خطيب الجمعة بالأزهر: السعي نحو الإيجابية وصلاح الحال وانفراج الأمور مسؤولية الجميع
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، حول "الإيجابية والإصلاح فى الإسلام".
وقال الصغير، إن الله عزّ وجلَّ خلق الإنسان ومهد له الأرض وجعله خليفته فيها وأمره بتعميرها، قال تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ ، وذلل له الأرض ووضع له فيها الرزق، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾، مبينا أن من حكمة الله - سبحانه وتعالى - أن جعل لكل شىء خلقه سببا.
وأشار إلى أن السعى فى سبيل إصلاح الكون ونفع الإنسان لنفسه ولمن حوله، هو من سنن الله عزّ وجلَّ فى الكون؛ لذا إذا ما تغافل الإنسان عن هذه السنة فقد ابتعد عن الصراط المستقيم، لأن الدين وصَف عدم الأخذ بالأسباب والتكاسل ضرباً من الخسران، قال تعالى: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ (١) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ (٢) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾، وجعل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر مفتاحاً لإصلاح الكون، وجعل العمل الصالح سواء بالقول أو الفعل ضِرباً من تصديق الإيمان، قال ﷺ ﴿لَيْسَ الإِيمَانَ بالتَّمَنِّي ولا بالتَّحَلِّي، وَلَكِنْ هُوَ مَا وَقَرَ في القَلْبِ، وَصَدَّقَهُ العَمَلُ، وَإِنَّ قَوْمَاً خَرَجُوا من الدُّنْيَا وَلَا عَمَلَ لَهُم؛ وَقَالُوا: نَحْنُ نُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ؛ وَكَذَبُوا، لَو أَحْسَنُوا الظَّنَّ لَأَحْسَنُوا العَمَلَ﴾.
وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أنه يجب على كل فرد أن يرجع إلى الشرع الحكيم حتى يدرك كل منَُا مسئوليته، وأن يكون متعاوناً ناجحاً ونظيفاً لأن هذا هو مفتاح الإيجابية ودليل صلاح النفس، لأن هذا هو الإسلام الذى وجه الله إليه الإنسان ليكون له دوره فى الحياة، بالمشاركة الإيجابية فى نهضة المجتمع وإصلاحه قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾، فالإيجابية لا تكون بالفعل فقط، بل بالقول أيضاً، فتكون الإيجابية في كل مجالات الحياة من زراعة وصناعة وتجارة أو غيرها، فالله عزَّ وجلَّ لم يكلف النفس إلا وسعها حتى يفتح المجال للعمل النافع، والصالح، والإيجابى، ﴿عَنْ أَبِي ذَرَ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالُوا لِلنَّبِيِّ: يَا رَسُولَ اللّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: «أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللّهِ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» -رواه مسلم، فالمجال واسع للمعروف الذى يبتغى إصلاح الكون. قال ﷺ ﴿الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا اِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ﴾.
وتابع: إننا الآن فى أشد الاحتياج إلى اتباع الشريعة الغرّاء والسنة المطهرة والأدب الذى يتحلى بالإيجابية والتعاون على البر والتقوى، وترك السلبية والإبتعاد عنها، وأنه من منطلق المسؤولية المجتمعية، يجب علينا أن نتحلى جميعاً بخلق الإيجابية والمبادرة والمشاركة والاهتمام بأمور المجتمع والسعى نحو ما فيه صلاح الحال وانفراج الأمور، وأن يقف كل منا على هذه الحقيقة ويحاسب نفسه على الأوقات التى تمر والأموال التى تنفق. قال ﷺ ﴿نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ﴾، وأن نساهم ونضيف ونشارك حتى بمجرد الشهادة فهى مسئولية إيجابية وألا نكتمها لأن ذلك يعد ضربا من الظلم والإثم الكبير. قال تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ۗ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾.
وحث خطيب الجامع الأزهر، الجميع على أن يساهموا فى نهضة المجتمع بالقول أو بالفعل لتغييره لما فيه صلاح البشرية جمعاء. قال ﷺ ﴿أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ﴾.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: هدنة غزة مخالفات البناء انقطاع الكهرباء طوفان الأقصى الانتخابات الرئاسية أسعار الذهب فانتازي الطقس سعر الدولار سعر الفائدة الأمين العام لهيئة كبار العلماء خطيب الجمعة بالأزهر طوفان الأقصى المزيد قال تعالى م س ئ ول
إقرأ أيضاً:
بيان مدى علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للغيب
أوضحت دار الإفتاء المصرية إن علم الساعة من المغيّبات الخمسة التي اختص الله عز وجل بها نفسه على وجه الإحاطة والشمول كليًّا وجزئيًّا، ومع ذلك يجوز أن يطلع اللهُ بعضَ أصفيائه وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على بعض منها.
وجاء في "تفسير الألوسي" (بصحيفتي: 495 و496) -(11/ 108، ط. دار الكتب العلمية، بيروت)- في آخر سورة لقمان عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾.. الآية ما نصه: [وكون المراد اختصاص علم هذه الخمس به عز وجل هو الذي تدل عليه الأحاديث والآثار.
وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديث طويل أنه صلى الله عليه وآله وسلم سُئل: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ البُهْمُ فِي البُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ»، ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. الآية. أي إلى آخر السورة كما في بعض الروايات، وما وقع عند البخاري في التفسير من قوله إلى ﴿الْأَرْحَامِ﴾ تقصير من بعض الرواة.
وأخرجا أيضًا هما وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «خَمْس لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. الآية
أخرج أحمد والطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْخَمْسَ: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. الآية».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "أُوتِيَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَفَاتِيحَ كُلِّ شَيْءٍ، إِلا مَفَاتِيحَ الْخَمْسِ: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. الآية".
وأخرج ابن مردويه عن علي كرم الله وجهه قال: "لم يغم على نبيكم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلا الخمس من سرائر الغيب؛ هذه الآية في آخر لقمان: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. إلى آخر السورة".
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في "الأدب" عن ربعي بن حراش قال: حدثني رجل من بني عامر أنه قال: يا رسول الله هل بقي من العلم شيء لا تعلمه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «قَدْ عَلِمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ الْخَمْسَ: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.. الآية».