قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن العقوبة على الجريمة التي تُرتكب ليست حقًّا للأفراد ولكن للدولة وقانونها وسلطاتها المختلفة، وكان ذلك موجودًا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

السلطات في عصرنا الحديث

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي اليوم الجمعة، مضيفًا أن تغيير المنكر يجب أن يكون وَفق ضوابط، وقد توزَّعت هذه السلطات في عصرنا الحديث بين مؤسسات الدولة المختلفة، حيث إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، هو حديث صحيح، ولكنه جاء لإيجاد نوع من الرقابة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بهذه المهمة باعتباره إمام الأمة.

واستدل على ذلك بما رواه أبو هريرة أن رسول الله دخل السوق فمر على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني"، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بمراقبة السوق كولي أمر يدير شئون الأمة والمجتمع بسيط في ذلك الوقت، فأصَّل بذلك لمسألة الرقابة.

هل الحسد يمنع من دخول الجنة؟.. دار الإفتاء تكشف العقوبة

وأشار إلى أن تشريع الإسلام لنظام الحسبة كان من أجل إحياء الفضائل لدى أفراد المجتمع، وصيانة الحقوق المجتمعية، وتنظيم الشئون العامة وذلك كله وَفق ضوابط شرعية، والذي تطور في العصر الحاضر في عدة مؤسسات رسمية، وهو نظام إسلامي قويم خلافًا لفهم المتطرفين المعاصرين الذين اختزلوه في معاقبة أي أحد وبدون صفة أو سند شرعي وقانوني، فمن أباح لنفسه أن يكون رقيبًا على تصرفات الناس فقد أخطأ.

وأردف: ومن يتَتَبَّعَ مسيرةَ العمل المؤسَّسِيِّ في الإسلام يلحظُ أن المسلمين لم يقفوا عند البداياتِ وإنما انطلقوا إلى التَّطويرِ بكلِّ أبعادِه، حيث وجدوا لذلك سبيلًا، منها نظام الحسبة في الإسلام وهو نظام للمراقبة والمتابعة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بها بنفسه، وقد تابع الصحابة الكرام النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المنهاج.

وشدَّد على أن المنكر هو ما لم يختلف حوله العلماء في كونه محرمًا، أما الأمور التي يختلف فيها الرأي فلا إنكار فيها.

وأكد مفتي الجمهورية أن أجهزة الدولة الرقابية أصبحت في عصرنا هي القائمة بهذه المهمة، ولا يجوز لأحد أن يتعدى الاختصاص المنوط به، ولكن مسئولية إنكار ورفض الجريمة لا تقع فقط على عاتق الحاكم أو الدولة بل هي مسئولية فردية ومشتركة رسختها الشريعة الإسلامية، وجعلت كلَّ فرد من أفراد المجتمع لديه مسئولية في هذا الإطار؛ فالجمهور من الناس له دور أصيل في مكافحة الجريمة في الشريعة الإسلامية.

ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان من الوقوع في الجريمة أو الفساد، وكذلك وضع إجراءات وعقوبات إذا وقع الإنسان في الفساد، حتى يكون رادعًا لغيره.

وأشار إلى أن من تلك الإجراءات تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الفساد، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.

وقال مفتي الجمهورية: "نقدِّر الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب بسبب الأحداث العالمية، حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الجريمة، ومن أجل الرقيِّ بمصر".

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أنَّ دار الإفتاء أصبحت بيت خبرة متراكمة عبر التاريخ، ومؤسسة وطنية تعمل تحت عنوان استقرار المجتمع، وفتاويها فتاوى مؤسسية، مشيرًا إلى أن مأسسة الفتوى كانت محل عناية الدولة المصرية في كل العصور إلا أنها ازدادت قوة في السنوات الأخيرة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية الدكتور شوقي علام الشرع هيئات الإفتاء النبی صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي راشيا: لنزول النواب فوراً الى البرلمان

دعا مفتي راشيا الشيخ الدكتور وفيق حجازي في بيان، النواب "للنزول فورا الى البرلمان وألا  يخرجوا منه إلا بانتخاب رئيس للجمهورية يحفظ للدولة دورها ويعيد لها مكانتها ويحقن دماء شعبها، لانهم إن عجزوا عن ذلك، فعليهم الاستقالة ولينتخب الرئيس من الشعب مباشرة".

وطالب حجازي الدولة بـ"حسم أمرها حماية لما تبقى من لبنان. فليس مقبولا رهنه للخارج ولا الوصاية عليه ولا الترحيب بمن ساهم في خرابه"، داعيا السلطة السياسية "للعمل الفوري على وقف شلال الدماء من العدو الصهيوني بحق الوطن وأهله وإعادة الاعتبار الى السلطة الرسمية بوحدة قرارها في كل ما يتعلق بالوطن وأن يكون الدولة فقط"، وحث على "الوقوف مع النازحين وتقديم المساعدة لهم بما يلزم لأن في ذلك تأكيد  وحدة الشعب وتلاحمه مع بعضه في السراء والضراء لأنها الإنسانية الدين.

واعتبر  حجازي أن "ما يجري في غزة ونحن على مشارف دخول عام من العدوان الصهيوني عليها وما جرى فيها من آلاف الشهداء والجرحى والخراب والدمار، يتطلب كل ذلك العمل الفوري على لجم هذا العدو وإيقافه عن غيه ووقوف العرب مع قضاياه المحقة وخصوصا في فلسطين ولبنان، حماهما الله وجمع أمر الأمة على خير".

مقالات مشابهة

  • كيف أبلغ النبي الصحابة بصيغة الصلاة عليه؟.. الشعراوي يوضح «فيديو»
  • مفتي الجمهورية: جيش مصر العظيم درع الوطن وحصنه المنيع
  • مفتي راشيا: لنزول النواب فوراً الى البرلمان
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بذكرى نصر أكتوبر
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفد المجلس القومي للطفولة والأمومة لبحث تعزيز التعاون في قضايا الأسرة والطفل
  • مفتي الجمهورية يبحث مع وفد المجلس القومي للطفولة والأمومة تعزيز التعاون في قضايا الأسرة
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفد المجلس القومي للطفولة والأمومة
  • مفتي الجمهورية يستقبل رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية
  • مفتي الجمهورية: القضاء المصري ركيزة أساسية لتحقيق العدالة وحفظ الحقوق في المجتمع
  • مفتي الجمهورية: القضاء المصري ركيزة أساسية لتحقيق العدالة وحفظ الحقوق