وأج: الجزائر ماضية في نضالها لطي آخر ملفات الإستعمار بالصحراء الغربية وفلسطين
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة الجزائر عن وأج الجزائر ماضية في نضالها لطي آخر ملفات الإستعمار بالصحراء الغربية وفلسطين، قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن تاريخ الجزائر الفريد لا يزال يشكل مصدر أمل لعديد الدول التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار.وذكرت وكالة .،بحسب ما نشر النهار الجديد، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات وأج: الجزائر ماضية في نضالها لطي آخر ملفات الإستعمار بالصحراء الغربية وفلسطين، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن تاريخ الجزائر الفريد لا يزال يشكل مصدر أمل لعديد الدول التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار.
وذكرت وكالة الأنباء في برقية لها، بأن الجزائر، التي افتكت استقلالها من أحد أكبر القوى العسكرية في العالم، قد لعبت دورا هاما في حركات التحرر لا سيما بإفريقيا ، وهو الكفاح الذي سارت على دربه قارة افريقيا في سبيل التحرر من الاستعمار ونظام التمييز العنصري الابارتايد.
كما شكل الكفاح “تضيف وأج” من أجل تحرر آخر المستعمرات احد المبادئ التي ارتكزت عليها سياسة الجزائر الخارجية في سنوات السبعينيات حيث كانت الديبلوماسية الجزائرية صوت الدول المستعمرة في جميع المحافل الدولية.
وأضافت بأن الجزائر اليوم، بعد مرور واحد وستين (61) سنة عن استقلالها، هاهي ماضية في نضالها من أجل طي آخر ملفات انهاء الاستعمار: قضيتا الصحراء الغربية وفلسطين.
تشييد الدولة الجزائريةوبعد سنوات حرب التحرير الدامية التي وضعت حدا لاستعمار فرنسي عنيف و همجي، استطاعت الجزائر اخيرا ان تنعم بخيرات الاستقلال وهبت عليها رياح الفخر والامل والتفاؤل فمضت تبني دولتها.
ليأتي بعدها زمن الطموحات الكبرى والإنجازات الجسام، فطفقت الجزائر تنشئ جيشا وطنيا شعبيا، سليلا لجيش التحرير الوطني المجيد وترسي قواعد للإدارة وتعمم التربية الوطنية وتوفر العلاج المجاني ونظام حماية اجتماعية للجميع، علاوة على تأميم القطاعات الاستراتيجية واطلاق سياسية صناعية وفلاحية.
لقد دبت الحياة في البلاد بعد أن تركتها الإدارة الاستعمارية كالأرض البور وهي التي كانت تنتهج سياسية الارض المحروقة. كما أقر البلد العديد من البرامج الخاصة والمخططات الخماسية التي سمحت بإنجاز واسع للسكنات.
كانت الجزائر تحصي عام 1962 جامعة واحدة وبعض الثانويات وبعض قاعات العلاج دون أدنى تأطير، وكان الجزائريون يقطنون اكواخا و بيوت قصديرية.
وبعد واحد وستين سنة، تحصي الجزائر الآن أزيد من 12 مليون تلميذ متمدرس، أي ثلث سكانها، وأكثر من مليون ونصف المليون طالب يدرسون في أزيد من 100 جامعة، يتخرج منها 250.000 طالب في السنة.
كما تحصي جزائر 2023 العشرات من المراكز الاستشفائية الجامعية.
الحصول على السكن والتنمية البشريةتعود جذور ازمة السكن الى ماض بعيد. فعمدت الجزائر الى اعطاء الاولوية الى سياسة الاسكان وذلك من خلال برامج التنمية المختلفة وأطلقت مشاريع ضخمة لبناء السكنات وانفقت مبالغ طائلة من اجل حل ازمة السكن من جهة، والقضاء على السكن الهش من جهة اخرى.
ويعد قطاع السكن الذي عرف، منذ سنة 1962 والى غاية يومنا هذا عدة محطات، مفخرة الجزائر المستقلة، ذلك انه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يجاري الجزائر في سياستها السكنية، حيث يعد الحصول على سكن بالنسبة لكل شرائح المجتمع احد المبادئ الاساسية لسياسة التنمية البشرية في الجزائر.
لقد تقلصت آجال الحصول على السكن بشكل محسوس بعد ان كانت في الماضي تدوم لسنوات عدة.
وبعد ان كان المواطن ينتظر حتى يتقدم به العمر من اجل الحصول على سكن، ها نحن اليوم نرى شبان لم يبلغوا الثلاثين من العمر يتحصلون على سكناتهم.
لا توجد أي دولة قادرة على منح مئات الالاف من السكنات كل سنة كما تفعل الجزائر. لم يسبق وان حصل هذا، والافضل قادم، حيث ستشهد سنة 2024 توزيع ما يقارب مليون وحدة سكنية.
العيش الكريم في الجزائر يرجع للطابع الاجتماعي للدولة الذي نص عليه اعلان الفاتح من نوفمبر 1954: نظام حماية اجتماعية لا يتخلى عن احد، اعفاء من الضرائب للأجور المنخفضة ورفع للاجر الادنى الوطني المضمون ولمنحة التقاعد، فضلا عن اقرار منحة البطالة مؤخرا وهو إجراء لم تتبناه سوى بعض الدول الغربية.
الجزائر الجديدةلقد تضمنت الالتزامات الانتخابية ال54 لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جميع رسائل ومطالب الحراك.
فبعد انتخابه الباهر عقب اقتراع حر، سرعان ما بادر الرئيس تبون إلى إرساء أسس جزائر جديدة، جزائر العهد الحديث، جزائر الحرية والعدالة والرفاه، جزائر لها مكانتها في هذا العالم الجديد الذي بدأت ترتسم معالمه.
ورغم بعض مقاومات التغيير نجح الرئيس تبون في الوفاء بالتزاماته.
من استعادة هيبة الدولة إلى استكمال عملية البناء المؤسساتي مرورا بأخلقة الحياة العمومية، نجح رئيس الجمهورية في إعادة الثقة بين الجزائريين ودولتهم، فبات المواطن في هذه الجزائر الجديدة في صلب الأولويات وحماية قدرته الشرائية أضحت معركة دائمة.
استطاعت البلاد في ظرف ثلاث سنوات ان تقطع أشواطا هامة في كافة المجالات وهي تسير بخطى ثابتة نحو القمة، بل نحو الريادة.
وشهدت البلاد تحولا حقيقيا، فالجزائر الجديدة للرئي
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس الحصول على
إقرأ أيضاً:
سوريا الثورة وفلسطين.. الأسس والمحاذير
في بداية الانتصار العظيم والاستراتيجي للثورة السورية يوم 8 كانون الأول / ديسمبر 2024 انتشرت بسرعة مقولة "فرحانين، ولكن ..." وكانت تشمل طيفا واسعا ومتناقضا من المتبنين لها، وكانت فلسطين في أغلب الحالات من المسببات الرئيسية للتحفظ سواء ممن كانوا يعتقدون خطأ (أو يوهمون أنفسهم بذلك بكل وعي) بأن سوريا كانت حليفا للفلسطينيين أو ممن فاجأهم حجم الصمت الذي بادلت بها الإدارة الجديدة لسوريا الهجمة غير المسبوقة من جيش الكيان المحتل على مقدرات سوريا العسكرية وحتى أراضيها.
كنت من الرافضين قطعا لهذا التحفظ في البداية لأن حجم الزلزال الاستراتيجي الذي خلفه انتصار الثورة السورية كان حدثا على قدر من العظمة والهيبة والمفاجأة ما يجعل من هذا التحفظ عملية تفريغ خاطئة لشحنات أيديولوجية خاطئة على انتصار يضاهي، وقد يفوت في حجمه، زلزال السابع من أكتوبر في غزة.
فمثل هذا التحفظ غير المفهوم في الأيام الأولى لهذا النصر العظيم يفرغ هذا الانتصار العظيم والاستراتيجي للشعب السوري من معانيه وزخمه الروحي والعاطفي لأمة طال بها زمن القهر تحت نير الاستعمار الغاشم والاستبداد القاتل، وذلك بغض النظر عن الزاوية التي نقارب منها الصمت الذي كان في وقتها غريبا (والذي هو الآن أكثر من محير) للقيادة الجديدة تجاه الاعتداءات المتواصلة للآلة الحربية الصهيونية على الأراضي والسيادة السورية.
