موقع 24:
2024-12-24@01:33:14 GMT

التغير المناخي يضر الأمن العالمي والكرامة الإنسانية

تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT

التغير المناخي يضر الأمن العالمي والكرامة الإنسانية

قالت فضيلة التي تعمل قابلةً في مقاطعة السند في باكستان، للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا إنها كانت تعلم تمام العلم كيف تتأهب لموسم الرياح الموسمية في 2022.

فقد غادرت هي وأمها قريتهما بعد أن خزنتا ممتلكاتهما فوق أرض مرتفعة. غير أن الأمطار كانت مختلفة ذاك العام. وعندما عادت فضيلة وأمها، كانت المياه قد غمرت القرية برمتها، ودمرت ممتلكاتهما ومنزلهما.

ولجأتا مع جيرانهما إلى الخيام وسط المياه الراكدة، ما خلق أرضاً خصبة للبعوض الحامل للملاريا.
وفي هذا الإطار، قال مارك لاغون، الباحث البارز في منتدى ترينتي، والأستاذ المساعد في برنامج ماجستير العلوم في السلك الدبلوماسي بجامعة جورج تاون، وجود فارلي الطالب في جامعة براون الأمريكية: "أدّت الفيضانات الموسمية التي حطمت الأرقام القياسية في باكستان عام 2022 إلى تفاقم  الإصابات المؤكدة بالملاريا بمقدار أربعة أضعاف في ستين مقاطعة. والملاريا مرض موسمي في كثير من الأحيان، ويتفشى في البيئات الأكثر دفئاً ورطوبة حيث يتكاثر البعوض بشكلٍ أسرع".
ومن المحتمل أنه بسبب تغير المناخ، تُعزى نسبة كبيرة جداً من هذه الحالات إلى البعوض الذي يحمل النسخة الأكثر فتكاً من المرض، وعادةً ما توجد في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأكثر حرارة في إفريقيا. أزمة ملاريا عالمية 

وأضاف الكاتبان في مقال مشترك بموقع  "ناشونال إنترست" الأمريكية: لن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم أزمة الملاريا العالمية وحسب، وإنما سيشكل أيضاً تحدياً كبيراً لتحسين نتائج الصحة العامة في العالم.

Climate change will have profound effects on global health, warn Mark P. Lagon and Jude Farley. https://t.co/82t4DqjO61

— National Interest (@TheNatlInterest) December 7, 2023

وتابع الكاتبان "سيفضي ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير أنماط المناخ إلى نزوح السكان، وعرقلة القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، وتفاقم انتقال الأمراض وتفشيها. وهذه التأثيرات ليست نظريّة. فالناس فُرادى وجماعات في جميع أرجاء العالم يشعرون بالعواقب الصحية لتغير المناخ في عصرنا هذا".
وزاد الكاتبان "من الأهمية بمكان أن ندرك تأثير تغير المناخ على صحة المجتمع، وتمكين المجتمعات من تخفيف الأضرار المترتبة على هذه الظاهرة، وبناء مؤسسات ذكية وشاملة قادرة على التصدي للأزمات المتداخلة للمناخ والصحة".

الصراعات والنزوح

تؤدي ظاهرة تغير المناخ إلى تفاقم ندرة الموارد والصراع عليها، وتفضي إلى نزوح الناس وانتشار الأمراض. ففي سوريا، أجبر الجفاف الشديد أكثر من 1.5 مليون مزارع على الانتقال إلى المدن المُكتظة بالسكان. وأفضى نقص المياه وتدهور  الأراضي إلى تفاقم انتهاكات الحقوق واشتعال فتيل الاضطرابات المدنية.
وفي ظل نزوح أكثر من 12 مليون سوري، غالباً إلى مخيمات اللاجئين المكتظة، فإن مرض السل ينتشر مثل النار في الهشيم. ويتفشى مرض السل في المناطق التي مزقتها الصراعات، حيث يؤدي غياب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وسلاسل توريد الأدوية، والبنية التحتية الصحية القوية إلى عرقلة الوقاية من الأمراض وتشخيصها وعلاجها. وعندما تؤدي التأثيرات المناخية مثل الجفاف إلى تفاقم الصراعات والنزوح، والتعرض للأمراض المنقولة في مخيمات اللاجئين وذات الكثافة السكانية العالية، يُسرّع السكان المهاجرون في المناطق الحضرية انتقال الأمراض.
وتشكل مكافحة الأزمات الصحية المرتبطة بالمناخ أهمية بالغة بشكلٍ خاص، بالنظر إلى أن الشريحة الأقل مسؤولية عن ظاهرة تغير المناخ ستتحمل وطأة آثاره. وعلى المستوى الدولي، يعني ذلك أن أكبر الدول المُصدِّرَة للانبعاثات تاريخياً، أي دول الشمال العالمي، إما ستتجنب أو ستتكيف مع أسوأ التأثيرات المناخية، في حين سيواجه كثير من البلدان الأقل نمواً الدمار والهلاك.

