مضى أكثر من 60 يومًا على العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة، وما زالَ العدوّ مصرًّا على تحقيق أهدافه التي أعلنها منذ اليوم الأول، وهي: تحطيم حركة حماس، واسترجاع الرهائن الموجودين في قطاع غزة، وطرد سكان القطاع إلى سيناء.
بعد 60 يومًا من العدوان، لم يقدم نتنياهو وحكومته العنصرية أيَّ دليل على تحقيق أيٍّ من الأهداف الثلاثة.
ليس هذا فحسب، بل ترافق ذلك مع المشهد المهيب، شكلًا ومضمونًا، لعناصر كتائب القسام أثناء تسليم الرهائن للصليب الأحمر الدولي، حيث شارك عشرات العناصر، بكل هدوء ورباطة جأش، وبسيارات الدفع الرباعي وسط حشد جماهيري مهيب يهتف للمقاومة، وفي وسط مدينة غزة، حيث دارت أعتى المعارك، وادّعى العدو أنه دمّرها وقضى على قدرات حماس فيها.
وليس هذا فحسب، بل قدم هؤلاء المقاتلون نموذجًا استثنائيًا، سمعنا وقرأنا عنه في كتب التاريخ، في التعامل مع أسراهم. إنها قيم الرجال النبلاء، الذين يقفون على أرض حضارة عظيمة علّمت البشرية قيم التسامح والتعايش قبل مئات السنين، رغم أن بعضهم قد يكون فقد أسرته وأحبابه على يد الصهاينة في هذا العدوان.
أما الهدف الثاني، باسترجاع الأسرى، فقد فشل نتنياهو وجيشه في استنقاذ أي منهم بالقوة، ولم يُطلق سراح أي من الرهائن إلا حسب شروط المقاومة.
الهدف الثالث، الذي أعلنته حكومة العدو؛ وهو تهجير سكان القطاع إلى سيناء في مصر؛ تنفيذًا لخطط قديمة أعدّتها الحكومة الصهيونية المتطرفة، في إطار حسم الصراع بشكل نهائي لصالحهم، فقد فوجئ العدو بإرادة فولاذية للفلسطينيين في الصمود والثبات، والتمسك ببيوتهم، وعدم تَكرار مشهد النكبة مرّة أخرى مهما كلّفهم ذلك.
النجاح الجزئي للعدونجح العدوّ جزئيًا في دفع آلافٍ من الفلسطينيين للنزوح من الشمال إلى الجنوب، لكنه؛ قطعًا، فشل في تمرير مخططه بتهجير الفلسطينيين إلى خارج فلسطين.
ماذا حقق نتنياهو ومجلس حربه حتى الآن؟ لقد قُتل وجُرح عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، ودُمرت مئات الآلاف من المنازل، ودُمرت المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ودُمرت البنية التحتية، وكل سبب لاستمرار الحياة في القطاع.
كل ما سبق ليس إلّا جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنسانية، وتطهيرًا عرقيًا، تنطبق عليها كل شروط الإبادة الجماعية.
لن يحقّق نتنياهو أيًّا من أهدافه المعلنة، وسيرجع إلى مقرّ "الكرياه" يجرّ أذيال الهزيمة والخزي والعار، والأهم أنه لن يفلتَ ومجلس حربه من العقاب.
المعركة انتهت في اليوم الأول الذي بدأت فيه، 7 أكتوبر المجيد، وحقق شعبنا الفلسطيني انتصارًا إستراتيجيًا على طريق التحرير، رغم كل الأثمان العالية التي دفعناها، وسندفعها على هذه الطّريق.
لكن أحد أهمّ مخرجات هذه المعركة المجيدة في تاريخنا، أن أكبر المهزومين فيها هي البشرية جمعاء، إذ فشلت حتى اللحظة أن توقف العدوان، وأن تمنع الكارثة الإنسانية المحققة؛ نتيجة الاستهداف المباشر للبنية التحتية، والنظام الصحي، إضافة إلى حرب التجويع التي يفرضها العدو على شعبنا لأكثر من 60 يومًا.
فمنذ أكثر من 60 يومًا فرض نتنياهو حصارًا مطبقًا على 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة، فحرمهم الغذاء والماء والدواء والكهرباء والوقود والاتصالات.
لقد حذَّرت كل المؤسسات الدولية المعنية من خطورة استمرار هذا الحصار المطبق، وتداعيات ذلك ليس على البشر فقط، ولكن صرح الكثير من المسؤولين الأمميين- وآخرهم السيدة لين هاستينغز رئيسة أوتشا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك رئيس منظمة الصحة العالمية … – عن الكارثة الصحية والبيئية التي تحدث في غزة، سواء بسبب انهيار النظام الصحي أو تدمير البنية التحتية، أو وجود آلاف الجثث تحت الأنقاض.
للأسف الشديد، فقد فشلت البشرية جمعاء في مواجهة الصلف الصهيوني والتواطؤ الأميركي، وإجبارهم على رفع الحصار عن غزة. فشلت البشرية ليس في إيقاف جريمة الإبادة الجماعية التي تجري على الهواء أمام أعين الملايين من البشر فحسب، ولكنها فشلت في إدخال شربة ماء، أو كوب حليب للأطفال في غزة.
