المشاريع الضخمة للطاقة النظيفة تعزز جهود الإمارات المناخية
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
معالي سهيل بن محمد المزروعي
شهدت دولة الإمارات نمواً سريعاً ومستمراً في إنتاج الطاقة المتجددة خلال العقد الماضي، كما زادت وتيرة استثماراتها في المشاريع الدولية المتعلقة بهذا المجال، الأمر الذي يضعها في طليعة الدول التي انتقلت إلى الطاقة النظيفة على مستوى العالم.
تقع محطة الظفرة للطاقة الشمسية على مسافة تصل إلى 35 كيلومتراً فقط من أبوظبي، وتُعد أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد في العالم.
وتُسهم محطة الظفرة للطاقة الشمسية بشكل لافت في وصول دولة الإمارات لهدفها الاستراتيجي بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. وهو الهدف الذي تسير الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيقه بفضل استثماراتها الضخمة. وحتى هذه اللحظة، أوفت دولة الإمارات بالتزاماتها باستثمار أكثر من 50 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، داخل الدولة وخارجها. وفي يوليو 2023، كشفت دولة الإمارات عن خطط إضافية لمضاعفة إمداداتها واستثماراتها في مجال الطاقة المتجددة بقيمة 54 مليار دولار خلال السنوات السبع القادمة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
وقد بدأت دولة الإمارات بالفعل في جني ثمار التزامها بهذه التعهدات. فبحلول عام 2030، ستكون الدولة قد ضاعفت قدرتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة وستزيد حصة الطاقة النظيفة في مصادرها المتنوعة للطاقة بنسبة 30% مع قدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 19.8 جيجاواط.
وبفضل ما تتمتع به دولة الإمارات من مناخ مشمس على مدى العام، فإن الطاقة الشمسية تعد من أهم وأبرز مصادر الطاقة في الدولة. فإضافة إلى محطة الظفرة للطاقة الشمسية، تولّد محطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية 1.2 جيجاواط من الكهرباء وتوفر الطاقة ل 90.000 منزل مع تقليل الانبعاثات بمقدار مليون طن متري سنوياً، وهو ما يكفي لإزالة 200.000 مركبة من الطرق. وتُعد محطة شمس في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية المركزة في الشرق الأوسط، وتساعد في التخلص من 175.000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل زراعة 1.5 مليون شجرة.
وفي دبي، يأتي مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بسعة إنتاجية تصل إلى 5.000 ميغاواط بحلول عام 2030، وهو ما يكفي لتزويد 800.000 منزل بالطاقة بحلول عام 2030 وتقليل أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً.
وبرغم استثمارات الدولة الكبيرة والمتنوعة في مجال الطاقة النظيفة، فإن تحولّها إلى الطاقة النظيفة يرتكز على تاريخ طويل وسجل حافل في مجال الاستدامة وضع لبناته الأولى الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي كان قصب السبق في الحفاظ على البيئة قبل أن يزداد الاهتمام بهذا الموضوع المهم، كما أطلق العديد من المبادرات في مجال التخطيط الحضري، وازن فيها التنمية الاقتصادية وحماية البيئة ومواردها الطبيعية. وفي الفترة الأخيرة، شرعت دولة الإمارات في الاستفادة من التطور التكنولوجي لترسّخ مكانتها مركزاً رائداً للابتكار استناداً إلى منظومة متطورة تهدف إلى إيجاد حلول لبعض أكبر التحديات التي تواجه العالم.
إلى ذلك فإن الطاقة الشمسية، وإن كانت متوفرة بكثرة، فإن الطاقة النووية تُسهم بشكل أكبر في جهود خفض الانبعاثات الكربونية. وفي محطة براكة للطاقة النووية في إمارة أبوظبي، وهو أول مشروع للطاقة النووية في العالم العربي، بدأت ثلاث من وحداتها الأربع عملياتها التجارية. وبمجرد تشغيل المفاعل الرابع، ستعمل المحطة على توليد 5.6 جيجاواط من الطاقة النظيفة، أي أنها ستوفر 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء.
