يُعَد التأثير العاطفي في وجدان المتلقي وانفعالاته من أبشع الاستمالات الإقناعية؛ وتحرص وسائل الإعلام دومًا على إثارة عواطف الجماهير؛ فهى تُعَد أداة مثالية للوصول إلى مشاعر الناس. وقد تدفع المتلقي بشكل لا شعوري إلى التفاعل الوجداني مع ما تعرضه تلك الوسائل من برامج وأخبار، فهي تؤثر في كيفية تكوين المشاعر اجتماعيًا.

لذلك تزود وسائل الإعلام موارد إضافية للوصول إلى مشاعر الجمهور وإقناعهم. وتعتمد وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة من صحف ونشرات ومجلات) على استخدام لغة عاطفية وشعارات براقة تحظى باعجاب المتلقي والاستحواذ على اهتمامه وإثارة حماسه. لغة إعلامية مبهمة مشحونة بالإيحاءات المضللة؛ ومليئة بالرموز التي تؤسس أفكارًا تغيب وعي أفراد الشعب، ويتم استقاء هذه الرموز من الثقافة السائدة، والتراث الشعبي، والقيم الاجتماعية العقيمة، ومستمدة من تراث ديني مستند إلي فكر بشري عقيم؛ منبت الصلة بجوهر الدين السمح. 

كثيرًا ما تلجأ وسائل الإعلام إلى استخدام الرسائل التي تثير خوف الجمهور، وتسهم استمالات التخويف على تنشيط الإثارة العاطفية لدى المتلقي. فضلًا عن هذا تسعى وسائل الإعلام إلى تحذير الناس من خطر انتشار الأمراض المعدية حتى يسارع الناس إلى الكشف الطبي الدوري. لذلك تعتمد استمالات التخويف في رسائلها على أربعة مبادئ حاسمة لاستدعاء الخوف هي: شدة التهديد بحلول خطر ما، وترجيح حدوثه، وفعالية استجابة المواجهة، والقدرة على وضع الحلول.

ويعيد الخطاب السياسي عبر وسائل الإعلام إنتاج الفزع والخوف، طالما كان الأمن والإرهاب عنصرين يسيران جنبًا إلى جنب ولا يبتعد أحدهما عن الآخر. ومن ثمَّ يزيد الخطاب الأمني فى معظم الدول المشحون عاطفيًا من وطأة الشعور بفقدان الأمان، وتبقى وعود الأمن - دائمًا - وعودًا مستقبلية، مرهونة بمدى التطور والتقدم التقني للجريمة والإرهاب، وتفاعلهما مع العنصر البشري، وهو الخليط الذي لا يمكن التوقع بأبعاده وتداعياته. وهكذا تستمد النظم الأمنية أداة حكم للسيطرة على مقاليد الأمور؛ حتى تستطيع تلك النظم فرض حالة استثنائية عبر أجهزة الدولة؛ التي تبرر ممارساتها بشكل يجعلها منطقية وضرورية، حتى تندرج ضمن سياسات مكافحة الإرهاب؛ وتُضفي عليها الشرعية.

وتحرص وسائل الإعلام المضللة على تغييب الوعي بشكل مستمر حتى تؤثر في المشاعر باستخدام الإثارة بتقطيع المشكلة وتجزئة المعلومة كي لا يحصل المتلقى أبدًا على معرفة كاملة نهائية. إنها تعبر عن الأخبار عن الأحداث التي تحظى بأهمية وتَفَرُّدٍ فائقَيْنِ، فيتجه انتباه الجمهور إليها، ويظل مشغولًا بها فترة طويلة من الزمن. لذلك يمكن تحت غطاء الإثارة إما الصمت عن الأحداث المهمة التي ينبغي ألا يلحظها الجمهور، أو إيقاف النزاع أو الذهان الذي حان الوقت لإيقافه- بحيث لا يعود أحد يتذكره. وقد تم وضع معايير للأحداث التي يمكن تحويلها إلى إثارة. وقد جرى التعبير عنها بالقول المأثور: «إذا عض كلب إنسانًا فهذا ليس خبرًا، أما إذا عض الإنسان كلبًا فهذا هو الخبر المثير للاهتمام».

* دكتوراه في الفلسفة السياسية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل تعتقل فلسطينيا مصابا في نابلس وتمنعنا من علاجه

أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل فلسطينيا بعد إصابته وتمنع طواقمنا من الوصول إليه في مخيم بلاطة، في ظل إصابة 3 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم بلاطة في مدينة نابلس بالضفة الغربية، حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة «القاهرة الإخبارية».

كما أعلنت وسائل الإعلام الفلسطيني، أن قوات الاحتلال تواصل القصف المدفعي لمحيط المستشفى الإندونيسي ومناطق متفرقة من بيت لاهيا ومشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وإطلاق نار من مروحيات الاحتلال على منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وأكدت وسائل الإعلام، أن طائرات الاحتلال ومدفعيته واصلت غاراتها وقصفها العنيف على أرجاء متفرقة من قطاع غزة، مستهدفة منازل وتجمعات النازحين وشوارع، موقعة عشرات الشهداء والجرحى.

  

 

مقالات مشابهة

  • الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل تعتقل فلسطينيا مصابا في نابلس وتمنعنا من علاجه
  • «المواقع الرياضية والصورة الذهنية للجمهور» رسالة ماجستير في جامعة بني سويف
  • كيف تناولت وسائل الإعلام الدولية لقاء فيدان والشرع؟
  • النيابة العامة الإسرائيلية: نتنياهو متورط بشكل واضح في قضية الرشوة
  • إعلام إسرائيلي: النيابة العامة أكدت تورط نتنياهو بشكل واضح في قضية الرشوة
  • الإعلام بين الماضي والحاضر
  • مؤسسة النفط تصدر بياناً حول ما يشاع عبر وسائل الإعلام
  • الإعلام حربٌ بدون دماء.. أو الأكثر دموية
  • وزيرة الداخلية الألمانية: منفذ هجوم ماغديبورغ “مُعاد للإسلام”
  • وزيرة الداخلية الألمانية: منفذ هجوم ماغديبورغ مُعاد للإسلام