رغم كل الضغط الدولي الشديد طوال 60 يومًا كان معدل ما دخل من شاحنات المساعدات 25 شاحنة يوميًا (لشمال قطاع غزة؛ بمعدل شاحنتين يوميًا)، رغم أن احتياج قطاع غزة اليومي حوالي 500-600 شاحنة يوميًا في أوقات السلم.
آلاف الشاحنات من المساعدات الإنسانية تنتظر على معبر رفح، وعشرات الآلاف في الطريق إليه من جميع أنحاء العالم، لكن العدو الصهيوني استطاع أن يفرض شروطه لإدخال المساعدات على الجميع.
عار يلاحق البشريةسيبقى هذا العجز عارًا يلاحق البشرية لعقود، لا أعرف كيف ستطلب المؤسسات الدولية أو الدول من أي دولة في حال اندلاع صراع أو حرب بعد اليوم احترامَ القانون الإنساني الدولي، والالتزام بمعاييره، خاصة إذا أفلت المجرمون من العقاب.
لعله ما زالت هناك فرصة ضئيلة أمامنا جميعًا للعمل من أجل رفع الحصار فورًا، وإنقاذ حياة ملايين من البشر، معظمهم من النساء والأطفال، لعلنا نمحو هذا العار الذي سيلاحق البشرية لأجيال.
يجب أن يتحرك المجتمع الدولي فورًا، وقبل فوات الأوان.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لرفع جودة الخدمات.. "الموارد البشرية" تُحدّث معايير العمالة المساندة
أوضحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن تعديل معايير نسب العمالة المساندة لشركات الموارد البشرية، بموجب قرارها رقم (28624) الصادر بتاريخ 06 / 07 / 1446هـ.
وتعكس الخطوة التزام الوزارة بتطوير سوق العمل وتعزيز استدامة القطاع الخاص، وضمن جهودها المستمرة في تحقيق التوازن بين متطلبات الشركات واحتياجات السوق، بما يسهم في رفع الجودة للخدمات المقدمة من جميع شركات الموارد البشرية من خلال النمو في قطاع الأفراد وقطاع الأعمال، وبما يؤدي إلى ايجاد بيئة عمل مرنة ومحفزة ترفع من رضا المستفيدين.
أخبار متعلقة عاجل ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس أوكرانيالدعم وتمكين الأسر المنتجة.. أمانة جدة تنظم فعاليات "هويدة للطهي" .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } معايير العمالة المساندة - أرشيفية معايير العمالة المساندةويتميز القرار الجديد باعتماده على أداء الشركات وقدرتها على تلبية احتياجات العملاء وحاجة السوق، وذلك من خلال استبدال النسب الثابتة للعمالة المساندة بنسب متغيرة تعتمد على قدرة الشركة وخطط توسعها، ويُعد التغيير خطوة إيجابية لتركيز الشركات على رفع جودة خدماتها وفي ذات الوقت تلبية احتياج عملائها، ويتوقف احتساب النسبة عندما تصل الشركات لتحقيق عدد لا يقل عن 15 ألف عامل، وهذا التحول في النسب يمنح الشركات مرونة أكبر لتعزيز أعمالها وخدماتها.
وقد راعى القرار التركيز على الجودة في الأداء وتعزيز دور الشركات في تنظيم سوق العمالة المساندة، حيث تتنوع هذه الخدمات المقدمة لأصحاب العمل الأفراد بتنوع باقات هذه الشركات سواء بتقديم الخدمات بنظام الساعة أو من خلال عقود قصيرة وطويلة الأمد وبما يحقق رغبة العملاء، حيث سيؤثر على القرار على تنوع الخدمات التي تُقدم للعملاء من خلال هذه الشركات.
#وزارة_الموارد_البشرية_والتنمية_الاجتماعية تُحدّث معايير العمالة المساندة؛ لرفع جودة الخدمات المقدمة من شركات الموارد البشرية.
|| https://t.co/leb3iHJBXn pic.twitter.com/pXy35vskZF— وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (@HRSD_SA) January 8, 2025تنظيمات سوق العملوأوضحت الوزارة أن هذا القرار قد دخل حيّز التنفيذ في 5 يناير من العام الحالي 2025، ويمثل هذا التعديل خطوة استراتيجية نحو تحقيق بيئة عمل أكثر توازنًا ومرونة، تُعزز من فرص النمو والابتكار في قطاع الموارد البشرية، ما يسهم في تعزيز جودة قطاع الاستقدام والسياسات المتعلقة بالقطاع، تماشيًا مع استراتيجية الوزارة لتحسين التعاقد بين العمال وأصحاب العمل وحفظ حقوق جميع الأطراف.
وأكدت الوزارة أن التحديثات على المعايير تُظهر التزامها بتحقيق شراكة فعّالة مع القطاع الخاص، وتوفير حلول عملية تواكب تطلعات الشركات واحتياجات السوق، وذلك من منطلق المهام المنوطة بها في مراجعة تنظيمات سوق العمل، وتأكيداً على حرصها في تمكين الشركات من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.