بقلم: إسماعيل الحلوتي

آلاف الأسر المغربية تستنكر اليوم بقوة ما باتت تشهده الساحة التعليمية في بلادنا من احتقان غير مسبوق على مدى أزيد من ستة أسابيع، انعكست آثاره على فلذات أكبادها التي تتعرض لهدر مئات الحصص الدراسية، إثر الشلل الذي لحق بمؤسسات التعليم العمومي في جميع جهات المملكة، جراء مسلسل الإضرابات المتواصلة، منذ أن صادقت الحكومة في 27 شتنبر 2023 على المرسوم رقم 819.

23.2 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي جاء محبطا ودون مستوى انتظارات الشغيلة التعليمية التي لم تتردد في أن ترفضه وتطلق عليه اسم "نظام المآسي".

ورغم ما أبداه رئيسها عزيز أخنوش من موافقة مبدئية على مراجعة النظام المثير للجدل الذي فجر احتجاجات الشغيلة التعليمية، وقيامه بتشكيل لجنة وزارية ثلاثية من وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى ووزير الشغل يونس السكوري والوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع، قصد مواصلة الحوار مع ممثلي النقابات الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023 واتخاذه قرارا بتجميد العمل بالنظام الأساسي إلى حين تعديل بعض مضامينه، وإيقاف الاقتطاع من الأجور وتحسين دخل نساء ورجال التعليم، أبت التنسيقيات التعليمية إلا أن ترفض تلك المخرجات وتستمر في إضراباتها إلى أن يستجاب لكافة المطالب وعلى رأسها سحب النظام الأساسي وليس تجميده، فإن الوزارة الوصية اهتدت إلى إطلاق برنامج وطني للدعم التربوي خلال فترة العطلة البينية الثانية الممتدة من 4 إلى 10 دجنبر 2023، لفائدة التلميذات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية العمومية بجميع جهات المملكة، معتبرة أنه هذا يندرج في سياق استكمال عمليات إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتنفيذا لأحكام القانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيلا لالتزامات خارطة الطريق 2022-2026 "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"، معتمدة في ذلك على فئات لا علاقة لها بمهام التدريس.

وهو البرنامج الذي أثار منذ يومه الأول الاثنين 4 دجنبر 2023 موجة من السخرية العارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول عديد النشطاء سلسلة من الصور والأساليب الغريبة والمليئة بالأخطاء، معبرين عن استيائهم مما يتعرض إليه تلاميذ أبرياء كثر من جريمة نكراء في واضحة النهار، كما أن تلك الحصص أثارت أيضا ردود فعل غاضبة حول الغرض من تنظيم عملية دعم عشرات الآلاف من التلاميذ الذين لم يتلق الكثيرون منهم ولو درسا واحدا من بعض المواد منذ انطلاق الموسم الدراسي، فعن أي دعم يتحدث الوزير؟ ثم متى كان الدعم التربوي مجرد عملية ترقيعية، يراد من خلالها الهروب إلى الأمام ومحاولة امتصاص غضب الأسر التي تضرر أبناؤها؟ فأين نحن من إصلاح منظومة التربية والتكوين ورفع شعار: "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"؟

ففي هذا الإطار، انبرت عديد الفعاليات التربوية للدفاع عن المدرسة العمومية وتلامذتها، رافضة لجوء الوزارة الوصية إلى هكذا حلول ترقيعية تحت مسمى "الدعم التربوي" في غياب الشروط البيداغوجية والقانونية، من حيث الارتجال والعشوائية إن على مستوى توقيت تنزيلها أو على مستوى تكليف جمعيات وأشخاص يفتقرون إلى أبسط مقومات التكوين الأساس والمنهجيات العلمية التربوية، ويتساءل عديد المواطنات والمواطنين عن جدوى إسناد مثل هذا العمل التربوي الصرف لغير أهله من ممارسي المهنة، إلى جانب صمت المثقفين والمفتشين التربويين إزاء هذه المهزلة الكبرى، وما يمكن أن يترتب عنها من عواقب وخيمة؟ إذ أنه من غير المقبول أن يتم تحويل فضاءات المؤسسات التعليمية إلى أسواق للاسترزاق، وكل ما من شأنه تبخيس دور الأستاذ والحط من قيمته الاعتبارية.

