سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على أجواء انتخابات الرئاسة المصرية، التي تبدو خالية من اهتمام الجماهير، في ظل حالة الانسداد السياسي في البلاد من جانب، ولتزامنها مع العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة من جانب آخر، مشيرا إلى أن العلامة الوحيدة على اقتراب الانتخابات عند التجول في شوارع القاهرة هي انتشار اللافتات الداعمة للرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي.

وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن هذه اللافتات تتراوح بين بنرات الشوارع واللافتات القماشية والملصقات المطبوعة، وذلك على الرغم من غياب المنافسة الحقيقية والافتقار إلى خطاب سياسي جوهري أو نقاشات بين المرشحين، ومعظمهم غير معروفين لدى غالبية المصريين.

 وأضاف أن كل التوقعات تصبح في صالح فوز السيسي بأغلبية ساحقة في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول.

وأصبح وزير الدفاع السابق، البالغ من العمر 69 عامًا، رئيسًا لأول مرة في عام 2014، بعد الإطاحة عسكريا بسلفه المنتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، وأُعيد انتخابه بعد ذلك في عام 2018 في انتخابات شابها احتجاز أو استبعاد جميع المرشحين المؤهلين.

وأفاد مصدران حكوميان، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن القلق الرئيسي بين المسؤولين المصريين "لا يكمن في المنافسة نفسها، بل في احتمال انخفاض نسبة إقبال الناخبين والمخاوف من أن يُنظر إلى الانتخابات على أنها انتخابات غير شرعية وذات نتيجة مفروغ منها".

اقرأ أيضاً

كاتب مصري يهاجم السيسي عبر شبكة سعودية: الانتخابات قد تكون مهندسة لصالحه (فيديو)

ويتنافس السيسي مع 3 مرشحين، هم: زعيم حزب الوفد، عبد السند اليمامة، ورئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، ورئيس حزب الشعب الجمهوري، حازم عمر، ولا يحظى أي منهم بدعم بين الشباب أو شعبية في الشارع.

وانسحب السياسي اليساري، أحمد طنطاوي، الذي تدعمه قطاعات من المعارضة، من السباق الرئاسي الشهر الماضي بسبب انتهاكات كبيرة ضد أعضاء حملته، وزاد انسحابه من خيبة الأمل بين شباب مصر.

ويخضع طنطاوي وعشرات من أعضاء حملته للمحاكمة حاليا بتهمة "الاحتيال"، وهي تهمة يعتبرها الكثيرون عملا انتقاميا لتحديهم للسيسي.

ورغم عدم وجود منافسين في الانتخابات، قامت حكومة السيسي بترهيب أصحاب الأعمال مناطق مختلفة في جميع أنحاء مصر لإجبارهم على إظهار الدعم للسيسي، بحسب المصدرين.

زيارات أمنية

وقال أصحاب شركات صغيرة ومتوسطة في 3 مدن إن "ضباط الأمن" زاروهم وقاموا بطباعة لافتات لدعم السيسي، وعرضوها في الساحات الرئيسية لتعبئة الناخبين في أيام الانتخابات.

وقال حمدي، البالغ من العمر 41 عامًا، وهو مدير مطعم دجاج مشوي في حي المطرية شرقي القاهرة، إنه شهد زيارة مماثلة من الضباط، مضيفا: "اضطررت إلى وضع 3 لافتات، اثنتان في الساحة الرئيسية وواحدة أمام المتجر. ويبلغ سعر كل منها 1000 جنيه مصري [32 دولارًا]".

وتعرف حمدي على عدد من ضباط الأمن الوطني من قسم شرطة المطرية، وهو ما أوضحه قائلا: "لقد جاؤوا لتناول الدجاج مجاناً كالمعتاد، وكانت جميع تعليماتهم تحتوي على كلمة: وإلا"، مشيرا إلى أنهم ألزموه بتقديم 50 وجبة للناخبين كل يوم أثناء أيام التصويت، وهددوه بالغرامة أو بقطع كهرباء المتجر حال المخالفة.

وأضاف حمدي: "يجب على جميع [المتاجر] في المنطقة أن تفعل الشيء نفسه. كلما كان عملك أكبر، كلما زاد عدد اللافتات التي يتعين عليك تقديمها مجانًا".

وفي وسط مدينة القاهرة، وخاصة في منطقة رمسيس خارج محطة القطار المركزية، تكاد تكون المباني "محجوبة" بسبب كثرة اللافتات الداعمة للسيسي، إذ يتم ترتيبها في أعمدة متصلة بواسطة حبل وعصي خشبية كبيرة.

ولا يتعين على أصحاب الأعمال في هذا الحي شراء اللافتات فحسب، بل يتعين عليهم أيضًا استئجار مساحة لتعليقها.

