عربي 21

رأى المؤرخ اليهودي، إيلان بابي، أن الأحداث الحالية في غزة هي "بداية النهاية" للاحتلال الإسرائيلي الذي وصفه بأنه "مشروع استعماري".

وقال البرفسور في جامعة إكسترا، عبر تصريحات متلفزة، "أعتقد ان "إسرائيل" ليست دولة، بل مشروع استعماري استيطاني، وأعتقد أننا نشهد بداية النهاية لهذا المشروع، لأنه يتركز على 3 ركائز".



 وأضاف أن الركيزة الأولى هي المادة وأن الاحتلال "يبلي بلاء حسنا من هذه الناحية بسبب دعم الولايات المتحدة وهذا الوضع يمكن أن يتغير".
بينما الركيزة الثانية فهي "التماسك الاجتماعي للمجتمع الاستيطاني ونن نعلم أن هذا التماسك لم يعد موجودا"، مضيفا أن "هناك بعض الوهم البصري بسبب عملية حماس في 7 أكتوبر التي خلقت إحساسا بالاتحاد لكنها لن تغطي على انقسام المجتمع الذي شهدناه قبل ذلك التاريخ".

وتابع بابي: "يبدو أن التماسك القائم على التماسك الاجتماعي والقائم على كراهية العرب أو الفلسطينيين وليس لديه أي شيء آخر مشترك، ليس مستداما للغاية".
ومضى يقول: "أما الركيزة الأهم فهي ركيزة الشرعية، حيث تتمتع "إسرائيل" بشرعية لدى الحكومات الغربية أو الحكومات في الشمال العالمي ومن الممكن أن يكون مستداما بسب دعم النخبة، لكنها فقدت دعم المجتمعات المدنية"، طبقا لحديثه.

ورجّح أن يكون الاحتلال هو "الدولة الوحيدة في العالم التي تضغط من أجل وجودها وليس من أجل سياساتها أو أدائها الاقتصادي للأفضل".

وأردف: بصفتي مؤرخ يمكنني القول إنه عندما تصل المشاريع الاستيطانية الاستعمارية إلى مرحلتها الأخيرة، والتي للأسف قد تكون لمدة طويلة نوعا ما، هم يصبحون أكثر وحشية وقسوة".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

الفكر النقدي.. نحت الكيان وإغناء الذات

د. عزالدّين عناية 

أخبار ذات صلة وثائقيات صُنعتْ في الإمارات «مدارس الحياة».. بيئة إبداعية تحفز على تبادل المعرفة

