معالي سهيل بن محمد المزروعي
شهدت دولة الإمارات نمواً سريعاً ومستمراً في إنتاج الطاقة المتجددة خلال العقد الماضي، كما زادت وتيرة استثماراتها في المشاريع الدولية المتعلقة بهذا المجال، الأمر الذي يضعها في طليعة الدول التي انتقلت إلى الطاقة النظيفة على مستوى العالم.
تقع محطة الظفرة للطاقة الشمسية على مسافة تصل إلى 35 كيلومتراً فقط من أبوظبي، وتُعد أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد في العالم.

وتضم المحطة، التي بدأ تشغيلها مؤخراً، نحو 4 ملايين لوح شمسي تنتشر على مساحة 20 كم مربعاً، وتوفّر ما يكفي من الطاقة لأكثر من 160.000 منزل. ويُعد هذا الإنجاز المتميز جزءاً من خطط دولة الإمارات الواعدة لتنويع مصادرها من الطاقة، كما أنه واحد من أحدث إنجازاتها في رحلة امتدت على مدى 15 عاماً تمكنت خلالها الدولة من ترسيخ مكانتها على مستوى العالم في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، كما أصبحت ثاني أكبر مستهلك للطاقة الشمسية من حيث عدد السكان.
وتُسهم محطة الظفرة للطاقة الشمسية بشكل لافت في وصول دولة الإمارات لهدفها الاستراتيجي بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. وهو الهدف الذي تسير الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيقه بفضل استثماراتها الضخمة. وحتى هذه اللحظة، أوفت دولة الإمارات بالتزاماتها باستثمار أكثر من 50 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، داخل الدولة وخارجها. وفي يوليو 2023، كشفت دولة الإمارات عن خطط إضافية لمضاعفة إمداداتها واستثماراتها في مجال الطاقة المتجددة بقيمة 54 مليار دولار خلال السنوات السبع القادمة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
وقد بدأت دولة الإمارات بالفعل في جني ثمار التزامها بهذه التعهدات. فبحلول عام 2030، ستكون الدولة قد ضاعفت قدرتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة وستزيد حصة الطاقة النظيفة في مصادرها المتنوعة للطاقة بنسبة 30% مع قدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 19.8 جيجاواط.
وبفضل ما تتمتع به دولة الإمارات من مناخ مشمس على مدى العام، فإن الطاقة الشمسية تعد من أهم وأبرز مصادر الطاقة في الدولة. فإضافة إلى محطة الظفرة للطاقة الشمسية، تولّد محطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية 1.2 جيجاواط من الكهرباء وتوفر الطاقة ل 90.000 منزل مع تقليل الانبعاثات بمقدار مليون طن متري سنوياً، وهو ما يكفي لإزالة 200.000 مركبة من الطرق. وتُعد محطة شمس في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية المركزة في الشرق الأوسط، وتساعد في التخلص من 175.000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل زراعة 1.5 مليون شجرة.
وفي دبي، يأتي مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بسعة إنتاجية تصل إلى 5.000 ميغاواط بحلول عام 2030، وهو ما يكفي لتزويد 800.000 منزل بالطاقة بحلول عام 2030 وتقليل أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً.
وبرغم استثمارات الدولة الكبيرة والمتنوعة في مجال الطاقة النظيفة، فإن تحولّها إلى الطاقة النظيفة يرتكز على تاريخ طويل وسجل حافل في مجال الاستدامة وضع لبناته الأولى الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي كان قصب السبق في الحفاظ على البيئة قبل أن يزداد الاهتمام بهذا الموضوع المهم، كما أطلق العديد من المبادرات في مجال التخطيط الحضري، وازن فيها التنمية الاقتصادية وحماية البيئة ومواردها الطبيعية. وفي الفترة الأخيرة، شرعت دولة الإمارات في الاستفادة من التطور التكنولوجي لترسّخ مكانتها مركزاً رائداً للابتكار استناداً إلى منظومة متطورة تهدف إلى إيجاد حلول لبعض أكبر التحديات التي تواجه العالم.
إلى ذلك فإن الطاقة الشمسية، وإن كانت متوفرة بكثرة، فإن الطاقة النووية تُسهم بشكل أكبر في جهود خفض الانبعاثات الكربونية. وفي محطة براكة للطاقة النووية في إمارة أبوظبي، وهو أول مشروع للطاقة النووية في العالم العربي، بدأت ثلاث من وحداتها الأربع عملياتها التجارية. وبمجرد تشغيل المفاعل الرابع، ستعمل المحطة على توليد 5.6 جيجاواط من الطاقة النظيفة، أي أنها ستوفر 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء.