ونجحت دولة الإمارات أيضاً في دخال طاقة الرياح على نطاق واسع ضمن مصادرها المتنوعة من الطاقة، وذلك بإطلاق برنامج الإمارات لطاقة الرياح، حيث تتوزع مزارع الرياح على ثلاثة مواقع في أبوظبي وموقع واحد في الفجيرة، بقدرة إنتاجية تكفي لتزويد أكثر من 23.000 منزل بالطاقة سنوياً.
ومن المتوقع أن يؤدي الهيدروجين منخفض الانبعاثات دوراً رئيساً في محفظة الطاقة المتجددة لدولة الإمارات، حيث تستعد البلاد لتعزيز ريادتها في مجال إنتاج وتصدير الهيدروجين منخفض الانبعاثات، والعمل على إنتاج 1.4 مليون طن متري سنوياً منه بحلول عام 2031 وإنتاج 15 مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2050.
وتمشياً مع الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين التي أعلنتها دولة الإمارات في شهر يوليو 2023، ستنشئ واحتين لإنتاج الهيدروجين بحلول عام 2031 وستزيد العدد إلى خمس واحات بحلول عام 2050. كما أن هناك خططاً لإنشاء مركز متخصص للبحث والتطوير والابتكار في مجال الهيدروجين.
هذا وقد حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في هذا المجال بدخولها في عدد من الشراكات المهمة، حيث وقّعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» مذكرة تفاهم مع أربع شركات هولندية لتطوير سلسلة إمداد هيدروجين أخضر بين أبوظبي وأمستردام. كما أرسلت شركة أدنوك أول شحنة من الأمونيا المعتمدة على الهيدروجين إلى ألمانيا في أكتوبر 2022 في إطار اتفاقية مهمة بين دولة الإمارات وألمانيا لزيادة أمان الطاقة والتخلص من الكربون ومواجهة تغيّر المناخ.
وفي الوقت نفسه، تعنى دولة الإمارات بتطوير بنيتها التحتية لتسهيل تصنيع الهيدروجين النظيف. ويشمل ذلك خطط شركة أدنوك لبناء مصنع للأمونيا الزرقاء بمقاييس عالمية في منطقة «تعزيز» الصناعية ومركز الكيماويات في الرويس. يضاف إلى ذلك الاتفاق الذي وقّعته شركة فيرتيغلوب، ومقرها أبوظبي، وهي شركة مشتركة بين أدنوك وشركة أوسي المُسجَّلة في هولندا، مع شركة مصدر وفرنسا لتطوير مرفق لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية في الرويس بقدرة تصل إلى 2 ميغاواط محتملة ومقررة للتشغيل بحلول عام 2025.
وعلى الصعيد الداخلي، تحقق دولة الإمارات تقدماً ملحوظاً في تلبية احتياجاتها من الطاقة، لكن رؤيتها لمستقبل مستدام تتجاوز حدودها. وفي عام 2022 وحده، خصصت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدولة الإمارات ما يقرب من 36 مليار دولار لمشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم. ومنذ إطلاقها عام 2006، استثمرت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» أو التزمت بالاستثمار في مشروعات في جميع أنحاء العالم بقيمة تزيد عن 30 مليار دولار أميركي.
وتشمل هذه الاستثمارات اتفاقية الشراكة التي وقعتها أخيراً مع مصر لبناء مزرعة رياح بقدرة 10 جيجاواط، ومن المتوقع أن تصبح واحدة من أكبر المشاريع في فئتها. وفضلاً عن إنتاج 47.790 جيجاواط من الطاقة النظيفة سنوياً، فإن هذه المزرعة ستسهم في خلق 100.000 وظيفة خلال فترة الإنشاء و3.200 وظيفة أخرى بمجرد الانتهاء من المشروع. كما ستسهم بحصة قدرها 42% من مصادر الطاقة المتنوعة في مصر بحلول عام 2035 وستساعد في توفير 5 مليارات دولار سنوياً من تكاليف الغاز الطبيعي.
