أبرز ما تداولته الصحف الروسية عن زيارة بوتين إلى الإمارات والسعودية

سلطت صحف ومواقع إعلامية روسية الضوء على الزيارة التي أداها الرئيس فلاديمير بوتين إلى السعودية والإمارات، مشيرة إلى الأهداف الكامنة خلف الزيارة، وإمكانية تعميق النفوذ الروسي في الخليج، على حساب الدور الأمريكي التقليدي.

وتحدثت صحيفة "فزغلياد" الروسية عن زيارة بوتين إلى السعودية والإمارات، وبرنامج المفاوضات المكثّف للوفد المرافق له الذي يعكس المرونة التي اكتسبتها الدول الرائدة في العالم خلال السنوات الأخيرة.

ومع أنه من المستبعد تحوّل السعودية أو الإمارات إلى حلفاء روسيا ومعارضين أشداء للغرب بشكل كامل، إلا أنه لا يمكن اعتبار السلوك المستقل لدول شبه الجزيرة العربية مجرد وسيلة بدائية لرفع حظوظها في الحوار مع الولايات المتحدة. 

حسب الصحيفة، عكست المواضيع الرئيسية على جدول أعمال المفاوضات بين الزعيم الروسي وقيادة كلتا القوتين في شبه الجزيرة العربية، تغييرات كان من الصعب توقعها سابقا. وقد غطت هذه المواضيع ثلاث مجالات رئيسية، الطاقة والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ومجموعة البريكس، وهي محلّ خلاف بين العرب وواشنطن بسبب عدم قدرة الأميركيين على التسوية وثقة السعودية والإمارات بقدرتهما على تحقيق تغييرات مفيدة لمصالحهما.

وذكرت الصحيفة أن روسيا تعمل كقطب بديل خاصة أنها تولي أهمية لإرساء قواعد أكثر عدلاً وتتبع في ذات الوقت قواعد التدخل الحديثة في السوق الحرة لموارد الطاقة، العامل الذي يخدم مصالح موسكو والعرب الذين يقدرون فرصة إدارة أهم مواردهم بشكل مستقل. إلى جانب ذلك، تطرقت المفاوضات إلى وضع حرب غزة، إذ لم تدّخر الولايات المتحدة جهدًا خلال الشهرين الماضيين في سبيل تقويض مصداقية الممالك العربية في الخليج بشأن دعم القضية الفلسطينية.

تفتقر المملكة العربية السعودية والإمارات إلى القدرة أو الإرادة السياسية لاتخاذ موقف صارم ضد تصرفات إسرائيل. مع ذلك، يعارض العرب سياسة الولايات المتحدة التي اتخذت موقفا دعما لإسرائيل. على هذا النحو، خلق الأميركيون بأيديهم وضعاً جرّدهم من مكانة الشريك الرئيسي الوحيد الذي تلجأ إليه جميع أطراف الصراع.

وأوردت الصحيفة أن المفاوضات تطرقت إلى الانضمام المرتقب لكل من السعودية والإمارات إلى مجموعة البريكس في كانون الثاني/ يناير المقبل. تمحورت المواضيع الرئيسية حول الاقتصاد والأمن الإقليمي فضلا عن آفاق الحوكمة العالمية. ويعني انضمام دولتي الخليج إلى المنظمة الرئيسية التي تمثل بديلاً للغرب على المستوى العالمي حدوث تغيير نوعي لمكانة دول شبه الجزيرة العربية على الصعيد الدولي.

عمومًا، من شأن انضمام دول الخليج العربي إلى البريكس زيادة ثقلها في المفاوضات مع الولايات المتحدة وأوروبا، وتهيئة سياق جديد لهذا الحوار، والأمر سيان بالنسبة لجميع العلاقات الخارجية الأخرى. كما سيساعدها ذلك على الحدّ من هيمنة الدولار الأمريكي، واعتماد العملات الوطنية في التجارة وإنشاء أنظمة دفع بديلة. ومن شأن زيادة استقلالية الشركاء في شبه الجزيرة العربية إرساء نظام عالمي مستدام.

في سياق متصّل، أشار تقرير آخر نشره "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات" إلى تأكيد فلاديمير بوتين خلال المفاوضات التي انعقدت في 6 كانون الأول/ ديسمبر في أبوظبي وصول العلاقات بين روسيا والإمارات إلى مستوى غير مسبوق بعد زيادة حجم المبادلات التجارية الثنائية بنسبة 67 بالمئة خلال السنة الماضية، مما يجعل الإمارات الشريك التجاري الرئيسي لروسيا في العالم العربي.

