مدينة غزة.. نصف مليون فلسطيني في مجاعة وكارثة صحية
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
غزة- "بالعافية (بشق الأنفس) دبّرت لهم عبوتين صغيرتين من البسكويت"، بهذه الكلمات اختصر الفلسطيني حسونة سكافي رحلة البحث المضنية عن أي شيء يصلح للأكل لعائلته في مدينة غزة الخاضعة لعزلة خانقة يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويمنع عنها كل سبل الحياة.
وبالنسبة لحسونة ولمئات الآلاف من سكان مدينة غزة والنازحين إليها من مناطق شمال القطاع، فإن توفير أي نوع من الطعام بات مهمة شبه مستحيلة، جرّاء عزل جيش الاحتلال المدينة عن باقي مدن القطاع، والاستهداف المكثف لكل سبل الحياة فيها من أسواق ومحال تجارية وآبار مياه.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرضت مدينة غزة لأعنف الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف برا وبحرا، قبل توغل جيش الاحتلال بدباباته وآلياته في مخيماتها وأحيائها، وإجبار سكانها على النزوح عن منازلهم داخل المدينة أو نحو مدن ومخيمات جنوب قطاع غزة.
البحث عن حياة
لم ينزح حسونة، وفضّل البقاء في منزله بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة، حتى وجد نفسه مضطرا إلى المغادرة بأسرته على وقع مجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال بغارات جوية دمرت مربعا سكنيا بأكمله، قبل بضعة أيام. ويقول للجزيرة نت، "أخرجتهم بأعجوبة، وقضينا يومين أمام باب مدرسة تؤوي آلاف النازحين من مدينة غزة وشمالها".
حسونة متزوج ولديه "حور" طفلة رضيعة (6 أشهر)، يقيم مع والدته وشقيقيه ونازحين آخرين لجؤوا إلى منزلهم في حي الشجاعية، ويوضح، "كنا 15 شخصا وبيننا 6 أطفال و5 نساء، وعمي المعاق، وخرجنا من الشجاعية بأعجوبة تحت القصف والغارات الجوية، ومكثنا وكأننا في الشارع على باب المدرسة، حتى تدبرنا أمورنا في منزل لأصدقاء في حي الصبرة بالمدينة".
وتقدر بلدية غزة تعداد سكان المدينة الأصليين والنازحين إليها من مناطق الشمال، من 400 إلى 500 ألف نسمة، يعيشون واقعا إنسانيا ومعيشيا منهارا، حيث لا تتوفر أبسط مقومات الحياة، وحتى الحركة في الشوارع محفوفة بمخاطر كثيرة.
ويضيف "الشوارع مدمرة، والقصف الجوي والبري والبحري لا يتوقف عن المدينة التي تنعدم فيها كل مظاهر الحياة، حيث طال الدمار كل شيء، الأسواق والمحال التجارية، وآبار المياه".
والحصول على كيلوغرام من الدقيق برأيه، "يعادل الحياة"، في معرض رده عن سؤال حول كيفية تدبر عائلته احتياجاتها اليومية، وقال "أمس كانت وجبة الأسرة -طوال اليوم- القليل من البسكويت، حصلت عليه بعد عناء شديد، ولو توفرت اللحوم فلا يوجد غاز طهي، وحتى الحطب مفقود في غزة".
ولم يتذوق حسونة وأسرته طعاما معدا على النار منذ الأسبوع الأول للحرب، وظل اعتمادهم اليومي على الأغذية المعلبة حتى نفدت، وباتت حياتهم متوقفة على ما يتوفر من أي طعام يسد الجوع ويبقيهم على قيد الحياة.
سياسة تعطيشومن أجل توفير "غالونين" بسعة 20 لترا من المياه للشرب والاستخدامات الأخرى، يضطر أشقاء حسونة للسير مشيا على الأقدام لمسافة كيلومترين، ويقول إن هذه المهمة الشاقة قد تتكرر أكثر من مرة باليوم الواحد، مشيرا إلى أنها "مياه مالحة ونضطر لشربها في ظل شح المياه في المدينة".
