الأسبوع:
2025-04-17@17:54:44 GMT

الأوقاف: خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان «الإيجابية»

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

الأوقاف: خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان «الإيجابية»

خطبة الجمعة2023.. حددت وزارة الأوقاف، خطبة الجمعة، 8 ديسمبر 2023، تحت عنوان الإيجابية.

وفي هذ الإطار تقدم «الأسبوع» لزوراها ومتابعيها نص الخطبة التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف، ويأتي هذا ضمن خدمة مستمرة تقدمها لقرائها، في كافة الموضوعات المتنوعة، ويمكنكم المتابعة من هنــــــــــا.

خطبة الجمعةنص خطبة الجمعة

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ.

أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير، الإسلامُ دينُ الإيجابيةِ.

إنَّ الإيجابيةَ أصلٌ عظيمٌ مِن أصولِ الإسلامِ، وهي ميزةٌ عظيمةٌ ميّزَ اللهُ تعالَى بهَا المسلمَ، فالإسلامُ يدعُو إلى إيجابيةِ الفردِ نحوَ نفسِهِ ونحوَ المجتمعِ، ولا نبالغُ إذا قلنَا أنَّ الإيجابيةَ هي الدينُ، فالدينُ لم يقمْ في أرضِهِ علي السلبيةِ والخمولِ والتقاعسِ والكسلِ، وإنَّمَا قامَ علي الإيجابيةِ، منذُ أنْ خاطبَ اللهُ نبيَّهُ ﷺ فقالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}(المدثر:1-7).

فالإسلامُ يحرصُ على أنْ يكونَ المسلمُ عضوًا فعالًا إيجابيًّا منتجًا، نافعًا لنفسِهِ وأهلِهِ ومجتمعِهِ، فلا يكونُ إمعةً، فَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِن أساؤوا فَلَا تظلموا “. (الترمذي).

وهكذا المسلمُ يرىَ الأملَ دائمًا غيرَ منقطعٍ، وينظرُ إلى الواقعِ وإنْ اشتدَّ عليهِ بإيجابيةٍ وتفاؤلٍ، وفي الحديثِ ” إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ “. (رواه مسلم عن أبي هريرة). قال النوويُّ: “رُوِيَ أهلكُهُم على وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ: رَفْعُ الْكَافِ وَفَتْحُهَا، وَالرَّفْعُ أَشْهَرُ وَمَعْنَاهُ أَشَدُّهُمْ هَلَاكًا. وَأَمَّا رِوَايَةُ الْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا هُوَ جَعَلَهُمْ هَالِكِينَ لَا أَنَّهُمْ هَلَكُوا فِي الْحَقِيقَةِ”.(شرح النووي على مسلم).

فالإيجابيةُ تعنِي أنْ يكونَ المسلمُ فيضًا مِن العطاءِ، ثابتًا حينَ تدلهُم الخطوبُ، لا ييأسُ حين يقنطُ الناسُ، ولا يتراخَى عن العملِ حينَ يفترُ العاملون، يصنعُ مِن الشمعةِ نورًا، ومِن الحزنِ سرورًا، متفائلًا في حياتِه، شاكرًا في نعمائِهِ، صابرًا في ضرائِهِ، قانعًا بعطاءِ ربِّهِ لهُ.

إنَّ هناك فرقًا شاسعًا بينَ الإيجابيةِ والسلبيةِ كالفرقِ بينَ الليلِ والنهارِ، والوجودِ والعدمِ. والدليلُ على هذا قولُهُ تعالَى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (النحل:76) فقد سمَّى اللهُ السلبيَّ في هذه الآيةِ ” كلاًّ” والإيجابيَّ بـ ” يأمرُ بالعدلِ”.. و”كَلٌّ” أصعبُ مِن سلبي.. لأنَّ سلبِي معناها غيرُ فعالٍ، أما كَلٌّ فمعناها الثقيلُ الكسولُ، وقبلَ هذا فهو “أبكمٌ” لا يتكلمُ ولا يرتفعُ له صوتٌ!! وهذا عبءٌ على المجتمعِ، لأنَّ النظرةَ التشاؤميةَ هي الغالبةُ عليهِ في كافةِ تصرفاتِهِ، وهذه الشخصيةُ ضعيفةُ الفاعليةِ في كافةِ مجالاتِ الحياةِ.

