الرهان على وعى الشعب المصرى العظيم
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
تنطلق بعد غد الأحد، الموافق 10 من شهر ديسمبر الجارى، الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، لمدة ثلاثة أيام، لتشهد مصر أهم استحقاق الانتخابات لاختيار رئيس مصر القادم لمدة 6 سنوات قادمة، والرهان على وعى الشعب المصرى العظيم بأهمية المشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية وضرورة الخروج بكثافة للتصويت فى الاقتراع.
ضربة البداية كانت مع المصريين فى الخارج الذين احتشدوا أمام وداخل السفارات والقنصليات المصرية فى مختلف دول العالم خلال أيام 1 و2 و3 ديسمبر، وسط إقبال كبير على صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وحرصاً على المشاركة فى رسم ملامح مستقبل بلدهم من خلال اختيار المرشح الرئاسى الذين يرون أنه الأنسب لتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.
المصريون فى الخارج قاموا بالواجب الوطنى وشاركوا بقوة فى الانتخابات الرئاسية وقدموا نموذجاً مشرفا لصورة مصر أمام العالم كله، فجاء مشهد خروجهم فى طوابير أمام اللجان مبهرا للعالم، وضربوا المثل فى كيف يكون الوفاء والولاء والانتماء للوطن، فلم يمنعهم سوء الأحوال الجوية أو ظروف العمل من التوجه إلى صناديق الاقتراع، بل وتعاملوا مع المشهد الانتخابى كأنه احتفال بمناسبة وطنية.
يأتى الدور على الشعب المصرى العظيم فى الداخل بجميع أطيافه، والذى عهدناه صاحب معدن أصيل يظهر دائماً فى أحلك الأوقات والظروف ويساند بلده ويدعمها، لذلك نشدد على ضرورة المشاركة الإيجابية فى الإدلاء بأصواتهم فى صناديق الاقتراع، التزاما بأحكام الدستور والقانون، فالمادة 87 فى الدستور تنص على أن المشاركة فى الاستحقاق الانتخابى واجب وطنى، وبالتالى هى التزام دستورى يعبر عن حق المواطنين المقيدين فى قاعدة بيانات الناخبين فى مباشرة حقوقهم السياسية وأهمها التصويت فى الانتخابات الرئاسية، ليعبروا عن إرادة المصريين واختيار من يمثلهم ويخاف على مصالحهم ويكون قادراً على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
«انزل وشارك وعبر عن إرادتك.. صوتك أمانة.. مشاركتك مساهمة فى صنع مستقبل مصر، فلا تتنازل عن حقك»، أتمنى أن يشارك فى الانتخابات الرئاسية كافة فئات المجتمع، وأن تكون المشاركة بكثافة وقوة بصورة تليق بحجم ومكانة الدولة المصرية، لا تستمعوا للدعوات المغرضة التى تشكك فى نزاهة وسلامة وشفافية العملية الانتخابية، هذه الدعوات الهدامة تستهدف إحباطك وتحريضك على عدم المشاركة لتشويه صورة الدولة المصرية، لكنى كلى ثقة أن الشعب المصرى العظيم سيفوت الفرصة على المتربصين بالوطن مروجى الشائعات.
وبكل تأكيد الهيئة الوطنية للانتخابات توفر كافة الضمانات اللازمة لحسن سير العملية الانتخابية وضمان نزاهة وسلامة الاقتراع، وتقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، كما أن منظمات المجتمع المدنى الدولية والمصرية تراقب وتتابع العملية الانتخابية، وكذلك وكذلك وسائل الإعلام المصرية والدولية تقوم بالمتابعة والتغطية، وبالتالى سيتم رصد أى تجاوزات أو مخالفات قد تحدث.
ما يميز الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، هو التعددية السياسية والتنوع من حيث وجود أربعة مرشحين للرئاسة من بينهم ثلاثة رؤساء أحزاب، وذلك يحدث زخماً كبيراً وإثراء للحياة السياسية المصرية، بالإضافة إلى الإشراف القضائى، وأعتقد أنه كان للحوار الوطنى الذى عقد خلال الفترة الماضية دور مؤثر فى إحداث مرونة وحراك سياسى داخل الأحزاب المصرية، وأحد أهم أسباب تشجيع الأحزاب على المشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية سواء بالدفع بمرشح للانتخابات أو فى المشاركة بالتصويت فى العملية الانتخابية، ودعم وحشد المواطنين وتوعيتهم بضرورة المشاركة.