وساعة بعد ساعة، يقول حسونة إن قلقه يزداد على طفلته الرضيعة "حور" التي تعاني من الإسهال الشديد، ولا يتوفر لها الحليب لأن الصيدليات والمحال التجارية مغلقة، فيما تعاني زوجته المرضعة من سوء التغذية.
وبكثير من الأسى يكمل "لا أعلم متى تأتي لحظة الانهيار، الضغوط شديدة والموت قد يدهمنا قصفا أو جوعا وعطشا".
وهذه الضغوط التي أشار إليها حسونة، يؤكدها المتحدث باسم بلدية مدينة غزة حسني مهنا، ويقول للجزيرة نت "كل شيء في غزة منهار، والشلل أصاب كل مفاصل الحياة بسبب العدوان والعزلة والحصار".
ولتأجيل لحظة الانهيار التام ليومين إضافيين ستتوقف بعدهما جميع خدمات البلدية، اضطرت هذه المؤسسة إلى استخراج الوقود من سيارات وآليات خرجت عن الخدمة، إثر استهدافها من جيش الاحتلال داخل موقف خاص بها، إضافة إلى كمية استخرجتها من خزانات صغيرة في محطات الصرف الصحي المدمرة، بحسب مهنا.
ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لم يرد للبلدية أي لتر من الوقود، يؤكد مهنا، ويقول إن البلدية اضطرت أخيرا إلى وقف جميع أعمالها لتوفير كمية الوقود القليلة لضمان استمرار عمل آبار المياه.
وتعتمد مدينة غزة على 3 مصادر للمياه، ومع اندلاع الحرب فقدت الخطوط الناقلة للمياه الواردة من إسرائيل وتمثل 40% من الحاجة للمياه، وأوقفتها إسرائيل في إطار سياسة الحصار المطبق.
وتسبب انقطاع الكهرباء في توقف المصدر الثاني للمياه ويمثل 20% من الحاجة عبر محطة التحلية، ولم تبق من المصدر الثالث سوى 3 آبار تعمل بالحد الأدنى من أصل 80 بئرا.
كارثة ومجاعةوقال حسني مهنا إن جيش الاحتلال دمّر غالبية هذه الآبار، وتوقف عدد منها نتيجة نفاد الوقود، وتعمل حاليا 3 آبار فقط لـ3 ساعات يوميا لضمان وصول المياه لنحو 400 إلى 500 ألف من سكان المدينة والنازحين إليها من مناطق شمال القطاع، لافتا إلى أن هذه المياه "شديدة الملوحة وليس لها بديل آخر".
وتواجه مدينة غزة مخاطر غرق مناطق منخفضة نتيجة تدفق المياه من محطات الصرف الصحي. ووفق المتحدث باسم بلدية المدينة، فإن 7 محطات ضخ لمياه الصرف الصحي متوقفة عن العمل، سواء بفعل الاستهداف المباشر أو لنفاد الوقود، وتسبب ذلك في غرق الشوارع بالصرف الصحي غير المعالج، ما ينذر بكارثة بيئية وصحية وإنسانية.
وأضاف أن تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع يؤثر على الآبار والخزان الجوفي، ويلحق أضرارا خطيرة بالشبكات الناقلة للمياه إلى منازل المواطنين وللنازحين في مراكز الإيواء، إضافة إلى مخاطر توقف خدمات جمع أكوام النفايات المكدسة والمنتشرة في الشوارع التي تهدد الصحة العامة.
وفضلا عن أزمة الوقود، تؤثر الشوارع المدمرة على حركة المتبقي من آليات البلدية التي تكافح من أجل إعادة فتح بعضها أمام فرق الدفاع المدني، لتمكينها من انتشال الشهداء من الشوارع وأزقة الأحياء والمخيمات.
