رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس الشخص المناسب لقيادة إسرائيل في هذه الأزمة، فهو لا يهتم بعدد الأشخاص الذين يموتون، طالما أنه على قيد الحياة، ويجر الإسرائيليين إلى طريق مسدود مميت فوق جثث أهل غزة المكدسة.

هكذا يتحدث الكاتب البريطاني سايمون تسدول، في مقال بصحيفة "الجارديان"، وترجمها "الخليج الجديد"، يقول فيه، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يواجه مشكلة مع نتنياهو، وباتت كيفية تعامله معه، أكثر إلحاحاً مع كل يوم وحشي ودموي يمر في غزة.

ويلفت إلى أن "الهجوم على غزة لا يضر فقط بالمصالح الأمريكية والغربية، بل يهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط برمته أكثر".

ويرى الكاتب أنه مع مرور كل يوم "وحشي ودموي" في الحرب على غزة يصبح السؤال عن كيفية تعامل بايدن مع مشكلة نتنياهو أكثر إلحاحا، إذ إن حياة آلاف الفلسطينيين، والآمال في وقف هذه الحرب المدمرة، وإحراز تقدم نحو السلام الدائم، كلها معلقة بالإجابة عن هذا السؤال.

ويعتقد الكاتب أن بايدن هو الوحيد الذي يتمتع "بنفوذ لكبح جماح نتنياهو"، لا يستطيعه القادة الأوروبيون والعرب .. ويجب عليه "أخذ زمام المبادرة".

ويضيف: "تتعلق حياة آلاف الفلسطينيين الآن، وكذلك الأمر بالنسبة للآمال في وقف هذه الحرب المدمرة للغاية والتي تمتد إلى ما هو أبعد من غزة، وللآمال في إحراز تقدم نحو السلام الدائم".

اقرأ أيضاً

نتنياهو وبايدن.. هكذا يختلف شركاء الحرب بشأن السلام (خبراء)

ويتابع تسدول: "إن القرار الذي اتخذه نتنياهو باستئناف عمليات القصف بعد الهدنة، والغزو البري لجنوب غزة يبدو أكثر (جهنمية)، على حد تعبير أحد مسؤولي الأمم المتحدة، من الفوضى العشوائية في الشمال التي سبقتها".

ويزيد: "كان واضحاً قبل فترة طويلة من هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل حوالى 1200 شخص، أن نتنياهو وبايدن لم يكونا على اتفاق، وتراجع البيت الأبيض عن الدعوة المعتادة التي يوجهها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية فور فوزه بالانتخابات".

ويستطرد: "في الواقع، جلبت هذه الانتخابات الائتلاف الأكثر يمينية إلى السلطة، وكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو انزعاج بايدن من السياسات المتطرفة المناهضة للفلسطينيين التي تبنتها الحكومة الجديدة، ولا سيما في الضفة الغربية المحتلة".

ويزيد: "مع ذلك، عندما هاجمت حماس، وضع بايدن الخلافات جانبًا، واقترح على الفور تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 14 مليار دولار، ونشر مجموعات قتالية من حاملات الطائرات وتوجه إلى تل أبيب".

ويتابع: "ومع ذلك، فإن هذا العرض للدعم غير المشروط تقريبًا فسره نتنياهو على الفور على أنه تفويض مطلق للقيام بكل ما يحلو له في ملاحقة حماس في غزة".

ويلفت تسدول، إلى أن إنجاز نتنياهو الرئيسي حتى الآن، نظراً أن حركة حماس لا تزال موجودة، يتلخص في المذبحة غير المسبوقة للمدنيين الفلسطينيين، والتي بلغ مجموعها حسب التقارير ما يقرب من 16 ألف شهيد.

ويشير إلى أنه "بعد أن شكك بايدن في البداية في الحجم الهائل للمذبحة، قام ببطء بتعديل موقفه، وأصدر دعوات شديدة اللهجة على نحو متزايد من أجل الوصول إلى المساعدات الإنسانية، واحترام القانون الدولي".