ونجحت دولة الإمارات أيضاً في دخال طاقة الرياح على نطاق واسع ضمن مصادرها المتنوعة من الطاقة، وذلك بإطلاق برنامج الإمارات لطاقة الرياح، حيث تتوزع مزارع الرياح على ثلاثة مواقع في أبوظبي وموقع واحد في الفجيرة، بقدرة إنتاجية تكفي لتزويد أكثر من 23.000 منزل بالطاقة سنوياً.
ومن المتوقع أن يؤدي الهيدروجين منخفض الانبعاثات دوراً رئيساً في محفظة الطاقة المتجددة لدولة الإمارات، حيث تستعد البلاد لتعزيز ريادتها في مجال إنتاج وتصدير الهيدروجين منخفض الانبعاثات، والعمل على إنتاج 1.4 مليون طن متري سنوياً منه بحلول عام 2031 وإنتاج 15 مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2050.
وتمشياً مع الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين التي أعلنتها دولة الإمارات في شهر يوليو 2023، ستنشئ واحتين لإنتاج الهيدروجين بحلول عام 2031 وستزيد العدد إلى خمس واحات بحلول عام 2050. كما أن هناك خططاً لإنشاء مركز متخصص للبحث والتطوير والابتكار في مجال الهيدروجين.
هذا وقد حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في هذا المجال بدخولها في عدد من الشراكات المهمة، حيث وقّعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» مذكرة تفاهم مع أربع شركات هولندية لتطوير سلسلة إمداد هيدروجين أخضر بين أبوظبي وأمستردام. كما أرسلت شركة أدنوك أول شحنة من الأمونيا المعتمدة على الهيدروجين إلى ألمانيا في أكتوبر 2022 في إطار اتفاقية مهمة بين دولة الإمارات وألمانيا لزيادة أمان الطاقة والتخلص من الكربون ومواجهة تغيّر المناخ.
وفي الوقت نفسه، تعنى دولة الإمارات بتطوير بنيتها التحتية لتسهيل تصنيع الهيدروجين النظيف. ويشمل ذلك خطط شركة أدنوك لبناء مصنع للأمونيا الزرقاء بمقاييس عالمية في منطقة «تعزيز» الصناعية ومركز الكيماويات في الرويس. يضاف إلى ذلك الاتفاق الذي وقّعته شركة فيرتيغلوب، ومقرها أبوظبي، وهي شركة مشتركة بين أدنوك وشركة أوسي المُسجَّلة في هولندا، مع شركة مصدر وفرنسا لتطوير مرفق لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية في الرويس بقدرة تصل إلى 2 ميغاواط محتملة ومقررة للتشغيل بحلول عام 2025.
وعلى الصعيد الداخلي، تحقق دولة الإمارات تقدماً ملحوظاً في تلبية احتياجاتها من الطاقة، لكن رؤيتها لمستقبل مستدام تتجاوز حدودها. وفي عام 2022 وحده، خصصت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدولة الإمارات ما يقرب من 36 مليار دولار لمشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم. ومنذ إطلاقها عام 2006، استثمرت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» أو التزمت بالاستثمار في مشروعات في جميع أنحاء العالم بقيمة تزيد عن 30 مليار دولار أميركي.
وتشمل هذه الاستثمارات اتفاقية الشراكة التي وقعتها أخيراً مع مصر لبناء مزرعة رياح بقدرة 10 جيجاواط، ومن المتوقع أن تصبح واحدة من أكبر المشاريع في فئتها. وفضلاً عن إنتاج 47.790 جيجاواط من الطاقة النظيفة سنوياً، فإن هذه المزرعة ستسهم في خلق 100.000 وظيفة خلال فترة الإنشاء و3.200 وظيفة أخرى بمجرد الانتهاء من المشروع. كما ستسهم بحصة قدرها 42% من مصادر الطاقة المتنوعة في مصر بحلول عام 2035 وستساعد في توفير 5 مليارات دولار سنوياً من تكاليف الغاز الطبيعي.
كما شكلت شركة مصدر ائتلافاً جديداً لبناء محطة للطاقة الشمسية بتكلفة 1 مليار دولار في السعودية بعد توقيع اتفاقية لشراء الطاقة مع شركة إي دي إف رينوبلز، وشركة نسما، والشركة السعودية لشراء الطاقة. وبموجب الاتفاقية، سيقوم الائتلاف بتطوير محطة الحناكية للطاقة الشمسية بقدرة 1.100 ميغاواط، والتي ستوفر عند اكتمالها الطاقة لأكثر من 190 ألف منزل سنوياً، كما ستسهم في تفادي إطلاق أكثر من 1.8 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
وفي حين أثبتت مشاريع الطاقة النظيفة الطموحة لدولة الإمارات تأثيرها الكبير في خفض الانبعاثات، فإن توسيع البلاد لمصادرها النظيفة والمتنوعة من الطاقة يعزز من تطوير التنمية المستدامة على نطاق أوسع، بما يخلقه من وظائف، وزيادة في إمكانية الوصول إلى طاقة نظيفة بأسعار معقولة وموثوقة وآمنة، ويمهد الطريق نحو اقتصاد مستدام مزدهر.
وزير الطاقة والبنية التحتية

أخبار ذات صلة الإمارات: الوضع في غزة كارثي ولا يمكننا الانتظار أكثر محمد بن راشد وسعود المعلا والشيوخ يعزون في وفاة حميد بن بدر العليلي مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الطاقة النظيفة كوب 28 سهيل المزروعي المناخ التغير المناخي تغير المناخ الإمارات الطاقة المتجددة الطاقة المتجددة الطاقة النظیفة للطاقة الشمسیة الطاقة الشمسیة دولة الإمارات ملیار دولار بحلول عام من الطاقة ملیون طن فی مجال أکثر من 000 منزل

إقرأ أيضاً:

«كهرباء دبي» تبحث تعزيز التعاون مع معهد الطاقة الأميركي

دبي (الاتحاد)
استقبل معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، وفداً رفيع المستوى من معهد أبحاث الطاقة الكهربائية، المؤسسة الأميركية المتخصصة في مجال البحوث والتطوير في قطاع الطاقة، برئاسة أرشاد منصور، الرئيس والرئيس التنفيذي للمعهد. 
وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات التدريب في مجالات الطاقة المتجددة وتحديث الشبكات وحلول تخزين الطاقة وغيرها، في إطار تعزيز التعاون الاستراتيجي في مجالات البحث والتطوير، والاستدامة، والابتكار في قطاع الطاقة.

أخبار ذات صلة "كهرباء دبي" تدعو إلى تقديم طلبات تنفيذ المرحلة الـ7 من "مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية" %5.4 نمو الطلب على الطاقة في دبي خلال 2024

حضر اللقاء من جانب الهيئة المهندس وليد بن سلمان، النائب التنفيذي للرئيس لقطاع تطوير الأعمال والتميز، والمهندس غانم القاسم، مدير أول - الطاقة الشمسية في هيئة كهرباء ومياه دبي.
خلال اللقاء، أكد معالي سعيد محمد الطاير حرص الهيئة على التعاون مع مراكز البحوث والابتكار الرائدة على مستوى العالم لصقل الكفاءات الوطنية، وإكسابهم مهارات وخبرات تؤهلهم لقيادة المستقبل وتولي دور قيادي في العمل المناخي وتسريع انتقال الطاقة والتحول الرقمي، ضمن رؤية الهيئة المتكاملة لتعزيز الاستدامة ومواءمة الأهداف العالمية، حيث تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة يعتمد على حلول متطورة وصديقة للبيئة، تحقيقاً لاستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 واستراتيجية الحياد الكربوني 2050 لإمارة دبي لتوفير 100% من إجمالي القدرة الإنتاجية للطاقة في دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2050. 
تشمل مجالات التعاون بين هيئة كهرباء ومياه دبي ومعهد أبحاث الطاقة الكهربائية برامج ودورات تدريبية متخصصة في مجالات مختلفة تشمل الشبكة الذكية، وكفاءة الطاقة، وتحليلات إدارة أصول التوزيع، والأمن السيبراني، والاستدامة في قطاع الطاقة الكهربائية، وتحليل البيانات، وأنظمة الطاقة المتجددة، ودمج الأنظمة الكهروضوئية، ومختلف الجوانب التي تؤدي دوراً جوهرياً في تمكين موظفي الهيئة من المساهمة الفاعلة في استشراف وصنع المستقبل المستدام، وإتاحة الفرصة للباحثين والمهندسين لتبادل الخبرات التقنية وتعزيز معرفتهم بأحدث التطورات في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • «نيويورك أبوظبي» تستضيف مؤتمراً للشركات الناشئة بقيادة طلاب الشرق الأوسط
  • السوداني يوجّه وزارة الكهرباء والمحافظين بسرعة تهيئة الأراضي لمشاريع الطاقة الشمسية الذكية
  • السوداني يترأس اجتماعاً خاصاً لمناقشة آلية الحلول الذكية في تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية
  • «كهرباء دبي» تبحث تعزيز التعاون مع معهد الطاقة الأميركي
  • مركز إقليمي للطاقة النظيفة.. سيناء أحد أهم مصادر الهيدروجين الأخضر في العالم
  • باهظة الثمن وشحيحة.. نُدوب الحرب تُشوّه ألواح الطاقة الشمسية بغزة
  • شرطة أبوظبي تعزز وعي «أطفال الشامخة» بالإيجابية
  • ينتج 5000 كيلووات كهرباء .. تفاصيل مشروع الألواح الشمسية الجديد
  • «أبوظبي للغة العربية».. مبادرات لتمكين المرأة ثقافياً ومعرفياً
  • الطاقة الدولية: مصر ثاني أكبر منتج للطاقة الشمسية في إفريقيا