كان ما تم فقط من إخلاء السجون وتحرير الآلاف من السجناء (وبينهم عدد مهم من الفلسطينيين ومن العرب الذي سجنوا من اجل دعمهم لقضية فلسطين) يكفي لجعل هذا الانتصار كاملا بكل المقاييس.
كما لا يخفى على أحد أن النظام البعثي الأسدي لم يكن يوما حليفا حقيقيا لفلسطين وأهلها، وإنما كان حليفا موضوعيا للهيمنة الصهيونية التي سلمها مرتفعات الجولان على طبق من ذهب ودون إطلاق رصاصة واحدة، ولم يناكفها بأية رصاصة طوال أكثر من خمسين سنة من حكمه. كما أن رفضه للمشاركة في معركة طوفان الأقصى بالرغم من الإصرار الإيراني على ذلك هو الذي يفسر إلى حد بعيد سهولة نفض إيران يدها من هذا النظام بمجرد ظهور العلامات الأولى على تهاويه في زمن قياسي.
كان ما تم فقط من إخلاء السجون وتحرير الآلاف من السجناء (وبينهم عدد مهم من الفلسطينيين ومن العرب الذي سجنوا من اجل دعمهم لقضية فلسطين) يكفي لجعل هذا الانتصار كاملا بكل المقاييس. بل إن السخافة بلغت بهذا النظام الديكتاتوري العائلي الطائفي أن اختار اسم فلسطين لواحد من أبشع أفرعه الأمنية التي كانت مختصة بملاحقة الفلسطينيين والتنكيل بهم وبمن ساندهم من العرب، علما وأن "احتضانه" المؤقت لقيادة حماس كان تبعا لأوامر إيران وليس قرارا سياديا لحكم آل الأسد. ولتأكيد المؤكد كانت مجازر مخيم اليرموك بعد ثورة 2011 أكبر شاهد على حقيقة معاداة النظام البعثي الأسدي لفلسطين وقضيتها فقتل منهم الآلاف وشرد البقية مع إخوانهم من السوريين في سوريا وخارجها.
بل إن النظام البعثي الأسدي كان هو المقتل الذي ضرب منه محور المقاومة وفي مقدمتها حزب الله وإيران الذين كان مكشوفين للآلة الحربية والاستخباراتية الصهيونية في سوريا وتلقيا منها ضربات موجعة، علما وأن هذه الضربات لم تستهدف مسؤولين من النظام وإنما قيادات وكوادر ومقدرات المحور.
إذا توضحت لنا هذه المقدمات المهمة، فلا بد من التنصيص على مقدمة أخرى محورية وهي أن تحديات الوضع الجديد في سوريا هي على أقدار كبيرة جدا من التعقيد والتشابك التي لا تسمح بفسحة لإطلاق الخلاصات السهلة أو النظرية أو المغامرة برسم سيناريوهات مستقبلية دقيقة.
فعملية تثبيت الانتصار وتحديد الأولويات والعمل عليها والبحث في أفضل السبل لتنزيلها لن تكون سهلة بالمرة في ظل مركب فريد من التحديات والتدخلات (سياسات الابتزاز الاستعماري الغربي باستعمال سلاح العقوبات وفزاعات الأقلية والمسخ الثقافي عبر القضايا الجاهزة حول المرأة والحريات الشخصية، تحديات الإرهاب الداخلي المتمثل في تنظيم الدولة والانفصالية الكردية ذات الأجندة الخارجية وحتى الصهيونية المعلومة للجميع، الاستفزازات العسكرية الصهيونية، الانشطار الداخلي على خلفيات طائفية ودينية وعرقية وحتى جهوية ومصلحية في ظل غياب كامل لأية تجربة سياسية في التعايش والتداول، الوضع الاقتصادي الكارثي، تحديات عودة أكثر من 11 مليون لاجئ سوري إلى بلادهم، الخ).