اقرأ أيضاً

ما بعد فوز السيسي بالانتخابات.. 2024 عام حاسم "ماليا" لمصر

وفي السياق، أوضح حماد، وهو مدير محل لتصليح الهواتف المحمولة، أن "أغلب المحلات الصغيرة مستأجرة وليست مملوكة، وشراء اللافتات مع تأجير المساحات يمكن أن يتكلف حوالي 8000 جنيه"، وهو مبلغ كبير لكن التجار يعتبرونه "استثمارًا لتجنب تحرش الشرطة وتحقيقاتها".

ولا يعد إجبار أصحاب الأعمال على الاستثمار في أنشطة الحملات الانتخابية استراتيجية جديدة للدولة المصرية، إذ يعود تاريخها إلى عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وقد شهدت هذه الممارسة عودة للظهور منذ أن تولى السيسي والجيش السيطرة على الحكم مجددا في عام 2013.

وفي سياق مماثل لتجربة حمدي، اضطر سمير، وهو شريك في ملكية أحد متاجر بيع الميكروباصات في أسيوط، جنوبي مصر، إلى المساهمة في دعم السيسي من خلال توفير أتوبيسات لنقل الناخبين مجانًا، بالإضافة إلى رفع لافتات التأييد.

وقال سمير: "قام ضباط بملابس مدنية، إلى جانب عضو البرلمان عن حزب مستقبل وطن، أحمد حسين جودة، بزيارة متجرنا لإقناعي أنا وشركائي".

وأضاف أن حزب مستقبل وطن هو الأكبر في البرلمان والداعم الرئيسي لحكومة السيسي، وطلب منه ومن موظفيه إيصال الحافلات إلى مقر الحزب لمدة 3 أيام لنقل الناخبين إلى صناديق الاقتراع. وتابع: "لو كان لدي الخيار، لما أنفقت جنيهاً واحداً على السيسي وفساده. لكن يجب أن أعتني بعملي ومستقبل أطفالي وزوجتي".

وأثار العدد المتزايد من اللافتات المؤيدة للسيسي انتقادات من المذيع التلفزيوني الموالي للجيش، خالد أبو بكر، الذي علق على محطة التلفزيون المملوكة للدولة ON TV قائلاً: "هذا هو سباق اللافتات الكبير. ماذا عن مساعدة الفقراء؟"

وحاول أبو بكر أن ينسب كثرة اللافتات إلى "أنصار الدولة"، وهو ما نفاه عضو البرلمان عن حزب مستقبل وطن، مؤكدا أن حزبه لم يتورط في اجتماعات أجبرت أو شجعت الشركات على إنفاق الأموال على الحملات الانتخابية.

وقال جودة: "كل هذه اللافتات التي ترونها هي حب الناس ودعمهم للرئيس"، مضيفًا: "نعم، ستكون هناك شركات في جميع مقار حزب مستقبل وطن لمساعدة الناخبين. لكن أتحدى أي شخص أن يسجل في المحاضر أنه اضطر للتبرع بجنيه واحد".

لا أحد يهتم

وفي الإسكندرية، تنظم عائلات مؤثرة، مثل عائلة البدوي علي أمين، مسيرات واسعة النطاق وتعبئ الناخبين من خلال وعد النساء والشباب بمبلغ "200 جنيه ووجبتين" إذا تجمعوا أمام مراكز الاقتراع المخصصة بعد الإدلاء بأصواتهم.

الأسرة، المعروفة بدعمها لمبارك في التسعينيات، لديها بالفعل أعضاء منتخبون في البرلمان، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد ومعدل التضخم المذهل الذي يصل إلى 40%، يغتنم الشباب هذه الفرص لكسب دخل إضافي.

وفي السياق، قال عوض، البالغ من العمر 18 عاماً، وهو متخصص في علوم الكمبيوتر إنه تلقى دعوة إلى أحد هذه التجمعات ووُعد بأجر أعلى إذا أحضر أصدقاء له، مضيفا: "لا أحد يهتم حقًا بالانتخابات. لقد فعلنا الشيء نفسه في سبتمبر/أيلول الماضي عندما طلبوا منا التوقيع على عريضة التأييد"، في إشارة إلى توكيلات ترشيح السيسي.

وتابع: "إنهم يريدون أن يكون الشباب هناك ويحدثون الضجيج حتى يتمكن التلفزيون [الصحافة] من تصوير مقطع فيديو. إنها مهمة سهلة".

وفي هذه الأثناء، قالت أم أمنية، عاملة نظافة في روضة أطفال تبلغ من العمر 51 عاماً، إنها تلقت اتصالاً من الأخصائية الاجتماعية في برنامج "تكافل وكرامة" الحكومي، تأمرها بالتصويت يوم الأحد، و"إلا سيتم حجب معاشها عن شهر ديسمبر/كانون الأول".

