العدوان الصهيوني على قطاع غزة ليس مجرد رد فعل على معركة طوفان الأقصى التي قصمت ليس ظهر الكيان بل دمرت هيبته وزلزلت الأرض تحت أقدامه، وكان يمكن وصفه بهذا الوصف لو لم تهرول أمريكا بأساطيلها وجنودها وأجهزتها وتنقل عبر جسر جوي أكثر من 10 آلاف طن من الصواريخ والقنابل الذكية الموجهة عبر الأقمار الصناعية وتمنحها لجيش الكيان ليلقيها بدوره على رؤوس أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في قطاع غزة ويدمر كل شيء في هذا القطاع الذي فعلا يواجه عدواناً كونياً وتحالفاً عدوانياً دولياً فيه أطراف تزعم أنها عربية وأطراف تزعم أنها إسلامية، بل وتشارك فيه دولة تزعم العروبة والإسلام وتحتضن المشاعر الإسلامية المقدسة.

.
أضف لذلك أن هذا العدوان يمكن وصفه بأنه عدوان أمريكي وأن هذه الحرب الإجرامية التي تشن ضد قطاع غزة ومن فيه هي حرب أمريكية بامتياز وذات أهداف أمريكية استعمارية بأبعادها الجيوسياسية، وتأتي في سياق الصراع الجيوسياسي المحتدم بين أمريكا وبريطانيا والمنظومة الاستعمارية الغربية من جهة وبين جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية من جهة أخرى.
ما حدث يوم 7 أكتوبر الماضي طبعاً لم يكن حدثاً عابراً بل زلزال ضرب الكيان الصهيوني ودمر ليس هيبته بل مكانته الإقليمية والدولية ناهيكم عن أنه أوجد أزمة وجودية داخل الكيان، غير أن رعب أمريكا مما أحدثته المقاومة وحققته في معركة طوفان الأقصى كان يفوق رعب الكيان الصهيوني وقادته، لأن أمريكا كانت تراهن على منح الكيان صلاحية مطلقة في التحكم والسيطرة على المنطقة وهي سوف تتفرغ بقواتها لحصار الصين ودعم أوكرانيا في مواجهة روسيا الاتحادية، في وقت كانت فيه واشنطن تضع لمساتها الأخيرة على تطبيع العلاقة ( السعودية -الصهيونية) وأيضا تضع لمساتها علي طريق قطار الهند -حيفاء، الذي سيقام على رافعة التطبيع السعودي -الصهيوني والذي سيمنح واشنطن الفرصة الكاملة لنصب مشنقتها لمشروع الحزام والطريق الصيني ولتحكم بالتالي حصارها علي الصين..
ما حدث في 7 أكتوبر نسف هذا المخطط الأمريكي من أساسه وأجبر بالتالي واشنطن قهرا وقسرا وعنوة على سحب بعض من قواتها من بحر الصين وتخوم مضيق تايوان إلى شرق المتوسط لحماية كيانها اللقيط من الانهيار الذي كان على وشك حدوثه لولاء التدخل الأمريكي الغربي ومسارعتهم لإنقاذ هذا الكيان اللقيط..
وفي سياق رد الفعل الأمريكي – الصهيوني على طوفان الأقصى برزت فكرة (غزة مارين) حيث تشير الدراسات والأبحاث الصهيوأمريكية أن شواطئ غزة تحتضن أكبر مخزون استراتيجي من (الغاز) الذي يفوق ( مائة مرة) ما لدى الكيان الصهيوني من هذه المادة المهمة..
لهذا نرى هذه الحرب المجردة من كل القيم والأخلاقيات، وهي حرب أمريكية وأمريكا التي تشعر بغبن وقهر جراء ما أقدمت عليه المقاومة في 7 أكتوبر والتي دمرت مخطط أمريكا ووضعتها في مأزق أمام منافسة الصين، فيما الكيان تحطمت أهدافه في إنجاز عملية التطبيع مع النظام السعودي، وعلى خلفية كل هذا تأتي حرب الإبادة الأمريكية- الصهيونية ضد قطاع غزة مجبولة بكل صور الحقد والكراهية والرغبة في القضاء على المقاومة على أمل أن لا يجرؤ أحد بعد ذلك أن يقاوم الصهاينة والأمريكان سواء داخل فلسطين أو خارجها، لذا وحين قال سيد اليمن وقائدها أن نصرة فلسطين واجب عروبي وديني وأخلاقي وإنساني لم يكن يتخذ هذا الموقف من باب الترف والمزايدة والاستعراض، بل كان يعبر عن أصالة موقف، وعن قناعة ايمانية راسخة، وعن إدراك لمرامي وأهداف هذا العدوان الإجرامي غير المسبوق وغير الإخلاقي، وأن هذا الصمت العربي والتخاذل هو نتاج تخويف أمريكا لأنظمة الطوق حول فلسطين ولبقية الأنظمة العربية والإسلامية لأن أمريكا فعلا خسرت كثيرا جراء إقدام المقاومة على تفجير معركة طوفان الأقصى التي دمرت مخطط وأحلام أمريكا قبل إهانة وهزيمة الكيان، لكن يبقى السؤال: أين موقف روسيا والصين من حرب الإبادة التي يتعرض لها أبناء الشعب العربي في فلسطين، وهل لزيارة الرئيس الروسي للإمارات علاقة بالأمر، وهل للقاء وزيري خارجية أمريكا والصين أيضا علاقة، خاصة بعد دخول بريطانيا لميدان المعركة إلى جانب الصهاينة والأمريكان ومعهم مقاتلو شركة ( بلاك ووتر) الأمريكية التي تقوم بمهمة إغراق الأنفاق بمياه البحر..
بمعنى أننا أمام حرب تصعيدية كل المؤشرات تقول أنها حرب وجودية بالنسبة لأمريكا ذاتها وليس للكيان اللقيط وحسب، وإنها- أي هذه الحرب التي تشن على قطاع غزة- قد لا تقف في نطاق غزة كما تريد أمريكا التي تريد إبادة المقاومة داخل القطاع ومعها الشعب الفلسطيني وهذا حلم أمريكي مستحيل والأيام القادمة سوف تكشف المزيد من تداعيات وأهداف هذا العدوان.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المواجهة اليمنية – الأمريكية.. جردة حساب 48 ساعة