وأمَّا الآخرُ فإنَّهُ ” يأمرُ بالعدلِ” فهو هنَا الشخصيةُ المنتجةُ في كافةِ مجالاتِ الحياةِ حسبِ القدرةِ والإمكانية، فهو يوازنُ بينَ الحقوقِ والواجباتِ (أي ما لهُ وما عليهِ) مع الهمةِ العاليةِ والتحركِ الذاتِي، والتفكيرِ الدائمِ لتطويرِ الإيجابياتِ وإزالةِ السلبياتِ. هل مِن المعقولِ أنْ يتساوَى هذا وذاك؟ لا يستوون!!!

الفرقِ بينَ الإيجابِي والسلبِي

الإيجابِيُّ يفكرُ في الحلِّ، والسلبِيُّ يفكرُ في المشكلةِ!!

الإيجابِيُّ يساعدُ الآخرين، والسلبِيُّ يتوقعُ المساعدةَ مِن الآخرين!!

الإيجابِيُّ يرىَ حلًّا لكلِّ مُشكلةٍ، والسلبِيُّ يرىَ مشكلةً في كلِّ حلٍّ!!

الإيجابِيُّ الحلُّ صعبٌ لكنَّهُ ممكنٌ، والسلبِيُّ الحلُّ ممكنْ لكنَّهُ صعبٌ!!

الإيجابِيُّ لديهِ أحلامٌ يحققُهَا، والسلبِيُّ لديهِ أوهامٌ وأضغاثُ أحلامٍ يبددُهَا!!

الإيجابِيُّ يرى في العملِ أملًا، والسلبِيُّ يرى في العملِ ألمًا!!

الإيجابِيُّ ينظرُ إلى المستقبلِ ويتطلعُ إلى ما هو ممكنٌ، والسلبِيُّ ينظرُ إلى الماضِي ويتطلعُ إلى ما هو مستحيلٌ!!

الإيجابِيُّ يختارُ ما يقولُ، والسلبِيُّ يقولُ ما يختارُ!!

الإيجابِيُّ يتمسكُ بالقيمِ ويتنازلُ عن الصغائرِ، والسلبِيُّ يتشبثُ بالصغائرِ ويتنازلُ عن القيمِ!!

الإيجابِيُّ يصنعُ الأحداثَ، والسلبِيُّ تصنعُهُ الأحداثُ!!

هذا هو الفارقُ بينَ الإيجابِي والسلبِي، فمَا مِن صفةٍ إيجابيةٍ إلّا والزموهَا، وما مِن صفةٍ سلبيةٍ إلّا واجتنبُوهَا!!

ثانيًا:: الإيجابيةُ في حياةِ الرسولِ والصالحين.

إنَّ الناظرَ في سيرةِ الرسولِ ﷺ يرى الإيجابيةَ واضحةً في كلِّ معانِيهَا، مِن يومِ أنْ كان غلامًا يتيمًا إلى حينَ وفاتِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، وكذلك ربَّى أصحابَهُ على معانِي الإيجابيةِ الفاعلةِ، لقد كان يقولُ لهُم:” بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ”. (ابن ماجة). ويقولُ: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ”.(مستدرك الحاكم). ويقول: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ».(مسلم).

وكان يكرَهُ أنْ يرَى الرجلَ سلبيًّا فارغًا بلا عملٍ، وإذا اشتكَى إليه الرجلُ القويُّ قلةَ المالِ، قالَ لهُ: ” اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ”.(أبوداود). وكان يشجعُ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ ويقولُ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» فَكَانَ بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا “.(البخاري)، بل كان يشجعُ الأعمالَ الصغيرةَ ويثيبُ عليهَا. فهذه المرأةُ التي كانتْ تقمُّ المسجدَ فماتتْ، ودفنوهَا دونَ علمِهِ فغضبَ وقَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا. فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ».(مسلم).

إنَّ مقياسَ الخيريةِ في الناسِ ليسَ أنْ يقدمَ الواحدُ منهُم عملًا عظيمًا، وإنَّما الخيريةُ حين يقدمُ الواحدُ ما هو قادرٌ على أدائِهِ بعدَ استنفادِ جهدِهِ وطاقتِهِ، ولهذا نرَى النبيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ يستعملُ إيجابيةَ كلِّ صحابِي بما هو قادرٌ عليهِ وبمَا هو أهلٌ لهُ، حتى صارَ كلُّ صحابِي أمةً وحدَهُ، ففي الجانبِ العسكرِي استفادَ مِن فكرِ سلمانَ الفارسِي رضي اللهُ عنه وخلفيتِهِ الحضاريةِ فاقترَحَ الخندقَ، والحبابُ بنُ المنذرِ يقترحُ الوقوفَ على الماءِ يومَ بدرٍ، وآخرُ ينصبُ المنجنيقَ في غزوةِ الطائفِ، وأبو بصيرٍ يخططُ لحربِ عصاباتٍ بعيدًا عن بنودِ صلحِ الحديبيةِ، وأمَّا الجانبُ الاقتصادِيُّ فنرَى ذلك الصحابيَّ الذي يؤرقُهُ كثرةُ أبناءِ المهاجرين والأنصارِ، فينقلُ زراعةَ القمحِ إلى الحجازِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ يصفقُ بالسوقِ حتى لا يكونَ عالةً على غيرِهِ!! وفي جانبِ الفكرِ والتربيةِ يسارعُ عبدُ اللهِ بنُ عمروِ بنِ العاصِ لتدوينِ الحديثِ، وزيدُ بنُ ثابتٍ لجمعِ القرآنِ ويسارعُ في تعلمِ العبرانيةِ والسريانيةِ!!