لا تربط الفكر النقدي بالكائن البشري حاجة عابرة، وإنما هو عنصر أصيل من عناصر التفكير السويّ لديه. فلا ينحصر دور هذا الفكر في التنديد بما قد يتهدّد الرصيد القِيَمي والجمالي من تآكلٍ، أو بما قد يعتري حياة البشر من زيف جرّاء تغوّل الأيديولوجيا والديماغوجيا، وإنما تأتي الحاجة إلى الحضور المستدام للفكر النقدي لأجل تعزيز رصيد الناس المعرفي، والتوقّي من مخاطر فقدان الكينونة، وهو ما قد يحدث جراء الإيقاع بالناس من حيث لا يعلمون. 
يتعزّز ذلك الحضور للنقد بغرض دفع الناس صوب المسلك القويم في تقييم الأشياء، وانتهاج سبيل الرشاد في تبنّي الخيارات الحرة. وبالتالي يبدو مفهوم الفكر النقدي، من هذا الجانب، مغرياً، وأداة فعالة بحوزة المرء لفرز الغثّ من السمين حين تختلط الثنايا، وتختلّ المقاييس. كون العملية النقدية تقف على نقيض الخيارات السلبية، وتؤسس لوجود متحرّر من شتى أوجه الاغتراب. لذا تلوح الفعلة النقدية، بصرف النظر عن دوافعها ونتائجها، مغامَرةً واعية وليست مقامَرة يائسة، تهدف لاستعادة الأصالة، وتأسيس الوجود الحق، والقطع مع السلبية. 
أسئلة جوهرية
ومع هذه الحمولة الإيجابية التي ينطوي عليها الفكر النقدي، يظلّ في كثير من الأحيان مبهَماً، تغشاه ضبابية يعوزها التفصيل والتوضيح، وتفتقر إلى البيان والتبيين. ولو شئنا شرح تجليات الفكر النقدي في المعيش اليومي، وتقفّي آثاره المباشرة، لقلنا هو القدرة التي تتيح للمرء العيش في العالم وليس خارجه، والمشي معاً على قدميه وليس مكبّاً على وجهه. إذ يشكّل الفعل النقدي المتأتي من الوعي النقدي نحتاً للكيان، وإغناءً للذات قبل أن يكون تتبُّعاً لعورات الآخرين وترصُّداً لسقطاتهم أو تشهيرا بزلّاتهم. وبالتالي الفكر النقدي هو إدراكٌ واعٍ قائم على التحليل والتقييم لأيّ طرْح وأيّ عرْض، بغرض تبيّن حظوظ التلاؤم مع الواقعية. والأمر في هذا الجانب، يتعلق بآلة قياس تَقِي ضدّ الخديعة وسوء الفهم لذواتنا ولنظرائنا في العالم. 
لكن ثمة أسئلة جوهرية على صلة بالموضوع على غرار علامَ يقوم الفكر النقدي؟ وما هي مقوّماته؟ وهل هو آلة متعددة الأوجه تناسب كل الوقائع والحالات بما يعني القدرة التي بوسعها التعامل والتكيف مع كل الظروف والأحوال؟ 
بادئ ذي بدء، نشير إلى أنّ اكتساب هذه المَلَكة يتضافر مع جملة من القدرات ينبغي بلوغها، على غرار التجرد في الحكم والنباهة. ومن ثَمَّ فإنّ الفكر النقدي هو أهلية يجري تطويرها على مراحل، وليس معطى مورَّثاً أو مكتَسباً في الحين، كما أنه ليس معتقداً أو خياراً يتبنّاه المرء ويركن إليه من دون مراجَعة أو إعادة نظر، كما قد يتصوّر بعضهم خطأ، وإنما هو سياق معرفي تصنعه عوامل تاريخية متداخلة وأوضاع اجتماعية حاضنة. 
كان الفكر النقدي في مفهومه القديم مجرّد مجافاة للسائد المجتمعي والاعتقاد الجمعي، من قِبل أفراد أَبَوا الانخراط في الحشد ومجاراة المألوف. تلك العملية النقدية لم تغب في تاريخنا القديم عنّا، وقد ورد صداها عبر جملة من المواقف في التراث العربي القديم. ولكن تلك العملية النقدية ما كانت تتمّ في تصوّر الجاهليّ ضمن إطار نسقيٍّ جدليٍّ، وإنّما في ظلّ نفور عفويّ لا وعي معرفيّ. ولم يتطوّر الأمرُ إلى صياغة رؤى وجوديّةٍ سياقية قائمة على أسس مغايِرةٍ. 
وبالتالي ما بلغنا من لوامع الوعي النقدي من الحقبة الجاهلية، قد دار حول رفض بعض الطقوس انطلاقاً من تخمينات ذاتيّة، ولم يتحوّل الأمر إلى تقليد رؤيويّ يطبع التصورات الجماعية. ومن ثَمَّ فالوعي النقدي ما كان مطلباً جماعياً، لِما يطبع حياة الحشد من ركون للسائد. ولو نظرنا إلى مستهلّ الحقبة الحديثة نرى أن الإنسانوية قد مثّلت فكراً ناقداً للسائد الكَنَسي، ولكن الإنسانوية التي أزهرت مع توماس مور، وإرازموس دي روتردام، وخوان لويس فيفاس، وجون كوليت لم تعمّر طويلاً لترثها رؤى أكثر نضجاً. 
صوابية الفعل
وفي تاريخنا الحديث نعرف أن كانط في ثلاثيته، «نقد العقل الخالص» و«نقد العقل العملي» و«نقد ملكة الحكم»، قد أدرج النقد شرطاً ضمن سياق صوابية الفعل، بوصف النقد أحد دعامات فلسفة التنوير، غير أنّ النقد مع تطور القراءة الماركسية للرأسمالية، ونقد البنى الاجتماعية، والقوى المتحكمة بالأوضاع الاجتماعية، اتخذ طابعاً أيديولوجياً، وهو ما تطور لاحقاً بشكل موسع مع جورج لوكاش وأنطونيو غرامشي. فالفكر النقدي قد تتهدّده من داخله أعراض الانحراف التي تظهر في التأدلج والتحزب والتمذهب. مع هذا، فالخطّ النقدي، بصرف النظر عن حمولته الأيديولوجية أحيانا، يظلّ مسعى للكشف عن فحوى ما هو سائد وبيان ما يعتريه من نقص. وبشكل عام، وضمن فهمٍ سياقي للفكر النقدي، فهو عملية ذهنية تطورية تجري داخل صيرورة تاريخية وليس معطى ثابتاً. 
وفي عصرنا الحالي المشبع بالتفرّع، تنوعت حقول النقد: النقد الأدبي، والنقد الفني، والنقد السينمائي وغيرها، وكأن هذه الحقول الرخوة بحاجة إلى صرامة لا يتكفّل بها سوى العقل الناقد، وذلك لفرز ما هو محض وخالص مما هو مزوَّر وشبيه ودخيل. ومن ضمن تلك الفروع النقدية نشير إلى النقد السياسي أيضاً. فإن يكن الهدف الرئيس للنقد السياسي التطلع إلى إيجاد مواطنين مسؤولين، وإشاعة ثقافة المسؤولية لا ثقافة الأداء، فإن العملية في جوهرها هي ممارسة مستقلة وراقية للقدرات العقلية. 
ولكن ينبغي أن نعي أن صعود تلك المراقي النقدية لا ينبع من فراغ، بل يتأتى عبر سياق بحث، كما يقول جون ديوي في كتاب «كيف نفكر». لسبب واضح، أنّ الفكر هو بحث وحفر، وإحاطة واستقصاء، أو باختصار هو تساؤل، والفكر النقدي يعلّمنا كيف نكون عقلاء في زمن تدحرجت فيه حشود إلى ما دون سنّ الرشد.

مقالات مشابهة

  • هل ينجح عراقجي في إحياء الاتفاق النووي قبل يوم النهاية؟
  • متى سيستفيق النظام الجزائري من غفلته؟
  • مؤرخ فرنسي شهير يكشف عن حقائق تاريخية حول مغربية الصحراء
  • الحرْب.. وسَيْطرة النٍّسيان
  • الإعلام الفرنسي يتنبأ بمستقبل «كارثي» لمبابي في «الريال»
  • الفكر النقدي.. نحت الكيان وإغناء الذات
  • بريطاني يدخل غينيس بـ 30 ماراثوناً خلال شهر
  • الأكبر منذ بداية حرب غزة.. عملية إسرائيلية "شرسة" في الضفة
  • مُسيَّرة تابعة للاحتلال الإسرائيلي تستهدف شاحنة في لبنان بـ3 صواريخ
  • خبير عسكري يرجح فرضية هروب الأسير الإسرائيلي وليس تخليصه