مفتي الجمهورية: تشريع نظام الحسبة كان من أجل إحياء الفضائل.. وتطور في العصر الحاضر
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن العقوبة على الجريمة التي تُرتكب ليست حقًّا للأفراد ولكن للدولة وقانونها وسلطاتها المختلفة، وكان ذلك موجودًا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس، مضيفًا فضيلته أن تغيير المنكر يجب أن يكون وَفق ضوابط، وقد توزَّعت هذه السلطات في عصرنا الحديث بين مؤسسات الدولة المختلفة، حيث إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، هو حديث صحيح، ولكنه جاء لإيجاد نوع من الرقابة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بهذه المهمة باعتباره إمام الأمة.
واستدل مفتي الجمهورية على ذلك بما رواه أبو هريرة أن رسول الله دخل السوق فمر على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني"، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بمراقبة السوق كولي أمر يدير شئون الأمة والمجتمع بسيط في ذلك الوقت، فأصَّل بذلك لمسألة الرقابة.
وأشار المفتي إلى أن تشريع الإسلام لنظام الحسبة كان من أجل إحياء الفضائل لدى أفراد المجتمع، وصيانة الحقوق المجتمعية، وتنظيم الشئون العامة وذلك كله وَفق ضوابط شرعية، والذي تطور في العصر الحاضر في عدة مؤسسات رسمية، وهو نظام إسلامي قويم خلافًا لفهم المتطرفين المعاصرين الذين اختزلوه في معاقبة أي أحد وبدون صفة أو سند شرعي وقانوني، فمن أباح لنفسه أن يكون رقيبًا على تصرفات الناس فقد أخطأ.
وأردف مفتي الجمهورية: ومن يتَتَبَّعَ مسيرةَ العمل المؤسَّسِيِّ في الإسلام يلحظُ أن المسلمين لم يقفوا عند البداياتِ وإنما انطلقوا إلى التَّطويرِ بكلِّ أبعادِه، حيث وجدوا لذلك سبيلًا، منها نظام الحسبة في الإسلام وهو نظام للمراقبة والمتابعة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بها بنفسه، وقد تابع الصحابة الكرام النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المنهاج.
وشدَّد المفتي على أن المنكر هو ما لم يختلف حوله العلماء في كونه محرمًا، أما الأمور التي يختلف فيها الرأي فلا إنكار فيها.
وأكد مفتي الجمهورية أن أجهزة الدولة الرقابية أصبحت في عصرنا هي القائمة بهذه المهمة، ولا يجوز لأحد أن يتعدى الاختصاص المنوط به، ولكن مسئولية إنكار ورفض الجريمة لا تقع فقط على عاتق الحاكم أو الدولة بل هي مسئولية فردية ومشتركة رسختها الشريعة الإسلامية، وجعلت كلَّ فرد من أفراد المجتمع لديه مسئولية في هذا الإطار، فالجمهور من الناس له دور أصيل في مكافحة الجريمة في الشريعة الإسلامية.
ولفت المفتي النظر إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان من الوقوع في الجريمة أو الفساد، وكذلك وضع إجراءات وعقوبات إذا وقع الإنسان في الفساد، حتى يكون رادعًا لغيره.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن من تلك الإجراءات تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الفساد، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.
وقال المفتي: "نقدِّر الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب بسبب الأحداث العالمية، حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الجريمة، ومن أجل الرقيِّ بمصر".
واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أنَّ دار الإفتاء أصبحت بيت خبرة متراكمة عبر التاريخ، ومؤسسة وطنية تعمل تحت عنوان إستقرار المجتمع، وفتاويها فتاوى مؤسسية، مشيرًا إلى أن مأسسة الفتوى كانت محل عناية الدولة المصرية في كل العصور إلا أنها ازدادت قوة في السنوات الأخيرة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الناس المفتي الفقه الإسلامي قناة الناس الأجهزة الرقابية في مصر مؤسسات رسمية النبی صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يبحث تعزيز التعاون مع وزير العدل البحريني في المنامة
التقى الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، صباح اليوم في العاصمة البحرينية المنامة، السيد نواف بن محمد المعاودة، وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بمملكة البحرين، وذلك بحضور السفيرة ريهام خليل، سفير مصر لدى البحرين، والمستشار محمد مقبل الوكيل المساعد لجهاز قضايا الدولة والتعاون الدولي، ومحمد جمال مدير إدارة الشؤون التشريعية بوزارة العدل البحرينية.
جاء اللقاء في إطار بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين، حيث استعرض فضيلة المفتي دور دار الإفتاء المصرية في تحقيق الأمن الفكري ونشر الفتوى الرشيدة، كما ناقش الطرفان أوجه التعاون في مجال تدريب المأذونين ورفع كفاءتهم، مستعرضين خبرات دار الإفتاء المصرية في هذا المجال من خلال إداراتها المختلفة، التي تشمل تقديم الفتاوى بوسائل متعددة، إلى جانب إدارة الإرشاد الأسري، وإدارة الحوار، ومركز التدريب والتعليم عن بعد.
كما تطرَّق اللقاء إلى دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، حيث استعرض فضيلة المفتي أبرز أنشطتها، وفي مقدمتها مركز الأبحاث، ومركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، والمؤشر العالمي للفتوى.
وأكد على أهمية تدريب المأذونين وتأهيلهم بشكل علمي وعملي، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء تعمل على إكسابهم مهارات الإرشاد الأسري، حفاظًا على استقرار الأسرة المصرية ودعمًا للمصالحة بين الأزواج قبل اتخاذ قرارات الطلاق.
كما ناقش الجانبان، آليات تبادل الإصدارات والمطبوعات بين المؤسستين، وسبل تعزيز المشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية.
يأتي هذا اللقاء ضمن جدول أعمال فضيلة المفتي في العاصمة البحرينية، وذلك على هامش مؤتمر "الحوار الإسلامي - الإسلامي: أمة واحدة ومصير مشترك"، الذي يُعقد يومي 19 و20 فبراير الجاري، برعاية كريمة من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، وبمشاركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.