أخيراً، أقول لكل مصرى ومصرية «بلدكم فى انتظاركم لتشاركوا فى الانتخابات الرئاسية، لا ينبغى أن تتنازل عن حقك الدستورى وواجبك الوطنى، الرهان الحقيقى على وعى الشعب المصرى وأثق أنه سيكون على قدر المسئولية».
عضو مجلس الشيوخ
عضو الهيئة العليا لحزب الوفد
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ديسمبر الجارى الانتخابات الرئاسية المصرية الانتخابات فى الانتخابات الرئاسیة الشعب المصرى العظیم العملیة الانتخابیة
إقرأ أيضاً:
فيلم السنة العاشرة.. صورة حياة في الغابات بعد الانهيار العظيم
تبدو العزلة التامة للفرد في بيئة ممتدة لكنها في ذات الوقت مغلقة بمثابة تحد تواجهه الشخصية وهي ترى أن مصيرها مرتبط بالخروج من تلك البيئة الصارمة.
هذه المعطيات لطالما عالجتها السينما في العديد من الأفلام وذلك من خلال وجود الشخصية الدرامية في العديد من البيئات، فتارة في كهوف جبلية أو صحراء قاحلة مفتوحة أو بحر هائج أو غابات ممتدة تجعل ذلك الامتداد الاستثنائي بمثابة فضاء مفتوح على أشكال شتى من التحديات.
هذه الفرضية يقدمها فيلم "السنة العاشرة" للمخرج بنجامين غودجر الذي يعرض حاليا في صالات العرض في أوروبا والولايات المتحدة ونال أصداءً واهتماما نقديا ملحوظا من منطلق تصنيفه على انه من أفلام الرعب وفي نفس الوقت انتماؤه إلى أفلام نهاية العالم ( ابوكاليبس) التي تم إنتاج الكثير منها وكانت ثيمتها الأساسية ترتكز على من تبقى حيا بعدما ضربت العالم جائحة ما من الأوبئة إلى الحروب الكونية.
حياة أولئك الناجين أو من هم لا يزالون على قيد الحياة بعد مرور 10 سنوات على الانهيار الذي نجهل ما هو بالضبط لكن ها نحن مع بضعة أشخاص يتنقلون وسط الغابات باحثين عن الماء والطعام ثم ليصطدموا مع جماعة أخرى تتسم بالوحشية والرغبة في القتل.
والحاصل أن ما يمكن استنتاجه هو وصول ما تبقى من البشر بعد عقد من الانهيار العظيم إلى حافة المجاعة وشح المياه وهو ما يظهر جليا حتى على ملابس أولئك الناجين الرثة والمائلة إلى اللون البني، ومن هنا يمكننا أن نستنتج بعد مرور الربع الأول من وقت الفيلم لماذا تتحاشى الشخصيات أسماع أصواتها فهي تخشى من الانكشاف لدى جماعات وحشية هائمة على وجوهها وبذلك أعادنا هذا الفيلم إلى أفلام سابقة من أهمها فيلم مكان هادئ بجزئيه وفيلم قفص العصافير وفيلم الصمت وفيلم لا تتنفس وغيرها، وكلها تقريبا كان فيها إسماع الصوت يؤدي إلى هجوم كائنات وحشية أو زومبي لكن في هذا الفيلم تبدو المعالجة مختلفة فهي بمثابة نوع من التحدي.
لقد تم استخدام الصمت أداة فيها كثير من الجرأة، فالشخصيات لا تطلب إحداها من الأخرى الصمت وعدم الكلام ولكن هو أمر تلقائي ولنا أن ننظر بشكل واقعي إلى أحداث فيلمية تمتد إلى أكثر من 90 دقيقة وحتى نهاية الفيلم من دون نطق كلمة واحدة مع عدم فقدان متعة المشاهدة وهو ما يحسب لكاتب السيناريو والمخرج تلك الجرأة في تقديم بناء سردي -صوري متقن ومتكامل من دون حوار.
وفي هذا الصدد يقول الناقد ايلودي ماريوت موقع فيلم هاوندس "يبدأ الفيلم ببناء التوتر بشكل جيد رغم الاستغناء عن الحوار، حيث يصور مشاهد الحركة المروعة باعتبارها بديلا بصريا للحوارات المتبادلة بين الشخصيات. إن صراخ مجموعة من الكلاب المتعطشة للدماء التي تبحث عن شخص ما لتنقض عليه أمر مرعب، ولكن القفز السريع إلى مكان آمن غالبًا ما يقلل من ثقل هذه اللحظات المتوترة. ورغم جودة الصورة والاستغناء عن الحوار، إلا أن أحد عيوب الحوار المحدود أو غير الموجود هو أن المشاهدين قد لا يشعرون بالارتباط الكامل بالشخصيات، مما يحول دون الوصول إلى أفكارهم أو مشاعرهم أو دوافعهم".