يمانيون/ تقارير

في السادس عشر من مارس الجاري بدأت الولايات المتحدة جولة جديدة من العدوان على اليمن، مستهدفة عدة محافظات من صنعاء إلى صعدة وحجة وذمار والبيضاء ومأرب والجوف، وذلك بغارات جوية وبحرية، مستخدمة حاملة الطائرات “هاري ترومان” ومجموعتها الحربية، فيما ردت القوات المسلحة اليمنية باستهداف الحاملة بعدد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.

 

حملة التهويل والحرب النفسية

بعد ساعة أو أكثر قليلا من بدء العدوان الأمريكي بغارات على العاصمة صنعاء، أدلى الرئيس الأمريكي ترامب ببيان، أعلن من خلاله عن بدء العدوان، الذي قال إنه يأتي على خلفية خنق باب المندب ومنع الملاحة والتأثير على الاقتصاد العالمي. حد زعمه. لكنه ، وإن كان قد اعترف بفعالية العمليات اليمنية، وعدم تمكن أي سفينة أمريكية من العبور بأمان طوال عام الماضي، إلا أنه حاول أن يستخدم عبارات التهويل مثل الجحيم، والحسم، والوقت انتهى، وهجمات مميتة. وكلها تصب في خانة الحرب النفسية، والتهويل، ولم يقتصر الأمر على ترامب، فقد توالت التصريحات الأمريكية من البنتاغون، والخارجية والكونجرس، بالإضافة إلى مسؤولين أمريكيين، حتى وصلت التصريحيات حدا ربما أكثر من الغارات العدوانية، في مشهد يؤكد أن الحرب النفسية والتهويل تتجاوز مراحل الحرب العسكرية.

وقد قوبلت الحرب النفسية والتهويل من قبل اليمن، بما يشبه تنفيس تلك الانتفاشة الأمريكية، وجعلها بلا أي تأثير، فكانت إطلالة السيد عبدالملك الحوثي، مستندة إلى عمليات القوات المسلحة التي ردت بشكل مباشر على العدوان، واستهدفت حاملة الطائرات ترومان، والذي أكد في خطابه على أن الأهداف الأمريكية ستفشل، وأن القدرات اليمنية بخير، مشيرا إلى تثبيت معادلة التصعيد بالتصعيد، ومحذرا بخيارات أخرى، غير الرد على البحرية الأمريكية وفرض الحظر على سفنها.

الحرب النفسية الأمريكية كانت كلها رسائل وصلت إلى مسامع الشعب اليمني فلم يتأثر ولم يتراجع، وجاء اليوم الخروج المليوني في صنعاء والمحافظات ليؤكد فشل الحرب الإعلامية والتهويل، وسقوطها تحت أقدام اليمنيين.

 

عدوان بلا بنك أهداف

صحيح أن الطائرات الأمريكية شنت عشرات الغارات العدوانية المسجلة في عدة محافظات يمنية، على رأسها العاصمة صنعاء، لكن بالنظر إلى الأهداف، فهي منقسمة إلى قسمين:

الأول: أهداف مدنية بحتة، كما حصل في صنعاء حيث استهدف مبنى سكنيا، وفي صعدة أيضا،  حيث استهدف المحطة التوليدية لكهرباء مدينة ضحيان بصعدة بعدة غارات أسفرت عن انقطاع التيار الكهربائي عن السكان، كما أسفرت عدد من الغارات عن دمار في مبنى السرطان الذي لا زال قيد الإنشاء بمركز المحافظة،  وفي منطقة آل سبّاع بمديرية سحار أدى القصف إلى نفوق قرابة ثلاثمائة رأس من الأغنام في قصف طال البدو القاطنين هناك، كما ارتكب طيرانُ العدوِ جريمةً بحق المدنيين العزَّل في منطقة قحزة بأطراف مدينة صعدة مُوقعاً شهداء وجرحى بينهم نساءٌ وأطفالٌ. كذلك الأمر في الجوف، حيث استهدف العدو بأربع غارات المجمع الحكومي في مدينة الحزم، مخلفا شهداء وجرحى.

الثاني: أهداف قديمة، تم استهدافها أكثر من مرة، من قبل التحالف الأمريكي البريطاني إبان معركة إسناد غزة، كما استهدف عشرات المرات من قبل تحالف العدوان السعودي، على مدى أكثر من تسع سنوات مضت. كما هو الحال في عطان وجربان، وكذلك السوادية في البيضاء ، والأهداف في ذمار.

وهكذا يظهر أنه لا توجد لدى هذا العدو أي أهداف عسكرية ذات ثقل عسكري ولا حتى معنوي، وإن كان لا يزال يدعي أنه استهدف بعض القيادات، وهي ادعاءات تفتقر إلى الكثير من المصداقية، وغالبيتها منقولة من مواقع التواصل عن صفحات مشبوهة، تعمل على إثارة الشائعات ليس أكثر.

الردع والاستنزاف

طوال حرب الإسناد اليمني لغزة طوال 15 شهرا، ظهرت التقارير الأمريكية وهي تتحدث عن فشل البحرية الأكبر في العالم في إعادة الردع وعن تعرض السفن الحربية الأمريكية لثغرات في الذخيرة، وفجوات في الدفاعات الجوية، ولم يقتصر الأمر على البحرية الأمريكية، ولكن أيضا البحرية الأوروبية وعلى راسها البريطانية.

الجولة الجديدة من العدوان لن تكون مختلفة عن سابقتها، وإن كان ترامب قد حاول أن يظهر أنه يمكن أن يقدم شيئا مختلفا، لكن الخبراء يؤكدون إن ما كان متاحا لبايدن، فهو ذاته الأمر المتاح لترامب، مع فارق أن بايدن لم يسمّ ما كان يقوم به من عدوان تحت عنوان الحرب، في حين ترامب يريد أن يوسع المفهوم، ليشمل حربا، وهو ما تعترضه عقبات قانونية، وقد تعالت أصوات في واشنطن والكونجرس الأمريكي تعيب على ترامب اتخاذ قرار الحرب من غير إذن الكونجرس، وهذا ليس موضوعنا الآن، إلا لناحية أن قرار الحرب يعني الحاجة إلى مزيد من التذخير والدعم اللوجستي للسفن الحربية الأمريكية، ما يعني أن الأساطيل الأمريكية ستدخل في حرب استنزاف فعلية، ولا سيما أن القوات المسلحة اليمنية، لديها التجربة الراسخة في خوض حرب الاستنزاف، بالتالي فإن الردع المطلوب أمريكيا، لن يتحقق.