وعليه، فإن مطالبة القيادة الجديدة لسوريا بموقف "حربي" من الاعتداءات الإسرائيلية المتعاظمة يعد قفزا عن الواقع المعقد الذي رسمنا بعض ملامحه آنفا والحال أنها لا تزال تعاني من متابعة فلول النظام المسلحين الذين يمكن توظيفهم بسهولة من قبل عديد الجهات التي لا يساعدها أن يتحول الزلزال السوري بإسقاط النظام البعثي الأسدي إلى قصة نجاح تملك سوريا كل مقوماته البشرية والجغرافية والاستراتيجية.
إلا أن ذلك لا يمنع من استخلاص مفاده أن الموقف الذي عبرت عنه القيادة الجديدة لسوريا بشأن الاستفزازات الصهيونية هو أحد أكبر نقاط ضعفها، بالنظر إلى أن آداءها في بقية الملفات الأخرى يعد بمقاييس موضوعية (الزمن، الظروف المعقدة، الخ) يعد مفاجأة إيجابية جدا وتعبيرا عن نضج كبير في مقاربة الانتصار العظيم بعقل هادئ ورصين وهو ما اعترف به الصديق قبل العدو.
فكما إنه لم يكن مطلوبا من الحكومة الانتقالية في سوريا ولا قيادتها العسكرية أن تستجيب بشكل غير محسوب للاستفزازات الإسرائيلية (التي تهدف إلى إرباك المشهد السوري الجديد واستغلال فرص من قبل المحتل الذي غرق في عجزه عن استغلال انتصاراته التكتيكية وفشل في تحقيق أي انتصار استراتيجي منذ بداية طوفان الأقصى)، ولكن كان لا مفر من التعبير عن موقف سياسي قوي ومباشر ضد هذه العربدة الصهيونية، وخاصة وضع الفاعلين الدوليين أمام مسؤولياتهم، والخروج إلى الناس (الشعب السوري أولا ثم بقية شعوب الأمة وأحرار العالم) والرد على سفاهات نتنياهو وعربدة جيشه المجرم.
فاستمرار هذه العربدة إلى حد الآن مع التزام القيادة الجديدة (التي لا تعوزها الكفاءة السياسية ولا الخطابية الاتصالية) بصمت غريب جعلت نفوس ملايين الأحرار من سوريا وخارجها تنقبض ولا تطيق أحيانا الاستمرار في متابعة أخبار سوريا وهي تطالعنا ببلوغ هذه الاستفزازات حدا مقززا عبر التوغلات التي التهمت مساحات واسعة والضربات الجوية التي لا تكاد تنقطع وإطلاق الرصاص على المواطنين السوريين في البلدات الحدودية والاستهداف الجوي الواسع والمركز لمقدرات الشعب السوري العسكرية وحتى البحثية والعلمية.
ذلك أن المقاربة الشاملة المتوازنة التي لا تعيد إنتاج التناقضات الوهمية التي يؤسس عليها المستبدون خذلانهم لقضية فلسطين هي التي تفرض على حكام دمشق الجدد أن يكون لهم موقف أوضح وأقوى. فضرورات الاستقرار وتصفية التركة الأسدية وإعادة الحياة لبلد كان شبه ميت وإعادة رسم العلاقات العربية والدولية لسوريا لا يبرر كل هذا الصمت وهذا القبول بما يفعله الصهاينة دون رادع.
بل إني من الذين يعتبرون أن القيادة الجديدة لسوريا لها ورقة رابحة كبرى أمام المجتمع السياسي الدولي بكل ما يكتنفه من نفاق وازدواجيات لا تحصى ولا تعد، وهي تحذيرهم بأن مصلحة الجميع (وهو ما يقر به الجميع بدون استثناء وما قد يكون بالرغم من كل شيء حقيقة من الصعب القفز عليها) في سوريا جديدة مستقرة لا يمكن أن يترافق مع هذا الكم من العدوان الجارف من قبل الآلة الحربية الصهيونية.