ويقول مهنا إن "الناس في غزة تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، ومخاطر المجاعة محدقة وتلوح بالأفق، حيث لا مياه ولا غذاء، والمساعدات التي وصلت المدينة عبر معبر رفح لم تلامس احتياجات المواطنين ولم تترك أثرها على حياتهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جیش الاحتلال الصرف الصحی مدینة غزة
إقرأ أيضاً:
مشروعات استراتيجية بـ325 مليون ريال لتعزيز منظومة المياه والصرف الصحي في سلطنة عمان
ـ و10.442 ألف عماني يعملون في القطاعات بنسبة تعمين 79%
ـ 35 مليون قيمة المشروعات المسندة للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
ـ الحرص على تكلفة بمتناول الجميع في "الكهرباء والمياه" ومراجعة كافة تكاليف مقدم الخدمة
ـ 5 مشروعات استراتيجية بطاقة الرياح لرفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة
ـ مساع لربط كافة المناطق بالشبكة الرئيسية لتعزيز أمن وموثوقية الإمداد الكهربائي
ـ ربط مشروع شبكة نقل الكهرباء بين شمال وجنوب سلطنة عمان لاستدامة الموارد وتعزيز الكفاءة
ـ إعداد دليل للاشتراطات والمتطلبات الفنية لربط أجهزة شحن المركبات الكهربائية بشبكة الكهرباء
حوار ـ سهيل بن ناصر النهدي
كشف سعادة الدكتور منصور بن طالب الهنائي رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة عن العديد من المشروعات الاستراتيجية المستقبلية الجاري تنفيذها لتعزيز منظومة المياه والصرف الصحي، بتكلفة استثمارية تبلغ 315 مليون ريال عماني، تتمثل في مشروع شبكة نقل المياه من ولاية صحار إلى ولاية عبري بقيمة 152 مليون ريال عماني، بالإضافة إلى مشروعات تعزيز منظومة نقل المياه إلى محافظة الداخلية في المرحلة الثانية، وكذلك مشروعات تحسين نقل المياه إلى محافظتي شمال الشرقية وجنوب الشرقية بقيمة 120 مليون ريال عماني، علاوة على ذلك مشروع شبكة توزيع المياه في ولايتي لوى وشناص بقيمة تقارب 43 مليون ريال عماني، كما يجري تنفيذ العديد من المشروعات الأخرى في مختلف محافظات سلطنة عمان.
وقال سعادته في حديث لـ(عمان): إن الهيئة استطاعت من خلال العمل مع الشركاء على زيادة نسب التعمين في قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي حيث بلغ إجمالي العاملين في القطاعين في عام 2023م 13,248، منهم 10,442 عمانيين عاملين في هذه القطاعات وذلك بنسبة تبلغ 79% من الأيدي العاملة في هذه القطاعات، فيما بلغت المشروعات المسندة إلى الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية ما يقارب من 35 مليون ريال عماني.
وأكد الهنائي على أن المشروعات الاستراتيجية التي تعمل الهيئة على تنفيذها تأتي بهدف تعزيز البنية الأساسية للمياه وضمان استدامة الموارد المائية، وفي إطار "رؤية عمان 2040"، ولتلبية الطلب المتزايد على المياه في المستقبل نتيجة للنمو السكاني والتوسع الحضري والتطور الصناعي.
قطاع المياه
وأوضح سعادته أن حزمة من المشروعات الاستراتيجية المستقبلية للمياه ستأتي تتضمن إنشاء محطة الغبرة 3 بطاقة إنتاجية 300 ألف متر مكعب يوميا لتعزيز منظومة المياه في محافظة مسقط، وهو من أكبر مشروعات المياه في سلطنة عمان ويجري تنفيذه باستخدام أحدث التقنيات في تحلية المياه لضمان الكفاءة التشغيلية وجودة المياه المنتجة. بالإضافة إلى إنشاء خزانات استراتيجية بسعة تخزينية 350 ألف متر، حيث يمثل المشروع خطوة مهمة نحو تطوير البنية الأساسية للمياه، فيما ستعمل الخزانات على زيادة سعة تخزين المياه، وتوفير احتياطي استراتيجي لتأمين إمدادات المياه في حالات الطوارئ. ويأتي المشروع في إطار الجهود الوطنية لتعزيز منظومة الأمن المائي وضمان إمدادات مستقرة في كافة الظروف.
