تواصل الولايات المتحدة وحلفاء غربيون تزويد إسرائيل بالأسلحة والعتاد ومختلف أشكال الدعم من أجل تمكينها من تحقيق انتصار متعثر على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما يؤكد أن تل أبيب تقف على شفا الهزيمة، كما يقول محللون.

ورغم تأكيدهم تحقيق نتائج حاسمة وكبيرة على الأرض، فإن قادة الاحتلال يؤكدون أن إسرائيل تدفع أثمانا باهظة في حربها على غزة وأن وجودها مرهون بالانتصار على حماس.

ورغم الفارق الكبير جدا في موازين القوة العسكرية بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة، فقد تسلمت إسرائيل خلال شهرين من الحرب 10 آلاف طن من الذخائر الأميركية، وأعلنت بريطانيا تسيير طائرات مراقبة من دون طيار لتقفي أثر المحتجزين في غزة، وهو ما اعتبره محللون تجسسا مقنعا لصالح تل أبيب.

وتعليقا على هذا الدعم الغربي الكبير لإسرائيل التي تعتبر من أقوى جيوش المنطقة والعالم، قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إن إسرائيل -على مدار تاريخها- تحارب العرب بالدعم الأميركي والغربي.

وقال مكي في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" إن الجسر الجوي الأميركي الذي نراه اليوم هو نفسه الذي سيرته الولايات المتحدة خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

وعزا مكي فشل إسرائيل في تحقيق نصر عسكري على حماس، إلى أنها قائمة على الأسطورة في الأساس وليس على القوة الحقيقية، مؤكدا أنها هذا الدعم الغربي يعكس هشاشتها الدفاعية رغم قوتها العسكرية.

وعلى أي حال -يضيف مكي- فإن ما يدفع الغرب لحشد كل هذا الدعم الغربي هو خوفهم من أن تنتهي إسرائيل بخسارة هذه الحرب.

أما أستاذ العلوم السياسية الدكتور بلال الشوبكي، فقال إن العقلية العميقة للمجتمع الإسرائيلي ككل تؤمن بأن قيام إسرائيل مرهون باستعداء الآخر، وأن هذا الاستعداء يستوجب دعما خارجيا، مشيرا إلى أن حديث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن حرب الوجود ربما يستهدف الحفاظ على الدعم الداخلي.

وفي السياق، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن إسرائيل تواجه مشكلة أن الفلسطينيين لم يهادنوا ولم يتنازلوا عن أرضهم وبالتالي لم يعد أمامهم إلا القضاء على كل ما هو فلسطيني تماما لإقامة دولتهم اليهودية المأمولة.

ومن هذا المنطلق، يضيف البرغوثي، فإن ما تقوم به إسرائيل حاليا ليس فقط للرد على هزيمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإنما لتطهير الفلسطينيين عرقيا.

إلى جانب ذلك، فإن الولايات المتحدة تعتمد على إسرائيل في أمور كثيرة تتعلق بحماية وتأمين مصالحها في المنطقة كما يقول مكي، مضيفا "بالتالي فإن الدعم الأميركي ليس فقط للقضاء على حماس، وإنما لإعادة الصورة الأسطورية التي انهارت".

وقال مكي إن هزيمة إسرائيل في هذه الحرب لا يعني زوالها بالمعنى الحرفي، وإنما يعني من وجهة النظر الغربية زوال قوتها الأسطورية التي تخدم مصالح الغرب.

ومن هذا المنطلق، فإن الأمور ربما تنتهي بتدخل أميركي مباشر -وفق البرغوثي- الذي قال إن مصر والعراق وإيران كلهم مرشحون للدخول في الحرب بسبب العنف الإسرائيلي.

لكن الشوبكي يرى أن خطر اتساع الحرب لم يعد قائما بالدرجة نفسها التي كان عليها أول الحرب، لأن الخطوط الحمراء التي تحدثت عنها بعض دول المنطقة بدأت تفتر وبالتالي لم يعد الضغط الإقليمي كافيا لدفع إسرائيل باتجاه وقف الحرب دون وجود ضمانات أمنية لها خصوصا في ما يتعلق بحزب الله اللبناني.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

محللون: إقالة بار سابقة تسرع خطوات تفكيك ديمقراطية إسرائيل المزعومة

لا تزال مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقالة رئيس (الشاباك) رونين بار تثير جدلا واسعا، وسط اتهامات له بالسعي لتعزيز سيطرته على المؤسسات الأمنية، في خطوة وصفها محللون بأنها تُسرّع من تفكيك الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة.

وتشهد إسرائيل انقساما حادا حول خلفيات القرار، حيث قدمت أحزاب المعارضة التماسا للمحكمة العليا لوقف الإقالة، معتبرة أنها جاءت بدوافع شخصية، لا سيما في ظل تحقيقات الشاباك مع موظفين في مكتب نتنياهو حول ملفات فساد مزعومة، في حين دافع نتنياهو عن قراره، بأن "انعدام الثقة المستمر" كان وراء إنهاء مهام بار.

ووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية، مهند مصطفى، فإن هذه الخطوة تشكل سابقة قانونية غير معهودة في تاريخ إسرائيل، إذ أنها المرة الأولى التي تتم فيها إقالة رئيس "الشاباك" بدلا من استقالته الطوعية.

واعتبر مصطفى في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" أن الإقالة تأتي ضمن مساعي نتنياهو لإعادة تشكيل أجهزة الدولة، وفرض الولاء الشخصي داخل المنظومة الأمنية.

وأضاف مصطفى أن بار كان قد أجرى تحقيقات جريئة حول هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلصت إلى تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية الإخفاق الأمني، وهو ما أثار غضب نتنياهو، الذي يسعى إلى "إسكات أي صوت يكشف تورطه في فشل المنظومة الأمنية".

إعلان

ويتقاطع هذا الطرح مع ما ذكره المراسل العسكري لهيئة البث الإسرائيلية، إيال عليما، الذي أوضح أن "الشاباك" لا يُعد مجرد جهاز أمني معني بمكافحة العمليات الفلسطينية، بل يمثل أحد أعمدة المنظومة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل.

وأشار عليما إلى أن قدرة بار على الوصول إلى معلومات حساسة جعلته عقبة أمام أجندة نتنياهو، الذي يسعى إلى التخلص من كل من قد يشكل خطرا على بقائه السياسي، حسب قوله.

ديمقراطية مزعومة

من جهته، اعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، أن الصراع الدائر بين نتنياهو وخصومه في المؤسستين الأمنية والقضائية يكشف عن "تسارع انهيار الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة".

وفي هذا السياق، يؤكد البرغوثي أن دولة الاحتلال لم تكن ديمقراطية في الأساس، إذ أنها "مارست التمييز العنصري ضد الفلسطينيين منذ تأسيسها، لكنها اليوم تتحول إلى نظام فاشي يلتهم ذاته".

وأشار إلى أن تصفية الحسابات الداخلية في إسرائيل تعكس فشلا مزدوجا لحكومة نتنياهو، يتمثل في عجزها عن تحقيق أهداف الحرب على غزة، وفشلها في استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة.

وأضاف أن المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك حجم الكارثة التي قادهم إليها نتنياهو، لكن بنية النظام السياسي تتيح له البقاء رغم تراجع شعبيته.

وفي هذا السياق، يلفت مهند مصطفى إلى أن الأزمة الحالية ليست سوى امتداد لمحاولة الانقلاب القضائي التي قادها نتنياهو عام 2023، حيث يسعى إلى إعادة تشكيل مؤسسات الدولة بما يخدم مصالحه الشخصية، مؤكدا أن إقالة بار ليست سوى محطة جديدة في مسار تفكيك إسرائيل من الداخل.

دكتاتورية مظلمة

ويستشهد مصطفى بتقارير صحفية إسرائيلية حذرت من أن إسرائيل باتت على أعتاب "ديكتاتورية شرق أوسطية مظلمة"، وفقا لوصف بعض المعلقين الإسرائيليين، في ظل إصرار نتنياهو على إحكام قبضته على القضاء والمؤسسات الأمنية.

إعلان

وعلى المستوى القضائي، تواجه الإقالة معضلة قانونية، إذ حذرت المستشارة القضائية للحكومة من أن نتنياهو قد يكون متورطا في تضارب مصالح، نظرا إلى أن "الشاباك" كان يحقق في قضايا تتعلق بديوانه.

واعتبرت أن إقالة بار في هذا التوقيت قد تكون محاولة للتغطية على تحقيقات حساسة، مما قد يدفع المحكمة العليا للتدخل.

أما عسكريا، فقد حذّر عليما من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تصدع في الجيش والأجهزة الأمنية، خاصة في ظل حالة الغضب المتزايدة بين قيادات الاحتياط، الذين هددوا سابقا بالتوقف عن أداء الخدمة العسكرية احتجاجًا على سياسات الحكومة.

من جهة أخرى، يرى البرغوثي أن نتنياهو قد يلجأ إلى تصعيد الحرب على غزة كوسيلة لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية، محذرا من أنه "كلما اشتدت الضغوط الداخلية، زادت وتيرة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين".

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى تصدير أزمتها إلى الخارج عبر توسيع دائرة القصف والاغتيالات في الضفة الغربية ولبنان وسوريا.

مقالات مشابهة

  • شالوم حماس.. ماذا تخفي إسرائيل في حربها الجديدة؟
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • خبير سياسي: إسرائيل تريد بعودة الحرب أن توقع حماس على اتفاق استسلام
  • حماس: إقرار واشنطن بعلمها المسبق بالعدوان يؤكد شراكتها في الحرب على غزة
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • عودة الحرب على غزة.. إسرائيل تتوعد "بالجحيم" وأول تعليق من واشنطن
  • محللون: إقالة بار سابقة تسرع خطوات تفكيك ديمقراطية إسرائيل المزعومة
  • محللون: الصراع بين نتنياهو وبار يقرب إسرائيل من الحرب الأهلية
  • عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس