تحليل: التحالف الاستراتيجي بين روسيا وإيران بعيد المنال لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
اعتبرت المحللة إيكاترينا زولوتوفا أن ثمة مبالغة فيما يتعلق بالقلق الغربي تجاه تعمق العلاقات الروسية الإيرانية في عدة مجالات، مستشهدة بتحذير البيت الأبيض الشهر الماضي من أن طهران تدرس تزويد موسكو بصواريخ باليستية لاستخدامها في أوكرانيا.
وأوضحت زولوتوفا في تحليل نشره موقع جيوبوليتكال فيوتشرز أن التقارب المتزايد بين موسكو وطهران يتزامن مع ضغوط غربية على كليهما، كما أنه نتيجة طبيعية لعزلتهما المتزايدة والواقع الداخلي الصعب.
وذكرت أن روسيا وإيران ليس لديهما ما يمكنهما تقديمه لبعضهم البعض، ولن يغير تحالفها التوازن لأي من البلدين لعدة عوامل.
وعلى الصعيد التجاري، فرغم تجاوز نمو التجارة الثنائية العام الماضي 10%، إلا أنه لم يتجاوز 1% من إجمالي التجارة الروسية.
بالنسبة لإيران، فإن روسيا ليست شريكًا تجاريًا كبيرًا، وعلى الرغم من أنها أكبر مستثمر، حيث تنفق 2.76 مليار دولار على الاستثمارات في إيران.
ولفتت إلى أن هناك عاملا رئيسيا يتعلق بالبنية التحتية يحول دون مواصلة تعزيز العلاقات التجارية بين موسكو وطهران، إذ يفتقر البلدان لوجود شبكات نقل متطورة وموثوقة لتوصيل البضائع إلى السوق.
ويتمتع كلا البلدين بإمكانية الوصول إلى بحر قزوين، لكن موانئ البلدين هناك متخلفة، كما أن انحسار منسوب المياه في البحر يزيد من صعوبة نقل البضائع.
كما أن تنفيذ الممر بين الشمال والجنوب معقد بسبب عدم وجود مشغل واحد للتعامل مع الخدمات اللوجستية والمدفوعات مقابل النقل والبضائع.
وهناك أيضا عاملا أخر يتمثل في الطلب على السلع الاستهلاكية، فإيران غير قادرة على إنتاج السلع الإلكترونية التي يرغب المستهلكون الروس في شرائها، ولديها الآن قدرة محدودة على الوصول إليها.
وعلى سبيل المثال فإن السيارات الإيرانية IKCO Dena، والتي يمكن مقارنتها من ناحية الأسعار بالسيارات الروسية، متاحة في روسيا في عام 2023، ولكن في الأشهر العشرة الأولى من العام تم بيع 99 فقط.
ربما لا تتناسب السيارات الإيرانية مع احتياجات المستهلكين الروس، لكن الافتقار إلى برامج الاستيراد والتصدير المتطورة لتسهيل التجارة يمثل مشكلة أيضًا.
وتُباع السيارات الإيرانية حاليًا في روسيا بموجب مخطط الواردات الموازي لموسكو، لذا فإن الوصول إلى قطع الغيار والملحقات لا يمكن الاعتماد عليه.
ولم تكن السلع الإيرانية الأخرى التي وصلت إلى السوق الروسية - من الشامبو إلى معجون الطماطم - ناجحة جزئيا لأنها كانت في مجالات تنافسية للغاية.
اقرأ أيضاً
معادلة روسيا وإسرائيل.. غزة توتِّر علاقتهما وإيران تمنع انهيارها
كما واجهت المنتجات الروسية صعوبة في دخول السوق الإيرانية. ونحو 90% من الصادرات الروسية إلى إيران عبارة عن مواد غذائية ومواد أولية زراعية.
أما فيما يتعلق بتوسع البلدين في التعاون في المجال العسكري التقني، فإن التبادلات محدودة هنا أيضا، فإيران ببساطة ليست مهتمة بالكثير مما يمكن أن تقدمه الصناعة الدفاعية الروسية.