اقرأ أيضاً

و.ستريت جورنال: محادثات بايدن ونتنياهو أصبحت أكثر توترا

ويستنتجد إثر ذلك بأن نتنياهو "يستجيب للضغوط العربية والمخاوف من حرب أوسع نطاقاً، كما يستجيب جزئياً إلى الاستياء المتزايد بين الديمقراطيين والناخبين الشباب بشأن تصرفات نتنياهو".

قبل أن يتابع: "لكن يبدو أنه أصيب بصدمة حقيقية، فهذه ليست إسرائيل التي عرفها ودعمها لعقود في الكونغرس".

وحسب الكاتب البريطاني، "مع ذلك، رغم أن نتنياهو وجنرالاته يزعمون أنهم يستمعون إلى بايدن، إلا أنهم في الواقع ليسوا كذلك، إن استهدافهم المرعب بعد الهدنة لخان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة والقاعدة المفترضة لزعيم حماس يحيى السنوار، أدى ولا يزال إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا مرة أخرى".

ويلفت إلى حديث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لنتنياهو، الأسبوع الماضي، بأن صبر واشنطن بدأ ينفد، وبأن "الخسائر الفادحة في أرواح المدنيين والنزوح بالحجم الذي رأيناه في شمال غزة يجب ألا يتكرر في الجنوب".

ويضيف: "مطالبة بلينكن بأن تتوقف إسرائيل عن انتهاك القانون الدولي، وهو ما تفعله بشكل واضح على أساس يومي، رددتها بقوة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس في دبي،  كما حذر منه وزير الدفاع لويد أوستن حين قال إن نتنياهو يستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية، من خلال دفع الفلسطينيين إلى أحضان حماس".

ويعلق الكاتب على هذه المطالبات بالقول: "من حق نتنياهو أن يقاوم النصائح الخارجية، حتى من صديق وشريك إسرائيل العسكري والدبلوماسي والمالي الذي لا غنى عنه، لكن هذا لن يكون منطقيا إلا إذا كان يخدم مصلحة إسرائيل، وهذا هو جوهر الموضوع".

ويضيف: "منذ بداية هذه الأزمة، قدم نتنياهو كعادته مصالحه الشخصية والسياسية على مصالح بلاده، فبعد الإشراف على أسوأ فشل أمني منذ 56 عاماً، يأمل في إنقاذ سمعته ووظيفته من خلال شن حرب ناجحة، ويفضل أن تكون حرباً طويلة".

اقرأ أيضاً

نتنياهو يجر بايدن للإفلاس الأخلاقي وتصدع حزبه وشعبيته!

ويزيد: "في الوقت الحالي يرفض نتنياهو عمداً، بل وبكل فخر، مطالبات الولايات المتحدة بتجنب التكتيكات التي من شأنها أن تتسبب في وقوع خسائر إضافية هائلة في جنوب غزة، كما ويستمر في انتهاك وعوده بعدم عرقلة إمدادات المساعدات من مصر".

وفي الوقت نفسه، والحديث لتسدول، فمن الواضح أن نظام الهاتف الذي يستخدم رمز الاستجابة السريعة (QR)  التابع للجيش لإجلاء المدنيين إلى المناطق التي يفترض أنها آمنة، غير قابل للتطبيق وسط انقطاع الاتصالات".

ويستطرد: "الأمر المثير للجدل، من وجهة نظر الجيران العرب والمجتمع الدولي، هو أن نتنياهو يريد إنشاء منطقة عازلة دائمة في أراضي غزة المكتظة، فهو يفضل الاحتلال العسكري المفتوح، ويرفض رفضًا قاطعًا وجهة نظر بايدن بأن السلطة الفلسطينية هي الأقدر على تولي مسؤولية غزة بعد الحرب، ويسخر من الحديث عن إحياء حل الدولتين".

