِّ في الإسلام يلحظُ أن المسلمين لم يقفوا عند البداياتِ وإنما انطلقوا إلى التَّطويرِ بكلِّ أبعادِه، حيث وجدوا لذلك سبيلًا، منها نظام الحسبة في الإسلام وهو نظام للمراقبة والمتابعة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بها بنفسه، وقد تابع الصحابة الكرام النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المنهاج.

وشدد مفتى الجمهورية على أن المنكر هو ما لم يختلف حوله العلماء في كونه محرمًا، أما الأمور التي يختلف فيها الرأي فلا إنكار فيها.

وأكد مفتي الجمهورية أن أجهزة الدولة الرقابية أصبحت في عصرنا هي القائمة بهذه المهمة، ولا يجوز لأحد أن يتعدى الاختصاص المنوط به، ولكن مسئولية إنكار ورفض الجريمة لا تقع فقط على عاتق الحاكم أو الدولة بل هي مسئولية فردية ومشتركة رسختها الشريعة الإسلامية، وجعلت كلَّ فرد من أفراد المجتمع لديه مسئولية في هذا الإطار؛ فالجمهور من الناس له دور أصيل في مكافحة الجريمة في الشريعة الإسلامية.

الشرع وضع جملة من الإجراءات لوقاية الإنسان من الجريمة أو الفساد


لفت فضيلة مفتي الجمهورية النظر إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان من الوقوع في الجريمة أو الفساد، وكذلك وضع إجراءات وعقوبات إذا وقع الإنسان في الفساد، حتى يكون رادعًا لغيره.

وأشار مفتى الجمهورية إلى أن من تلك الإجراءات تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الفساد، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.
وقال مفتي الجمهورية: "نقدِّر الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب بسبب الأحداث العالمية، حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الجريمة، ومن أجل الرقيِّ بمصر".

أكد مفتي الجمهورية  أنَّ دار الإفتاء أصبحت بيت خبرة متراكمة عبر التاريخ، ومؤسسة وطنية تعمل تحت عنوان استقرار المجتمع، وفتاويها فتاوى مؤسسية، مشيرًا إلى أن مأسسة الفتوى كانت محل عناية الدولة المصرية في كل العصور إلا أنها ازدادت قوة في السنوات الأخيرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الافراد الجريمة النبی صلى الله علیه وسلم مفتى الجمهوریة مفتی الجمهوریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى لتعزيز الوعي الإنساني في المجتمع

أكد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، أن دار الإفتاء المصرية تعد واحدة من المؤسسات الوطنية الدينية الرائدة التي تسعى إلى تعزيز الوعي الإنساني في المجتمع.

وأوضح عياد، في تصريحات للقناة الأولى بالتليفزيون المصري، اليوم السبت على هامش مشاركته في إحدى فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب أن الوعي يمثل النافذة الأساسية لإنشاء مجتمع متكامل وقوي، قادر على أداء رسالته.

وأشار إلى أن دار الإفتاء تتبنى مبدأ أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، وأن الخطاب الديني يجب أن يتناسب مع أحوال الناس ومستوياتهم الفكرية، حيث تتنوع الأساليب التعليمية لتناسب جميع الفئات العمرية، بدءًا من الطفولة، مرورًا بمرحلة الشباب، وصولًا إلى مرحلة النضج والاكتمال.

وأكد أهمية العلم كمصدر لنجاة الأمم، معتبرا أن القراءة هي البوابة الحقيقية للعلم وخاصة في ظل التحديات التي تواجه المجتمعات، مشددا على ضرورة البحث عن سبل لحماية الدين والوطن والإنسان، مشيرًا إلى أن العلم هو الوسيلة التي تضيء الطريق أمام القاصدين.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية يشهد توقيع مذكرة تفاهم وتعاون مع مؤسسة "تريندز" ومركز سلام

مفتي الجمهورية: الصلاة فريضة لا تسقط أبدا.. وعلاقة متجددة بين العبد وربه (فيديو)

مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي بذكرى الإسراء والمعراج

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يثمن الموقف المصري الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية
  • مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى لتعزيز الوعي الإنساني في المجتمع
  • مفتي الجمهورية: القرآن الكريم أولى عناية كبرى بما يحقق مصالح الناس
  • مفتي الجمهورية: رسالة سيد المرسلين عامة وخاتمة ومعجزتها القرآن الكريم خالدة باقية
  • مفتي الجمهورية: القرآن أولى عناية كبرى بما يحقق مصالح الناس
  • محافظ بورسعيد يستقبل مفتي الجمهورية ووزيرَ الأوقاف بديوان عام المحافظة
  • مفتي الجمهورية: التقوى أساس الاستقامة والتزام الإنسان في حياته
  • مفتي الجمهورية: التقوى ركيزة أساسية تميز الإنسان وتدفعه إلى الخير
  • مفتي الجمهورية: الصوم سر بين العبد وربه ويسهم في بناء الإنسان
  • البرلمان يسلم قانون العفو العام إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه