تراجع ثقة الأعمال في مصر إلى أقل مستوى في 2012.. ما الأسباب والتداعيات؟
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
تدهورت ثقة الأعمال في مصر إلى أدنى مستوى لها منذ نحو 12 عاما حيث تراجع مستوى الثقة لدى شركات القطاع الخاص في مصر بشكل غير مسبوق منذ عام 2012.
وأرجع مؤشر مديري المشتريات تراجع ثقة شركات القطاع الخاص في مصر لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر السبب إلى ارتفاع معدل التضخم والانخفاض المستمر في الإنتاج والطلبات الجديدة.
وتسببت الضغوط الناجمة عن التضخم، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن "إس أند بي غلوبال" إلى انخفاض حاد في المبيعات إلى العملاء وارتفاع كبير في الأسعار الناتج عن ضعف العملة وصعوبات الحصول على مستلزمات الإنتاج، مما أدى إلى انخفاض في التوظيف والمشتريات.
كما واصل نشاط القطاع الخاص الانكماش للشهر الـ 36 على التوالي، وسجل مؤشر مديري المشتريات 48.4 نقطة في تشرين الأول/ نوفمبر، وظلت دون حاجز 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش منذ تشرين الأول/ نوفمبر 2020، وبذلك ظل نشاط القطاع الخاص في منطقة الانكماش لثلاث سنوات.
تواجه الشركات المصنعة في مصر من انخفاض الإنتاج بسبب استمرار مشكلات الاستيراد التي وعدت الحكومة مرارا بحلها ما أدى إلى انخفاض الإنتاج في عدد من القطاعات، و اضطرت أيضا إلى رفع أسعارها بمعدل أسرع لتعويض ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة ضعف العملة ونقص الإمدادات.
مع انخفاض ثقة الأعمال إلى أدنى مستوياتها منذ نيسان/ أبريل 2012، أظهرت بيانات المسح أن التشاؤم بشأن مستويات الإنتاج خلال الأشهر العام المقبل انخفض أيضا إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، إذ تتوقع الشركات أن يستمر التضخم في خفض الطلب ورفع تكاليف المدخلات.
التضخم والدولار والفائدة
بلغت معدلات التضخم الأساسي على أساس سنوي مستويات قياسية هذا العام متجاوزة 40%، ولكن بعض السلع تجاوز التضخم فيها 100%، على خلفية الخفض المتتالي لقيمة العملة المحلية والنقص المستمر في العملات الأجنبية.
من المثير للتشاؤم أيضا، أن مسلسل تخفيض قيمة العملة لم ينته بعد، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تُجري مصر تخفيضا آخر (رابع) لقيمة الجنيه ورفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عدة عقود بعد الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الشهر، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى موجة جديدة من التضخم وزيادة الضغوط على النشاط الاقتصادي.
انعكس تراجع الإنتاج على معدلات الصادرات، وارتفع عجز الميزان التجاري في أيلول/ سبتمبر الماضي بنسبة 10.3%، ليسجل 3.14 مليار دولار ، وذلك بعد انخفاض صادرات مصر في الشهر ذاته بنسبة 33.7%، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
بيئة الأعمال في ضيق وتضييق
يعتقد الخبير المصرفي والمالي، شريف عثمان، أن "مناخ الاستثمار الناجح في أي بلد يتطلب عدة أمور، مثل الثقة في العملة، وبيئة تشريعية قوية، وقدرة على البيع والتخارج من السوق، وأعتقد أن جميعها لا تتوفر في السوق المصرية".
وعزا في تصريحات لـ"عربي21"، تراجع ثقة المستثمرين والشركات إلى أن "هناك كيانات تسيطر على النشاط الاقتصادي.. وتسمح بالفتات للقطاع الخاص، وبالتالي هذا القطاع فقد الثقة ويحاول الابتعاد كلما سنحت الفرصة، ولنا في الأخوة ساويرس أوضح مثال، حيث ينقلون أنشطتهم، الواحد تلو الآخر، خارج مصر".
دفعت بيئة الأعمال المضطربة في مصر أغنى رجل في مصر، الملياردير ناصف ساويرس، إلى إعلان نقل مكتب عائلته إلى أبوظبي بدولة الإمارات بدلا من مصر في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة الناجمة عن مجموعة من المشاكل.
أعرب رجل الأعمال المصري الملياردير، نجيب ساويرس، عن تشاؤمه من الوضع الاقتصادي الحالي وضبابية المشهد، وقال: "الوحيد الذي يعرف أين سوف يصل سعر الدولار هو الله"، منتقدا عدم استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار بما يؤثر سلباً على مشروعاته في مصر.
واعتبر ساويرس، في تصريحات صحفية على هامش منتدى "شغلني" في القاهرة ، أن التضخم وأسعار المواد الأساسية وارتفاع نسبة الفائدة على القروض كلها عوامل تأكل من أرباح المطورين العقاريين، مشيرا إلى أنه لم يربح من مشروعه في مدينة الشيخ زايد "جنيها"، على حد قوله.
غياب الثقة والشفافية وعدم القضاء على الفساد
وبشأن تدهور بيئة العمل والاستثمار في مصر رغم ما تعلنه الحكومة المصرية من إجراءات لتحسينها وصف الباحث الاقتصادي والاجتماعي، إلهامي الميرغني، تلك الإجراءات بأنها "غير مجدية لأنها تعالج المشاكل بطريقة خاطئة، ولا تعالج جذور المشكلة التي تبني جسور الثقة مع المستثمرين، وتفضيل شركات الدولة والقوات المسلحة ومحاباتها على حساب القطاع الخاص، بالتالي لا يوجد حرية استثمار".
إلى جانب غياب جسور الثقة والمحاباة، يرى الميرغني في حديثه لـ"عربي21": أن "ظاهرة الفساد هو أحد أكثر العراقيل أمام حرية الاستثمار، وغياب الشفافية، والمطالع للمؤشرات الاقتصادية للدولة هي مؤشرات سلبية وفي تراجع مستمر ورغم ذلك لا توجد أي إجراءات حقيقية لوقف هذا التدهور، ووقف نزوح رأس المال والاستثمارات خارج مصر".
تحتاج بيئة المناخ في مصر للتشجيع على الاستثمار، وفقا للاقتصادي المصري، تضافر عدد من الإجراءات على رأسها القضاء على الفساد والمحسوبية، وبحاجة إلى الشفافية في كل شيء، وتساوي الفرص أمام جميع المستثمرين، واستقرار الوضع الاقتصادي وهيكلته على أسس صحية، وحتى تحقيق هذه الخطوات ستظل بيئة ومناخ الاستثمار
تهيمن ديون مصر المستحقة في عام 2024 التي تواصل الارتفاع على جهود الحكومة المصرية لتجنب شبح التخلف عن سدادها، إذ توقع البنك المركزي أن يبلغ إجمالي أقساط الديون والفوائد المستحقة على البلاد نحو 42.3 مليار دولار خلال عام 2024 وحده.
ارتفعت الديون متوسطة وطويلة الأجل المستحقة على مصر خلال عام 2024 وحده إلى نحو 32.8 مليار دولار ما يعادل 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد 2024، إلى جانب سداد نحو 9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من 2024.
وتضاعف دين مصر الخارجي بنحو أربع مرات خلال العقد الماضي، ليبلغ مستوى قياسي عند 165.4 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس الماضي، أي ما يعادل نحو 40.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتمثل الديون المقومة بالدولار أكثر من ثلثي الديون الخارجية للبلاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر الاقتصادي مصر اقتصاد السيسي تجارة مديونية المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القطاع الخاص ملیار دولار فی مصر
إقرأ أيضاً:
سعر الذهب العالمي يصل إلى أعلى مستوى خلال 3 أشهر.. ما الأسباب؟
ارتفع سعر الذهب العالمي ليسجل أعلى مستوى في ثلاثة أشهر خلال تداولات اليوم الجمعة، في طريقه إلى تسجيل ارتفاع للأسبوع الرابع على التوالي، وذلك بعد انخفاض كبير في مستويات الدولار الأمريكي بعد أن طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخفض أسعار الفائدة بشكل فوري.
أسعار أونصة الذهب العالميوبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة «جولد بيليون»، سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع اليوم بنسبة 0.7% ليسجل أعلى مستوى منذ نهاية أكتوبر الماضي عند 2778 دولار للأونصة، ليتداول حالياً عند المستوى 2775 دولار للأونصة، بعدما افتتح تداولات اليوم عند المستوى 2753 دولارا للأونصة.
واقترب سعر الذهب العالمي أكثر من المستوى التاريخي الذي سجله في أكتوبر الماضي عند 2790 دولارا للأونصة، حيث يقدم الذهب على تسجيل ارتفاع أسبوعي بنسبة 2.7% حتى الآن وهو ارتفاع للأسبوع الرابع على التوالي.
خفض أسعار الفائدةودعا الرئيس دونالد ترامب في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس منظمة الأوبك والدول الأخرى المنتجة للنفط إلى خفض أسعار النفط، وحث البنوك المركزية العالمية على خفض أسعار الفائدة.
واعتبرت الأسواق المالية أن الحديث موجه إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخصوص خفض أسعار الفائدة، وبالتالي تعد التصريحات ضد توقعات الأسواق التي كانت ترى أن التعريفات الجمركية التي سيفرضها ترامب ستدفع التضخم إلى الارتفاع وبالتالي تجبر البنك الفيدرالي على الإبقاء على سعر الفائدة مرتفع.
ولكن ترامب لم يقم بتفعيل فوري لرفع التعريفات الجمركية بمجرد توليه الرئاسة مطلع هذا الأسبوع، ولكن تبدو سياسته تميل إلى الرفع التدريجي للحول دون حدوث ارتفاع مفاجئ في معدلات التضخم.
وتسبب هذا في دفع الدولار الأمريكي إلى التراجع منذ بداية الأسبوع بنسبة تقترب من 2%، حيث انخفض خلال جلسة اليوم الجمعة بنسبة 0.8% ليسجل أدنى مستوى منذ 5 أسابيع مقابل سلة من العملات الرئيسية.
وبحسب مؤسسة «جولد بيليون»، فإن انخفاض مستويات الدولار الأمريكي يجعل الذهب أعلى تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، ما ساهم في ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير اليوم.
وباع المستثمرون الدولار في أعقاب تنصيب ترامب بعد أن لم تتحقق إعلاناته الجمركية المتوقعة على نطاق واسع على الفور، إضافة إلى قيام البنك المركزي الياباني برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 مما دعم ارتفاع الين الياباني مقابل الدولار ليزيد من الضغط السلبي على العملة الأمريكية وهو أمر إيجابي بالنسبة لأسعار الذهب.
ومن المنتظر أن تصدر قرارات أسعار الفائدة من البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي الأسبوع المقبل، ولا تشير التوقعات إلى أي فرصة تقريبًا لخفض أسعار الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي، ولكن التركيز سيكون على بيان البنك وتصريحات رئيسه جيروم باول خاصة بعد مطالبة الرئيس الأمريكي بخفض الفائدة.
وتظل التوقعات إيجابية بالنسبة لأسعار الذهب حيث تمسكت بعض المؤسسات المالية العالمية بمستهدفها للذهب عند 3000 دولار للأونصة خلال هذا العام، بالرغم من عدم اليقين المتعلق بمستقبل التعريفات الجمركية الأمريكية ومستقبل أسعار الفائدة.