جدل كبير بسبب طريقة برمجة وزارة التربية الوطنية للدعم التربوي خلال العطلة المدرسية
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
آلاف الأسر المغربية تستنكر اليوم بقوة ما باتت تشهده الساحة التعليمية في بلادنا من احتقان غير مسبوق على مدى أزيد من ستة أسابيع، انعكست آثاره على فلذات أكبادها التي تتعرض لهدر مئات الحصص الدراسية، إثر الشلل الذي لحق بمؤسسات التعليم العمومي في جميع جهات المملكة، جراء مسلسل الإضرابات المتواصلة، منذ أن صادقت الحكومة في 27 شتنبر 2023 على المرسوم رقم 819.
ورغم ما أبداه رئيسها عزيز أخنوش من موافقة مبدئية على مراجعة النظام المثير للجدل الذي فجر احتجاجات الشغيلة التعليمية، وقيامه بتشكيل لجنة وزارية ثلاثية من وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى ووزير الشغل يونس السكوري والوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع، قصد مواصلة الحوار مع ممثلي النقابات الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023 واتخاذه قرارا بتجميد العمل بالنظام الأساسي إلى حين تعديل بعض مضامينه، وإيقاف الاقتطاع من الأجور وتحسين دخل نساء ورجال التعليم، أبت التنسيقيات التعليمية إلا أن ترفض تلك المخرجات وتستمر في إضراباتها إلى أن يستجاب لكافة المطالب وعلى رأسها سحب النظام الأساسي وليس تجميده، فإن الوزارة الوصية اهتدت إلى إطلاق برنامج وطني للدعم التربوي خلال فترة العطلة البينية الثانية الممتدة من 4 إلى 10 دجنبر 2023، لفائدة التلميذات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية العمومية بجميع جهات المملكة، معتبرة أنه هذا يندرج في سياق استكمال عمليات إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتنفيذا لأحكام القانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيلا لالتزامات خارطة الطريق 2022-2026 "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"، معتمدة في ذلك على فئات لا علاقة لها بمهام التدريس.
وهو البرنامج الذي أثار منذ يومه الأول الاثنين 4 دجنبر 2023 موجة من السخرية العارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول عديد النشطاء سلسلة من الصور والأساليب الغريبة والمليئة بالأخطاء، معبرين عن استيائهم مما يتعرض إليه تلاميذ أبرياء كثر من جريمة نكراء في واضحة النهار، كما أن تلك الحصص أثارت أيضا ردود فعل غاضبة حول الغرض من تنظيم عملية دعم عشرات الآلاف من التلاميذ الذين لم يتلق الكثيرون منهم ولو درسا واحدا من بعض المواد منذ انطلاق الموسم الدراسي، فعن أي دعم يتحدث الوزير؟ ثم متى كان الدعم التربوي مجرد عملية ترقيعية، يراد من خلالها الهروب إلى الأمام ومحاولة امتصاص غضب الأسر التي تضرر أبناؤها؟ فأين نحن من إصلاح منظومة التربية والتكوين ورفع شعار: "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"؟
ففي هذا الإطار، انبرت عديد الفعاليات التربوية للدفاع عن المدرسة العمومية وتلامذتها، رافضة لجوء الوزارة الوصية إلى هكذا حلول ترقيعية تحت مسمى "الدعم التربوي" في غياب الشروط البيداغوجية والقانونية، من حيث الارتجال والعشوائية إن على مستوى توقيت تنزيلها أو على مستوى تكليف جمعيات وأشخاص يفتقرون إلى أبسط مقومات التكوين الأساس والمنهجيات العلمية التربوية، ويتساءل عديد المواطنات والمواطنين عن جدوى إسناد مثل هذا العمل التربوي الصرف لغير أهله من ممارسي المهنة، إلى جانب صمت المثقفين والمفتشين التربويين إزاء هذه المهزلة الكبرى، وما يمكن أن يترتب عنها من عواقب وخيمة؟ إذ أنه من غير المقبول أن يتم تحويل فضاءات المؤسسات التعليمية إلى أسواق للاسترزاق، وكل ما من شأنه تبخيس دور الأستاذ والحط من قيمته الاعتبارية.
إن الدعم التربوي لم يكن ولن يكون أبدا عملا ترقيعيا لمحاولة تهدئة روع الأسر القلقة عن مستقبل بناتها وأبنائها، والرافضة بشكل قاطع لتواصل حلقات هذا المسلسل الرهيب الذي ينذر ب"سنة بيضاء"، بل هو عملية تربوية دقيقة، تهدف إلى تقويم المكتسبات ومحاولة تدارك هفوات ونقائص المتعلمات والمتعلمين وتجويد تعلماتهم وإضافة أشياء أخرى جديدة لما سبق لهم الحصول عليه في الدروس التي تلقوها من طرف أساتذتهم، فكيف يستقيم الدعم التربوي من قبل غرباء عن التلاميذ المستهدفين لدروس مازالت محفوظة في المقررات الدراسية؟
إن الحل الأمثل يكمن في التعجيل بتلبية المطالب المشروعة للشغيلة التعليمية، فالأساتذة وحدهم هم القادرون على استدراك زمن التعلمات الضائع، لما يتوفرون عليه من خبرة تربوية وغيرة وطنية على المدرسة العمومية وأبنائها، ناهيكم عما عرف عنهم عبر سنوات من تضحيات ونكران الذات، في سبيل تطوير مستوى تلاميذهم.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الدعم التربوی
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: العقل البشري أصبح تقنيًا ويحتاج برمجة مضادة للفيروسات
ترأَّس أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، صباح اليوم، ورشة نقاشية تحت عنوان: (تحليل البنية المفاهيمية لمفهوم الإلحاد)، ضمن فعاليات الندوة الدولية الأولى التي تنظمها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، بعنوان: (الفتوى وتحقيق الأمن الفكري)؛ بمناسبة اليوم العالمي للفتوى الذي يوافق 15 من ديسمبر من كل عام، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على دَور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري، ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، إضافة إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الإفتائية والعلمية على مستوى العالم، وصياغة رؤى ومقترحات لتطوير منهجية الإفتاء بما يتناسب مع التحديات المعاصرة.
وقال الأمين العام خلال كلمته بالورشة، إن معنى الإلحاد أي مال وعدل، وقد وردت في القران الكريم بهذا المعنى، مضيفًا أن الإلحاد أيضًا مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى؛ حيث نعاني من أزمة واقعية نعيشها تحتاج إلى تحديث العقل الإنساني الذي يتصدى لذلك أو يعالج هذه المعضلة ويتناغم مع مستوى الهجمة الإلحادية التي تخترق مستوى العقل البشري خصوصًا في ظل التقدم التقني الذي نعيشه.
أضاف الجندي أننا كما نحتاج في أجهزتنا الإلكترونية إلى برمجة مضادة للفيروسات أصبح العقل البشري الآن تقنيًا ويحتاج إلى برمجة مضادة للفيروسات ولا أجد فيروسا أشد فتكًا من الإلحاد لأنه يواجه هذه النزعة التي خلقها الله في الإنسان وهى الفطرة، مشيرًا إلى أننا نجد عددًا من الأسماء الإلحادية عبر المواقع الإلكترونية؛ ولذا لابد وأن نتحدث من واقع التجربة حيث يوجد العديد من الإصدارات العلمية التي تعالج أسباب الإلحاد، كما شهدت الورشة عدة مداخلات لعدد من الحضور المتخصصين في مجال الإلحاد.