كما إنني أعتقد جازما أن هذا الموقف القوي الواضح هو أحد أكبر انتظارات شعبنا الذي يذبح في غزة وعموم فلسطين، مما سيشعرهم بأن سوريا التي قد لا يسمح لها وضعها الجديد بأن تكون فاعلا مباشرا في الأحداث تقدم لهم ضمانات بانها ستكون بشعبها المحرر وديمقراطيتها الحقة (التي لا تؤسس على محاصصات مناطقية ولا طائفية ولا عرقية ولا على دروس الغرب المعادي في ممارسته لأسس الحرية والديمقراطية وسيادة الشعوب واحترام الخصوصيات الثقافية والتاريخية لهذه الشعوب) سندا حقيقيا على المستوى الاستراتيجي للحق الفلسطيني في التحرر والتحرير والعودة.
لقد أخطأ النظامان البعثيان (الصدامي والأسدي) وقبلهما النظام الناصري خطأ قاتلا في الاستبداد بشعوبهما بحجة المقاومة ونصرة فلسطين، ولا يجب أن يخطئ الحكام الجدد لدمشق في أن يتصوروا أن سلامتهم تمر عبر مهادنة الكيان المحتل وداعميه بشكل مخل وعبر التنازلات التي قد لا تتوفر بعد ذلك الفرصة للتراجع عنها. فهذا الصمت المتواصل إلا من بعض التصريحات اليتيمة هنا وهناك وعموما خلف الأبواب المؤصدة هو خطأ استراتيجي فادح على أكثر من صعيد سيزيد من عربدة الصهاينة ومن طمع داعميهم في إلحاق سوريا الجديدة المسالمة (أكثر من اللازم) بقطار التطبيع أو على الأقل الصمت والخذلان.
فأما من أرادت القيادة الجديدة تحييده بهذا الصمت، فإنه سيزداد طمعا في مزيد ابتزازها في هذا الملف وغيره وصولا إلى تحييدها موضوعيا عن هموم أمتها وفي مقدمتها الظلم التاريخي غير المسبوق الذي جعل من غزة أرضا لأكبر مقتلة وحشية في التاريخ.
كما أن هذا الصمت يخدم الدعاية السخيفة للمؤامرة الصهيو ـ أمريكية التي أسقطت النظام "الممانع" لبشار الأسد، بالرغم من الحجج الدامغة على كونه وأبيه خائنان من الصنف الأول لفلسطين وقضيتها وشعبها.
وأخيرا، فإن هذا الصمت قد يؤسس لا قدر الله لفشل التأسيس الجديد لدولة منخرطة في هموم أمتها بحجة إرضاء الجميع، وهو الأمر الذي حكم على الانتقالات الثورية في تونس ومصر على وجه الخصوص بالفشل الذريع لأن من تريد إرضاءه سيظل يتعامل معك بشعار (لو خرجت من جلدك لما عرفتك) إلى أن يتمكن من تدجينك تماما وصولا إلى الانقلاب عليك عند أول فرصة سانحة.
إن هذا التأسيس المنشود لن ينجح إذا كانت غايته القصوى تأسيس تجربة قطرية معزولة عن القضايا الكبرى والمصيرية لأمتنا العربية والإسلامية.
لقد أخطأ النظامان البعثيان (الصدامي والأسدي) وقبلهما النظام الناصري خطأ قاتلا في الاستبداد بشعوبهما بحجة المقاومة ونصرة فلسطين، ولا يجب أن يخطئ الحكام الجدد لدمشق في أن يتصوروا أن سلامتهم تمر عبر مهادنة الكيان المحتل وداعميه بشكل مخل وعبر التنازلات التي قد لا تتوفر بعد ذلك الفرصة للتراجع عنها.
فالشعوب الحرة حقا (ضمن مفهوم المواطنة الحقيقية التي لا تعترف بالمحاصصات أيا كانت) والديمقراطية بحق هي المعول عليها حقا في أن تنصر فلسطين وقضيتها، وعلى هذا تعقد كل الآمال في أن تكون الثورة السورية هي الفقرة الأولى في هذا التأسيس التحرري الحقيقي الذي لا تعفيه ضرورات معالجة الواقع القريب بكل صعوباته وتحدياته المعقدة من ترك البوصلة موجهة نحو القضايا الكبرى والحاسمة وفي مقدمتها وعلى راسها فلسطين.
*كاتب وسياسي تونسي مقيم في جينيف