أعطى أحد المسلمين في أمريكا صديقه البحّار الأمريكي نسخة مترجمة من القرآن. وبعد أن فرغ البحّار من قراءة القرآن، ظَنّ أن مؤلف القرآن هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبحكم طبيعة عمله كبحّار يجوب البحار، استرعت انتباهه الآية (40) من سورة النور: "أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"، التي تتحدث عن أنواء البحار وعواصفها.
وحين التقى صديقه المسلم سأله: "?Is this Mohamed a sailor" (هل كان محمد هذا بحارا؟).. فأجابه المسلم بالنفي، بل أفاده بأنه لم يَرَ بحرا أصلا، وأنه ليس مؤلف القرآن، وأن هذا القرآن وحي من الله..
وكانت تلك إجابة صادمة مدهشة للبحّار؛ لأنه لا يعرف عواصف البحار المذكورة في الآية إلّا بحار؛ وما دام محمد ليس هو المؤلف، ولم يَرَ بحرا، فهذا يكفي دلالة على أن القرآن منزل من خالق الكون الذي يعرف كل شيء.. فأسلم الرجل.
وفي بحث أجريتُه قبل سنوات عن الأسباب التي تجعل مسيحيين كبارا في الكنيسة أو المجتمع في الغرب يسلمون، ونشرت خلاصاته في سلسلة مقالات بعنوان: "أقربهم مودة"؛ وجدتُ أن أهم سبب هو قراءتهم للقرآن.
والبحث دلّني على أسبابٍ أخرى.. إذ أحصيت ثمانية أسلموا فقط بتأثير الأذان.. وبعضهم أسلم بعد نطقه وفهمه للشهادتين: "أشهد ألّا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله".. وأسلم البعض تأثرا بِحُسْنِ معاملة مسلمين لهم.. وهكذا من أسباب.
لكن ظلت قراءة القرآن (حتى الترجمة) هي السبب الأبرز، وكانت آية واحدة أو بضع آيات كافية لتكون سببا في إسلام بعض نصارى الغرب.
كان كات استيفن (يوسف إسلام فيما بعد) الموسيقار البريطاني الشهير، قد أصبح لا دينيا.. وذات يوم أهداه أخوه القادم لتوه من زيارة القدس نسخة مترجمة للقرآن.. ولما قرأ سورة الإخلاص "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد"، قال على الفور: هذه تطابق قناعتي تماما، هذا هو الدين الذي أريده، وأعلن إسلامه.
في عام 1995 كنت دبلوماسيا في سفارة السودان بواشنطن؛ وتحدثت في كنيسة في مدينة كولومبوس في ولاية أوهايو عن السودان.. ثم دعاني القسيس لوجبة في أحد المطاعم.. وجاورني في المطعم رجل عجوز، كان أحد قدامى المحاربين (Veteran) وكان يقاتل في فيتنام. وأثناء أُنْسِنا، حدثني بأنه يعاني من حالة نفسية، قال إن سببها هو ما ارتكبه من فظائع في فيتنام؛ وإن أشباح الذين قتلهم تطارده!!!
قلت له: إن علاجه في "إنجيل المسلمين" (Muslim Bible)، كما يسمي عامة الأمريكان القرآن. وتلوت عليه سورة الإخلاص (قل هو الله أحد) وترجمتها له.
ولدهشتي انهمرت دموع الرجل، وقال لي في تأثر: هذا كلام حلو، لم يقله لي أحد من قبل.
قلت له: إن هذا ليس كلامي، بل هو كلام الله، كما أنزله في القرآن.
سُرّ الرجل منّي جدا. ثم سألني: ما هو أكثر شيء تحبه؟
فقلت له بعفوية: أُحب تاباسكو (Tabasco) هذه؛ مشيرا لقارورة شطة سائلة مشهورة في المطاعم الأمريكية؟ وظننت أن الحوار انتهى هنا. ولكني فوجئت بالرجل يأتيني بكرتونة مليئة بقوارير تاباسكو!!! قائلا: هذه هي هديتي لك بمناسبة الكلام الحلو الذي قلته لي!!!
وقد وجدت أن الآية "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (النور: 35)؛ هي من بين الآيات التي تسببت في إسلام البعض.