“We’ve got to cut down on farming due to ‘Climate Change’…or people are going to starve…” -John Kerry pic.twitter.com/Iz7TnhhTG9

— Liz Churchill (@liz_churchill10) December 8, 2023

وقد تتعرض دول جزر المحيط الهادئ، مثل توفالو، ذات الكثافة السكانية القليلة، والبصمة الكربونية المتدنية، للغرق وتختفي كلياً. فقد ألقى وزير خارجية توفالو خطاباً واضحاً أمام مؤتمر الأطراف في بروتوكول كيوتو في 2021 وهو غارق في الماء حتى ركبتيه.

كوارث المناخ 

وعلى المستوى الفردي، يقول الكاتبان، ستُوقِع الكوارث المرتبطة بالمناخ أبرياءً في حبائل محنٍ متعددة الأوجه. فالأعاصير في جنوب آسيا ستؤدي إلى تفاقم مشاكل الاتجار بالبشر القائمة أصلاً.
على سبيل المثال، في 2020 عندما اجتاح إعصار أمفان الكارثي ولاية البنغال الغربية، عاشت إحدى العائلات أوقاتاً عصيبة، حتى أنها وافقت على السماح لرجلٍ بأن يوظف ابنتها، 17 عاماً، في المدينة، وإذا به يجعلها سجينة عالم قسري لتجارة الجنس. وبما أن تغير المناخ يؤدي إلى أعاصير أكثر تواتراً وأشد وطأة، فإن قصصاً  مماثلة ستصبح أكثر شيوعاً.


الكرامة الإنسانية

وأكد الكاتبان ضرورة أن تسترشد القدرات المؤسسية على مواجهة الأزمات المتداخلة للمناخ والصحة والتفاوت المترتب عليها من منظور الكرامة الإنسانية،الذي يقرُّ بالقدرات الفطرية للناس ومواهبهم وإمكاناتهم التي تمكنهم من المساهمة في المجتمع.
ويقرُّ أيضاً هذا المنظور بالرغبة الإنسانية الأساسية في التقدير أو الهوية، حسب ما كتبَ عنها فرانسيس فوكوياما الذي يعمل في جامعة ستانفورد.

ويقتضي النهج المراعي للكرامة وجود مؤسسات شاملة قادرة على وضع حلول ملموسة وعملية. وسيساعد هذا المنظور على تجاوز الجمود والتشرذم والانقسامات الأيديولوجية في الهيئات المتعددة الأطراف  لتعزيز الحلول الموضوعية.


تغير المناخ والأمراض

وأوضح الكاتبان أن التصدي لتغير المناخ والأمراض يتطلب هذا النهج. وأن الجهود الحالية التي يبذلها الصندوق العالمي لتمكين المجتمعات من مكافحة تحديات الصحة العامة هي بمنزلة نموذج عملي لإنجاز ذلك.
ويدعم الصندوق العالمي العاملين في مجال الصحة المجتمعية أمثال نهين كبا من مدينة لارسم الفيتنامية، الذي يتنقل بدراجته النارية لتعليم أبناء مجتمعه، الذين يعيشون في فقر مدقع اعتماداً على الزراعة والحصاد من الغابات المحيطة، كيفية الوقاية من الملاريا وحماية أنفسهم منه، وإحالة المرضى إلى المنشآت الصحية لفحصهم وعلاجهم عند الحاجة.
ويشجِّع الصندوق العالمي نهين كبا على رعاية مجتمعه ودعمه بدل أن يفرض هليه وجهة نظره  لاحتياجات المجتمع. ويقرُّ الصندوق بقيمة أفراد المجتمع بوصفهم عاملين في المجال الصحي وشركاء فاعلين، وبالطبع بوصفهم مرضى وأُسَر.


