اعتبرت المحللة إيكاترينا زولوتوفا أن ثمة مبالغة فيما يتعلق بالقلق الغربي تجاه تعمق العلاقات الروسية الإيرانية في عدة مجالات، مستشهدة بتحذير البيت الأبيض الشهر الماضي من أن طهران تدرس تزويد موسكو بصواريخ باليستية لاستخدامها في أوكرانيا.  

وأوضحت زولوتوفا في تحليل نشره موقع جيوبوليتكال فيوتشرز أن التقارب المتزايد بين موسكو وطهران يتزامن مع ضغوط غربية على كليهما، كما أنه نتيجة طبيعية لعزلتهما المتزايدة والواقع الداخلي الصعب.

 

وذكرت أن روسيا وإيران ليس لديهما ما يمكنهما تقديمه لبعضهم البعض، ولن يغير تحالفها التوازن لأي من البلدين لعدة عوامل.  

وعلى الصعيد التجاري، فرغم تجاوز نمو التجارة الثنائية العام الماضي 10%، إلا أنه لم يتجاوز 1% من إجمالي التجارة الروسية. 

 بالنسبة لإيران، فإن روسيا ليست شريكًا تجاريًا كبيرًا، وعلى الرغم من أنها أكبر مستثمر، حيث تنفق 2.76 مليار دولار على الاستثمارات في إيران. 

ولفتت إلى أن هناك عاملا رئيسيا يتعلق بالبنية التحتية يحول دون مواصلة تعزيز العلاقات التجارية بين موسكو وطهران، إذ يفتقر البلدان لوجود شبكات نقل متطورة وموثوقة لتوصيل البضائع إلى السوق. 

ويتمتع كلا البلدين بإمكانية الوصول إلى بحر قزوين، لكن موانئ البلدين هناك متخلفة، كما أن انحسار منسوب المياه في البحر يزيد من صعوبة نقل البضائع. 

كما أن تنفيذ الممر بين الشمال والجنوب معقد بسبب عدم وجود مشغل واحد للتعامل مع الخدمات اللوجستية والمدفوعات مقابل النقل والبضائع. 

وهناك أيضا عاملا أخر يتمثل في الطلب على السلع الاستهلاكية، فإيران غير قادرة على إنتاج السلع الإلكترونية التي يرغب المستهلكون الروس في شرائها، ولديها الآن قدرة محدودة على الوصول إليها. 

وعلى سبيل المثال فإن السيارات الإيرانية IKCO Dena، والتي يمكن مقارنتها من ناحية الأسعار بالسيارات الروسية، متاحة في روسيا في عام 2023، ولكن في الأشهر العشرة الأولى من العام تم بيع 99 فقط. 

ربما لا تتناسب السيارات الإيرانية مع احتياجات المستهلكين الروس، لكن الافتقار إلى برامج الاستيراد والتصدير المتطورة لتسهيل التجارة يمثل مشكلة أيضًا. 

وتُباع السيارات الإيرانية حاليًا في روسيا بموجب مخطط الواردات الموازي لموسكو، لذا فإن الوصول إلى قطع الغيار والملحقات لا يمكن الاعتماد عليه. 

ولم تكن السلع الإيرانية الأخرى التي وصلت إلى السوق الروسية - من الشامبو إلى معجون الطماطم - ناجحة جزئيا لأنها كانت في مجالات تنافسية للغاية. 

اقرأ أيضاً

معادلة روسيا وإسرائيل.. غزة توتِّر علاقتهما وإيران تمنع انهيارها

كما واجهت المنتجات الروسية صعوبة في دخول السوق الإيرانية. ونحو 90% من الصادرات الروسية إلى إيران عبارة عن مواد غذائية ومواد أولية زراعية. 

أما فيما يتعلق بتوسع البلدين في التعاون في المجال العسكري التقني، فإن التبادلات محدودة هنا أيضا، فإيران ببساطة ليست مهتمة بالكثير مما يمكن أن تقدمه الصناعة الدفاعية الروسية. 

وقالت طهران إنها حققت بالفعل الاكتفاء الذاتي في الأسلحة الدفاعية وحصلت على مخزون من أنظمة الأسلحة الخاصة بها. 

ولذلك قد لا تحتاج إلى شراء أفضل العروض الروسية - على الرغم من أن طهران حاولت شراء نظام الدفاع الصاروخي S-400 في عام 2019، ولكن تم رفضها. 

وأخيراً، فإن انعدام الثقة المستمر بين موسكو وطهران يعمل بمثابة عائق أمام بناء تحالف قوي ودائم. 

ففي إيران هناك أصوات تحذر من أن إقامة علاقة أوثق مع روسيا يشجع الولايات المتحدة على تضييق الخناق على البرنامج النووي الإيراني. 

وفي المقابل يشعر الكرملين بالقلق بشأن الاستقرار الداخلي في إيران، فضلاً عن الضرر المحتمل الذي يمكن أن تلحقه العلاقات الوثيقة بعلاقات روسيا مع دول أخرى في المنطقة مثل إسرائيل وتركيا وأذربيجان.  

على سبيل المثال لا الحصر، غضبت طهران في وقت سابق من هذا العام عندما بدا أن موسكو تقف إلى جانب الإمارات في نزاعها مع إيران حول وضع ثلاث جزر صغيرة في مضيق هرمز. 

وخلصت المحللة إلى أن التعاون بين روسيا وإيران آخذ في التوسع، لكنه ليس بلا حدود. ولا يزال كلا الجانبين يعطيان الأولوية للعلاقات المتنوعة التي تغطي مجموعة من المجالات على علاقاتهما الثنائية، ولكن التحالف الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال. 

اقرأ أيضاً

روسيا وإيران توقعان اتفاقية لمواجهة العقوبات الأمريكية والغربية

المصدر | إيكاترينا زولوتوفا/ جيوبوليتكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: روسيا إيران العلاقات الروسية الإيرانية روسیا وإیران

إقرأ أيضاً:

روسيا وإيران توقعان شراكة استراتيجية شاملة

موسكو "أ ف ب": أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان بميثاق الشراكة الذي وقع اليوم بين الطرفين والذي من شأنه "إعطاء زخم" جديد للتحالف القائم بين موسكو وطهران اللتين تقيمان علاقات متوترة مع الغرب.

وفي السنوات الأخيرة، توطّد التحالف القائم بين روسيا وإيران الخاضعتين لعقوبات دولية تقيّد مبادلاتهما في ظلّ تنامي المواجهة مع الولايات المتحدة والأوروبيين.

تسعى طهران وموسكو، إلى جانب بكين، إلى التصدّي للنفوذ الأمريكي. ونسجتا علاقات وطيدة في عدّة مجالات وتتقارب مواقفهما في ملفّات دولية كثيرة، من الشرق الأوسط إلى النزاع في أوكرانيا.

وتكبد البلدان خسائر وتراجع نفوذهما خصوصا في ديسمبر مع سقوط حكم حليفهما بشار الأسد.

ووقع الرئيسان الجمعة "اتفاق شراكة استراتيجية شاملة" في كل المجالات بما فيها المجال العسكري. ولم ينشر محتوى الوثيقة بعد.

وقال بزشكيان من الكرملين اليوم إن الاتفاق "سينشط روابطنا ويعززها" وسيشكل "أساسا متينا" للعلاقات بين البلدين

وأشاد بوتين بالاتفاق مؤكدا أنه "يوفر لنا الفرصة لإعطاء زخم إضافي لجميع مجالات التعاون تقريبا".

وعقد الرئسان مؤتمرا صحفيا بعد مراسم التوقيع، وفق الرئاسة الروسية.

وعقد هذا اللقاء قبل أيّام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هو الذي عُرف بسياسة "الضغوط القصوى" إزاء إيران خلال ولايته الأولى (2017-2021).

ويتمحور الاتفاق على "التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات الطاقة والبيئة والمسائل المرتبطة بالدفاع والأمن"، وفق ما كشفت السفارة الإيرانية في موسكو الأسبوع الماضي.

وفي مقال نشرته وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "هي خطوة نحو عالم أكثر عدلا وتوازنا. فإيران وروسيا، إدراكا منهما لمسؤوليتهما التاريخية، ترسيان أسس نظام جديد".

وكشف أن الفكرة تقضي بأن يحلّ "التعاون" محلّ "الهيمنة"، في تلميح إلى القوى الغربية.

وصرّح نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن الهدف من هذه المعاهدة يقوم على "تطوير قدرات" البلدين، لا سيّما من أجل "ضمان قدرة دفاعية موثوقة".

وشدّد على أن الاتفاق "ليس موجّها ضدّ أحد"، مشيرا إلى أن الغرب يسعى "دوما" إلى إظهار أن "روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية تدبّر شيئا ما ضدّ جهة ما".

وما زالت ملامح الاتفاق غير واضحة، غير أن موسكو أبرمت اتفاقا يحمل الاسم عينه العام الماضي مع كوريا الشمالية ينصّ في أحد بنوده على "مساعدة عسكرية فورية" في حال تعرّض أحد البلدين لاعتداء من طرف آخر.

لكنّ وزير الخارجية الإيراني أكّد هذا الأسبوع، بحسب وسائل إعلام روسية، أن المعاهدة مع طهران لا ترمي إلى "إنشاء تحالف عسكري" شبيه بذاك المبرم بين موسكو وبيونغ يانغ.

مقالات مشابهة

  • بعد مقتل 4 كييف..موسكو: الهجوم رداً على مهاجمة روسيا بصواريخ أتاكمز الأمريكية
  • اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة بين روسيا وإيران
  • تحليل لـCNN: لماذا تمثل اتفاقية الشراكة بين روسيا وإيران تحديا لإدارة ترامب؟
  • اتفاقية شراكة لـ20 عاماً.. روسيا وإيران تثيران مخاوف الغرب
  • روسيا وإيران توقعان شراكة استراتيجية شاملة
  • اتفاق الشراكة الروسية الإيرانية.. تصعيد استراتيجي يحمل رسائل مباشرة لإدارة ترامب
  • بزشكيان يصل إلى موسكو للقاء بوتين وتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية الروسية الإيرانية
  • أحمد بن محسن: الذهب يظل الخيار الأفضل للاستثمار لهذه الأسباب
  • لهذه الأسباب..محافظ أسيوط يتفقد المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بمركز أبنوب
  • تقرير: الاتفاقية الإيرانية - الروسية رد استراتيجي على الضغوط الغربية