الخليج الجديد:
2025-03-25@17:12:45 GMT

غزة كابوس الأنظمة العربية

تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT

غزة كابوس الأنظمة العربية

غزة كابوس الأنظمة العربية

في الخليج تنسيق أمني ودعم مالي وعسكري ودبلوماسي لإسرائيل صار ظاهرا للعلن وكذا الأمر في الأردن.

في مصر تُحكِم السلطات العسكرية خنق غزة عبر معبر رفح وتنسق أمنيا واستخباراتيا مع المحتل وتغرق الأنفاق وتقيم عوازل إسمنتية وتعذب عناصر المقاومة.

لن يكون ما بعد غزة كما كان قبلها مهما حاولت أنظمة الحكم مسح الحدث من الذاكرة الشعبية بل سيخلق موجات ارتدادية لها أثر خطير على الأنظمة الحاكمة والاحتلال.

أصبح القضاء على المقاومة في فلسطين وغزة تحديدا شرطا أساسيا لبقاء النظام الإقليمي وتوسع الاحتلال واستمرار هيمنة القوى العظمى على ثروات العرب.

كيف يمكن لحركة مقاومة محاصرة أن تصمد كل هذا الصمود بوجه أعتى آلات الموت بينما رضي مئات ملايين العرب والمسلمين بالطاعة والخضوع للمحتل ووكلائه؟

السلطة العربية عمياء ووظيفية لا تستفيد من هامش مناورة توفره لها المقاومة كورقة ضغط على النظام الدولي كما تفعل إيران بل لا تدرك أنه سيضحي بها يوم تنتهي الحاجة إليها.

* * *

يبدو الموقف الرسمي العربي المتواطئ مع حرب الإبادة الأطلسية في غزة متناغما مع طبيعة هذه الأنظمة التي تعتبر دون أدنى مبالغة أنظمة وكالة وحراسة مكلفة بإخضاع الشعوب وإبقائها سجينة القمع. وليست تصريحات أكثر من مسؤول غربي وصهيوني عن إلحاح قادة بعض الأنظمة العربية في طلب سحق المقاومة الفلسطينية وإخراج غزة من كل معادلات الصراع مع الاحتلال وعرّابيه في الغرب إلا دليلا إضافيا على الدور المحوري الذي تلعبه هذه الكيانات الوظيفية في مأساة شعب فلسطين.

في الحقيقة لا يحارب أهلُ فلسطين جيش الكيان المحتل المدجج بآخر أدوات الموت والتجسس والإبادة وهم لا يحاربون مجاميع الجيوش الصليبية بقيادة الولايات المتحدة فقط. إنهم يقاتلون أولا وقبل كل شيء أنماطا أخطر من الجيوش ومن المليشيات الظاهرة والخفية ممثلة في النظام العربي ودول الطوق التي تحكم قبضتها عليهم وتمنع عنهم الماء والدواء والسلاح.

وفاء النظام العربي

النظام العربي ممثلا في جامعة الدول نظام وفيّ للقيم والوظائف والشروط التي أنشئ من أجلها بعد الحرب العالمية الثانية والمتمثلة في السيطرة على المجتمع وإخضاعه ومحاربة كل أشكال التحرر داخله.

كان هذا الشرط هو أساس العقد المبرم بين كل حكومة عربية من جهة وبين أقطاب النظام العالمي الجديد سواء كانت الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا وبريطانيا داخل مستعمراتها القديمة.

لم يكن إعلان استقلال الدول العربية وظهور الدولة الوطنية إلا مسرحية سيئة الإخراج سرعان ما انكشف زيفها من خلال التبعية الاقتصادية والثقافية والسياسية المطلقة لهذه الكيانات الهجينة. نجحت السلطة العربية بعد ذلك في نحت أبشع الأنظمة الاستبدادية بثلاث واجهات رئيسية: الواجهة الملكية الوراثية والواجهة الجمهورية العسكرية والواجهة الجمهورية الأمنية.

وهي واجهات تنصهر في منوال جامعة الدول وتنسق فيما بينها لمنع النظام الإقليمي من الانهيار أو السقوط مثلما حدث خلال القمع الدامي الذي جوبهت به ثورات الربيع الأخيرة حيث رأينا كيف هبّت الأنظمة الوراثية في الخليج لإنقاذ النظام العسكري في مصر وسوريا من السقوط.

ما يجمع النظام الرسمي العربي أيضا ويوحّد بوصلته التي رسمها الكفيل الغربي هو عداؤه المطلق وغير المشروط لكل حركات المقاومة التي تمثل تهديدا وجوديا له. لا نقصد بحركات المقاومة الجماعات المسلحة التي تعود في أصل نشأتها إليه وإلى أجهزة مخابراته بل نقصد أساسا الحركة المقاوِمة فكرا كانت أو فنا أو أدبا أو ثقافة أو تربية أو عقيدة. أما حركة المقاومة في فلسطين فلم تنشأ من رحم النظام الرسمي الذي تعبّر عنه وتنوبه سلطة التنسيق الأمني في رام الله بل نشأت فعلا مقاوِما لهذا النظام.

أنشأت السلطة العربية عشرات الواجهات الفكرية والثقافية والحزبية لتمثل دور المقاومة من أحزاب وجمعيات وتيارات ومؤسسات دينية هدفها الأساسي هو منع أي فكر مقاوم حقيقي من الظهور.

فليست التيارات القومية واليسارية والإسلامية واللبرالية المتحركة في فلك السلطة إلا خلايا سرطانية تهدف إلى محاربة كل الخلايا الحية التي يمكن أن تعصف بسرديات النظام الرسمي وتكشف خياناته.

كابوس المقاومة في غزة

تحمل المقاومة الفلسطينية في غزة ثلاثة خصائص أساسية تؤرق هدوء الاستبداد العربي:

فهي أولا حركة إسلامية عقائدية تتماهى بشكل أو بآخر مع العدو اللدود للنظام العربي وهو فكر الإخوان المسلمين رغم اختلاف السياقات والمرجعيات والأهداف والمنطلقات.

وهي ثانيا حركة مسلحة على خلاف حركة الإخوان في الأقطار العربية وهي في صدام مباشر مع المحتل منذ أكثر من نصف قرن ولم ينجح رغم كل مجازره وجرائمه في استئصالها.

أما ثالثا وهذا أخطر خصائصها فهو ما تحمله من رمزية ثورية مقاوِمة ملهمة لبقية الشعوب العربية وحركات التحرر في العالم فكيف يمكن لحركة مقاومة محاصرة في قطعة صغيرة من الأرض أن تصمد كل هذا الصمود في وجه أعتى آلات الموت في حين رضي مئات الملايين من العرب والمسلمين بالطاعة والخضوع للمحتل ووكلائه؟

من هنا أصبح القضاء على حركة المقاومة في فلسطين عموما وفي غزة تحديدا شرطا أساسيا لبقاء النظام الإقليمي من ناحية ولتوسع الاحتلال من ناحية أخرى ولاستمرار هيمنة القوى العظمى على البلاد العربية وثرواتها من ناحية ثالثة.

السلطة العربية سلطة عمياء وقوّة وظيفية لا تستفيد من هامش المناورة الذي قد توفره لها حركة المقاومة فتستعملها كورقة ضغط على النظام الدولي كما تفعل إيران بنجاح محدود بل هي لا تدرك أن النظام الدولي نفسه قد يضحي بها يوم تنتفي شروط الحاجة إليها.

في مصر تُحكِم السلطات العسكرية هناك خنق القطاع عبر معبر رفح كما تشارك بقوة في التنسيق الأمني والاستخباراتي مع المحتل وتساهم بشكل مباشر في إغراق الأنفاق وبناء العوازل الإسمنتية وتعذيب عناصر المقاومة.

وفي الخليج باستثناء قطر والكويت والسلطنة فإن التنسيق الأمني والدعم المالي والعسكري والدبلوماسي صار ظاهرا للعلن وكذا الأمر في الأردن. أما في لبنان فإن الوجود الفلسطيني نفسه صار مهددا بعد تحول حزب الله إلى ذراع إيرانية لها أجنداتها الخاصة على الحدود مع العدو.

تفاقم الوضع بعد موجة التطبيع العلني الأخيرة حيث رأت السلطة العربية في بقاء المقاومة وقدرتها على الصمود تهديدا لمشاريعها الاقتصادية والسياسية في المشرق العربي وصارت مهمة القضاء عليها أمرا ملحا.

ساهمت انتصارات المقاومة الأخيرة وصمودها وتضحياتها في شحن المعنويات الشعبية خلال الأسابيع الأخيرة وخلقت موجة عارمة من التعاطف معها وهو ما ضاعف من أزمة الحكومات العربية.

لن يكون ما بعد غزة كما كان قبلها مهما حاولت أنظمة الحكم مسح الحدث من الذاكرة الشعبية بل إنه سيخلق موجات ارتدادية سيكون لها أثر خطير على الأنظمة الحاكمة في الإقليم وعلى كيان الاحتلال الذي بدأ يترنّح منتظرا ساعة الحسم الأخيرة.

ليس توحش المجازر اليوم ودموية القصف في الحقيقة إلا آخر رقصات الديك المذبوح الذي عرّته المقاومة من قناع القوة وأسقطت عنه لباس الضحية وفضحت أمام العالم حقيقته بأنه كيان مغتصب يستنسخ بقبح جوهر الفعل الاستعماري ويعبر بوضوح عن دموية الفكر النازي.

*د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة المقاومة احتلال فلسطين النظام الإقليمي السلطة العربیة المقاومة فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

كسوف الشمس يوم 29 مارس وما الدول العربية التي تراه

ما الكسوف؟

الكسوف ظاهرة طبيعية تحدث حينما يمر القمر أمام الشمس، ولفهم الفكرة ضع مصباحا كبيرا منتصف حجرتك وأغلق باقي الأضواء، والآن دُر بكرة تنس أرضي أمام هذا المصباح على مسافة مترين مثلا، حينما تمر الكرة بينك وبين المصباح فإنها تمنع ضوء المصباح من المرور إليك، هذا هو الكسوف.

والآن ضع الشمس مكان المصباح، والأرض مكانك، وستكون كرة التنس الأرضي هي القمر.

والشمس نجم عملاق لدرجة أنه يمكن لنا أن نضع بداخله مليونا و300 ألف بلية بحجم الأرض، لكنه بعيد جدا بحيث يبدو في السماء بمساحة القمر نفسها تقريبا، فما إن يمر القمر أمام الشمس حتى تظلم الدنيا كأننا بالليل، وتظهر النجوم الواقعة في خلفية الشمس.

 وفي مارس/آذار 2025 سيكون كسوفا جزئيا أي أن القمر سيغطي فقط جزءا من الشمس وليس كلها.

 ولا بد أنك تتساءل: إذا كان الكسوف يحدث كلما مر القمر أمام الأرض، ونحن نعرف أن القمر يدور حول الأرض مرة كل شهر، لماذا -إذن- لا تحدث أيٌّ من تلك الظواهر كل شهر؟

ويحدث ذلك لأن القمر لا يدور في المستوى نفسه الذي يضم الأرض والشمس معا، بل ينفصل بنحو 5 درجات للأعلى أو للأسفل، ويشبه الأمر أن تُمسك بطائرة صغيرة تدور بها حول كرة قدم بمستوى مائل، فترتفع قليلا عن مستوى الدوران ثم لا تلبث أن تنخفض قليلا أثناء دورتها حول الكرة.