مبادرة موساسوا

وبالمثل ساعدَ الصندوق العالمي على إطلاق مبادرة "موساسوا"  التي تمثل جهوداً ثلاثية لمكافحة الملاريا بذلتها حكومات إسواتيني، وموزمبيق، وجنوب إفريقيا في أعقاب إعصار فريدي الذي دمَّرَ موزمبيق في وقتٍ سابق من العام الجاري. وتُخلِّف الأعاصير التي تفاقمها ظاهرة تغير المناخ المياه الراكدة التي تمثل أرضاً خصبة  للبعوض الحامل للملاريا.
وسرعان ما أمدَّت الاستجابة المدعومة من الصندوق العالمي، مراكز النزوح بمعدات الإغاثة من الفيضانات، والأغذية، والنامويسات، ما أدى إلى الحد من الوفيات بهذا المرض المترتب على تغير المناخ.
وبدعم الجهود في المنطقة لتقديم المساعدات لمكافحة الملاريا، دعمَ الصندوق العالمي قيادة الدولة وقدراتها ومجتمعاتها في إطار حماية نفسها، ما سيساعد على إنقاذ الأرواح مُستقبلاً.
وتؤكد التأثيرات بعيدة المدى لتغير المناخعلى الصحة العامة، بما في ذلك طفرات الملاريا والسل،  الحاجة الملحة للنظر في القدرات البشرية، والإقرار بالمجتمعات المُهمَّشَة على نحو لائق، ودعم المؤسسات القوية لأصحاب المصلحة الكثيرين لمواجهة الأزمات الصحية المرتبطة بالمناخ بشكلٍ مُباشر.
وبما أنَّ هذه المبادئ تسري في أركان الصندوق العالمي منذ 2002، فهو يحرص على تمكين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات من التصدي للأمراض المعدية القاتلة التي تسارعت وتيرتها بسبب الآثار المناخية. وإذ تستمر ظاهرة تغير المناخ في مفاقمة التحديات للصحة العامة، نجد أنَّ الاستفادة من هذا النموذج وتوسيع نطاقه واستنساخه أمر بالغ الأهمية، وفق الكاتبَين.



المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ظاهرة تغیر المناخ الصندوق العالمی إلى تفاقم

إقرأ أيضاً:

هل حان وقت التخلص من السكر؟ حقائق قد تغير حياتك

شمسان بوست / متابعات:

لم يكن السكر دائما من المكونات الرئيسية في غذاء البشر.


فقبل قرنين من الزمان، كان من النادر أن يستهلك الفرد أكثر من بضعة كيلوغرامات في العام، حتى في أكثر الدول ثراء. أما الآن، فإن استهلاك السكر في كثير من البلدان متوسطة الدخل والبلدان مرتفعة الدخل يبلغ ما بين 30 إلى 40 كيلوغراما للفرد سنويا، ويزيد هذا الرقم عن 45 كيلوغراما في الولايات المتحدة، وفق أولبي بوسما أستاذ التاريخ بجامعة في يو أمستردام ومؤلف كتاب “عالم السكر: كيف غيرت هذه المادة الحلوة سياستنا وصحتنا وبيئتنا على مدى 2000 عام”.


وفي القرن التاسع عشر، كان السكر يعطى للعمال الذين يعانون من الإجهاد وسوء التغذية كوسيلة رخيصة وسريعة لزيادة السعرات الحرارية في غذائهم. أما في القرن العشرين، فكان السكر يضاف إلى مؤن الجنود في أمريكا وأوروبا واليابان لزيادة قدرتهم على التحمل.


ويقول بوسما إنه مع بداية القرن التاسع عشر، بدأ الأطباء يربطون بين استهلاك السكر والسمنة وما يعرف الآن بالنوع الثاني من مرض السكري. ويضيف الأكاديمي الأمريكي أن الناس كانت تعلم أن استهلاك السكر بكميات كبيرة قد يؤدي إلى السمنة والمرض، بيد أن صناعة السكر والمشروبات كرست مجهوداتها التسويقية لإقناع الناس بأن الدهون وليس السكر هي التي تشكل خطرا حقيقيا على القلب والأوعية الدموية.


لكن في الآونة الأخيرة، ازدادت التحذيرات من المخاطر المحتملة للإفراط في تناول السكر، والتي من بينها الإصابة بأمراض عديدة.


فهل يجب أن نكف عن تناول السكر؟


السكر شكل من أشكال الكربوهيدرات البسيطة، وهناك أنواع كثيرة منه، أبرزها الغلوكوز والفركتوز اللذان يتحدان معا لتكوين السكروز – وهو ما نطلق عليه عادة اسم السكر، والذي يستخدم في تحلية الشاي والقهوة وصنع الكعك. هناك أيضا اللاكتوز الذي يوجد بشكل طبيعي في اللبن الحليب، والمولتوز الذي يوجد في حبوب الغلال كالذرة والشعير والقمح، والغالاكتوز الذي يشبه في تركيبه الكيميائي الغلوكوز، ويوجد في منتجات الألبان وبعض الخضروات والفواكه.