وسبق أن أفاد "ميدل إيست آي" بأن حملة السيسي أجبرت المستفيدين من "تكافل وكرامة"، وهو برنامج الحكومة المصرية الرئيسي لدعم الفقراء، على التوقيع على التماسات ترشيح السيسي قبل إعلان ترشحه رسميًا.

وعبرت عاملة النظافة عن حالة عدم الاكتراث بالانتخابات قائلة: "لا يوجد أمل في أي تغيير أو تحسن في وضع الناس في هذا البلد. وسيبقى الفقراء فقراء، ولن يسأل عنهم أحد".

اقرأ أيضاً

فايننشال تايمز: مصر تضيق على منافسي السيسي بالانتخابات وتخنق المعارضة بالترهيب

المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر عبدالفتاح السيسي الانتخابات الرئاسية فريد زهران حازم عمر عبدالسند يمامة حزب مستقبل وطن من العمر

إقرأ أيضاً:

أزمة سياسية في ألمانيا.. شولتس يخسر تصويت الثقة وتحديد موعد الانتخابات المبكرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس تصويت الثقة التاريخي في البرلمان الألماني، مما يفتح الطريق لإجراء انتخابات وطنية مبكرة بعد انهيار حكومته، وفقًا لما أفادت به وكالة "رويترز".

وكان المستشار الألماني قد طلب إجراء التصويت بهدف خسارته عمدًا، ودعا البوندستاغ (مجلس النواب) إلى إعلان عدم ثقته به، لتكون هذه الخطوة الرسمية الأولى نحو إجراء انتخابات جديدة.

ووفقا لرويترز سيطلب شولتس الآن من الرئيس فرانك فالتر شتاينماير حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة، والتي يجب أن تُجرى في غضون 60 يومًا، مع تحديد موعدها في 23 فبراير.

وكان المستشار في حاجة إلى 367 صوتًا في تصويت سحب الثقة يوم الاثنين لتحقيق هدفه، وفي النهاية حصل على تأييد 394 نائبًا. حصل على 207 أصوات مؤيدة، فيما امتنع 116 عن التصويت.

وفي خطاب مؤثر أمام قاعة مليئة بالحضور، قال شولتس: "هدفي هو تقديم موعد الانتخابات الفيدرالية. يتعلق الأمر بالثقة في بلدنا وعدم تعريض مستقبلنا للخطر".

وأكد شولتس أن هدفه هو تعزيز الثقة في مستقبل البلاد، مضيفًا: "أفضل أيام ألمانيا تنتظرنا".

وكانت حكومة شولتس الائتلافية قد انهارت في نوفمبر بعد استقالة الحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال احتجاجًا على إقالة المستشار لوزير المالية كريستيان ليندنر بسبب خلافات عميقة حول إدارة الديون.

وأدى ذلك إلى تشكيل حكومة أقلية في ألمانيا تتألف من الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة شولتس وحزب الخضر، وذلك في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية عميقة وتوترات جيوسياسية.

ومن المقرر أن يظل شولتس في منصبه رئيسًا للحكومة حتى تشكيل إدارة جديدة.

وفي خطابه الذي استمر لمدة نصف ساعة في البرلمان، دافع شولتس عن قراره بالضغط لإجراء انتخابات مبكرة، مشيرًا إلى أن الانقسام داخل الحكومة أصبح غير مقبول. كما انتقد بشدة تصرفات الحزب الديمقراطي الحر وسط اتهامات له بالتخطيط لانهيار الحكومة، وقال: "أنا آسف بشدة لهذا الضرر".

مقالات مشابهة

  • انتخابات مُبكرة قبل الرئاسة
  • معزب: نرحب بتعديل قوانين 6+6 لضمان انتخابات مقبولة للجميع
  • المفوضية الأوروبية تحقق مع تيك توك بسبب انتخابات رومانيا: هل يقتصر الأمر على غرامة؟
  • عقيل لـ “المشري”: أي انتخابات تؤيدها أيها المهووس بالسلطة حد الجنون
  • المشري يعلن تأييده لإعلان خوري: الانتخابات هي السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات الليبيين
  • أزمة سياسية في ألمانيا.. شولتس يخسر تصويت الثقة وتحديد موعد الانتخابات المبكرة
  • الأمم المتحدة تقترح خطة لاستقرار ليبيا وإجراء انتخابات  
  • لقاء القلق في الرئاسة المصرية!
  • مشيرب: يجب ضم البلديات وتعيين محافظين دون انتخابات
  • نائب:اختلاف سياسي داخل الإطار على تعديل قانون الانتخابات