وهذا هو بالضبط ما يحدث أثناء دوران القمر حول الأرض، فهو يعلو قليلا عن مستوى مداره ليبلغ أقصى ارتفاع ممكن، ثم بعد ذلك ينخفض مرة أخرى ليتقاطع مع مستوى الأرض والشمس في نقطة تسمى العقدة النازلة، ثم يبلغ أقصى انخفاض له، ثم يرتفع من جديد ليقطع مستوى الأرض والشمس في نقطة نسميها العقدة الصاعدة، وهكذا يستمر القمر في الدوران حول الأرض صعودا ونزولا، ولا يحدث الكسوف إلا حينما يكون القمر بالقرب من هاتين العقدتين.

 عند رصد كسوف الشمس يجب استخدام أدوات مخصصة (الأوروبية) أين سأراه في العالم العربي؟ بشكل أساسي، يرى كسوف الشمس الجزئي في 4 دول من المنطقة وهي الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا.

وبالنسبة للمغرب، فإن أفضل مشهد للكسوف الشمسي يكون كلما سافرنا شمال البلاد، حيث يمكن أن يغطى سطح الشمس بما نسبته حوالي 18%، وكلما نزلنا جنوبا انخفضت النسبة لتصل إلى حوالي 12%، ويبدأ الكسوف الجزئي في تمام 9:09 صباحا داخل حدود المغرب وينتهي 11:20 صباحا بتوقيت غرينتش.

أما في الجزائر فيبدأ الكسوف في تمام 9:27 صباحا بتوقيت غرينتش، ولا يرى الكسوف إلا في النصف الشمالي الغربي منها، وكلما اقتربنا شمالا من الحدود المغربية كانت المساحة المغطاة من الشمس أكبر (فتصل إلى 11% أو أكثر قليلا في مناطق مثل تلمسان).

لكن رغم ذلك تنخفض نسبة الجزء المغطى من سطح الشمس إلى 1% كلما اتجهنا شرقا ووصولا إلى الحدود التونسية.

وفي تونس تكون نسبة الجزء المغطى من سطح الشمس حوالي 1% أو أقل، بحسب الاقتراب أو الابتعاد عن الحدود الجزائرية، ويرى الكسوف فقط في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، ويبدأ الكسوف في تونس في تمام 10:23 صباحا بتوقيت غرينتش.

أما في موريتانيا فإن الكسوف يرى في كامل البلاد تقريبا لكن بنسب متفاوتة، فيرى في الشمال الغربي بشكل أفضل، حيث يغطى سطح الشمس بنسبة حوالي 11%، لكن كلما اتجهنا جنوبا وشرقا انخفضت النسبة، لتصل إلى أقل من 1% جنوب شرق البلاد، ويبدأ في تمام 9:8 بتوقيت غرينتش.

وفي كل الأحوال، سيكون الكسوف فرصة ممتعة للمصورين رغم أنه ليس كبيرا كفاية، لكن الجميع لا شك ينتظر يوم 12 أغسطس/آب 2026، حيث يشهد هذا الجانب الغربي من العالم العربي كسوفا أكبر وأكثر دعوة للدهشة، وسيكون كليا في بعض مناطق المغرب والجزائر وجزئيا في أخرى

مقالات مشابهة

  • هل قام النظام العربي الرسمي بما يجب لوقف الإبادة في غزة؟.. خبير يجيب
  • اليمن العربي حجةٌ على المتخاذلين للدكتورفايز ابوشمالة.. اسير فلسطيني محرر
  • كسوف الشمس يوم 29 مارس وما الدول العربية التي تراه
  • البرلمان العربي: الجامعة العربية ستظل بيت الأمة
  • جريمة صهيونية جديدة.. أول تعليق من حركة حماس علي إغتيال إسماعيل برهوم
  • نداء عاجل من حركة حماس لكل الدول العربية | تفاصيل
  • ممثل حركة حماس “أبو شمالة”: اليمن هو الأنموذج الحي للأمة
  • تعرف على نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي في ضرباته ضد الحوثيين في اليمن؟
  • حركة حماس: الشعب ومقاومته الضامن لإفشال هذا العدوان
  • حركة حماس: الشعب ومقاومته هو الضامن لإفشال هذا العدوان