أتلانتيك: لا حل للقضية الفلسطينية مع بقاء نتاياهو
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
لفت رئيس الأكاديمية الأمريكية في برلين دانيال بنجامين، وأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة واشنطن ستيفن سايمون، إلى أن رحيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن منصبه بات المعبر الوحيد لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
للولايات المتحدة الكثير لتقدمه للإسرائيليين إذا كانوا على استعداد لتحمل المخاطر من أجل السلام.
وكتبا في مجلة "ذا أتلانتيك" أنه عندما تتعرض دولة إلى هجوم مفاجئ، تتمثل التكاليف الأكثر وضوحاً في الخسائر الفادحة في الأرواح والأضرار المباشرة التي تلحق بالأمن القومي.
لكن الضحية الأخرى يمكن أن تكون الافتراضات الاستراتيجية الأساسية للدولة عن العالم الذي تعيش فيه.
حدث هذا للولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول)، عندما تحول الإرهاب من مصدر إزعاج من الدرجة الثالثة، إلى التحدي الأمني الأبرز الذي واجهته البلاد وبرز عدو جديد غير معروف كثيراً باعتباره عدوها الرئيسي.
Netanyahu Should Quit. The U.S. Can Help With That. - The Atlantic https://t.co/czcz6Pcqq3
— Kierkegaarden Cop (@joshsteich) December 7, 2023وفي إسرائيل، كان لهجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) تأثير مدمر مماثل، حيث قتلت الإحساس بأن أراضيها آمنة إلى حد معقول من هجوم فلسطيني واسع النطاق وأن غياب تسوية سياسية مع الفلسطينيين، أمر يمكن التحكم فيه في المستقبل غير المحدد، أي دون حل يشمل دولتين أو دولة واحدة ذات قوميتين.
وفقدت فكرة أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قادر على توفير الأمن بالتوازي مع تأجيل المشكلة الفلسطينية إلى وقت مجهول كل مصداقيتها.
الفرصة الأولى منذ عقود
يقدم زلزال 7 أكتوبر (تشرين الأول) الفرصة الأولى منذ توسط الولايات المتحدة في السلام المصري الإسرائيلي في 1979 لإعادة تشكيل المشهد السياسي. كان 7 أكتوبر(تشرين الأول) هو اليوم الذي بُعث فيه حل الدولتين من جديد في مقبرة سياسات الشرق الأوسط، على الأقل في الوقت الحالي.
ويمكن لقادة الولايات المتحدة الآن أن يستخدموا الشعار القديم القائل إن "الوضع غير قابل للاستدامة" دون أن يعبّر الإسرائيليون عن استخفافهم، وأن يتمنوا رحيل الأمريكيين. كما يقول المثل الدبلوماسي القديم، لا يجب إهدر أي أزمة خطيرة.
لكن لمساعدة الإسرائيليين على رؤية طريقهم نحو إنشاء دولة فلسطينية، على نتانياهو أن يرحل. وعلى إدارة بايدن أن تقدم للإسرائيليين طريقة معقولة للمضي قدماً بمجرد رحيله.
وأسباب ذلك بسيطة وفق الكاتبين، إذ "يجسد نتانياهو فكرة أن إسرائيل قادرة على إدارة المشكلة الفلسطينية دون تنازلات جدية لتطلعاتهم الوطنية. إنها عقيدة مركزية في نظرته إلى العالم. لقد دفعه ذلك إلى الحفاظ على غزة، باعتبارها جيباً لحماس من أجل إثبات أنه لا يمكن الثقة في الفلسطينيين، وإلى تقويض مصداقية المعتدلين الفلسطينيين، وبالتالي تبرير ادعاء أن إسرائيل ليس لديها شريك للسلام".
كان يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) بمثابة برهان دموي على زيف وهْم نتانياهو المغري، وهو يتحمل المسؤولية الكبرى عن سوء الحكم القاتل على حماس، إذ كان على يقين أن المجموعة المسلحة تريد أن تحكم غزة بدل استخدامها قاعدة انطلاق لشن هجمات ضد إسرائيل.
وإذا ظل نتانياهو في منصبه لفترة أطول فسيكون البديل لحل الدولتين مضاعفة الجهود لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، ما من شأنه أن يستلزم إفقار الفلسطينيين وطردهم في نهاية المطاف من غزة، ومن الضفة الغربية، وهو الهدف الذي ينتهجه بعض المستوطنين هناك بالفعل، بالعنف ومصادرة الأراضي الفلسطينية.