وقالت طهران إنها حققت بالفعل الاكتفاء الذاتي في الأسلحة الدفاعية وحصلت على مخزون من أنظمة الأسلحة الخاصة بها.
ولذلك قد لا تحتاج إلى شراء أفضل العروض الروسية - على الرغم من أن طهران حاولت شراء نظام الدفاع الصاروخي S-400 في عام 2019، ولكن تم رفضها.
وأخيراً، فإن انعدام الثقة المستمر بين موسكو وطهران يعمل بمثابة عائق أمام بناء تحالف قوي ودائم.
ففي إيران هناك أصوات تحذر من أن إقامة علاقة أوثق مع روسيا يشجع الولايات المتحدة على تضييق الخناق على البرنامج النووي الإيراني.
وفي المقابل يشعر الكرملين بالقلق بشأن الاستقرار الداخلي في إيران، فضلاً عن الضرر المحتمل الذي يمكن أن تلحقه العلاقات الوثيقة بعلاقات روسيا مع دول أخرى في المنطقة مثل إسرائيل وتركيا وأذربيجان.
على سبيل المثال لا الحصر، غضبت طهران في وقت سابق من هذا العام عندما بدا أن موسكو تقف إلى جانب الإمارات في نزاعها مع إيران حول وضع ثلاث جزر صغيرة في مضيق هرمز.
وخلصت المحللة إلى أن التعاون بين روسيا وإيران آخذ في التوسع، لكنه ليس بلا حدود. ولا يزال كلا الجانبين يعطيان الأولوية للعلاقات المتنوعة التي تغطي مجموعة من المجالات على علاقاتهما الثنائية، ولكن التحالف الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال.
اقرأ أيضاً
روسيا وإيران توقعان اتفاقية لمواجهة العقوبات الأمريكية والغربية
المصدر | إيكاترينا زولوتوفا/ جيوبوليتكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا إيران العلاقات الروسية الإيرانية روسیا وإیران
إقرأ أيضاً:
لماذا ربطت إيران شبكة بنوكها بالمصارف الروسية؟
طهران – في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين إيران وروسيا، شهدت العاصمة الإيرانية طهران مؤخرا حفلا رسميا حضره محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين وعدد من المديرين التنفيذيين للبنوك في إيران وروسيا، وذلك للإعلان عن ربط شبكة الدفع الروسية "مير" بشبكة "شتاب" الإيرانية.
يأتي هذا التطور في خطوة مهمة لمواجهة العقوبات المالية المفروضة على إيران وروسيا، وتوسيع خيارات الوصول إلى الخدمات المالية لكلا البلدين.
وبربط شبكة "مير" الروسية مع شبكة "شتاب" الإيرانية، سيتمكن حاملو البطاقات المصرفية الإيرانية من استخدامها داخل روسيا لسحب أموالهم بعملة الروبل مباشرة من أجهزة الصراف الآلي الروسية.
وتعد هذه الخطوة حلا ميسرا ومباشرا للمواطنين الإيرانيين الذين يسافرون إلى روسيا، حيث ستتيح لهم إمكانية التعامل المالي من دون الحاجة إلى تبادل العملات أو الاعتماد على طرق دفع خارجية، وفق مراقبين.
ويمثل هذا المشروع أولى خطوات التعاون المالي بين البلدين، إذ من المتوقع أن يتم تطبيقه على 3 مراحل:
المرحلة الأولى: ستتيح الخدمة للإيرانيين في روسيا سحب أموالهم بالروبل عبر البطاقات الإيرانية. المرحلة الثانية: سيتمكن المواطنون الروس المقيمون في إيران من الاستفادة من الخدمة داخل إيران، مما يسمح لهم بسحب أموالهم بالعملة المحلية أو الروبل حسب الحاجة. المرحلة الثالثة: سيتمكن حاملو بطاقات "شتاب" الإيرانية من استخدامها مباشرة في نقاط الدفع التابعة للمحال التجارية الروسية، مما يسهل عمليات الشراء والبيع ويزيد من كفاءة التبادل التجاري بين الدولتين. تسهيل التجارة والسياحةويمثل هذا الربط البنكي لأول مرة بين نظام الدفع الإيراني ونظام دفع أجنبي خطوة تاريخية في ظل العقوبات الغربية التي تواجهها كل من إيران وروسيا، فقبل هذه العملية لم يكن المواطن الإيراني قادرا على استخدام بطاقته البنكية في أي بلد آخر، وذلك بسبب العقوبات المفروضة على إيران.
ويعكس هذا التعاون رغبة البلدين في تحقيق قدر من الاستقلال المالي والقدرة على التبادل التجاري بعيدا عن الأنظمة المالية الغربية التي تعوقها العقوبات.
ويأتي هذا التعاون في وقت حساس بالنسبة لإيران وروسيا، إذ تخضع كلتا الدولتين لعقوبات اقتصادية واسعة النطاق من قبل الدول الغربية، مما أدى إلى تعطيل كثير من الأنشطة المالية والتجارية الدولية لهما.
ووفق الجمارك الإيرانية، منذ أبريل/نيسان الماضي حتى اليوم شكّل الاستيراد من روسيا 2.42% من الواردات الإيرانية. وزار إيران في عام 2023 أكثر من 60 ألف سائح روسي.
الاتفاق الإيراني الروسي سيمكّن الروس من سحب أموالهم بالعملة الإيرانية أو الروبل حسب الحاجة (شترستوك)وكان رئيس البنك المركزي الإيراني قد أعلن في السابع من يوليو/تموز 2024 توقيع أول اتفاقية تبادل نقدي ثنائي للتبادل التجاري بين إيران وروسيا، موضحا أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تسهيل التجارة بين البلدين وتقليل الاعتماد على الدولار واليورو.
وبموجب هذا الاتفاق، سيتم إجراء التبادلات التجارية بين إيران وروسيا مباشرة باستخدام العملات الوطنية للبلدين (الريال والروبل)، كما سيساهم ذلك في التخلص من الوسطاء وتقليل تكاليف تحويل الأموال، وفق قوله.
ماذا عن الأهمية الاقتصادية؟من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد آيزاك سعيديان أن عملية ربط شبكتي البنوك في إيران وروسيا لن تنعكس على اقتصاد إيران إيجابيا، ويعود ذلك إلى العقوبات التي تخضع لها كلتا الدولتين، إيران وروسيا.
وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أنه باتصال شبكتي البنوك الإيرانية والروسية سيتم تسهيل عمليات التجارة، مشيرا إلى أن التجارة بين البلدين قليلة.
طهران وموسكو لا تستطيعان الالتفاف على العقوبات وإفشالها من خلال ربط شبكتي بنوكها حسب محللين (أسوشيتد برس)كما أوضح سعيديان أن العقوبات لن يمكنها أن تجهض هذا الاتفاق بين طهران وموسكو، إذ إنه لا يدور في فلكها، ولكن من جانب آخر، لا تستطيع طهران وموسكو الالتفاف على العقوبات وإفشالها من خلال ربط شبكتي بنوكها، لأنهما بلا شك بحاجة إلى التعامل مع البلدان الأخرى، وفق رأيه.
من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد بيمان مولوي أن هذه خطوة جيدة في مجال علاقات البلدين والسياحة والتجارة، لكنها لا تؤثر كثيرا على اقتصاد إيران، إذ إنها بلاد كبيرة وتضم نحو 86 مليون نسمة، ولديها احتياجات كثيرة وهي منقطعة تماما عن شبكة مصارف العالم، ما عدا الاتصال الآن بالبنوك الروسية.
وتوقع في حديثه للجزيرة نت أن يكون المستقبل مبنيا على عدد من العملات العالمية، وهذا يزيد من عزلة البلدان التي تخضع للعقوبات، مثل إيران وروسيا.
وأوضح مولوي أن الحل الوحيد هو ربط شبكة البنوك الإيرانية مع كل بلدان العالم أو عدد كبير من البلدان، كل على حدة.