ويطلق مصطلح “السكريات الحرة” على تلك التي تضاف إلى الطعام والمشروبات، وتلك التي توجد بشكل طبيعي في عصائر الفواكه والفواكه المهروسة، والعسل. سبب هذه التسمية هو أنها ليست موجودة داخل خلايا الطعام الذي نأكله. فعندما نحول الفواكه إلى عصير على سبيل المثال، تخرج السكريات من خلاياها وتصبح حرة، وهو ما يؤدي إلى فقدان الألياف المفيدة التي كانت موجودة في تلك الفواكه.


هل نحتاج إضافة السكر إلى غذائنا؟


تحتاج أجسامنا إلى أحد أنواع السكر المشار إليها آنفا، وهو الغلوكوز، إذ تستخدمه الخلايا المختلفة، ومنها خلايا العضلات والدماغ، كمصدر أساسي للطاقة، أو تخزنه للاستخدام في وقت لاحق. وتستطيع أجسامنا تصنيع ما تحتاج إليه من غلوكوز خلال تكسير جزيئات الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. كما أن بعض أنواع السكر توجد بالفعل بشكل طبيعي كما ذكرنا في أطعمة مثل الفواكه واللبن والخضروات، وهي أطعمة تحتوي بالإضافة إلى السكر على عناصر غذائية مهمة كالألياف والفيتامينات والبروتينات.



ومن ثم، كما تقول بريدجيت بنيلام، عالمة التغذية بالمؤسسة البريطانية للتغذية لـ بي بي سي، “إذا أرادنا أن نتحرى الدقة، نستطيع القول بأننا لسنا بحاجة إلى إضافة السكر إلى غذائنا”.



هل نسرف في تناول السكر؟



يتفق كثير من الخبراء على أنه، رغم أن السكر ليس سيئا في حد ذاته، فإن الإسراف في استهلاكه هو ما يزيد من مخاطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية، ولا سيما بعد أن صار يضاف إلى عدد كبير من الأطعمة والمشروبات لتحسين مذاقها.



توصي الإرشادات الحكومية البريطانية بأن الحد الأقصى لكمية السكر التي ينبغي ألا يتخطاه الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 11 عاما أو أكثر هو 30 غراما يوميا، أي ما يعادل 7 مكعبات، وبأنه لا ينبغي أن يشكل السكر أكثر من 5 في المئة من عدد السعرات الحرارية التي يتم تناولها يوميا. لكن بعض الإحصاءات تشير إلى أن السكر يشكل ما بين 9 إلى 12.5 في المئة من السعرات الحرارية التي يتناولها سكان المملكة المتحدة في اليوم الواحد.



وفي الولايات المتحدة، ينصح مركز السيطرة على الأمراض بألا تزيد كمية السكر المضافة إلى الطعام عن 10 في المئة من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الأفراد الذين يبلغون من العمر عامين أو أكثر، أي حوالي 50 غراما أو 12 ملعقة صغيرة من السكر، ومع ذلك تشير أحدث الأرقام إلى أن المواطن الأمريكي يتناول في المتوسط ما يعادل 17 ملعقة صغيرة من السكر يوميا.



ومن الصعب الحصول على إحصاءات دقيقة عن كمية السكر التي يتناولها الفرد في البلدان العربية، ولكن منظمة الصحة العالمية أشارت إلى وجود اتجاهات تصاعدية فيما يتعلق بتناول السكر في المنطقة، بسبب الزحف العمراني وزيادة توفر الأطعمة والمشروبات المعالجة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر.



ما المشكلات الصحية التي قد يتسبب فيها السكر؟

ربطت بعض الدراسات التي أجريت مؤخرا بين تناول كميات كبيرة من الفركتوز، ولا سيما من المشروبات التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر والقطر المستخلص من الذرة (Corn syrup)، وبين زيادة الدهون في الكبد ومن ثم الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي.


وأشارت مراجعة منهجية لعدد من الدراسات أجريت عام 2020 إلى وجود صلة بين تناول كميات كبيرة من السكر وبين زيادة مؤشرات الالتهاب المزمن في الجسم المرتبط بدوره بارتفاع خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، ومن بينها السكري وأمراض القلب واضطرابات الأيض.


كما أن هناك دراسات تربط بين الإسراف في تناول السكر وتسارع شيخوخة الجلد.


وتقول منظمة الصحة العالمية إن “السكريات الحرة” هي العامل الغذائي الرئيسي المسبب لتسوس الأسنان، الذي ينتج عن تحويل البكتيريا الموجود في الفم السكريات إلى حمض يؤدي تآكل طبقتي المينا والعاج.


هل السكر “يغذي” السرطان؟

من المقولات التي يرددهها بعض الأطباء الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، أن “السكر يغذي خلايا السرطان”، أو “السرطان يعشق السكر”. كما أن ثمة من يتحدث عن تعافى شخص من السرطان بعد الامتناع عن استهلاك السكر، أو من يقول إن عدم تناوله سيساعد في علاج السرطان.


فما حقيقة ذلك؟ طرحت السؤال على البروفيسورة أريج الجواهري أخصائية الأورام الطبية والأستاذة المشاركة بكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية.


شرحت لي البروفيسورة أريج أن “كافة خلايا الجسم تحتاج إلى الغلوكوز لكي تنمو وتتكاثر، ومن ثم فإن ذلك لا يقتصر على خلايا السرطان”.


“ليس هناك دليل مباشر يظهر بوضوح وجود علاقة سببية بين استهلاك السكر وخطر الإصابة بالسرطان أو استفحاله. صحيح أن خلايا السرطان تستهلك الغلوكوز، لكن استهلاك السكر باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن وصحي ليس مرتبطا بتغذية السرطان أو التسبب في نمو أسرع للسرطان. النظام الغذائي الذي يشمل تناول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من السكر المعالج والكربوهيدرات المكررة من الممكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسمنة ومقاومة الإنسولين. والسمنة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، لكن أكرر أن العلاقة ليست سببية ولكنها ارتباطية”.


وفيما يتعلق بتناول مرضى السرطان للسكر من عدمه، تقول أريج: “لا نعتقد أن حذف السكر من النظام الغذائي من الممكن أن يساعد على التعافي من السرطان أو الوقاية من خطر عودته. أهم شيء هو اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، غني بالخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات والدهون الصحية. أعتقد أن تفادي تناول كميات كبيرة من السكر المكرر أو الأطعمة فائقة المعالجة (والتي تعد غير صحية لأسباب عديدة) هو مقاربة معقولة لنظام غذائي صحي”.


هل هناك سكر صحي وسكر غير صحي؟

وفقا لموقع كلية الطب بجامعة هارفارد، فإن السكر الموجود بشكل طبيعي في الطعام والسكر المضاف يمران بنفس عملية الأيض (التمثيل الغذائي أو تحويل الغذاء إلى طاقة) داخل أجسامنا. لكن بالنسبة لغالبية الأشخاص، تناول السكريات الطبيعية مثل الفاكهة غير مرتبط بآثار صحية ضارة، لأن نسبة السكر فيها عادة ما تكون صغيرة، و”مغلفة” بألياف وغيرها من العناصر الغذائية المفيدة، في حين أن “أجسامنا لا تحتاج إلى السكر المضاف أو تستفيد منه”.


أما بالنسبة للأنواع المختلفة من السكر المضاف، فيذكر الموقع أنه لا توجد أنواع أفضل من غيرها بالنسبة لغالبية الأشخاص.


تقول عالمة التغذية بريدجيت بنيلام إن “هناك العديد من الأشكال الكيميائية المختلفة للسكر، لكن الشيء المهم الذي يجب الالتفات إليه هو النظر إليها ضمن نظام غذائي متوازن”، وتشدد على أهمية استهلاك كمياة محدودة من السكريات الحرة لأنها “تضيف سعرات حرارية لغذائنا وتزيد من خطر الإصابة بتسوس الأسنان”.


هل أصبحنا مدمنين على السكر؟

بعض الدراسات التي أجريت على حيوانات أشارت إلى سلوكيات تشبه الإدمان على السكر، لكن ليست هناك أدلة كافية تدعم إمكانية حدوث إدمان للسكر لدى البشر.


تقول بنيلام: “هناك جدل حول ما إذا كان من الممكن تصنيف أطعمة مثل السكر على أنها تؤدي إلى الإدمان. ما نعرفه هو أننا لدينا ميل طبيعي للمذاق الحلو، ومن ثم يحب كثير منا الأطعمة والمشروبات الحلوة. وفي بيئة تكون فيها الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على السكر متاحة بشكل كبير، يستهلك كثير منا كميات أكثر بكثير مما ينبغي”.


