إيجاد طريقة لتحديد العمر البيولوجي لأعضاء الجسم والتنبؤ بخطر المرض والموت
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
أظهرت دراسة أجريت على 5678 شخصا، بقيادة باحثين من جامعة ستانفورد للطب، أن الشيخوخة لا تختلف فقط بين الأفراد، بل إن أعضاء الجسم أيضا تشيخ بمعدلات مختلفة من شخص لآخر.
وعندما يكون عمر العضو متقدما بشكل خاص مقارنة بنظيره لدى أشخاص آخرين من نفس العمر، يكون الشخص الذي يحمله معرضا لخطر متزايد للإصابة بالأمراض المرتبطة بهذا العضو والوفاة.
ووفقا للدراسة، فإن واحدا من كل خمسة بالغين يتمتعون بصحة جيدة ويبلغون من العمر 50 عاما أو أكثر، لديه عضو واحد على الأقل يشيخ بمعدل متسارع للغاية.
ومع ذلك، قد يكون من الممكن أن يتمكن اختبار دم بسيط من معرفة أي أعضاء في جسم الشخص، إن وجدت، تشيخ بسرعة، ما يوجه التدخلات العلاجية قبل ظهور الأعراض السريرية بوقت طويل.
وقال كبير مؤلفي الدراسة، توني ويس-كوراي، أستاذ علم الأعصاب بجامعة ستانفورد: "يمكننا تقدير العمر البيولوجي لعضو ما في شخص يتمتع بصحة جيدة. وهذا بدوره يتنبأ بخطر إصابة الشخص بمرض مرتبط بهذا العضو".
واستخدم الفريق، بقيادة أكاديميين من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، التعلم الآلي لتقييم مستويات البروتين في دم الإنسان.
وركزت الدراسة على 11 عضوا أو جهازا عضويا أو أنسجة رئيسية، بما في ذلك الدماغ والقلب والرئة والكلى والكبد والبنكرياس والأمعاء، بالإضافة إلى جهاز المناعة والعضلات والدهون والأوعية الدموية.
وأوضح فيس-كوراي: "عندما قارنا العمر البيولوجي لكل عضو من هذه الأعضاء لكل فرد مع نظرائه بين مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض خطيرة واضحة، وجدنا أن 18.4% من أولئك الذين يبلغون من العمر 50 عاما أو أكثر لديهم عضو واحد على الأقل يشيخ بسرعة أكبر بكثير من المتوسط. ووجدنا أن هؤلاء الأفراد معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بمرض في هذا العضو بالذات خلال الخمسة عشر عاما التالية".
إقرأ المزيدوكان لدى واحد فقط من بين 60 شخصا في الدراسة عضوان يخضعان للشيخوخة السريعة. وقال ويس-كوراي: "كان لديهم خطر وفاة أكبر بـ 6.5 مرة من شخص ليس لديه أي عضو خاضع للشيخوخة".
وباستخدام التقنيات المتاحة تجاريا وخوارزمية من تصميمهم الخاص، قام الباحثون بتقييم مستويات آلاف البروتينات في دماء الأشخاص، وحددوا أن ما يقارب 1000 من تلك البروتينات نشأت داخل عضو واحد أو آخر، وربطوا المستويات الشاذة من تلك البروتينات بتسارع شيخوخة الأعضاء وقابلية تعرضها للأمراض والوفيات.
وبدأوا بفحص مستويات نحو 5000 بروتين في الدم لما يقل قليلا عن 1400 شخص سليم في مركز أبحاث ألزهايمر، تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 90 عاما، ولكن معظمهم في المراحل المتوسطة والمتأخرة من الحياة.
ووضعوا علامة على جميع البروتينات التي كانت جيناتها أكثر نشاطا بأربعة أضعاف في عضو واحد مقارنة بأي عضو آخر.
ووجدوا 858 بروتينا خاصا بالأعضاء، وقاموا بتدريب الخوارزمية على تخمين عمر الشخص بناء عليها.
وقال كبير مؤلفي الدراسة، ويس-كوراي: "يمكننا تقدير العمر البيولوجي لعضو ما في شخص يتمتع بصحة جيدة على ما يبدو. وهذا بدوره يتنبأ بخطر إصابة الشخص بمرض مرتبط بهذا العضو".
وبشكل عام، اختبر الفريق الخوارزمية الخاصة بهم على إجمالي 5676 مريضا عبر خمس مجموعات. ثم استخدموا البروتينات التي حددوها للتركيز على كل عضو من الأعضاء الـ 11 التي اختاروها للتحليل، وقياس مستويات البروتينات الخاصة بالأعضاء داخل دم كل فرد.