إن الدعم التربوي لم يكن ولن يكون أبدا عملا ترقيعيا لمحاولة تهدئة روع الأسر القلقة عن مستقبل بناتها وأبنائها، والرافضة بشكل قاطع لتواصل حلقات هذا المسلسل الرهيب الذي ينذر ب"سنة بيضاء"، بل هو عملية تربوية دقيقة، تهدف إلى تقويم المكتسبات ومحاولة تدارك هفوات ونقائص المتعلمات والمتعلمين وتجويد تعلماتهم وإضافة أشياء أخرى جديدة لما سبق لهم الحصول عليه في الدروس التي تلقوها من طرف أساتذتهم، فكيف يستقيم الدعم التربوي من قبل غرباء عن التلاميذ المستهدفين لدروس مازالت محفوظة في المقررات الدراسية؟

إن الحل الأمثل يكمن في التعجيل بتلبية المطالب المشروعة للشغيلة التعليمية، فالأساتذة وحدهم هم القادرون على استدراك زمن التعلمات الضائع، لما يتوفرون عليه من خبرة تربوية وغيرة وطنية على المدرسة العمومية وأبنائها، ناهيكم عما عرف عنهم عبر سنوات من تضحيات ونكران الذات، في سبيل تطوير مستوى تلاميذهم.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الدعم التربوی

إقرأ أيضاً:

بن حبتور يشيد بجهود وزارة التربية والتعليم الفني والمهني

و ركز اللقاء على خطة الوزارتين للعام المقبل 1446ھ، وأوليات المهام الماثلة أمامها سواء ما يتصل بالتزاناتهما إزاء الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة أو فيما يخص الكادر التدريسي والإداري وتوفير الكتب والمناهج الدراسية والعمل على توطيد الاستقرار المؤسسي.

و تم التطرق إلى سير عملية التصحيح لامتحانات الثانوية العامة و نتائج الشهادة الاساسية والمعاهد الفنية و مستوى الجهود المبذولة من قبل الوزارتين و كوادرهما المتخصصة في هذا الجانب.

وأشار الوزيران إلى أن الوزاراتين استكملتا كافة الترتيبات لتدشين العام الدراسي مع اعتماد التقويم الدراسي الذي ينظم مختلف العمليات الخاصة بسير العام الدراسي و مواعيد الامتحانات لمختلف المراحل التعليمية.

و نوها بمستوى الرعاية و الدعم اللذين تحظى بهما الوزارتان من قبل قيادة الحكومة وتفاعلها الدائم مع مختلف المشاريع والبرامج التطويرية المرفوعة من قبلهما.

وأشاد الدكتور بن حبتور، بكافة المهام المنجزة والترتيبات القائمة من قبل الوزارتين لتدشين العام الدراسي 1446ھ، معبرا عن الشكر والتقدير لقيادة الوزارتين ومختلف كوادرها التعليمية والتدريبية وطواقمها الادارية على كافة الجهود المبذولة من قبلهم لاستقرار العملية التعليمية و التربوية و الفنية و التدريبية.

 

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تختطف وكيلا في وزارة التربية والتعليم عقب مداهمة منزله وسط صنعاء
  • وزارة التربية تدعو الأساتذة إلى الإلتحاق بالمؤسسات التعليمية يوم 3 شتنبر
  • هذه أهم مخرجات الندوة الوطنية الخاصة باختتام السنة الدراسية 2023-2024
  • وزير التربية الوطنية : أشغال التهيئة والترميم بوجود التلاميذ ممنوع
  • ملفات النظام الأساسي تجمع بنموسى من جديد مع زعماء النقابات التعليمية
  • أعلنت عن برمجة قطوعات جديدة.. الكهرباء: عطل كبير أصاب المحولات الرئيسية في بورتسودان
  • التربية تناقش مستجدات تطبيق منهجية فرق الإشراف التربوي
  • بن حبتور يشيد بجهود وزارة التربية والتعليم الفني والمهني
  • التربية : ترشيح 3232 خريجا وخريجة للانضمام للحقل التربوي
  • الجيش يتهم «الدعم السريع» بتدمير الجزء الشرقي لجسر الحلفايا