وهذا الأمر يعتبر محل إجماع إلى حد كبير بين الخبراء والمسؤولين الأمريكيين السابقين، وقد نشر المجلس الأطلسي، عن دانيال موتون، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي، انه “من غير المرجح أن تردعهم الجولة الحالية من الغارات الجوية”، لافتاً إلى أن “الولايات المتحدة ستحتاج إلى توظيف موارد أكبر من غارات السبت”.وارجع موتون استنتاجه إلى التجربة اليمنية في التصدي للتحالف السعودي الأمريكي: “ما بين مارس 2015، ومارس 2022، قام التحالف بقيادة السعودية بتشغيل طائرات أمريكية وأوروبية حديثة، وأطلق ذخائر موجهة بدقة، وتلقى دعماً عسكرياً أمريكياً غير مباشر، وفشلت سبع سنوات من الغارات الجوية عبر الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في تثبيط قدرتهم على شن ضربات مضادة ضد البنية التحتية للطاقة والطيران والبنية التحتية المدنية الأخرى في المملكة العربية السعودية “.

وفي التقرير الذي نشره المجلس الأطلسي عزا أليكس بليتساس الرئيس السابق لأنشطة العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب في مكتب وزير الدفاع، التعقيد في استهداف القدرات اليمنية، إلى حد أن تكون أمراً صعب المنال ، إلى انتشار الأسلحة عبر تضاريس اليمن الوعرة، ونقص المعلومات الاستخباراتية العملية، إلى جانب القدرة على التكيف.

 

القوات المسلحة اليمنية.. من الدفاع إلى الهجوم

أظهرت القوات المسلحة اليمنية جهوزية عالية من خلال السرعة في الرد على العدوان، وكذلك من خلال كثافة النيران التي أطلقت نحو حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان، فلم تمض ساعات حتى كانت الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة، قد  أمطرت البحرية الأمريكية بوابلها، في أول عملية رد، لتأتي الثانية بعد أقل من 24 ساعة، بعدد آخر من الصواريخ والطائرات المسيرة، اعترفت الولايات المتحدة باثنتي عشرة طائرة، تدعي أنها تصدت لها، وإن كانت العملية الأولى ردا على العدوان فقد كانت الثانية هجوما استباقيا، أفشل تحضيرات لعدوان أوسع على البلاد، ما يشكل نجاحا تكتيكيا جديدا للقوات المسلحة اليمنية، يضاف إلى النجاحات السابقة، خلال معركة الإسناد، حيث شنت القوات المسلحة اليمنية عدة هجمات استباقية على حاملات الطائرات الأمريكية في البحر العربي وخليج عدن وكذلك في البحر الأحمر.

اليقين بالنصر

لا يمكن لأي قوة في العالم أن تخوض الحرب دون أن تكون لها تقديرات عالية بتحقيق النصر الناجز على الخصم والعدو، وفي المسألة اليمنية في مواجهة البحرية الأمريكية الأكبر والأضخم في العالم، فإن اليقين بالنصر ليس معتمدا على السلاح المادي، بقدر ما يعتمد على نصر الله تعالى ووعده، وفي حديث بالأمس أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، على هذه الحقيقية بالتذكير بقول الله تعالى “وما النصر إلا من عند الله”، وقوله: “إن تنصروا الله ينصركم”، وانطلاقا من هذه الآيات الكريمات والإيمان بها والتوكل على الله، فإن النصر قريب، والعدو موعود بالخسران المبين.

نقلا عن موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • حركة الجهاد: استئناف العدوان لن يمنح العدو يدا عليا على المقاومة
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • البرلمان يحذر من تبعات مخاطر التصعيد الأمريكي الصهيوني على اليمن وغزة
  • إيران تدين هجمات ومج..ا زر الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة
  • المواجهة اليمنية – الأمريكية.. جردة حساب 48 ساعة
  • الخارجية العراقية: وصلتنا رسائل بنية الكيان الصهيوني شن سلسلة ضربات على بلدنا
  • العدوان الأمريكي على اليمن.. حربٌ بالوكالة عن الكيان الصهيوني ودفاع عن جرائم الإبادة
  • وزير الدفاع يحذر كل من يُساند الكيان الصهيوني
  • المعارضة في نيوزلندا تقود مشروع قانون لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني
  • ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 48,543 شهيدا