وقد أسلم أستاذ الرياضيات جيفري لانغ (Jeffrey Lang) الذي كان ألْحَد، بعد أن قرأ ترجمة للقرآن. وقال إن الذي أدهشه أنه حين أخذ يقرأ القرآن كان كلما تَعَمّق في قراءته يجد فيه إجابة لتساؤلاته؛ وأنه وجده منطقيا.. وقال: إن المنطق مهم له كأستاذ للرياضيات يهمه أن تكون الأشياء بمنطق: واحد زائد واحد تساوي اثنين.
وقال أيضا إنه اكتشف أن القرآن يسبر أغوار النفس الإنسانية، فهو يقرأ القارئ وليس العكس (This book is reading the reader).
قال بروفسر لانغ إنه قرأ كتب أديان عديدة، ولكنها لم تقنعه فألْحَدَ.. ولكنه حين أخذ يقرأ القرآن وجد فيه شيئا عجيبا مختلفا عن كل كتب الأديان (سماوية أو غير سماوية) وهو أنه يتميّز بوجود ما يسمى علميا "اختبار الخطأ"(Falsification Test)، الذي يتم عبره تقييم صحة النظريات العلمية.
وقد جد ذلك في الآية: "فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ" (الطور: 34)، والآية: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (هود: 13)، والآية: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافا كَثِيرا" (النساء: 82) التي تتحدى أي قارئ للقرآن أن يجد فيه تناقضا.
يلاحظ أن كل الذين يعلنون إسلامهم من الغربيين يبلغ بهم التأثر لحظة النطق بالشهادة أنهم يبكون فرحا، وهناك إجماع لدى كل الذين أسلموا بصدق أنه غمرهم إحساس بالراحة النفسية والطمأنينة والسكينة ما شعروا بها قَطُّ من قبل إسلامهم. وتجد كلمات: "PEACE" و"Tranquility Safety" هي الدارجة على ألسنتهم.
وبعد حرب غزة هذي؛ يخرج الفلسطينيون من تحت الأنقاض ليجدوا أنهم فقدوا أحباءهم، لكنهم يقولون بكل طمأنينة ورضى: "الحمد لله"!!! وقد أدهشت هذه الظاهرة كثيرا من شباب الغرب.. وفي بحثهم لأسبابها، وجدوها في القرآن.. فأسلموا ألوفا.
قال عبد الله بن منصور، رئيس المنظمات الإسلامية في أوروبا (وفقا لأحمد منصور؛ مذيع الجزيرة المشهور): إن عشرين ألفا أسلموا في فرنسا وحدها في هذين الشهرين، بعد أن قرأوا القرآن كرد فعل لما شاهدوه من فعل أهل غزة الذين فقدوا كل شيء، ونفس هذا حدث بعد 11 أيلول/ سبتمبر.
وصدق الله تعالى القائل: "وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْما غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القرآن الغرب الاسلام الغرب القرآن الإيمان غز ة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
«البحوث الإسلامية» يواصل فعاليات أسبوع الدعوة بسوهاج حول: «دور المرأة في العمران»
واصلت اللجنة العليا للدعوة بـ مجمع البحوث الإسلامية تنفيذ فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية الثالث، والذي تنظمه برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب - شيخ الأزهر، وإشراف فضيلة وكيل الأزهر أ.د. محمد الضويني، وأ.د. محمد الجندي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، وذلك في إطار المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» تحت عنوان «الدين والعمران معطيات ودلالات».
قال الدكتور حسن يحي الأمين العام للجنة العليا للدعوة والإعلام الديني، إن دور المرأة في تحقيق العمران موضوع من الأهمية بمكان، فالمرأة المسلمة دائما ما تتعرض لسهام التشويه والتشويش لإفساد دورها، كونها المرأة المسلمة التي أعدت أبطالا وأجيالا كل في مجاله، وهي المرأة التي أراد الغرب وضعها في دائرة ضيقة تعاني فيها ظلما وضعفا، كما دأب الغرب على طمس دورها الذي أقره لها الإسلام وإسهاماتها في العمران وبناء المجتمع بناء سليما لا ثغرة فيه ولا خلل.