وأكد على أن هذه المشروعات تأتي في إطار تعزيز الأمن المائي والجهود الوطنية لتعزيز الاستفادة من الموارد المائية المتاحة.
وكشف سعادته عن حزمة من المشروعات الاستراتيجية المستقبلية الجاري تنفيذها والتي تهدف إلى تعزيز منظومة المياه والصرف الصحي، ومن أبرز المشروعات في قطاع المياه مشروع شبكة نقل المياه من ولاية صحار إلى ولاية عبري بقيمة 152 مليون ريال عماني، ومن المقرر الانتهاء منه بحلول عام 2028م، بالإضافة إلى مشروعات تعزيز منظومة نقل المياه إلى محافظة الداخلية في المرحلة الثانية، وكذلك مشروعات تحسين نقل المياه إلى محافظتي شمال الشرقية وجنوب الشرقية بقيمة 120 مليون ريال عماني. كما أن هناك العديد من مشروعات شبكات المياه منها مشروع شبكة توزيع المياه في ولايتي لوى وشناص بقيمة تقارب 43 مليون ريال عماني ومن المقرر أن يبدأ تنفيذه مطلع عام 2026 م، ويكتمل بحلول عام 2028م، كما يجري تنفيذ العديد من المشروعات الأخرى في مختلف المحافظات.
الصرف الصحي
وعن قطاع الصرف الصحي، أشار سعادته إلى أن المشروعات القائمة بهذا القطاع تشمل إنشاء شبكات الصرف الصحي في ولاية السيب، وإنشاء شبكات الصرف الصحي ومعالجة المياه في ولاية العامرات، وشبكات الصرف الصحي ومحطات معالجة الصرف الصحي في ولايات السويق والخابورة وبركاء ونزوى وصحار والكامل وجعلان. موضحا بأن هذه المشروعات تأتي ضمن الخطة الاستراتيجية لتعزيز البنية الأساسية للصرف الصحي في مختلف المحافظات، وتم الأخذ في الاعتبار أن يتم توزيع مشروعات المياه والصرف الصحي لتشمل كافة المحافظات.
الكهرباء
وفيما يتعلق بقطاع الكهرباء قال سعادته: هناك العديد من المشروعات المهمة في عدة جوانب منها إنشاء محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية حيث أعطت الهيئة موافقتها على البدء في عدد من مشروعات الطاقة البديلة، ودشنت مشروعات محطة عبري 2 للطاقة الشمسية بسعة إجمالية 500 ميجاواط والتي بدأت التشغيل التجاري في أغسطس 2021 وستوفر الكهرباء لحوالي 33,000 منزل، فيما ستسهم المحطة بخفض الانبعاثات السنوية بحوالي 340 طن، بالإضافة إلى محطة ظفار 1 لطاقة الرياح والتي تقدر سعتها 50 ميجاواط وستوفر الطاقة لحوالي 16,000 منزل.
وأشار رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة إلى أن الهيئة أعلنت عن عدد من المشروعات الجديدة لطاقة الرياح سيتم العمل عليها في المرحلة القادمة وهي مشروع الدقم (رأس مدركة) لطاقة الرياح الذي تتراوح سعته بين 234 و270 ميجاواط ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري لهذه المحطة خلال الربع الرابع من عام 2026، وسوف تسهم محطته في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 301,000 طن/ السنة، ومشروع محطة سدح لطاقة الرياح الذي تتراوح سعته بين 81 و99 ميجاواط ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري لهذه المحطة خلال الربع الرابع من عام 2027، وسوف تسهم محطته في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 80,000 طن/ السنة، ومشروع ظفار 2 لطاقة الرياح بسعة تتراوح بين 114 و132 ميجاواط ومن المتوقع أن يتم التشغيل التجاري لهذه المحطة في الربع الثاني من عام 2027م، وسوف تسهم المحطة في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 107,000 أطنان/ السنة، ومشروع جعلان بني بوعلي لطاقة الرياح بسعة تتراوح بين 91 – 105 ميجاواط ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري لهذه المحطة خلال الربع الأول من عام 2027، وسوف تسهم المحطة في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 89,000 طن/ السنة، إضافة إلى مشروع ظفار 1 لطاقة الرياح بسعة 50 ميجاواط والتي بدأ التشغيل التجاري لها في عام 2019 وذلك تحت إدارة شركة نماء لإنتاج الكهرباء"تنوير".
مؤكدا بأن هذه المشروعات تهدف إلى رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، بالإضافة إلى إسهامها في تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة كما ستسهم في تحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة في الوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في عام 2050م، والمعدلات المستهدفة للطاقة المتجددة.
وبين سعادته أن هناك عدة مشروعات لتعزيز شبكة الكهرباء منها استكمال مشروع ربط شبكة الكهرباء الرئيسية بشبكة كهرباء ظفار من خلال إنشاء خط جهد 400 كيلو فولت لربط منطقة الدقم وشبكة ظفار بالشبكة الرئيسية، وإنشاء خطوط لربط المناطق الريفية بالشبكة الرئيسية، وستسهم هذه المشروعات في تعزيز الشبكة وتحسين جودة الإمداد بالكهرباء وتقاسم الاحتياطي الكهربائي لتقليل استهلاك الغاز وإغلاق محطات الديزل وبالتالي تقليل الانبعاثات وخفض التكاليف.
ديمومة الخدمات
وأوضح الهنائي بأن الهيئة تشرف على أنشطة قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ونقل الغاز الطبيعي التابعة لشركة أوكيو، وتعمل الهيئة على ضمان ديمومة واستمرارية الخدمات التي تشرف عليها من خلال التراخيص التي تصدرها للشركات التي تمارس أنشطة حددتها القوانين ذات الصلة بأنها أنشطة خاضعة للتنظيم، ومن خلال التراخيص يتم تحديد مجموعة من الشروط والأحكام التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف الثلاثة ذات الصلة (المشتركين والمرخص لهم والحكومة)، حيث يلتزم المرخص لهم بالعمل وفقا لمتطلبات هذه التراخيص، وبشكل عام تشمل التراخيص مجموعة من الجوانب الاقتصادية والمالية والفنية أيضا، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بحماية مصالح المشتركين وحماية البيئة. ومن خلال هذا الإطار التنظيمي، تتم أيضا إيجاد ومراقبة ومتابعة الحوافز والغرامات على المرخص لهم لضمان تنفيذهم وتطبيقهم لمعايير الخدمة والمستهدفات المطلوبة.
كما تقوم الهيئة بتقييم ومراجعة وتحديث التشريعات واللوائح والأنظمة وتحديثها بما يتماشى مع العمل الذي تقوم به الشركات المشغلة، ويواكب الممارسات العالمية في قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ونقل الغاز الطبيعي.
قطاعات حيوية
وأكد سعادته بأن قطاعات ما يسمى بالمرافق العامة كالكهرباء والماء هي قطاعات حيوية تعتمد عليها حياة الناس وأعمالهم، وهي أحد المؤشرات التي يتم على أساسها تقييم الدول في مختلف أنحاء العالم، وضمان موثوقية وكفاءة واستمرارية العمل في هذه الخدمات أمر أساسي تعمل عليه الهيئة، وفيما يتعلق بتكلفة هذه الخدمات، تحرص الهيئة على أن تكون تكلفة هذه الخدمات في متناول الجميع، ولهذا الغرض تقوم الهيئة بمراجعة كافة تكاليف مقدم الخدمة وتعتمد سقفا لتكاليفه.