لقد كان مِن النتائجِ المبهرةِ التي ورثتهَا هذه التربيةُ النبويةُ، أنْ خُرِّجَ القادةُ والخلفاءُ والوزراءُ والعلماءُ، وخُرِّجَ الجنودُ والمرابطون، يتسابقونَ في البذلِ والعطاءِ والتضحيةِ والفداءِ، لعلمِهِم أنَّ المرءَ يهيئُ لنفسِهِ مقعدًا في الجنةِ.

عمرو بن الجموح لـ رسول الله هل من قتل اليوم دخل الجنة؟

إنَّ ربيعةَ بنَ كعبٍ الأسلمِي رضي اللهُ عنه يتقدمُ فيقولُ: يا رسولَ اللهِ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» (الترمذي)، وجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ - وهو أعرجٌ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:(نَعَمْ) قَالَ: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ” (صحيح ابن حبان). واستشهدَ فدخلَ الجنةَ مع عرجتِهِ وعذرِهِ.

أختمُ هذا العنصرَ برجلٍ ضربَ أروعَ الأمثلةِ في الإيجابيةِ: “يُروَى أنَّ مسلمةَ بنَ عبدِ الملك كان في جملةٍ مِن الجندِ يحاصرون إحدى قلاعِ الرومِ، وكانت محصنةً، وكانَ الدخولُ إليها صعبًا إلّا مِن نقبٍ فيهَا تخرجُ منهُ أوساخُ المدينةِ، فوقفَ مسلمةُ ينادِي في الجندِ: مَن يدخلُ النقبَ ويزيحُ الصخرةَ التي تحبسُ البابَ ويبكرُ حتى ندخلَ…

فقامَ رجلٌ قد غطَّى وجهَهُ بثوبهِ وقال أنا يا أميرَ الجندِ، ودخلَ النقبَ وفتحَ البابَ ودخلَ الجندُ القلعةَ فاتحين.. وبعدَهَا وقفَ مسلمةُ بينَ الجندِ يُنادِي على صاحبِ النقبِ حتى يكرمَهُ على ما فعلَ، وكان يرددُ: مَن الذي فتحَ لنَا البابَ؟ فما يجيبُهُ أحدٌ! فقال: أقسمتُ على صاحبِ النقبِ أنْ يأتينِي في أيِّ ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ. فطُرِقَ بابُ مسلمةَ طارقٌ ليلًا، فيلقاهُ مسلمةُ مستبشرًا!! أنت صاحبُ النقبِ؟! فقال الطارقُ هو يشترطُ ثلاثةَ شروطٍ حتى تراهُ. قال مسلمةُ وما هي؟ قال: ألَّا ترفعَ اسمَهُ لدى الخليفةِ، ولا تأمر لهُ بجائزةٍ، ولا تنظر لهُ بعينٍ مِن التمييزِ، قال مسلمةُ: أفعلُ لهُ ذلك!! فقال الطارقُ: أنَا صاحبُ النقبِ وانصرفَ، وتركَ جيشَ مسلمةَ ذاهبًا إلى سدِّ الثغورِ في أماكنَ أخرى، ويُذكرُ أنَّ مسلمةَ كان يدعُو بعدَهَا قائلًا في سجودِهِ: اللهُمَّ احشرنِي مع صاحبِ النقبِ.” (مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور، وعيون الأخبار لابن قتيبة).

ثالثًا: دعوةٌ إلى الإيجابيةِ.

