تعرف على فلسفة الإسلام تجاه حقوق الإنسان
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
يسأل الكثير من الناس عن فلسفة الإسلام تجاه حقوق الإنسان اجابت دار الافتاء المصرية وقالت مسألة حقوق الإنسان أصبحت اليوم من الموضوعات التي تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي وتتعدد فيها وجهات النظر، وتتباين المواقف مما يشوش الأذهان، ويفسح المجال للمزايدات والمغالطات، كما أن مسألة حقوق الإنسان قد صارت اليوم عند بعض الأطراف ولدى بعض الجهات مدخلًا إلى تشويه صورة العالم الإسلامي، وإلى الإضرار بسمعة المسلمين، بل وإلى النيل من الإسلام والطعن في شريعته، ويكفي أن نراجع الأدبيات المعاصرة التي تتحدث عن حقوق الإنسان وتاريخها ومتى بدأت نجد ما يشبه الإجماع أنها بدأت بالمجنا كارتا عام 1215م الصادرة على إثر ثورة الشعب ضد طغيان الملك في إنجلترا، وعريضة الحق لعام 1628م، وإعلان الحقوق الصادر عام 1689م في إنجلترا كذلك، ثم إعلان الاستقلال في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776م، ثم إعلان حقوق الإنسان والمواطن على إثر الثورة الفرنسية عام 1789م، وهكذا وصولًا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م.
وكأن الحفاظ على الإنسان والاعتراف به وبكرامته لم تولد ولم تَرَ النور إلا في الغرب والغرب وحده دون الاعتراف لأية أمة أو حضارة بفضل في هذا الجانب خاصة الأمة الإسلامية، وهذا غير صحيح. انظر: "الإسلام وحقوق الإنسان" د/ محمد عمارة (ص: 4، ضمن سلسلة "عالم المعرفة" رقم: 89)؛ حيث إن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي قدمت مفهومًا متكاملًا لحقوق الإنسان، ويكفي أن نتفحص نظرة الإسلام للإنسان والتي تمثل مكونًا أساسيًّا لعقل المسلم وهي نظرة منبثقة أساسًا من نظرة المسلم للكون فهو يرى الكون يسبح لله ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: 44]، ويرى الكون كله ساجدًا لله ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ [الرحمن: 6]؛ لذا يرى المؤمن الإنسان سيدًا في هذا الكون وليس سيدًا لهذا الكون، فسيد الكون هو الله كما في الحديث: «فَإِنَّمَا السَّيِّدُ هُوَ اللهُ» رواه النسائي في "السنن الكبرى"، والبيهقي في "دلائل النبوة"؛ لأن الله خلق الكون وأنشأه ورزقه وأحياه وأماته فهو سيده، وكون الإنسان سيدًا في هذا الكون يجعله فريدًا، ومتعه بالعقل والعلم وحمل الأمانة، وتتلخص المسألة في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، وخلقه في أحسن تقويم: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، ونفخ فيه من روحه: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [ص: 72]، وأمر الملائكة بالسجود له: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ [البقرة: 34]. يقول الإمام ابن كثير في "تفسيره" (1/ 80): [وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم، وامتن بها على ذريته] اهـ.
وجعله خليفة له: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]، ووهبه العلم: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31]، ووهبه الأمانة: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ [الأحزاب: 72].
ليس هذا فحسب، بل سخر له ما في السماوات والأرض: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [لقمان: 20]، ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [إبراهيم: 33].
فنظرية التسخير هذه كونت عقل المسلم بأنه سيد في هذا الكون وأنه عبد لله فيه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، كما أن المسلم لا ينظر للإنسان على أنه جزء من الكون فكونه مكرمًا جعله فريدًا وحيدًا سيدًا على قمة الهرم الخلقي من كائنات حية ونبات وجماد، وهذا جعل الإنسان لا تصلح معه المناهج الإحصائية والتطبيقية التي تتعامل معه كمادة فقط، والإنسان لا يصلح معه مثل هذا المنهج، فهو ليس قطعة خشب ولا مجرد قطعة لحم؛ لأنه مكون من عقل ووجدان وروح ونفس...، إلخ.
هذه التقدمة تمثل فلسفة الإسلام تجاه الإنسان ونظرة المسلم إلى الإنسان كإنسان، وهي تؤثر قطعًا على ما تدعو إليه كثير من الأمم إلى ما يسمى بحقوق الإنسان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حقوق الإنسان هذا الکون ا الکون فی هذا
إقرأ أيضاً:
الأزهر للفتوى: 4 أعمال بسيطة تبني لك بيتًا في الجنة
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الإسلام يحث على السعي للأعمال الصالحة التي تقرب العبد من الله وتجعله أهلًا لجنته، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ ذكر في أحاديثه النبوية مجموعة من الأعمال التي وعد الله فاعلها ببيتٍ في الجنة.
1. بناء المساجد
قال رسول الله ﷺ: «من بنَى مسجدًا للهِ كمَفحَصِ قَطاةٍ أو أصغرَ؛ بنَى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ» [سنن ابن ماجه].
ويوضح الحديث فضل من يشارك في بناء المساجد، حتى وإن كان البناء بسيطًا وصغيرًا كعش الطائر، فإن الله يكافئه ببيت في الجنة.
2. السعي للصلاة في المسجد
أداء الصلاة في المسجد له أجر عظيم، إذ قال النبي ﷺ: «من غدا إلى المسجدِ أو راح، أعدَّ اللهُ له نُزُلًا من الجنَّةِ كلما غدا أو راح» [متفق عليه].
ويؤكد الحديث أن الخطوات التي يخطوها المسلم إلى المسجد، سواء في الصباح أو المساء، تعد سببًا لبناء نُزُل في الجنة.
3. الالتزام بالسنن الرواتب
عن رسول الله ﷺ: «من صَلَّى في يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً تَطَوُّعًا، بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ» [صحيح مسلم].
وتشير الرواية إلى فضل المحافظة على السنن الرواتب (12 ركعة) التي تصلى قبل وبعد الصلوات المفروضة.
4. قراءة سورة الإخلاص
قال النبي ﷺ: «مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ» [مسند أحمد].
ولفت المركز إلى أن قراءة سورة الإخلاص عشر مرات يوميًا تكسب المسلم هذا الأجر العظيم.
حث مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية المسلمين على اغتنام هذه الأعمال البسيطة التي لا تتطلب جهدًا كبيرًا، لكنها تحمل أجرًا عظيمًا، داعيًا الجميع إلى الالتزام بتعاليم الإسلام والسعي لنيل رضا الله وجنته.