وأكد خلال كلمته في فعاليات اليوم الثالث من أسبوع الدعوة الإسلامية الذي جاء بعنوان "دور المرأة في العمران"، بتنظيم من اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن المرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، متسائلا هل يُحَقق أي عمران بمعزل عن المرأة؟، الإجابة لا، بل للمرأة عظيم الأثر وجُل المشاركة الفاعلة لكل إنجاز وإعمار، لذلك شغلوها بالحريات الزائفة، كأن تأخذ أجرا مقابل واجباتها، فأنزلوها منزلة الأجيرة، وجعلوا منها سلعة رخيصة، وغنيمة أينما كانت يظفر بها اللئام.
وأوضح الدكتور أبو زيد محمد شومان، أستاذ البلاغة والأدب بكلية الدراسات الإسلامية بنات بسوهاج، أن دور المرأة في العمران جديد وقديم، والمتأمل في كتاب الله وسنته نبيه وأقوال الفقهاء والعلماء؛ يجد أن القرآن الكريم لم يفرق في الخطاب بين رجل وامرأة في كثير من النصوص، خاصة في قضايا الإعمار والتنشئة، قال الله -تعالى- "هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" و علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن النساء شقائق الرجال.
ولفت أستاذ البلاغة أن سهام العلمانية والإلحاد والتغريب صُوبت نحو المرأة المسلمة بزعم نجدتها من الجهل ورد حقوقها المسلوبة، لكن المتجول بين النصوص يجد أن المرأة ملكة متوجة في بيتها ومجتمعها، ينظر إليها زوجها نظرة احترام ومحبة و وينظر إليها أولادها نظرة إجلال وتوقير، مؤكدا أن المرأة عماد البيت وعقل الأسرة، ولم ينظر الإسلام للمرأة يوما على أنها كم مهمل لا قيمة له، وفي المقابل نجد الغرب يريد من حرية المرأة أن تكون حرة في ممارسة الشذوذ والمثلية، أما فيما يحافظ على كرامتها ومكانتها فهم مجتمعات أشد فتكا بها وسلبا لحقوقها.
وأضاف الدكتور محمد عمر أبو ضيف عميد كلية الدراسات الإسلامية السابق، أننا لو استعرضنا الحضارات القديمة لوجدنا المرأة كلأ مباحا ومستباحا، وأنها بالنسبة للرجل كالعبد للسيد، حتى في بعض الحضارات الحديثة لم تحظ المرأة المكانة الراقية التي تليق بها، وما يُصَدّر إلينا عن المرأة في مجتمعاتنا بأنها مظلومة؛ فرية أطلقها الغرب ورددها حتى ألفناها ورددنا خلفهم دون وعي، ونسينا أن كلامهم محض أكاذيب، لافتا أنه في حال حدوث خلل في تطبيق ما أمر به الشرع في الحفاظ على حقوق المرأة، فهذا يرجع إلى من طبق أمر الشرع، والشرع من ذلك براء.
وعن من يطالب بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة، أكد "أبو ضيف" أن في المساواة التامة ظلم كبير للمرأة، حيث أن للمرأة أشياء تصلح لها وبها، وهناك من الحقوق ما ميزها الشرع فيها عن الرجل، كما بادرت المرأة في كل زمان ومكان في عمران الأرض والعلم والجهاد، فهذه الأميرة فاطمة إسماعيل أنها أعلنت تحملها كافة نفقات حفل وضع حجر الأساس، والذى كان سيحمل الجامعة نفقات كبيرة، وهذه الأميرة زبيدة بنت جعفر المنصور زوجة الخليفة هارون الرشيد وهي المعروفة بالحكمة وحبها لخدمة الناس خصوصا الفقراء، أمرت بإنشاء برك المياه والآبار على طول طريق الحج من بغداد إلى مكة المكرمة وجعلته للنفع العام، ومن النساء من أسهم في العمران العسكري، ومنهن من جاهد في سبيل الله.
وفي نهاية الندوة تم فتح باب النقاش والتساؤلات بين علماء الأزهر الأجلاء وطلاب الجامعة، دارت حول العديد من الأمور الدينية والدنيوية التي تشغل بال الشباب في الآونة الأخيرة، وتُختم غدا سلسلة ندوات أسبوع الدعوة الإسلامية بندوة عن "الشباب بين عمران النفس وعمران الكون.. توجيهات إسلامية" والتي يحاضر فيها كل من، الدكتور محمود الهواري الأمين العام لشؤون الدعوة والإعلام الديني والدكتور أحمد همام مدير عام الإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية.
تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الثالث، التي تستمر على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة ومساجد سوهاج، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثُل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.