هل ينبغي الامتناع عن تناول السكريات الحرة؟

ربما تكون الإجابة الأكثر منطقية هي نعم، لأننا لسنا بحاجة إليها. لكن هناك بعض النقاط التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار.


على سبيل المثال، اتباع نظام غذائي قاس قد يؤدي إلى هوس غير صحي بالطعام الصحي، ولا سيما بين الأشخاص الذين لديهم استعداد للإصابة باضطرابات الأكل.


كما أن الامتناع عن تناول السكر قد يؤدي إلى بدائل له، ما قد يترتب عليه مشكلات صحية أخرى. على سبيل المثال، أشارت إحدى الدراسات إلى أن بعض المُحليات المصنعة قد تؤدي إلى إحداث تغييرات في تركيبة البكتيريا النافعة في الأمعاء، وأن تلك التغييرات مرتبطة بحدوث اضطرابات في الأيض.


تقول بنيلام: “لكي يكون النظام الغذائي صحيا، من المفيد تقليل استهلاك الأطعمة والمشروبات السكرية، ولكن ليس من الضروري الكف عن تناول السكر تماما. اتباع نظام غذائي متطرف عادة ما يكون غير قابل للاستدامة. أهم شيء هو الالتزام بحمية متوازنة على المدى الطويل، بدلا من اللجوء إلى حلول سريعة”.


ديتوكس” السكر

تنتشر على مواقف التواصل مقاطع بعنوان “تحدي عدم تناول السكر لثلاثين يوما”، أو “ماذا يحدث لجسمك عندما تتوقف عن تناول السكر 14 أو 30 يوما”. ويتحدث أصحاب هذا المحتوى عن أنهم لاحظوا تحسنا عاما في صحتهم أو بشرتهم، أو ازدادوا نشاطا، أو أن وجوههم أصبحت أقل انتفاخا، أو فقدوا بعض الوزن.


*فهل من المفيد أن نلجأ إلى “ديتوكس السكر” لتخليص أجسامنا مما يصفه البعض بـ”السم الأبيض”؟


قمت بهذه التجربة بنفسي لأرى ما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات كتلك التي تحدث عنها صناع المحتوى.


ربما كان التغيير الوحيد الذي لمسته بعد التوقف عن تناول أطعمة تحتوي على سكر مضاف والاكتفاء بمصادر السكر الطبيعية كالفواكه لبضعة أسابيع هو تحسن تطفيف في البشرة. وما فاجأني هو أنني لم أفتقد السكر على الإطلاق، ولم أشعر بأي أعراض “انسحاب” كتلك التي تحدث عنها بعض “المؤثرين”، وهو ما شجعني على تقليل تناول الشوكولاتة والمخبوزات الحلوة بشكل كبير: فبعد أن كنت أتناول قطعة صغيرة معظم أيام الأسبوع، اقتصر الأمر على مرة كل أسبوعين.


تقول بنيلام: “اتباع نظام غذائي صحي يعني معرفة ما يناسبك. بالنسبة لبعض الأشخاص، التوقف التام عن تناول الأطعمة التي تحتوي على سكر لفترة من الوقت ربما يساعدهم على كسر عادة أكل الحلوى بانتظام. ولكن بالنسبة لآخرين، فإن منعه كليا قد يأتي بنتيجة عكسية، وفي هذه الحالة يكون من الأفضل تقليل كميات الأطعمة السكرية وعدد مرات تناولها”.

مقالات مشابهة

  • سكرتير كفر الشيخ يتابع مشروع تعزيز التكيف مع تغير المناخ بدلتا النيل
  • محافظ كفر الشيخ يتابع تنفيذ خطة تعزيز التكيف مع تغير المناخ وحماية المناطق الساحلية
  • الإمارات تنضم إلى معاهدة القارة القطبية الجنوبية لتسريع العمل المناخي
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • بعد التغير في سوريا.. السوداني: استطعنا إبعاد المخاطر عن العراق أمام تحديات أمنية
  • وزيرة البيئة: نعمل على تكامل الإطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع تغير المناخ
  • البيئة: دمج البحث العلمي في مواجهة آثار تغير المناخ خطوة هامة لصحة الأجيال القادمة
  • «الباولونيا».. الشجرة الأسرع نمو وأداة فعالة لمكافحة آثار تغير المناخ
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب بإرسال بعثات دولية إلى غزة لمتابعة حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها شعبنا
  • هل حان وقت التخلص من السكر؟ حقائق قد تغير حياتك