وخلال رحلته إلى الدول العربيّة، رافق بوتين وفد تمثيليّ يعكس أعضاءه الأهمية البالغة للزيارة والاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن الوضع المتغير ديناميكيًا في المنطقة. قبل بدء المفاوضات، كشف بوتين عن فرصة إنشاء مؤسسة مشتركة في مجال الأسمدة المعدنية مع السعودية. ومن المحتمل عقد الاجتماع القادم لرؤساء الدول في موسكو.

على مدى السنوات السبع الماضية، زاد التفاعل بين السعودية وروسيا، وتم إنشاء تفاعل سياسي مستقر، فضلا عن الاتصالات في المجالات الإنسانية والاقتصادية. وذكر المدير العام لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، كيريل دميترييف، أن صندوق الاستثمار المباشر الروسي يخطط لجذب تريليون روبل من الاستثمارات السعودية ما بين 2024 و2025. ومنذ سنة 2015، تمكنت روسيا من جذب أكثر من تريليون روبل من المملكة لتطوير أكثر من 40 مشروعًا.

وأشار الموقع إلى أن اتصالات روسيا مع العالم العربي لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، إذ لا تزال موسكو لاعباً بارزاً في الشرق الأوسط. ويوفّر ممر النقل الدولي "شمال جنوب" عبر أراضي جارتها الجنوبية على بحر قزوين أقصر طريق اتصال بين روسيا ودول العالم العربي. ومع انضمام إيران والسعودية والإمارات إلى مجموعة البريكس اعتبارا من العام المقبل، يمكن حلّ التناقضات القائمة بينها بشكل أكثر فعالية.

في شأن ذي صلة، أفادت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية بأن زيارة بوتين إلى الإمارات والسعودية، تعد حدثاً دولياً مهما، لا سيما عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي مما قلص من دائرة زياراته. وبالنظر إلى عدم انضمام الإمارات والسعودية إلى نظام روما الأساسي الذي تعمل المحكمة الجنائية الدولية بموجبه، فإن هذه الدول غير ملزمة بهذا القرار.

تزامنت الزيارة مع حدوث تغييرات كبيرة في سوق الذهب الأسود، مما أثر بشكل مباشر على روسيا. بالنسبة للإمارات والسعودية، يعتبر استقبال الرئيس الروسي وسيلة لإظهار استقلالية سياستها الخارجية إلى حد ما عن الولايات المتحدة. وقد تزامن وصول بوتين إلى أبوظبي مع انعقاد مؤتمر المناخ في دبي، الذي كان من بين المشاركين فيه الوفد الأمريكي برئاسة المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لتغير المناخ جون كيري.

حيال نفس الموضوع، ذكرت صحيفة "برافدا" الروسية أن لقاء فلاديمير بوتين مع قادة الإمارات والسعودية وإيران يعكس رغبته في إنشاء تحالف قاري للتغلب على الأزمات دون تدخل الغرب. توضح عدة عوامل مدى تطور الشراكة بين روسيا والإمارات خلال العامين الماضيين بعد انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا.

 تشمل هذه العوامل، دعم الإمارات لروسيا في جلسة تصويت مجلس الأمن الدولي على الملف الأوكراني وعدم انضمام الإمارات إلى عقوبات الغرب وحلفائه، فضلا عن لعب الإمارات دور الوسيط في العديد من القضايا، بما في ذلك تبادل الأسرى مع القوات المسلحة الأوكرانية، والاجتماعات بين الكنائس والاتصالات مع الغرب، ناهيك عن انتقال الشركات الكبرى الروسية على غرار "غازبروم" و"سبير بنك "وشركات التكنولوجيا الفائقة إلى أبوظبي لدعم الاستثمار وتنفيذ مشاريع التمويل الإسلامي.

وأوضحت الصحيفة أن اجتماعات بوتين الدولية الأخيرة مدفوعة برغبة موسكو في إنشاء تحالفات عالمية مع دول غير غربيّة من شأنها حلّ القضايا لصالح أوراسيا وليس لصالح الولايات المتحدة. وقد كشفت زيارة بوتين عن فشل مساعي واشنطن لعزل موسكو وأظهرت للعيان عمل روسيا على تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

المصدر: عربي21