ويتابع: "فوق كل ذلك، فهو يتجاهل خطر التصعيد الإقليمي الأوسع، وهو الكابوس الذي تخشاه واشنطن أكثر من أي شيء آخر".

وحسب الكاتب، "ربما يرى نتنياهو أن هناك ميزة سياسية في قدرته على الادعاء بأنه تصدى للأمريكيين، ويتعين على بايدن أن يحرره بسرعة من هذه الفكرة، ومن الفكرة الأكبر حجماً المتمثلة في قدرته على الاستمرار في شن حرب تعاقب جماعياً السكان العزل، وتضر على نحو متزايد بالمصالح الأمريكية والغربية، وتضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل".

ويضيف: "لا يمكن لبايدن أن يستمر في التراجع أو الاختباء خلف مسؤوليه، بل يجب عليه أن يتدخل شخصيا ويرسم خطا أحمراً، فما يحتاجه البيت الأبيض هو قدر أقل من تصرفات العم المتعاطف".

ويختتم تسدول مقاله بالقول: "نتنياهو ليس الشخص المناسب لقيادة إسرائيل في هذه الأزمة، فهو لا يهتم بعدد الأشخاص الذين يموتون، طالما أنه على قيد الحياة، ومن خلال استغلال ذكرى ضحايا أكتوبر/تشرين الأول كسلاح وتعريض الأسرى الباقين للخطر، فهو يجر الإسرائيليين إلى طريق مسدود مميت فوق جثث أهل غزة المكدسة".

اقرأ أيضاً

مودرن دبلوماسي: إنهاء الحرب في غزة يتطلب رجالا ذوي رؤية وليس نتنياهو وبايدن

المصدر | الحارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن الندم نتنياهو إسرائيل حرب غزة دعم إسرائيل أن نتنیاهو اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو ينفي اقتراب التوصل إلى صفقة بشأن غزة مع حماس

نفى مكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تقريرا للقناة 12 الإسرائيلية، زعم أن إسرائيل وحماس، اقتربتا من التوصل إلى صفقة جزئية في غزة، قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.

وزعم التقرير أن الطرفين اقتربا من صفقة تتعلق بالمحتجزين لدى حماس في غزة، "كبادرة حُسن نية" قبل بداية ولاية ترامب الجديدة.

وذكر التقرير نقلا عن مسؤولين مشاركين في المفاوضات بين حماس وإسرائيل، أن الحركة قد توافق على صفقة جزئية تطلق فيها سراح عدد محدود من الرهائن قبل تنصيب ترامب.

وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل"، إن مكتب نتنياهو اعتبر تقرير القناة 12 الإسرائيلية بأنه "كذبة كاملة".

وتظاهر أكثر من ألف شخص في تل أبيب يوم السبت مطالبين بإطلاق سراح من تبقى من المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.

ويتعرض نتنياهو لضغوط من شركائه المتطرفين والمتدينين المتشددين في الائتلاف الحاكم لرفض أي اتفاق مع حماس.

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: نتنياهو يعدم فرص إتمام صفقة التبادل مع حماس
  • ما زال بايدن منحازاً لنتنياهو
  • نتنياهو : سنعود للقتال في غزة حتى لو تم التوصل لإتفاق
  • عام كامل على متابعة إسرائيل أمام العدل الدولية.. ما الذي تحقق؟
  • إعلام إسرائيلي عن بايدن: لا يزال بالإمكان التوصل لصفقة تبادل قبل 20 يناير المقبل
  • نتنياهو: سنعود للحرب على غزة لنقضي على حماس حتى لو اتفقنا على صفقة تبادل جزئية
  • نتنياهو: سنعود للقتال في غزة حتى لو دخلنا في صفقة تبادل
  • نتنياهو يُلمّح إلى اتفاق جزئي مع حماس
  • مكتب نتنياهو ينفي اقتراب التوصل إلى صفقة بشأن غزة مع حماس
  • ذوو الأسرى : نتنياهو يفشل عمدا إنجاز صفقة التبادل