انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
بلغ دين الولايات المتحدة حينما دخلت الحرب العالمية الأولى نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم بلغ الدين نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي لدى دخولها الحرب العالمية الثانية.
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية بدين يبلغ 130% من الناتج المحلي الإجمالي، والآن، وبدون أي حرب، يبلغ دين الولايات المتحدة 130%.
وقبل الحرب العالمية الثانية، كان هناك انكماش مالي في الولايات المتحدة، أي أن الأسعار كانت تنخفض. أما الآن، فقد طبعت الولايات المتحدة الكثير من النقود غير المغطاة، حتى أنها بالكاد تتجنب التضخم المفرط.
إقرأ المزيد شي جين بينغ في ديار بايدن.. من يدفع الفاتورة؟بمعنى أن الولايات المتحدة لا تستطيع في الوقت الراهن تحمل زيادة إنفاق الميزانية عدة مرات على أي شيء، سواء كان ذلك زيادة في ميزانية الجيش، أو حربا كبرى، أو حتى تحديثا للبنية التحتية للبلاد، أو أي شيء على نطاق مماثل. بالأحرى، يمكنها أن تحاول، ولكن فقط في حالة وجود آلية لإبقاء المجتمع تحت السيطرة في مواجهة التدهور الحاد في مستويات المعيشة. وببساطة، لا يمكن تحقيق ذلك دون إنشاء ديكتاتورية، وإلا ستنفجر البلاد من الداخل.
ولكي تحظى الولايات المتحدة بفرصة الانتصار في حرب غير نووية واسعة النطاق مع روسيا أو الصين (تعني الخسارة انهيارا اقتصاديا وانهيارا للبلاد)، يتعين عليها أولا أن تلجأ إلى الديكتاتورية. وبطبيعة الحال لن يضمن هذا النجاح، أي أنه عنصر ضروري، لكنه ليس كافيا.
بصراحة، أشك في أنه حتى الديكتاتورية يمكن أن تنقذ الولايات المتحدة، فقد أصبح المجتمع الأمريكي على درجة كبيرة من الترهل والكسل وفقد مهارات العمل الجاد والحد من الاستهلاك. إضافة إلى ذلك، فإن استعادة الصناعة وتدريب العمال المهرة يتطلب وقتا، لا تملكه الولايات المتحدة. ونحن نرى أنه بعد عامين تقريبا من الحرب مع روسيا، لم تتمكن أوروبا ولا الولايات المتحدة من تعبئة صناعتها لإنتاج كميات كافية من الذخيرة.
أي أنه يمكننا القول بدرجة عالية من الثقة أن الولايات المتحدة ليس لديها الفرصة للانتصار، ولكن وعلى فرض محاولة النخب الأمريكية تحقيق الانتصار، فإن مجرد محاولة ذلك بلا ديكتاتورية أمر مستحيل.
فمهمة التعبئة من أجل الحرب صعبة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة، حتى أن ديكتاتوريتها لا بد وأن تكون أسوأ من ديكتاتورية ستالين أو ماو تسي تونغ في الصين. ومن ذلك، فإن فرض الديكتاتورية هو الآخر ليس بالأمر السهل في حد ذاته، بل يحتاج إلى سبب مقنع، وإلا فسوف يقاومه المجتمع، وقد ينزلق في هذه العملية إلى حرب أهلية.
ودخول بلد ما في الحرب هو سبب وجيه للديكتاتورية، ولكن التعبئة يجب أن تبدأ قبل عدة سنوات على الأقل من الحرب.
إقرأ المزيد الأرجنتين.. إفلاس الديمقراطية فكرة ونموذجاونحن نرى أنه حتى مع الحرب مع روسيا لم تحشد الولايات المتحدة، وبفضل دعايتهم الخاصة، لا يعتقد الأمريكيون أن روسيا قوية بما يكفي لينظر إليها المجتمع الأمريكي باعتبارها تهديدا قاتلا. ربما تكون الحرب مع الصين وحدها هي القادرة على تعبئة الأمريكيين العاديين، لكن الأوان سيكون قد فات.
يظل هناك بعض الأسباب الداخلية، فإما انهيار اقتصادي تعقبه الفوضى والاضطرابات وما يترتب على ذلك من فرض لحالة الطوارئ أو خسارة في الانتخابات والانقلاب.
واستنادا إلى المسارات الحالية، يتمتع الجمهوريون بفرصة أفضل للفوز، لكن الديمقراطيين قد يتلاعبون في الانتخابات مرة أخرى. لكن لا يهم حقا من سيفوز في الانتخابات. وفي ظل الاضطرابات والتوترات المحيطة بنتائج الانتخابات، فإن لدى الولايات المتحدة فرصة للتعبئة من خلال الديكتاتورية، بغض النظر عن الجانب الذي يؤسسها، إذا تمكنت البلاد من تجنب الحرب الأهلية.
لماذا إذن الترتيب في العنوان على هذا النحو: انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025؟
إن أدوات الإدارة الاقتصادية تقع في أيدي أنصار العولمة، أي القوى التي تقف خلف الحزب الديمقراطي. وإعلان حالة الطوارئ بسبب الانهيار الاقتصادي يعطي كل الصلاحيات للإدارة الحاكمة وقت الانهيار. وبعد الانتخابات، في عام 2025، سيكون هؤلاء هم الجمهوريون على الأرجح، بل وربما سيكون، علاوة على هذا ترامب الحازم، لهذا لن يكون من مصلحة الديمقراطيين التسبب في انهيار الاقتصاد، كي لا تقع كل الصلاحيات في يد الإدارة الحاكمة آنذاك، الجمهوريين. وإذا بقي الديمقراطيون في السلطة بعد الانتخابات، فإن هذا البقاء نفسه لن يحدث سوى من تزوير نتائج الانتخابات واحتجاجات الجمهوريين وغيرها من الأحداث التي يمكن استخدامها لتأسيس الديكتاتورية.
وهنا يطرح السؤال نفسه: ما مدى واقعية هذه السيناريوهات؟ وهل النخبة الأمريكية قادرة على إدارة عمليات بهذا الحجم؟
في عام 2020، لم يدعم الجيش ترامب، على الرغم من أن تعاطفهم كان إلى جانب الجمهوريين بشكل أكبر. ونتيجة لذلك، لم يقرر ترامب القيام بانقلاب، على الرغم من توفر عدد من الشروط الأخرى. فالجيش جزء من المجتمع، وآلية الاختبار البيروقراطي في زمن السلم تضع على رأس السلطة الماكر والمتملق وليس الحاسم والصارم. وفي الولايات المتحدة الآن، علاوة على ذلك، فإن المعيار الرئيسي لحياة مهنية ناجحة هو الانتماء إلى مجتمع المثليين LGBT، لذلك لدي شكوك في قدرة الجيش على المشاركة في الانقلاب أو دعمه.
إقرأ المزيد هل تضطر مصر والأردن لمحاربة إسرائيل؟ينطبق الشيء نفسه على الانهيار الاقتصادي المتحكم فيه. من الممكن أن يتم تنظيمه، لكن من الممكن أن يخرج عن نطاق السيطرة بسهولة، وأعتقد أن النخب ستكون خائفة من ممارسة مثل هذه الألعاب. لهذا، ومرة أخرى، أشك في فرص الولايات المتحدة لإنقاذ نفسها من التهلكة.
يشير العنوان والوقت المذكور للانقلاب والانهيار الاقتصادي المفترضين فقط إلى سيناريوهات يمكن التحكم فيها، لكن احتمال وجود سيناريو القصور الذاتي خارج السيطرة مرتفع، بل إنه أكثر ترجيحا من السيناريو الذي يمكن التحكم فيه. على الأرجح، لن تجرؤ النخبة الأمريكية على اتخاذ إجراءات جريئة، وستؤجل اتخاذ القرارات حتى يبدأ كل شيء في الانهيار ويخرج عن نطاق السيطرة.
وبالرجوع خطوة إلى الوراء عن هذه القضية، فإن الظروف قد أصبحت الآن متاحة للاعبين الصغار على الساحة الدولية مثل فنزويلا أو الحوثيين، على سبيل المثال لا الحصر، لتحدي الولايات المتحدة بأمان. يستطيع مادورو أو الحوثيون أن يكسروا حبة الجوز على جبهة بايدن بمطرقة، وسيتظاهر من جانبه بأن شيئا لا يحدث.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف الحزب الديمقراطي ألكسندر نازاروف البيت الأبيض الحزب الجمهوري الحوثيون الكونغرس الأمريكي جو بايدن دونالد ترامب عبد الملك الحوثي الولایات المتحدة الحرب العالمیة
إقرأ أيضاً:
وسط انهيار المدارس والبنية التحتية.. كيف يتعامل أهالي غزة لتعليم أطفالهم وسط الحرب؟
سلط موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي، الضوء على جهود أهالي غزة لتعليم أبنائهم رغم الحرب المتواصلة والدمار الكبير في البنية التحتية.
وفي تحقيق خاص بالأمر، قال الموقع إنه مع دخول أطفال غزة عامهم الثاني بلا دراسة، بدأ أولياء الأمور تولّي مسؤولية تعليم أبنائهم بأنفسهم، إذ أن الوضع القاسي دفع العائلات إلى الاستنجاد بمتطوعين أو معلمين فقدوا وظائفهم لتعليم أطفالهم.
يأتي ذلك بعدما دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال 13 شهرًا، 93 % من المدارس والمؤسسات التعليمية، ما أدى إلى تعليق الدراسة لجيل كامل، وهو ما وصفه خبراء أمميون بـ"الإبادة التعليمية".
وقالت ربة المنزل شريفة الدريملي، إن ابنها يوسف، البالغ من العمر 9 سنوات، كان طالباً متفوقًا "ولكن بعد شهرين من الحرب بدأ يواجه صعوبة في كتابة اسمه".
وفي ظل غياب التعليم النظامي، يلجأ العديد من الأهالي إلى متطوعين مثل آية حسن، وهي معلمة لغة إنجليزية سابقة بدأت بتقديم دروس للأطفال النازحين.
أكدت آية، التي تدرس ليوسف أيضاً، إنها تتلقى مبلغاً زهيداً للغاية مقابل خدماتها، مؤكدة أنها تواجه تحديات أثناء التدريس حيث "يدرس مئة طالب في مساحة صغيرة دون أي كهرباء أو تهوية جيدة، مع انقطاع خدمات الإنترنت بشكل متكرر".
وبالنسبة لآية فإن التدريس في هذه الظروف هو "طريقة لتخفيف التوتر عند الكثير من الطلاب، أكثر من كونه تجربة تعليمية".