كما شكلت شركة مصدر ائتلافاً جديداً لبناء محطة للطاقة الشمسية بتكلفة 1 مليار دولار في السعودية بعد توقيع اتفاقية لشراء الطاقة مع شركة إي دي إف رينوبلز، وشركة نسما، والشركة السعودية لشراء الطاقة. وبموجب الاتفاقية، سيقوم الائتلاف بتطوير محطة الحناكية للطاقة الشمسية بقدرة 1.100 ميغاواط، والتي ستوفر عند اكتمالها الطاقة لأكثر من 190 ألف منزل سنوياً، كما ستسهم في تفادي إطلاق أكثر من 1.8 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
وفي حين أثبتت مشاريع الطاقة النظيفة الطموحة لدولة الإمارات تأثيرها الكبير في خفض الانبعاثات، فإن توسيع البلاد لمصادرها النظيفة والمتنوعة من الطاقة يعزز من تطوير التنمية المستدامة على نطاق أوسع، بما يخلقه من وظائف، وزيادة في إمكانية الوصول إلى طاقة نظيفة بأسعار معقولة وموثوقة وآمنة، ويمهد الطريق نحو اقتصاد مستدام مزدهر.
وزير الطاقة والبنية التحتية أخبار ذات صلة الإمارات: الوضع في غزة كارثي ولا يمكننا الانتظار أكثر محمد بن راشد وسعود المعلا والشيوخ يعزون في وفاة حميد بن بدر العليلي مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الطاقة النظيفة كوب 28 سهيل المزروعي المناخ التغير المناخي تغير المناخ الإمارات الطاقة المتجددة الطاقة المتجددة الطاقة النظیفة للطاقة الشمسیة الطاقة الشمسیة دولة الإمارات ملیار دولار بحلول عام من الطاقة ملیون طن فی مجال أکثر من 000 منزل
إقرأ أيضاً:
مخرجات اجتماعات حكومة الإمارات.. خلوات ومبادرات تعزز الهوية وتدعم الجهود الوطنية والتنموية
أسفرت أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024 التي اختُتمت في العاصمة أبوظبي، أمس الأربعاء، عن مخرجات نوعية ومبادرات ومشاريع ترسم خارطة عمل وطني لتسريع التنمية الشاملة في الدولة، فضلاً عن خلوات حول ملفات وطنية ومعارض تفاعلية وجلسات تخصصية وإطلاق حزمة مبادرات مجتمعية.
وتشكل الاستراتيجيات والمشاريع النوعية التي تم إطلاقها، خارطة عمل وطني استراتيجي لاستكمال مسيرة البناء والتطوير، كما تعتبر المخرجات النوعية نقطة انطلاق استراتيجية لتسريع ومضاعفة الجهود لتحقيق إنجازات أكبر ونقلات جديدة؛ تنعكس إيجاباً على تعزيز مسيرة التنمية والتنافسية العالمية لدولة الإمارات.
استراتيجية لمكافحة المخدراتوخلال الاجتماعات، اطلع مجلس الوزراء على سير عمل خطط الإسكان الحكومي الاتحادي في الدولة، واعتمد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، إلى جانب التصديق على 22 اتفاقية دولية تتضمن شراكات اقتصادية وتجارية وتعاوناً قانونياً وقضائياً وتعليمياً ومذكرات تعاون في مجالات الطاقة والتنافسية والتعاون البحثي مع 17 دولة مختلفة.
الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وتوّجت الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031، التي شهد إطلاقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المبادرات الكبرى التي خرجت بها الدورة الحالية من الاجتماعات السنوية، حيث تستهدف الاستراتيجية مضاعفة الاستثمارات الأجنبية المباشرة التراكمية بين عامي 2025 - 2031 إلى نحو 30% من حجم الاستثمارات في الدولة، والتي تبلغ حالياً نسبة 15%، والوصول بها إلى 1.3 تريليون درهم لدعم تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، كما تستهدف زيادة الرصيد الأجنبي المباشر التراكمي 3 مرات ليصل إلى 2.2 تريليون درهم في 2031. الاختبار الجيني قبل الزواجكما تم اعتماد "الاختبار الجيني" كجزء أساسي من فحوصات ما قبل الزواج على مستوى الدولة اعتباراً من يناير 2025، وهذا الاختبار يغطي 570 جيناً لأكثر من 840 اضطراباً جينياً، وهو تدبير وقائي يحمي أفراد المجتمع من الأمراض الوراثية، ويتيح للمقبلين على الزواج الخضوع لفحوصات جينية لتحديد فيما إذا كانوا يحملون طفرات جينية مشتركة وقد ينقلونها لذريتهم مستقبلاً.
ترميز الهوية الوطنيةوتضمنت الاجتماعات السنوية تنظيم "خلوة الهوية الوطنية"، حيث أطلقت حكومة دولة الإمارات خلالها مبادرة "ترميز الهوية الوطنية"، وهي الأولى من نوعها، وتسعى إلى إنشاء مرجع موحد للهوية الوطنية وتمكين الجهات الحكومية على المستويين الاتحادي والمحلي، والمؤسسات في القطاع الخاص، والمؤسسات المجتمعية، وأفراد المجتمع من الاستعانة بهذا المرجع في المبادرات المختلفة.
وأطلقت حكومة دولة الإمارات خلال الاجتماعات السنوية برنامج القيادات الحكومية الشابة للتركيز على اكتشاف القادة الشباب في العمل الحكومي على مستوى الدولة، ويضم البرنامج في دورته الأولى 45 مشاركاً من القادة الشباب من مختلف الجهات الحكومية على المستويين الاتحادي والمحلي في الدولة، ويشكل منصة وطنية لبناء القدرات والمهارات الاستثنائية الملهمة التي تمتلك حساً عالياً بالمسؤولية، وروح المبادرة، وقدرات القيادة الاستراتيجية التي تجعلهم جيلاً جاهزاً لصناعة مستقبل أفضل لدولة الإمارات.
وأطلق "تحدي 71 للقيادات الحكومية الشابة"، الهادف إلى تمكين القيادات الحكومية الشابة وإشراكهم وتفعيل دورهم، وبناء مجتمع من القيادات الحكومية الواعدة، وتأسيس قاعدة قوية من الكفاءات الشبابية المتميزة، تمهيداً لتمكينهم من تحمّل المسؤولية والمساهمة في تحقيق رؤية دولة الإمارات المستقبلية. اتفاقيات نوعية
كما تم خلال الاجتماعات السنوية توقيع وزارة الطاقة والبنية التحتية وشركة سيمنس للصناعات اتفاقية المرحلة الأولى من مشروع خفض استهلاك الطاقة والمياه في المباني الحكومية الاتحادية، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة شؤون مجلس الوزراء وحكومة عجمان بشأن تطبيق برنامج تصفير البيروقراطية في حكومة عجمان، والإعلان عن 3 مسارات لتطوير القطاع الرياضي المحلي، وإطلاق دورة الألعاب الجامعية الإماراتية بمشاركة 28 جامعة.
وشهدت الاجتماعات السنوية كذلك إعلان دولة الإمارات عن مشروع علمي للأبحاث القطبية وانضمام الدولة إلى قائمة الدول الرائدة في مجال البحوث والتواجد القطبي.
#محمد_بن_راشد: ترأست اليوم الاجتماعات السنوية لحكومة #الإمارات والتي انطلقت في العاصمة أبوظبي.. وبدأنا الفعاليات الحكومية لهذا التجمع الوطني عبر اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء.. الاجتماعات السنوية تجمع أهم 500 مسؤول في الإمارات تتضاعف أهميتها.. لأن العمل بروح الفريق الواحد بين… pic.twitter.com/1Bi7TqDxs5
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) November 4, 2024