بوابة الوفد:
2025-01-30@14:59:10 GMT

مع دوام المحبّة

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

فى زيارة الأولياء نورٌ لا يبصره القلب المطموس. 

من هيكل مقام الولى ينبعث هذا النور. والقلوب المطموسة لا تراه ولن تراه. والبصيرة تكشفه، والسريرة الباطنة تدركه ولو على بعد أميال، لا بل ولو فى محيط الأكوان ممّا لا ترى ولا تشهد.

برزخ الولى مفتوح بالسعة بين الأرض والسماء. الوليٌّ لا يموت بل ينتقل من حال إلى حال، حاله بعد الموت كحاله قبل الموت سواء.

كل ما هنالك أنه بدّل الدار، ولكن برزخ الروح تعطى فيما بعد الموت أكثر ممّا تعطى فى الدنيا، لأن روحه تحرّرت من علائقها الجسدية، وتحررها أوجب لها الحريّة.

الهجمة التاريخية الشرسة التى اتّخذها الفقهاء ومن دونهم من السطحيين ضد تمسك العوام بزيارة مقامات الأولياء والدعاء عندها إلى درجة أنهم أطلقوا عليهم لفظة (المقبورين) سخرية واستخفافاً ونكاية وازدراءً، (وكلنا مقبورون فى نهاية المطاف)، إنما هى مادة ضعيفة ملوثة بالطين الأسود لا تثمن ولا تغنى من جوع البصائر والأنوار، مادة للكتابة النقديّة البرانيّة المُسَطحة.. ولكن الأمر فى جوهره تقريب غير عبادة الأموات والطواطم وأرواح القربى والأجداد فى العقائد والثقافات القديمة أو عبادة الطواطم والأرواح الخفيّة فى الأسلاف الغابرة.

كل هذا مجرد تشابه سطحى برّانى لا عمق فيه.

نورُ الوليّ ينعكس من برزخه على مقامه فيمدُّ زائره من فضل جوده بمدد التقريب. والخيال الخصيب يُلاقيه، ويمتلئ باطن الزائر براحة اللقيا إذا أعتقد فيه. والنظافة الباطنة : سلامة الصدور من الدغل والتعطيل، تلمسه عن قرب وتدانيه ولا تجد سوى الحب تقابله ويقابلها، فليس عنده من شك فيما لا شك عنده فيه.

لن تستطيع أن تعرف الله، وأنت مادة، وابن مادة، ولك فى المادة نسبة اتصال. ولكن الله فتح لك نوافذ إدراك، طاقات نور، تترقى بها إلى معرفته، وكان ممّا فتحه لك أنوار الأولياء الحاضرة الباقية، وأحاط أنوار الأولياء بمصادر للنور لا تنقطع فى هذه الأرض، كعلامات بارزة، كأقمار تضىء سواد الأرض وظلام الأفق، هم آل بيت رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، أكمل خلق الله فى أرضه، هم من جعلوا الأرض نوراً يضئ غسق الظلمة الكالحة، فالتمسك بهذا النور علامة إيمان لا دلالة جهل وطغيان. إنما الجهل والبغى والطغيان فى العَمَىَ الروحى والظلمة الشعوريّة وإشاعة الفتن وكراهية خلق الله، فى الغلالة الترابية، فى سواد القلوب التى لا تعرف للحب طريقاً تسير فيه. 

فى جوهره، لم يكن الإيمان إلا الحب لله ولرسوله ولآل بيته وللصالحين، ثم إنه من بعد ليتسع للمجموع ممّن خلق الله وما خلق، ليشمل الكون كله ظاهره وخافيه والسيئة من المحب نور.

والحسنة من المبغض ظلمة، ولا ينفع الإحسان مع البغض، ولا تضرّ الإساءة مع وجود الحبّ. ولن تجد لهذا الإيمان وجوداً إلا فى القلوب الكبيرة والعقول الراقيّة والأرواح الصافية بصفاء المودة مع دوام المحبّة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأرض والسماء

إقرأ أيضاً:

الأوطان والأماكن كلها تشتاق لك

الأوطان والأماكن كلها تشتاق لك
نعم والله نشتاق لها وتشتاق لنا
د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة

نهاية يناير 2023 (قبل اندلاع هذه الحرب المشؤمة بشهرين) كنت أودع الخرطوم بل كل السودان و الناس والأماكن التي أشتاق إليها وتشتاق لي ولساني يردد كلمات تعجبني من أنشودة تعلمناها بالمدرسة المتوسطة لعلها للشاعر علي الجارم تقول
طائر يشدو على فنن جدد الذكرى لذى شجن
قام والأكوان صامتة ونسيم الصبح فى وهن
هاجه شوق إلى وطن فبكى للأهـل والسـكن

فرغم تطور الحياة وتبدلها (أي تحضرها) ورغم ما شاهدته وعاصرته على تلك البسيطة بفضل الله تعالى فى أسفارى تلك مباشرة أو عبر القنوات المرئية بالتقنية الحديثة وهذا ثاني شهر يناير يمر على انقطاعي من زيارة السودان الوطن والتراب الأم ، لازلت ولا أزال مملوءاً شوقاً وحنيناً الي الديار والشوارع والسهول وجلسات مع الأهل في ذلك الوطن الذى أشبعنا طفولة غناء بالحب والطمأنينة وحرية كحرية الطيور بدون جوازات سفر فى الأجواء الفسيحة · وكيف لا فذكريات الأوطان والأماكن الحبيبة تأسر اللب وقد انغرست نقوشها وحبها فى جوانحنا وتملكت جوانب الفؤاد فبلغت مبلغاً فى السويداء لا ينمحى أبد الدهر!! نجد فيها راحة البال عندما نجترها فى حلنا وترحالنا، فلك يا الوطن الحبيب السودان ولأهلك الطيبين الحب من الأعماق وشعور تترجمه أبيات شاعر العشق الإلهى إبن الفارض القائل:
أنتم فروضي ونفلى أنتم حديثى وشغلى
يا قبلتى فى صلاتى إذا وقفت أصـلى
أقول: "الفروض والنوافل" وحديث النفس وشغلها وقبلة الصلاة لا تكاد تنفصل عن المرء الملتزم يوماً ولا فى اليوم ساعة ولا فى الساعة لحظة، فإن كان للذكريات فروضاً ونوافلاً فإن للأوطان والأماكن وذكرياتها الحبيبة أيضاً فروضا و نوافلاً ، ألا وهى الحب والولاء والفخر بالإنتماء . وما أنتم يا أهلى وأحبابنا مع البعد والغياب القسري عن الوطن إلا ذلك الحديث وذلك اللحن الشجى الذى أردده و كذلك يردده كل سوداني يخصكم في المهجر . مع حبى لكم وللوطن الكبير فكل ما اتذكره في الوطن يذكرني بكم و معكم بشيء وضحكة كم كانت هناك تسعدني من وجه وضيء ، "بفضل الله وقوته وكرمه ستظل أنت يا سوداننا ملكنا وطننا وحدنا درة نفيسة فى أيدينا" !! فعزيز وحدك أنت يا وطن الشرفاء- يا السودان
عبدالمنعم

الكوبيرايت: لقد تأكدت من أن صاحب الأماكن لا يمانع من نشرها على اليوتيوب

drabdelmoneim@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الأوطان والأماكن كلها تشتاق لك
  • مولد السيدة زينب حالة خاصة من الحب والعشق .. أحد علماء الأزهر يوضح
  • قناة لبنانية: الجيش يتسلم منشأة عسكرية تحت الأرض من حزب الله (شاهد)
  • شعر عن عيد الحب
  • عيشوا لحظات الحب من جديد في “ذي رستورانت” العنوان دبي مول
  • فضل الله من بنت جبيل: ماضون بإصرار وتصميم وعزيمة في تحرير كل شبر من أرضنا
  • تهنئة عيد الحب 
  • أجمل كلمات ورسائل عيد الحب 2025
  • نزول المطر: عطاء إلهي يحمل الخير والبركة ويجدد الأمل في النفوس
  • الأزهر يعلن رفضه لمخططات تهجير الفلسطينيين ويؤكِّد: محاولة بائسة وظالمة لتمكين الاحتلال