إقرأ المزيدوكشفت الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature، أن الفجوات العمرية المحددة لـ 10 من أصل 11 عضوا تمت دراستها (الاستثناء الوحيد هي الأمعاء) ارتبطت بشكل كبير بخطر الوفاة في المستقبل لجميع الأسباب على مدى 15 عاما من المتابعة.
وكان وجود عضو متسارع الشيخوخة يحمل خطرا أعلى للوفاة بنسبة 15% إلى 50%. على مدار الخمسة عشر عاما التالية، اعتمادا على العضو المصاب.
وأظهرت الدراسة أن الذين يعانون من تسارع شيخوخة القلب، ولكن لم تظهر عليهم في البداية أي أمراض نشطة أو مؤشرات حيوية غير طبيعية سريريا، كانوا أكثر عرضة بنحو 2.5 مرة لخطر الإصابة بقصور القلب مقارنة بالذين يملكون قلوبا تتقدم في السن بشكل طبيعي.
وكان أولئك الذين لديهم أدمغة "كبيرة السن" أكثر عرضة بمقدار 1.8 مرة لإظهار التدهور المعرفي على مدى خمس سنوات مقارنة بأولئك الذين لديهم أدمغة "أصغر سنا". ويتنبأ تسارع شيخوخة الدماغ أو الأوعية الدموية بخطر تطور مرض ألزهايمر، كما تفعل أفضل المؤشرات الحيوية السريرية المستخدمة حاليا.
وكانت هناك أيضا ارتباطات قوية بين درجة الشيخوخة الشديدة للكلى وكل من ارتفاع ضغط الدم والسكري، وكذلك بين درجة الشيخوخة الشديدة للقلب وكل من الرجفان الأذيني والنوبات القلبية.
وقال ويس كوراي: "إذا تمكنا من إعادة إنتاج هذه النتيجة في 50 ألف أو 100 ألف فرد، فهذا يعني أنه من خلال مراقبة صحة الأعضاء الفردية لدى الأشخاص الأصحاء ظاهريا، قد نكون قادرين على العثور على الأعضاء التي تمر بشيخوخة متسارعة في البشر. وقد نتمكن من علاج الناس قبل أن يمرضوا".
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الصحة الصحة العامة امراض امراض القلب تجارب دراسات علمية مرض الشيخوخة معلومات عامة معلومات علمية العمر البیولوجی عضو واحد
إقرأ أيضاً:
حصار البحر والموت في أمواجه.. إسرائيل تدمر قطاع الصيد في غزة
الثورة / متابعات
يعيل عدنان الأقرع، أسرة مكونة من 13 فردًا، وقد ورث مهنة الصيد عن والده وأجداده، لكنه اليوم يقف عاجزًا أمام واقع قاسٍ فرضته حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع الصيد البحري، حيث تغلق سلطات الاحتلال البحر أمام آلاف العاملين فيه.
يمتلك الأقرع ثلاثة قوارب صغيرة (حسكة) يعتمد عليها في إعالة أسرته، ومع ذلك، فإن قيود الاحتلال على الصيد جعلت من العمل في البحر خطرًا يوميًا يهدد حياته وحياة أبنائه.
يقول لأقرع: “كنا نحاول الصيد على بعد بضعة أمتار فقط من الشاطئ، ولكن حتى هذا كان يشكل خطرًا كبيرًا، فالاحتلال لا يريد لنا أن نعيش، ويفرض علينا حصارًا بحريًا خانقًا، ويمنعنا من الصيد، وعندما نحاول العمل في أقرب نقطة إلى الشاطئ، نصبح أهدافًا مباشرة لنيرانه”.
في صباح يوم 10 فبراير 2024م، خرج ابنه محمود، 24 عامًا، لمساعدته في الصيد، ولم يكن يدرك أن هذا اليوم سيكون الأخير في حياته، فعند الساعة السابعة والربع، رأيناه يحاول الابتعاد قليلًا داخل المياه، لكن زوارق الاحتلال كانت له بالمرصاد، حيث أطلقت عليه قذيفتين مباشرة، وعلى مرأى من أعيننا جميعًا، سقط شهيدًا في البحر”.
ويضيف الأقرع: “لم أستطع فعل شيء لإنقاذه، كنت أشاهد ابني وهو يغرق في دمه، بينما كانت الزوارق الحربية تواصل استهداف كل من يحاول الاقتراب”.
ولم يكن مجدي الأقرع، ابن عم عدنان، في وضع أفضل، إذ فقد أربعة قوارب يمتلكها بفعل القصف والتدمير الإسرائيلي، ما جعله يفقد مصدر رزقه الوحيد.
يقول مجدي: “خسرنا كل شيء، استهدف الاحتلال قواربنا وأحرقها بالكامل، ولم يكتفِ بذلك، إذ دمر الشباك والمعدات التي نعتمد عليها في عملنا اليومي. كيف سنعيش الآن؟ ومن أين سنحصل على قوت أطفالنا”.
وتابع “أعيل أسرة كبيرة مكونة من 60 فردًا، تضم إخوتي وأولادهم، واليوم لم يعد لدينا أي دخل، كنا نعيش من الصيد، لكنه لم يعد خيارًا متاحًا، نعتمد الآن على التكايا والمساعدات الإنسانية، لكن إلى متى؟.
دمار ممنهج للبنية التحتية
وبحسب نقيب الصيادين في غزة نزار عياش، فإن جيش الاحتلال لم يكتفِ باستهداف الأفراد، بل عمد إلى تدمير البنية التحتية للصيد بشكل كامل، مشيراً إلى أن جميع موانئ الصيد تدمرت بفعل القصف الإسرائيلي المباشرة، ما أدى إلى تدمير القوارب والمعدات.
ويبين عياش أن الاحتلال دمر خلال حرب الإبادة 144 غرفة معدات، و300 قارب صغير، و80 قاربًا كبيرًا في غزة، أما في شمال القطاع، فقد تم تدمير 10 غرف معدات، و40 قاربًا، وفي وسط القطاع تم تدمير 70 قاربًا مع جميع المعدات. أما في ميناء خان يونس، فتم تدمير الميناء بالكامل، مع 80 قاربًا صغيرًا و14 قاربًا كبيرًا، بالإضافة إلى حرق جميع المحركات والشباك”.
ويضيف أن جيش الاحتلال عمل على تدمير جميع مصانع الثلج التي يعتمد عليها الصيادون لحفظ الأسماك، اثنان منهما في ميناء غزة، ومصنع وحيد في ميناء خان يونس، مشيرا إلى أن هذه المصانع كانت أساسية لحفظ الأسماك وضمان عدم تلفها، والآن لم يعد هناك بديل للصيادين.
كما دمر الاحتلال، تبعا لنقيب الصيادين، أنظمة الطاقة الشمسية التي توفر الكهرباء لموانئ الصيد، ومصادر المياه التي تزودهم باحتياجاتهم الأساسية، مشددا على أن الاحتلال تعمد شلّ قطاع الصيد البحري بالكامل، حتى لا تكون هناك أية فرصة لاستعادة الصيادين لمهنتهم.
وبحسب نقابة الصيادين، فإن عدد الشهداء من الصيادين تجاوز 100 شهيد، بينما يعيش أكثر من 5000 صياد أوضاعاً إنسانية كارثية، ويعيلون أكثر من 50,000 نسمة.
ووفقًا لورقة حقائق صادرة عن القطاع الزراعي في شبكة المنظمات الأهلية، تعرَّض قطاع الصيد في غزة لتدميرٍ كبير خلال الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى استشهاد 150 صيادًا، وتضرر وتدمير 87% من مراكب الصيد، بما في ذلك 96 قاربًا مزودًا بمحركات و900 قارب بدون محرك.
وتؤكد الورقة الصادرة في 17 سبتمبر 2024، تضررت البنية التحتية بشكلٍ كبير، حيث تم تدمير ميناء غزة ومرافق الصيد الأخرى، مما خلَّف خسائر غير مباشرة تُقدَّر بحوالي 7 ملايين دولار شهريًا، إضافةً إلى حرمان السكان من الثروة السمكية.
وتشير الورقة إلى أن الصيادين الفلسطينيين يواجهون تحديات متزايدة نتيجة للقيود المفروضة على الصيد وعدم توفر المعدات والوقود، علاوة على فقد آلاف الصيادين مصدر رزقهم وباتوا من أكثر الفئات فقرًا في المجتمع، وتدعو لزيادة الدعم الدولي والمحلي لقطاع الصيد من خلال توفير المساعدات الطارئة وإعادة تأهيل البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز برامج الإغاثة الإنسانية لضمان وصول المواد الغذائية الأساسية إلى السكان.
ولم يقتصر الدمار على الصيادين فحسب، بل طال مشاريع تمكين النساء، مثل “مطبخ زوجات الصيادين”، الذي كان يوفر دخلاً لعشرات العائلات، فالمشروع، الذي تم تمويله من الحكومة الإسبانية، كان يمنح النساء فرصة للعمل وإعالة أسرهن، لكن الاحتلال دمره بالكامل، لتتسع بذلك دائرة البطالة والفقر.
قيود ما قبل الإبادة
وقبل حرب الإبادة الإسرائيلية، فرضت سلطات الاحتلال قيودًا صارمة على الصيادين في غزة. فوفقًا لاتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1995م، كان من حق الصيادين الوصول إلى مسافة تصل إلى 20 ميلاً بحريًا من الشاطئ.
ومع ذلك، قصلت سلطات الاحتلال هذه المسافة لم تكن تسمح قبل حرب الإبادة للصيادين الفلسطينيين بحرية العمل، إذ كانت تضع اشتراطات متعلقة بمساحة الصيد، من أبرزها التضييق في المسافات الشمالية بحيث لا تتجاوز مساحة الصيد ستة أميال بحرية، فيما ترتفع إلى 12 في مناطق غزة والوسط وإلى 15 جنوباً في رفح، وهي نسب قليلة للغاية مع متطلبات الصيادين.
كما سُجِّلت مئات الحالات من إطلاق النار والاعتقالات ومصادرة المعدات خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى ذلك، يعاني الصيادون من منع دخول قطع الغيار ومعدات الصيد، وعدم السماح بإدخال الوقود اللازم لتشغيل المحركات، مما يزيد من معاناتهم ويقلل من قدرتهم على كسب لقمة العيش.
ورغم التفاهمات التي جرت عدة مرات قبيل الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع في أكتوبر 2023م، إلا أن الاحتلال لم يكن يلتزم بها كثيراً، حيث أبقى على ملاحقة الصيادين، ما تسبب في استشهاد وإصابة العشرات منهم في الفترة ما بين 2017م و2023م.
وخلال شهور الحرب، كان عدد بسيط لا يتجاوز العشرات من الصيادين يجازفون بالعمل عبر الشباك البسيطة من أجل صيد ما يمكن صيده من الأسماك لتوفيرها غذاءً للعائلات، في ظل التجويع الذي استخدمه الاحتلال ضد سكان القطاع.
حجم الخسائر
ويعد منع الصيادين من النزول بقواربهم إلى البحر أحد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة، حيث تؤكد حركة حماس أن سلطات الاحتلال لم تلتزم بحرية عمل الصيادين استناداً للبروتوكولات الإنسانية من المرحلة الأولى للاتفاق.
ويقول منسق اتحاد لجان الصيادين في غزة زكريا بكر إن واقع الصيادين بعد الحرب لم يختلف كثيراً بالرغم من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير2025م، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي الصيادين من نزول البحر.
ويضيف بكر أن الاحتلال أصدر تعليمات مشددة بعدم الاقتراب من شاطئ البحر، سواء للصيد أو السباحة، وهو ما يبقي قطاع الصيد متوقفاً حتى الآن، وسط ترقب من الصيادين للعودة إلى مهنتهم.
ويوضح منسق اتحاد لجان الصيادين في غزة أن قطاع الصيد شهد توقفاً كاملاً على مدى عام ونصف عام تقريباً، وهي المدة الأطول في تاريخ هذا القطاع من ناحية التوقف عن العمل بشكل كلي جراء حرب الإبادة.
وحسب بكر، دمر الاحتلال كل مقومات الحياة للصيادين الفلسطينيين عبر تدمير بيوتهم وممتلكاتهم ومراكبهم، فضلاً عن أن 85% من الصيادين الفلسطينيين نزحوا من مناطق غزة والشمال باتجاه المناطق الوسطى والجنوبية للقطاع.
وبشأن الخسائر التي طاولت قطاع الصيد، يلفت منسق اتحاد لجان الصيادين إلى أن الخسائر غير المباشرة بفعل التوقف عن العمل تقدر بنحو 120 مليون دولار، فضلاً عن تدمير الاحتلال 95% من ممتلكات الصيادين وجميع المعدات المتعلقة بقطاع الصيد.
ويرجح أن يصل إجمالي خسائر قطاع الصيد بعد انتهاء مرحلة حصر الأضرار إلى أكثر من 200 مليون دولار.