أما الناقدة كارينا جونز في موقع هافن هورر فتقول: "عليّ أن أعترف أنه على الرغم من إعجابي بفكرة وقصة الفيلم، إلا أن هناك بعض المشكلات الرئيسية التي برزت. إحدى هذه المشكلات تتعلق بالشخصية الرئيسية في الفيلم، فقد بدا وكأنه لا يستطيع اتخاذ الاختيار الصحيح أو القيام بالشيء الصحيح في الوقت الصحيح".
أما من وجهة نظر نقدية مقابلة، فإن تعمد المخرج تقديم الشخصية الرئيسية -الممثل توبي غودجر بهذه الصورة فقد كانت في إطار تلقائية أداء الشخصية، فهو شخصية عادية وليس بطلا خارقا أو استثنائيا ولهذا كان يمكن أن يفشل في مواجهة أولئك الذين يطاردون ضحاياهم وأن يقع ضحية مع أن نمطية أفلام من هذا النوع تقدم شخصية البطل المخادع القادر على إيجاد الحيل المناسبة للفرار.
على أن من التحولات الأساسية في الفيلم ومن خلال استخدام الحبكات الثانوية كمثل انتزاع المفتاح من رقبة أحد أشرس الشخصيات التي تلاحق أيا كان بصحبة عصابة شرسة وهو مشهد بدا جريئا وفيه بعض المبالغة إلا انه قادنا إلى حبكات ثانوية أخرى تمثلت في الهجوم على المنزل المتنقل والاستفادة مما يحتويه من مخزون غذائي.
واقعيا نحن أمام ثلاث شخصيات ممثلة في الأب وابنته المريضة والابن الذي سوف يبقى وحيدا بعد مقتل الأب ولهذا يمضي في رحلة البحث عن الطعام وهو يخوض مواجهات شرسة مع خصومه بينما كان هنالك مشهد الكلاب المتوحشة مما يقوي جانبه ويمنحه فرصة الاقتصاص من خصومه.
ولعل مضي الوقت الفيلمي والاقتراب بأحداث الفيلم من النهاية ومع الاستغناء عن الحوار كان بمثابة امتحان حقيقي لجهة توفر الفيلم حتى النهاية على عامل التأثير في المشاهد واجتذابه للمضي في متابعة الأحداث وهي ميزة أثبتت نجاح فكرة الاستغناء عن الحوار وترسيخ أهمية عنصر الصورة.
على أننا لابد أن نشير إلى أن استخدام ثنائية الصورة والحركة والمطاردات وحبس الأنفاس كانت من بين العناصر التي عوضت عن الحوار وأعطت زخما للأحداث كما وفرت قوة للصورة بكونها محملة بكثير من الدلالات والعناصر التعبيرية الغزيرة التي صارت بالتالي بدائل مقنعة لغرض المضي في متابعة الأحداث.
من جانب آخر هنالك الهم الإنساني الذي يحرك الشخصية للمضي في تحمل المخاطر، من خلال محاولة العثور على دواء للشقيقة المريضة التي زاد جرحها صعوبة وتفاقما ولهذا كان اندفاع الشقيق بشكل هستيري متحملا المخاطر قد تكلل بالنجاح جالبا الطعام والدواء من مكان متروك ولكنه وعندما يعود إلى المخبأ لن يعثر على الشقيقة لكن يدا تمتد وسط العتمة وتستقر على كتفه لتعيد إليه الأمل في عثوره عليها.
هذه الكثافة في الأحداث والصراعات في إطار مربع لا يتعدى تلك الغابة التي يختبئ فيها القتلة واللصوص والزومبي تكاملت من خلال التفاعل مع الشخصية الرئيسية وهي تمارس لعبة الكر والفر مع العديد من الخصوم بما أضفى على الفيلم صفة النوع المختلف عن الأشكال والمعالجات المعتادة في هذا النوع من أفلام الانهيار العظيم إذ غالبا ما تحتشد العديد من الشخصيات الناجية في مواجهة خصوم مختلفين وذلك في إطار فكرة الصراع من أجل البقاء.
...
سيناريو وإخراج/ بنجامين غودجر
تمثيل / دونكان لاكروا – الأب، توبي غودجر – الابن، هانا براون – الابنة
إنتاج/ بلو فوكس