كما أحرزت الهيئة تقدما في التحول إلى تطبيقات الطاقة المستدامة التي ستسهم على المدى البعيد في خفض تكاليف الخدمات، أما فيما يتعلق بدعم المشتركين فقد قامت الهيئة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بإنشاء آليات لمراعاة شرائح المشتركين من خلال تقديم الدعم على فواتيرهم والاستفادة من منظومة الدعم الوطني.
بنية مكتملة
وقال سعادته: لقد اكتملت البنية الأساسية في قطاع الكهرباء حيث تم إمداد كافة المناطق الريفية والقرى المأهولة بالسكان بالكهرباء، ونسعى الآن لربط كافة المناطق بالشبكة الرئيسية لتعزيز أمن وموثوقية الإمداد الكهربائي، وذلك من خلال مشروع ربط شبكة نقل الكهرباء بين شمال وجنوب سلطنة عمان والتي تعتبر من المشروعات الحيوية والاستراتيجية التي بنيت عليها "رؤية عمان 2040"، حيث يهدف المشروع إلى استدامة الموارد وتعزيز كفاءة وموثوقية شبكة نقل الكهرباء، فيما سيسهم المشروع في ربط مناطق معزولة عن شبكة نقل الكهرباء الرئيسية ومنها هيماء والدقم ومحوت، كما يهدف إلى ربط الشبكة الرئيسية بشبكة تنمية نفط عمان مما سيسهم في تعزيز موثوقية الشبكة، والتقليل من استخدام وقود الغاز في إنتاج الكهرباء، كما يهدف المشروع إلى إغلاق محطات شركة كهرباء المناطق الريفية والتي تعتمد حاليا على وقود الديزل ذو الكلفة العالية وما يصاحبه من آثار سلبية على البيئة كذلك سيمكن المشروع من ربط محطات الرياح والطاقة الشمسية المستهدف إنشاؤها خلال السنوات المقبلة في محافظات الوسطي وظفار وجنوب الشرقية، كما سيعمل المشروع على توفير الطاقة الكهربائية باعتمادية عالية لكافة المشروعات الإسكانية والصناعية والسياحية ومشروعات الأمن الغذائي.
في حين يستمر العمل على مد شبكات المياه والصرف الصحي وفق خطط سنوية وخطط طويلة المدى لتصل إلى كافة محافظات سلطنة عمان.
وأوضح رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة بأن الجوانب التشغيلية المتعلقة بالتنسيق والتخطيط لتنفيذ الشبكات تتم من خلال شركات مرخصة من الهيئة، ويجب على هذه الشركات الالتزام بتنسيق ومتابعة وتنفيذ شبكاتها وفق أفضل الخيارات الفنية والتخطيطية والاقتصادية، وكثيرا ما تتابع الهيئة وتشارك في حلقات العمل والاجتماعات والمناقشات المتعلقة بالجوانب التخطيطية.
الانسجام في الرؤى
وأوضح سعادته أن التوجه الحالي للجهات التخطيطية والعمرانية نحو نماذج المدن الذكية سيكون له أثر كبير على كفاءة تكاليف الخدمات، وهو ما انعكس إيجابا على نمط التنسيق بين الشركات المرخصة لتقديم خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني، مشيرا سعادته إلى إنه يتم حاليا مناقشة الاحتياجات المتعلقة بمسارات الشبكات ومواقع المحطات بين وزارة الإسكان والتخطيط العمراني والشركات في وقت مبكر من تنفيذ مشروعات المدن الذكية، مما يوفر الانسجام في الرؤى والأهداف والجداول الزمنية لتقديم الخدمة في وقت أقصر وبتكلفة أقل، وأفضل مثال حالي على ذلك مدينة السلطان هيثم التي اعتمدت نمطا مبتكرا من حيث التنسيق لتنفيذ البنية الأساسية لخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
المركبات الكهربائية
وفيما يتعلق بالمركبات الكهربائية قال سعادته: أصدرت الهيئة العام الماضي لائحة تنظيمية لنشاط شحن المركبات الكهربائية، إذ ستسهم هذه اللائحة في تطوير البنية الأساسية للمركبات الكهربائية وتضع الأساس القانوني لعمل قطاع الشحن الكهربائي، كما أعدت الهيئة دليلا للاشتراطات والمتطلبات الفنية لربط أجهزة شحن المركبات الكهربائية بشبكة الكهرباء، ولهذه اللوائح التنظيمية والفنية أهداف اقتصادية وبيئية واجتماعية تتمثل في تهيئة سوق المركبات الكهربائية وخدمات الشحن والصيانة والتأمين، وتحقيق الدعم للانتقال والتحول إلى الطاقة النظيفة بما يخدم التوجه نحو الاقتصاد الأخضر. ومن الناحية المجتمعية تعمل هذه اللوائح على تحديد الاشتراطات والمتطلبات الفنية لضمان قيادة المركبة واستخدام الشواحن التي تلبي مواصفات السلامة.
وأشار إلى أن الهيئة بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تعمل ضمن فريق وطني يضم الجهات المعنية بالمركبات الكهربائية والبنية الأساسية للشحن الكهربائي لتحديد السياسات والبرامج الداعمة لنشر محطات شحن المركبات الكهربائية والتنسيق بين الجهات الراغبة في تركيب هذه النقاط لضمان انتشار جغرافي مناسب في كافة محافظات سلطنة عمان.
وأكد سعادة الدكتور منصور بن طالب الهنائي رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة على أن الهيئة من خلال الإطار التنظيمي المعمول به تعمل على ضمان تنفيذ السياسات العامة للدولة، حيث إن أحد مرتكزات "رؤية عمان 2040" هو محور الاقتصاد والتنمية فإن الهيئة ومن خلال دورها في تنظيم قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ونقل الغاز الطبيعي، تسهم في تنفيذ مستهدفات "رؤية عمان 2040" التي حددت جملة من المؤشرات المتعلقة بالتوسع في الخدمات الأساسية.
موضحا بأن الهيئة تقوم بشكل دوري بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة بتحديث الأنظمة واللوائح والقوانين بما يتماشى مع التطورات والمستجدات في القطاعات التي تنظم الهيئة عملها وبما يحقق كفاءة العمل في هذه القطاعات، ويعمل على تحسين وتجويد الخدمات المقدمة للمشتركين، ويسهم في زيادة الاستثمار في هذه القطاعات.
فعلى سبيل المثال طورت الهيئة ما يسمى بسوق البيع المباشر الذي يتيح لكبار المشتركين الجدد التعاقد مباشرة مع منتجي الطاقة. ولتمكين المشتركين من هذه الخطوة طورت أيضا إطارا تنظيميا يعنى بأسس تمرير الطاقة في شبكات المرخصين. علاوة على ذلك تعمل الهيئة مع الأطراف المعنية على تحرير أنشطة التزويد وإتاحة المنافسة في هذا المجال وهو ما يتوقع منه تعزيز مستويات الخدمة التي سيتلقاها المشتركون.
كما أن للهيئة خططا تنفذها بالتعاون مع الشركات العاملة في القطاع تهدف إلى زيادة القيمة المحلية المضافة في الأعمال التي تقوم بها هذه الشركات، ورفع نسب التعمين في كافة الوظائف، وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية العمانية، وتوفير فرص عمل للمواطنين بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بما يسهم في تعزيز الكوادر الوطنية العمانية العاملة في كافة القطاعات الخاضعة لإشراف الهيئة.