وتشير تصريحات العديد من وزراء نتانياهو عن الحملة العسكرية الحالية التي ستكون نكبة ثانية، إلى مستقبل أكثر قتامة للفلسطينيين والإسرائيليين، مستقبل سيظل فيه رد فعل إسرائيل في الذاكرة طيلة الأعوام الخمسين المقبلة، كما قال وزير الدفاع يوآف غالانت. وقد يستلزم ذلك طرد سكان غزة وتشتيتهم في شبه جزيرة سيناء، كما أشارت وثيقة رسمية لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية.
الاستثناء
في القاعدة العامة، لا يغير الناخبون قادتهم في منتصف الحرب. لكن في هذه الحالة، الأفضل للإسرائيليين أن يقدموا استثناء وفق نصيحة الكاتبين. مع انخفاض معدلات التأييد إلى أدنى مستوياتها تاريخياً، أصبح نتانياهو الآن، من الناحية السياسية، رجلاً ميتاً يمشي على قدميه، حتى أن الكثير من أعضاء حزبه يشككون في مستقبله. ومع ذلك، يمكن لفنان الهروب العظيم في السياسة الإسرائيلية أن يثير الكراهية للفلسطينيين، وأن يقود ائتلافاً يمينياً متطرفاً خلال سنوات إضافية في منصبه.
من غير الضروري أن يحدث هذا. يمكن لعضوي حكومة الحرب اللذين أشركا لتشكيل جبهة وطنية ضد حماس، أي القائدين العسكريين السابقين بيني غانتس، الذي شغل أيضاً منصب وزير الدفاع، وغادي آيزنكوت، إنهاء عهد نتانياهو. ويمكنهما تحقيق ذلك إما بالمطالبة باستقالته، أو بالانسحاب من الحكومة .
في الوقت الحالي، لا يظهران ميلاً يذكر لتحمل مخاطر سياسية بإسقاط الحكومة في زمن الحرب. ولهذا السبب، على إدارة بايدن أن تعطي غانتس والوسطيين في إسرائيل سبباً لذلك. وعلى وجه التحديد، على الولايات المتحدة أن تطرح اقتراحها لعملية السلام في مرحلة ما بعد غزة، والتي ستؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية، وعلى واشنطن أن تطلب من إسرائيل توقيعها.
نتانياهو يستغل أمريكا
لا يرجح أن يقبل نتانياهو الذي اعتاد على التمرد ضد الرؤساء الديموقراطيين الأمريكيين، ذلك. لكن يمكن للولايات المتحدة القول إنها لا تستطيع أن تدعم إلى أجل غير مسمى حملة الأرض المحروقة التي تنتهجها الحكومة الحالية، خاصة أن لهذا الموقف تكاليف حقيقية في الخارج وفي الداخل لجو بايدن. وليس هناك ما يضمن أن يستجيب غانتس وحلفاؤه للمطالبة، ولم يعبّر غانتس نفسه بشكل كامل عن رؤية للسلام مع الفلسطينيين. ولكن الآن هو الوقت المناسب لاختباره.
Netanyahu Should Quit. The U.S. Can Help With That. https://t.co/Jl8UIUKHRc
— Star Lord (@PERJURYITIS) December 7, 2023وحسب الكاتبين، أدار الرئيس بايدن الوضع بذكاء حتى الآن، عبر بناء رأس مال سياسي كبير في إسرائيل بالوقوف إلى جانبها في لحظة الأزمة التي تمر بها. وأشار بنجامين وسايمون إلى أن الكثير مما يقترحانه يتوافق مع ما يقوله بايدن، وفريقه حتى الآن، وتحسن وقع نصيحتهم لإسرائيل بالالتزام بتقديم نحو 14 مليار دولار من المساعدات.
لكن رسالة إدارة بايدن من الكواليس إلى الإسرائيليين لم تعلن إلا الآن.وحتى اللحظة، شعر نتانياهو بأنه يمكنه إما التعسف بتحفظ على واشنطن بالاستهزاء بالمقترحات الأمريكية أو المراوغة بتعديل تصريحاته الأكثر شناعة عن مستقبل غزة دون تغيير اتجاهه بشكل أساسي.
كارثة أكبر
للولايات المتحدة الكثير لتقدمه للإسرائيليين إذا كانوا على استعداد لتحمل المخاطر من أجل السلام. لقد عزز يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) المخاوف الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة، ومن المرجح أن تتطلب معالجة الولايات المتحدة لهذه المخاوف عرض ضمانات أمنية رسمية، وهو أمر لم يطلبه الإسرائيليون من قبل ويمكن أن يعرّض الولايات المتحدة للخطر، فضلاً عن استمرار دعم العمليات العسكرية. وقد تنجح إسرائيل أيضاً في التطبيع المأمول مع السعودية.
ومع ذلك ثمة الكثير من المخاطر المحدقة، سلطة فلسطينية ضعيفة ومعطلة ومفسدون إرهابيون وتدخل إيراني.
وينبه الكاتبان في الختام إلى أنه لتجنب دوامة تنازلات بعد الصراع، تعرّض الولايات المتحدة وإسرائيل للخطر، على إدارة بايدن التحرك الآن، قبل أن يملأ نتانياهو وشركاؤه اليمينيون المتطرفون الفراغ الذي خلّفته أوهام حقبة ما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) بشيء أكثر كارثية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة للولایات المتحدة تشرین الأول إدارة بایدن على إدارة
إقرأ أيضاً:
بايدن وماكرون يعلنان وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل
يستعد الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً لإخلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية على أساس القرار 1701، وفق ما نقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر واسعة الاطلاع .
اضافت: يأتي هذا التطور المهم بعدما ظهرت في واشنطن مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، «اليونيفيل» وقوات معززة من الجيش اللبناني في المنطقة، «بعد تذليل العقبة الأخيرة» التي وضعها الجانب الإسرائيلي لجهة مشاركة فرنسا مع الولايات المتحدة و3 دول أخرى في «آلية مراقبة» جديدة تشرف على التحقق من تنفيذ الاتفاق الذي «يحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».
ونقلت «الشرق الأوسط» من مصدر وثيق الصلة بالمفاوضات أن العمل جارٍ لإصدار بيان مشترك بين الرئيسين بايدن وماكرون، صباح الثلاثاء، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ما لم يطرأ أي شيء يتسبب بتأخير البيان الذي سيتضمن إعلان وقف النار، وإنشاء «آلية المراقبة»، موضحاً أن «النقطة الأخيرة التي كانت عالقة تتصل باعتراض إسرائيل على مشاركة فرنسا في آلية المراقبة، والتحقق بسبب موقف ماكرون من مذكرتي التوقيف اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق كل من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت».
وكان الرئيسان بايدن وماكرون تحادثا، الجمعة، لمحاولة حل المشكلة. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أن «بايدن أبلغ ماكرون أن نتنياهو على حق في غضبه، وأنه لا يمكن التوسط للتوصل إلى اتفاق مع تعهده أيضاً باعتقال رئيس دولة أحد الطرفين». وأضاف أن ماكرون قال لبايدن إنه «يريد المساعدة لكن وزارة خارجيته توضح فقط التزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية».
ولم يتضح على الفور ما إذا كان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «أعطى موافقته» على الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها إدارة بايدن في شأن التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين لبنان وإسرائيل.
يتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 آذار 1948، على أن «تجري عملية إجلاء مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات «اليونيفيل» طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وكذلك يكفل الاتفاق «عودة السكان الإسرائيليين واللبنانيين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم خلال فترة الهدنة».
وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».
وربط مطلعون التقدم المحرز بسير العمليات العسكرية على الأرض، لكن أحدهم استخدم المثل اللبناني الشائع: «لا تقول فول حتى يصير في المكيول» على رغم «تفاؤله الحذر» بإمكان إعلان الاتفاق «خلال الساعات القليلة المقبلة»، مستشهداً بـ«الإخفاقات الثلاثة للهدنة في حرب غزة رغم إعلانها على أرفع المستويات في واشنطن، ورغم موافقات نتنياهو».
نُقل عن مصدر أن «هوكستين أبلغ السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ، السبت الماضي، أنه إذا لم تستجب إسرائيل بشكل إيجابي في الأيام المقبلة لاقتراح وقف النار، فسينسحب من جهود الوساطة». وأكد أن «الولايات المتحدة وافقت على إعطاء إسرائيل رسالة ضمانات تتضمن دعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، والعمل على تعطيل أمور مثل إعادة الوجود العسكري لـ(حزب الله) قرب الحدود، أو تهريب الأسلحة الثقيلة»، على أن «تتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء بعد التشاور مع الولايات المتحدة، وإذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد».