خبير: الركام يمثل «كارثة» ويحتاج إلى ملايين الشاحنات لإزالته
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
أكد السفير مصطفى الشربينى، الخبير البيئى ورئيس الكرسى العلمى للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو - جامعة الدول العربية، أن حرب إسرائيل على غزة لوثت المسطحات المائية والتربة والهواء، لافتاً إلى أن التفجيرات الناتجة عن الكميات الهائلة للذخائر التى أسقطتها إسرائيل تقتل السكان الأصليين وتهدف لتهجيرهم وتلحق ضرراً مباشراً بالحياة البرية والتنوع البيولوجى، ناهيك عن الكميات الهائلة من الوقود الأحفورى التى يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى طائراته ومركباته ويسهم بشكل مباشر فى زيادة ظاهرة الاحتباس الحرارى.
إلى أى حد تأثر قطاع غزة بالحصار والحروب المتواصلة؟
- ظاهرة الاحتباس الحرارى، وارتفاع درجات الحرارة، وندرة الموارد المائية، والتصحر، والجفاف، تتفاقم بسبب مشروع التوسع الإسرائيلى وبتكلفة أعلى بالنسبة للفلسطينيين الذين هم أكثر عرضة للمخاطر المناخية، كما أن تدمير إسرائيل المنهجى للبيئة فى فلسطين والنظام التمييزى الذى يتم من خلاله تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومياههم ومواردهم الطبيعية الأخرى جعلهم يتأثرون بشكل غير متناسب بالأضرار البيئية.
وتعتبر غزة من أعلى مناطق العالم كثافة سكانية، ويعانى القطاع من ضغوط ديموغرافية على الموارد الأساسية، فضلاً عن سلسلة الحروب المتكررة فيه، زادت معدلات البطالة والفقر لأعلى مستوياتها، وتجاوزت البطالة 45% خلال النصف الأول من عام 2023.
وماذا عن التأثير المباشر للحرب الحالية؟
- قطاع غزة محروم من أدنى حقوق الإنسان، الماء والكهرباء والوقود، ونقص حاد فى الأدوية والإمدادات الطبية الأساسية، ويعانى كارثة إنسانية وبيئية وشيكة. وجاءت الغارات الجوية الوحشية لتفاقم الأوضاع البيئية، وبدأت بعض تأثيرات الحصار الإسرائيلى تتضح فى عدم القدرة على الوصول للموارد الطبيعية وإدارتها بشكل مستدام، ما يؤدى إلى تفاقم تهديدات تغير المناخ، خاصة مع ارتفاع معدل السكان ومستوى الفقر وانعدام الأمن الغذائى.
ونقص مياه الشرب، مشكلة أخرى، حيث كان بوسع غزة الاعتماد على محطات تحلية المياه كمصدر لمياه الشرب بشكل مستقل عن طبقة المياه الجوفية الملوثة، وقامت إسرائيل بقطع شبكة الكهرباء عن سكان غزة فى 9 أكتوبر 2023، تاركة محطات تحلية المياه بدون إمدادات الطاقة.
هل يعتبر «الفسفور الأبيض» الأكثر خطورة فعلاً، أم هناك أسلحة أخرى بنفس الخطورة؟
- خلُصت «هيومن رايتس ووتش» إلى أن إسرائيل تستخدم الفسفور الأبيض فى غزة ولبنان، وأشارت إلى أن الفسفور الأبيض يمكن أن يحرق الناس بشدة ويشعل النار فى المبانى والحقول وغيرها من الأهداف المدنية فى المنطقة المجاورة، واستخدامه يزيد من المخاطر التى يتعرض لها المدنيون وينتهك الحظر الذى يفرضه القانون الإنسانى الدولى على وضع المدنيين ويضعهم فى خطر لا داعى له، ومخاطر الفسفور الأبيض تمتد إلى تلوث التربة والمسطحات المائية وحتى الحيوانات، بما فى ذلك الأسماك.
هل تمتد هذه التأثيرات إلى الكائنات الحية عموماً، بما فيها الحيوان والنبات، فضلاً عن المياه والتربة؟
- نظراً لاعتماد العديد من سكان غزة على صيد الأسماك لكسب عيشهم وغذائهم، فإن تأثير المزيد من عمليات نشر الفسفور الأبيض يمكن أن يصبح شديداً، وقد يعيق السلاح أيضاً الزراعة فى غزة، التى كانت تعانى بالفعل من مشكلات ملوحة التربة التى أبرزها برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى تقرير عام 2020.
ويتم استهداف البنية التحتية لغزة وأيضاً فإن النباتات وأشجار الزيتون هدف عسكرى يتمثل فى القضاء على الغطاء الحرجى لغزة، حيث يتم إطلاق الكربون الذى تخزنه عند إزالته، فضلاً عن الاستخدام التاريخى للمواد الكيميائية والتطهير الميكانيكى.
بعيداً عن الفسفور الأبيض، ما التأثيرات السلبية للمتفجرات عموماً؟
- هناك ثلاث حقائق أساسية حول كيفية تأثير الحرب على غزة على أزمة المناخ والبيئة:
أولاً: يستهلك الجيش الإسرائيلى كميات هائلة من الوقود الأحفورى فى الطائرات والمركبات، مما يسهم بشكل مباشر فى ظاهرة الاحتباس الحرارى.
ثانياً: إن التفجيرات وغيرها من أساليب الحرب الحديثة تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجى، يمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة فى منطقة ما وقتل السكان الأصليين وتهجيرهم.
ثالثاً: يؤدى التلوث الناجم عن الحرب إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، مما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها.
هناك من تحدث عن أن كم الركام الناتج عن المبانى المهدمة، بما فيه من مواد كيميائية، له آثار بيئية سلبية أيضاً؟
- وفقاً للأمم المتحدة، تم تدمير أو تضرر ما يقدر بنحو 30% من المنازل فى الغارات وآلاف الأشخاص محاصرون تحت أنقاضها، ما أثار مخاوف بشأن حدوث أزمة بيئية.
وهناك قلق من وصول المساعدات فى وقت متأخر إلى المحاصرون، لأنهم سيموتون تحت الأنقاض، وستبدأ جثثهم فى التحلل، وأظهرت دراسات أن الجثث المتحللة تغير كيمياء التربة الثمينة، ترشح الأجسام مغذيات التربة مثل الحديد والزنك والكبريت والكالسيوم والفوسفور، ما يجعل التربة أقل خصوبة.
واستخدام الأسلحة المتفجرة فى الحرب على غزة بالمناطق المأهولة بالسكان أدى لمستويات مذهلة من الدمار، ستخلق إرثاً بيئياً كبيراً، بما فى ذلك تكاليف الكربون لإدارة الحطام، ومعالجة المناطق الملوثة وإعادة الإعمار، وتشير التقديرات إلى أن إزالة الأنقاض من غزة وحدها ستتطلب ملايين الرحلات بالشاحنات، كما سيستهلك البناء كميات هائلة من المواد الخام، وسيولد انبعاثات نتيجة لذلك وإنتاج الأسمنت كثيف الكربون بشكل خاص، حيث يمثل 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
هل تستغرق إزالة الآثار السلبية لحرب إسرائيل فى غزة عقوداً؟
- الحرب على غزة تعمل على زيادة صافية قدرها ملايين الأطنان من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، أى ما يعادل الإنتاج السنوى لعدد من الدول مجتمعة.
الصراعتهدد دوامة الصراع الآخذة فى الاتساع فى الشرق الأوسط بتقسيم عالم منقسم بالفعل، ورفع أسعار النفط والغاز فى وقت يتزايد فيه التضخم العالمى باستمرار، وتوجيه الموارد المالية إلى أعمال خوض الحروب بدلاً من أعمال إبطاء تغير المناخ. الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة، وإذا امتد الصراع إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، فمن المرجح أن يحطم الآمال فى حشد اتفاق عالمى بشأن أى شىء آخر، بما فى ذلك أزمة المناخ المشتركة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التفجيرات التدمير الانتهاكات الاسرائيلية أزمة المناخ الفسفور الأبیض على غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
على الفاتح يكتب: «الزلزال»..!
سيؤرخ للسابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) أنه لم يكن سوى بداية لسلسلة زلازل وهزات كبرى غيرت خريطة الشرق الأوسط وكانت لها توابعها التى أثرت فى صراعات العالم.
بدأ العد التنازلى لنرى مركز الزلزال ينتقل من غزة، تلك البقعة الصغيرة، إلى باقى جغرافية المنطقة الشاسعة يغير معادلات ويقلب موازين ويعيد تشكيل تحالفات لصالح إما الحرب أو السلام، المهم أن التغيير بات حتمية قدرية.
الآن تتساوى شروط الحرب فى الميزان مع مثقال شروط السلم والاستقرار، وتستطيع شعوب الشرق الأوسط ترجيح كفة شروط السلم، فإن استمرت فى عزوفها وتركت الساسة دون نصح أو رأى أو ضغط يلجم أوهامهم رجحت كفة مشعلات الحرب.
فى غزة ما زال الزلزال يعمل لصالح المقاومة، فها هى تدك نقاط تمركز قوات العدو، وتدمر الدبابات وتردى جنوده قتلى، بل وتستهدف رئيس أركان جيش الاحتلال، هيرتزى هليفى، ويمهله القدر ربما لميتة تليق بحجم جرائمه.
بيد أن هذا الزلزال قد ينقلب على الفلسطينيين إذا لم تحاصر فصائل المقاومة «فتح وحماس» خلافاتهما والتناقض بينهما فى الضفة الغربية وغزة، وفى الرؤية لليوم التالى للحرب ليس على مستوى القطاع وإنما على مستوى إدارة الصراع مع المحتل، الذى لن ينتهى فور الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب.
ويزداد الأمر تعقيداً إذا كانت كل المعطيات حتى الآن تؤشر إلى شبه استحالة الوصول إلى هذا الاتفاق، ما يفرض على فصائل المقاومة كافة الاستجابة للمبادرات المصرية التى لا تتوقف لإبرام مصالحة فلسطينية - فلسطينية.
حديث المصالحة يكتسب هذه الأيام أهمية خاصة على خلفية خطة اليوم التالى للحرب التى أعدتها الولايات المتحدة، وجاء بها وزير خارجيتها «أنتونى بلينكن» وعرضها على مجرم الحرب نتنياهو وقدمتها مساعدته لشئون الشرق الأوسط إلى السلطة الفلسطينية.
ما أوردته التقارير الصحفية بشأن رد فعل السلطة من ناحية وحماس التى تعمل الخطة على تهميشها ينذر بنذير الشؤم، خاصة فى ظل الأنباء التى تتحدث عما يمكن وصفه بتحرشات أمنية من قبل أجهزة السلطة برجال المقاومة فى الضفة الغربية، تزامناً مع اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين على مدن وقرى الضفة.
فى لبنان أصبحنا أمام نتائج إيجابية لزلزال الطوفان، عندما انضم الإرهابى نتنياهو إلى النازحين من مستوطنات الشمال بعد وصول مسيّرة إلى غرفة نومه.
الرعب يتملك الإرهابى فيلغى حفل زفاف نجله «أفنير» ويطالب بعقد اجتماعات الكنيست التى يحضرها تحت الأرض.
مسيرات المقاومة جعلت الخوف يسكن قلوب الصهاينة وتدمر آليات العدو وتدك قواعده العسكرية وتصيب نحو ألف من جنوده وتقتل مائة لتمنعه من التقدم فى جنوب لبنان.
يريد الإرهابى «يوآف جالانت» وزير الدفاع الصهيونى، إنهاء العملية البرية تحت وطأة صواريخ المقاومة، لكن واشنطن تعد مسودة اتفاق لإنهاء الحرب تقضى بنزع سلاح المقاومة واحتفاظ جيش الاحتلال بحق اختراق السيادة اللبنانية والقيام بعمليات عسكرية والتجسس على لبنان بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وتمكين الجيش اللبنانى من الوجود على الشريط الحدودى، بشرط العمل وفق تعليمات الولايات المتحدة، التى تشرف على جهة دولية تراقب مجمل المجريات السياسية والأمنية.
المسودة عنونت مشروعها الذى يضع لبنان تحت الاحتلال عملياً بتطبيق القرار الأممى «١٧٠١» شكلياً. ومع ذلك رفض الإرهابى نتنياهو المسودة، معللاً ذلك بأن الوضع الحالى يحتاج للمزيد من القتال لفرض شروط أفضل، لكن واقع جيشه المهزوم أمام قوات المقاومة يؤكد أن الحكومة اللبنانية قبل «حزب الله» ليسا فى مكان من يرضى باتفاق كهذا.
نتنياهو يريد المزيد من الوقت لعله ينجح فى إشعال نيران الحرب الأهلية وتشاركه الولايات المتحدة ذات الهدف، لأنها قامت بصياغة تلك المسودة ليرفضها لبنان. حتى لا ينقلب الزلزال على اللبنانيين بكل مكوناتهم السياسية والمذهبية عليهم التصدى لتلك المؤامرة، وعدم التفاعل مع أى تدخلات إقليمية تسعى لإشعال حرائق الفتنة فى سياق صراع أخرق على النفوذ، بدلاً من أن يكون لها مشروعها المستقل الذى يفرض حل الدولتين بالتنسيق مع قوى الإقليم ويحجم أطماع الإرهابى فى تل أبيب وحلفائه الغربيين استثماراً لزلزال طوفان الأقصى.