أيُّها المسلمون: هذه دعوةٌ إلى الإيجابيةِ الفعالةِ في بناءِ المجتمعِ امتثالًا لِمَا جاءَ في القرآنِ والسنةِ، وإذا تأملنَا القرآنَ في قصصهِ وأحداثِه، نجد أنّ الطيورَ والحشراتِ لها مواقفُ إيجابيةٌ بناءةٌ وفعالةٌ، فهذا هدهدُ سليمانَ عليهِ السلامُ مثلًا رائعًا في الإيجابيةِ، ذاك الطائرُ الصغيرُ في حجمهِ، الكبيرُ في همهِ وإيجابيتِه، العظيمُ في تفكيرِه، قد انفردَ بعملٍ إيجابِي أدخلَ أمةً كاملةً في الإسلامِ، فالمسلمُ أولَى مِن الهدهدِ بالعملِ الإيجابِي والسعيِ وراءَ المصالحِ والبحثِ عن الخيرِ، فالقرآنُ العظيمُ قصَّ علينَا خبرَ الهدهدِ في تقصيهِ للحقائقِ والأخبارِ ونقلِهَا، وقصَّ علينَا خبرَ النملِ في حركتِه وحرصِه على قوتِه ومدَى تعاونِه، وقصَّ علينَا خبرَ النحلِ في تعاونِه وتعاضدِه، أفلا يكونُ الإنسانُ أولَى مِن هذه الطيورِ والحشراتِ بالمشاركةِ الإيجابيةِ والعملِ الدؤوبِ والحركةِ المتعاقبةِ المثمرةِ!!

إنَّ السيدةَ هاجرَ ضربتْ لنَا أروعَ الأمثلةِ في الإيجابيةِ، فمثلًا في السعيِ بينَ الصفَا والمروةَ ونحن نقلدُهَا وهى تبحثُ عن الماءِ لولدِهَا إسماعيل، كان مِن الممكنِ أنْ تجلسَ بجوارِ إسماعيلَ تبكي، أو تسعَى مرةً واحدةً، ولكنّهَا ظلتْ تسعَى! فجعلَ اللهُ السيدةَ هاجرَ رمزًا للإيجابيةِ، وجعلَ عن طريقِهَا عبادةً نتعلمُ منهَا الايجابيةَ!!

إنَّ القلبَ ليحزنُ حينما يُري الشبابُ وهم في أعزِّ قواهم العقليةِ والجسديةِ، ومع ذلك يفنِي الشبابُ قوتَهُ وشبابَهُ في الفراغِ والسلبيةِ وفي كلِّ ما حرّمَ اللهُ تباركَ وتعالَي مِن ملاهٍ ومشاربَ وخمورٍ ومجونٍ وغيرِ ذلك، ولو لم يكنْ الإنسانُ في حاجةٍ للعملِ، لا هو ولا أسرتُهُ، لكانَ عليهِ أنْ يكونَ إيجابيًا ويعملَ للمجتمعِ الذي يعيشُ فيهِ فإنَّ المجتمعَ يعطيهِ، فلابُدَّ أنْ يأخذَ منهُ، على قدرِ ما عندَهُ!!

يُروَى أنَّ رجلًا مرَّ على أبي الدرداءِ الصحابِي الزاهدِ فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختِه وهرمِه، فقال له: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلّا بعدَ كذا وكذا عامًا؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَّ أنْ يكونَ لي أجرُهَا ويأكلُ منهَا غيري!! وأكثرُ مِن ذلك أنَّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانِي فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ ﷺ يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]، وبذلك يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدوابَ!!

فعليكُم بالمشاركةِ والإيجابيةِ والجدِّ والاجتهادِ في بناءِ بلدِكُم، فمشاركتُم أمانةٌ مِن أجلِ صلاحِ البلادِ والعبادِ.

إنَّ مجتمعَنَا في حاجةٍ إلى الإيجابيةِ في جميعِ مجالاتِ الحياةِ، في الفكرِ والدعوةِ.. في الاقتصادِ…في السياسةِ … في العملِ والإنتاجِ … في التعليمِ … في الصحةِ… في الزراعةِ… في الصناعةِ… في التجارةِ….إلخ، إنّنَا إنْ فعلنَا ذلك سبقنَا جميعَ حضاراتِ المشرقِ والمغربِ!!

اقرأ أيضاًالأوقاف: «الحق في الحياة والمواثيق الدولية».. موضوع خطبة الجمعة اليوم

"الوعي الرشيد وأثره فى مواجهة التحديات".. موضوع خطبة الجمعة لوعظ الغربية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأوقاف الإيجابية الجمعة الخطبة الجمعة الخطبة الجمعة اليوم خطبة خطبة الأوقاف خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم مباشر خطبة الجمعة غدا خطبة الجمعة مكتوبة خطبة بدير خطبة د خالد بدير ی الإیجابیة خطبة الجمعة والسلب ی فی کافة

إقرأ أيضاً:

السيد عبدالملك الحوثي: لبنان محسوب ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى” والعدو الصهيوني يطمع في السيطرة التامة عليه

يمانيون/ صنعاء

أوضح السيد القائد أن العدو الإسرائيلي يستمر في انتهاكه للاتفاق في لبنان بتشجيع ودعم أمريكي.

وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، خلال كلمة له اليوم الخميس، حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية، أن الاعتداءات اليومية على لبنان هي توجه إسرائيلي وليست حالة جديدة تجاه لبنان فأطماع العدو الإسرائيلي في لبنان واضحة على مستوى مخططهم الصهيوني، ولبنان محسوب ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى” ولو تمكن العدو الإسرائيلي في عدوانه الكبير ضد لبنان لقام فعلا باجتياح كامل لبنان فالعدو الإسرائيلي يطمع بالسيطرة التامة على لبنان وأن يكون خاضعاً له خضوعاً تاماً ومستباحاً له.

وأوضح أن العدو الإسرائيلي يسعى الآن إلى أن يبدأ في عمليات نهب لنهر الليطاني ولديه أطماع واضحة وتوجهات واضحة وعدوانية. مضيفا ان العدو الإسرائيلي يستمر في الاستباحة للأجواء اللبنانية والاعتداءات بإطلاق النار وبالمدفعية والاحتلال لمراكز داخل لبنان. كما يحاول العدو الإسرائيلي أن يعيق أبناء الشعب اللبناني من العودة والاستقرار في مساكنهم بأمان ويستهدف حتى الغرف الجاهزة.

وأكد أن العدو الإسرائيلي يشكل خطرا وتهديدا ضد لبنان وهو المشكلة والشر على لبنان أما حزب الله فهو يقوم بأعظم دور في إطار الحق المشروع لإنقاذ لبنان. وأضاف: لقد تحققت انتصارات كبيرة لحزب الله على العدو الإسرائيلي لم يسبق أن تحقق مثلها للمسلمين والعرب ضد العدو الإسرائيلي ومن واجب كل اللبنانيين رسمياً وشعبياً أن يكونوا مساندين للمقاومة وداعمين لها وأن يدركوا أنها خيار الضرورة الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

ونوه قائد الثورة إلى أنه  لو تم التفريط بخيار المقاومة في لبنان لتحولت المسألة إلى خطر كبير جدا وخسارة للحرية والاستقلال. موضحا أن حزب الله قدم أعظم التضحيات لحماية لبنان وكرامة الشعب اللبناني ولذلك الواجب هو المساندة لحزب الله وليس التآمر على المقاومة. مضيفا أن الأولوية الوطنية الصحيحة في لبنان هي العمل على إخراج العدو الإسرائيلي مما هو محتل له في الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاته ولا ينبغي التجاهل لأولويات لبنان والذهاب نحو تبني أولويات العدو الإسرائيلي بالمطالبة بتسليم سلاح المقاومة. أضاف: يفترض أن يكون التوجه في لبنان هو إرغام العدو الإسرائيلي على تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وإكمال الانسحاب من الأراضي اللبنانية ويفترض أن يكون التوجه في لبنان إيقاف الاستباحة للبنان بالغارات والقتل وإطلاق النار والاستباحة للأجواء اللبنانية.

وأضاف أن العدو الإسرائيلي يستمر في استباحة سوريا وقد ثبّت العدو 9 قواعد في الجنوب، ووضع خطوطا حمراء أمام الجماعات التكفيرية وداعميها وكل ما يعمله العدو في فلسطين ولبنان وسوريا شاهد واضح على أن شعوبنا بحاجة ملحة إلى أن تمتلك إمكانات الردع والحماية.

مقالات مشابهة

  • حكم صلاة الجمعة لمن أدرك الإمام في التشهد.. الإفتاء تجيب
  • السيد عبدالملك الحوثي: لبنان محسوب ضمن مشروع “إسرائيل الكبرى” والعدو الصهيوني يطمع في السيطرة التامة عليه
  • جهاز إسرائيلي.. شاهدوا بالصور ما عثر عليه الجيش في الجنوب (صور)
  • الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا غدًا الجمعة..ضمن خطتها لإعمار بيوت الله -عز وجل
  • الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا غدًا الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله
  • إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 18 أبريل 2025
  • أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
  • ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة بعنوان «إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا»
  • موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف.. «إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا»
  • وشم جورجينا باللغة العربية على يدها.. هل أصبحت مسلمة؟